بلاتيني 1984 – عندما قدم أداء من عالم آخر كتب به ما لم يحدث في التاريخ
الجمعة، 04 يونيو 2021 - 18:46
كتب : رامي جمال
"تلك البطولة كانت مناسبة تماما لمنتخب فرنسا كان لديهم الهداف ميشيل بلاتيني" إيمانويل بيتي لاعب منتخب فرنسا المتوج بكأس العالم 1998 ويورو 2000.
على الرغم من أن فكرة إقامة كأس العالم ويورو هي فرنسية في الأساس لكن حتى عام 1984 لم يستطع الديوك الصياح أبدا فرحا بالانتصار والتتويج بأي منهم.
وذلك على الرغم من أن فرنسا استضافت كأس العالم 1938 ويورو 1960، وكان أفضل مركز حققه الديوك في المونديال هو المركز الثالث والرابع في البطولة القارية.
وكان المنتخب الفرنسي قاب قوسين أو أدنى من التأهل لأول نهائي في كأس العالم في تاريخه عام 1982 لكنه اصطدام بجدار برلين، منتخب ألمانيا.
منتخب فرنسا تقدم في النتيجة ثلاث مرات في المباراة التي امتدت لشوطين إضافيين لكنه فشل في الحفاظ على تقدمه في كل مرة، واضطر هو ومنافسه للجوء لركلات الترجيح.
وفي ركلات الترجيح ورغم إهدار منتخب ألمانيا للركلة الثالثة لكن أهدر لاعبو فرنسا ركلتين وخسروا اللقاء.
لكن كل ذلك سيتغير ويُكتب التاريخ في في 15 يوما فقط في عام 1984.
فرنسا تستضيف يورو 1984.
"علينا أن نفوز"
وقع منتخب فرنسا في المجموعة الأولى في اليورو التي كانت تقام لثاني مرة بمشاركة ثمانية منتخبات بجوار كل من الدنمارك وبلجيكا ويوغسلافيا.
اعتمد منتخب فرنسا على نجومه في مونديال 1982، بلاتيني وآلان جيريس وجيان تيجانا، وتمت إضافة لويس فيرنانديز لتحسين جودة خط الدفاع بعدما عانى الديوك بسبب ذلك المركز خلال كأس العالم.
وتم إطلاق جملة المربع السحري على ذلك الرباعي لوصف ما يقدمه من أداء قوي ورائع مع المنتخب الفرنسي.
قال لويس فيرنانديز في تصريحات سابقة نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن اليورو: "بعد ما حدث في مونديال 1982 توقع الجميع أن نفوز في اليورو، كان ينبغي علينا ذلك، كنا المرشحين وكنا نأمل أن يصبح أول جيل يجلب لفرنسا بطولة كبرى".
وأكمل "طريقتنا كانت فرنسية تقليدية، نمرر الكرة مع التحرك كثيرا ونرسلها للأمام سريعا ثم يظهر بلاتيني وهو لديه القدرة على تسجيل الكثير من الأهداف".
وبدأ كل شيء.
المربع السحري لمنتخب فرنسا
كانت النتيجة تشير للتعادل السلبي بين فرنسا والدنمارك في الافتتاح وفي الدقيقة 78 ومن كرة مشتتة بشكل خاطئ من الدفاع الدنماركي وارتباك واضح استغل بلاتيني الأمر.
وسدد بلاتيني الكرة في الشباك ليخطف الانتصار المثير للديوك ويحصد أول نقطتين لبلاده في البطولة.
في ذلك الوقت كان الفوز يُحتسب بنقطتين وليس ثلاثة كما هو الحال حاليا.
بداية الإبداع الحقيقي
ما قدمه بلاتيني ضد الدنمارك كان بمثابة التمهيد لما هو قادم من إبهار.
ضد بلجيكا في الجولة الثانية سحق منتخب فرنسا منافسه بخماسية دون رد سجل منهم بلاتيني ثلاثية، أول هاتريك له في البطولة.
الهاتريك كان أول هاتريك كامل في البطولة أي يُسجل بالقدم اليمنى واليسرى والرأس وسجله بلاتيني في 84 دقيقة.
لكن ذلك لم يكن الإبهار الوحيد في جعبة بلاتيني بل كان هناك المزيد.
ضد يوغسلافيا في الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات تقدم الضيوف بهدف لكن جاء العقاب قاسي من بلاتيني.
هاتريك كامل مرة أخرى ولكن تلك المرة في 18 دقيقة فقط قاد فرنسا للفوز في النهاية بثلاثة أهداف لهدفين ليؤمن الصدارة للديوك.
ذلك الهاتريك أصبح هو أسرع هاتريك في تاريخ البطولة حتى يومنا هذا.
وأصبح بلاتيني هو اللاعب الوحيد في تاريخ اليورو الذي يسجل هاتريك الكامل مرتين، والوحيد الذي سجل الهاتريك مرتين كذلك.
"أنا أخسر في ركلات الترجيح دائما"
وقع منتخب البرتغال في طريق فرنسا في نصف نهائي اليورو، مباراة كانت مثيرة للغاية في ملعب فيلودروم العريق معقل نادي مارسيليا.
تقدم منتخب فرنسا في النتيجة عن طريق جيان دوميرج لكن أدرك روي جورداو التعادل للبرتغال لتمتد المباراة إلى شوطين إضافيين.
وفي الدقيقة 98 صعق روي جورداو الجمهور الحاضر للمباراة بتسجيله للهدف الثاني لمنتخب البرتغال.
فرنسا كانت في طريقها إلى الخروج من البطولة بسيناريو درامي مثير.
لكن في الدقيقة 114 أدرك دوميرج التعادل لمنتخب فرنسا وبدا أن اللقاء سيتجه إلى ركلات الترجيح.
ركلات الترجيح ذكرت منتخب فرنسا بما حدث قبل عامين في نصف نهائي كأس العالم 1982 والوداع المرير للبطولة.
وهنا قال بلاتيني في وقت سابق في تصريحات نُشرت عبرموقع "فوتبول ويسبرز" عن تلك اللحظات: "تيجانا قال لنا إنه لم يفز أبدا في ركلات الترجيح وعلمان أنه ينبغي علينا تفادي الوصول لها".
وفي الدقيقة 119 أرسل تيجانا عرضية قابلها بلاتيني وأسقط مدافعي إسبانيا أرضا وسدد بيمناه في الشباك ليخطف الانتصار القاتل لفرنسا.
وهنا صرخ المعلق الإنجليزي الشهير في "بي بي سي" جون موتسون على غير عادته الهادئة في التعليق قائلا:" تيجانااا تيجانااا بلاتيني جووووول، لم أر شيئا مثل ذلك منذ سنوات".
وقال لوكاس فيرنانديز عن تلك المباراة: "الأجواء في مارسيليا كانت استثنائية مع وجود جمهور متحمس من خلفنا".
شكرا للمانيكان
وفي النهائي التقى منتخب فرنسا مع إسبانيا وسجل بلاتيني الهدف الأول في اللقاء من ركلة حرة بيمناه اعتاد التدرب عليها.
وكان بلاتيني اعتاد عقب التدريبات أن يضع المانيكان أمامه ويحاول تسديد الكرة وتسجيل الأهداف.
وأمام إسبانيا وجد ثمار المجهود الذي بذله ليسجل هدفا حاسما في اللقاء قبل أن يسجل برونو بيللون هدفا قاتلا ثانيا للديوك يؤمن به الفوز والانتصار والتتويج باللقب القاري للمرة الأولى في تاريخ فرنسا.
أنهى بلاتيني البطولة مسجلا تسعة أهداف ليصبح الهداف التاريخي للبطولة حتى الآن بالتساوي مع كريستيانو رونالدو ولكن الأخير احتاج لأربع بطولات و12 عاما لتسجيل ذلك العدد من الأهداف.
فيما سجل بلاتيني أهدافه التسعة في مشاركته الوحيدة فقط في تاريخ البطولة والتي أنهاها متوجا باللقب وبجائزة أفضل لاعب كذلك.
جون موتسون وصف أداء بلاتيني في البطولة قائلا: "لقد كان مثل مارادونا مع الأرجنتين في كأس العالم 1986 ويوهان كرويف مع هولندا في كأس العالم 1974.
وأضاف "لقد كان يواجه الفرق بمفرده كان من خارج هذا العالم، لم يكن هناك أي فريق قادر على احتوائه".
بلاتيني نفسه علق على أدائه في البطولة وقارن بينه وبين ما قدمه في كأس العالم 1982 و1986 قائلا: "وصلت لقمة مستواي في اليورو لأنني لم أتعرض للإصابة على عكس ما حدث في بطولتي كأس العالم".
وبسبب تتويجه بالدوري الإيطالي مع يوفنتوس وكونه هداف البطولة وظفره بكأس الكؤوس الأوروبية مع البيانكونيري وحصده لقب اليورو وهداف المسابقة، توج بلاتيني بالكرة الذهبية الثانية في تاريخه من أصل ثلاثة حصدهم على التوالي بداية من 1983 حتى 1985.
إيمانويل بيتي لاعب منتخب فرنسا في كأس العالم 1998 قال في تصريحات نشرتها "بي بي سي" عن جيل منتخب فرنسا المتوج بيورو 1984: "أعتقد أن ذلك كان أجمل جيل لمنتخب فرنسا في التاريخ، أفضل من جيلنا نحن، وأعتقد أنهم استحقوا الفوز بكأس العالم قبلنا".