كتب : محمد أسامة | الثلاثاء، 30 يوليه 2019 - 17:07
كفاكم قتلا لكرة القدم المصرية
الجميع يعرف قصة الدبة التي قتلت صاحبها، ذبابة كانت تضايقه، فإذا بالدبة تحاول مساعدته عن طريق توجيه ضربة قاضية للذبابة، فتطير والضربة كانت قاضية لكن لصاحبها الذي مات في الحال وهذا تحديدا ما يفعله المسؤولون عن كرة القدم في مصر. دوري بلا شكل ومنتخب وطني يفتقد لكل شيء حتى كرة القدم.
كل عام في هذا الوقت ومع انطلاق الموسم نجد أنفسنا أمام العديد من الأمنيات التي تتحول بعد ذلك إلى حسرة حينما نقارن دورينا إما بالدوريات الأوروبية أو العربية وحتى بعض الدوريات داخل قارة إفريقيا التي تفوقت علينا.
ولكن لا جديد يحدث وكأننا ندور في نفس الفلك.
الوضع أصبح لا يطاق، لأننا شاهدنا بأعيننا العديد من الأعذار يتم هدمها فور تنظيم مصر لكأس الأمم الإفريقية 2019، الأمر الذي أبهر القارة وجعل الجميع يتغنى بما قامت به مصر لتنظيم بطولة بشكل وصف بـ"العالمي".
تم إسناد البطولة لنا قبل 6 أشهر من موعدها لكننا نجحنا ونظمناها، وشهد لها الجميع بأنها من أفضل النسخ في تاريخ كأس الأمم الإفريقية، سواء من حفل افتتاح مبهر وملاعب على مستوى جيد للغاية أو نظام حجز تذاكر سهل نوعا ما بجانب ملاعب تدريب مميزة مع تنظيم رائع لكل مباريات البطولة بدون تفرقة بين منتخب يملك تاريخ وآخر يشارك للمرة الأولى.
لكن داخل مصر بين الجماهير المصرية؟ كانت هناك العديد من علامات الاستفهام، لما لا يحدث ذلك للدوري المصري وكأس مصر؟ لما أصبح عبئا علينا أن نشاهد الموسم الكروي المحلي؟ لما تتواجد كل هذه المشكلات والتهديدات؟ أين لجنة الانضباط؟ وأين مسؤولي اللعبة؟
مشكلتنا الحقيقية تتعلق بالعقليات التي تدير كرة القدم في مصر، وهذا يظهر بوضوح في القرارات المتفاوتة وسهولة تأجيل أي مباراة.
هناك قاعدة واحدة لكل مسؤول (لدينا مشكلة؟ إذا علينا تأجيلها)، التأجيل دائما خيارهم الأول لكنه ليس الحل بالطبع.
لم ندرك في مصر بعد، تحول اللعبة إلى صناعة، مازلنا ننظمها ونمارسها من باب الممارسة فقط، لكن لم يعد الأمر كذلك، مازلنا نحيا في بداية الألفية الحديثة ونحن في عام 2019، فمتى يستفيق المسؤولون؟
إن رصدنا المشكلات التي حدثت في النسخة الأخيرة من الدوري سنجدها كثيرة للغاية ومعظمها تتعلق بضعف شخصية اتحاد الكرة وصراع دائم بين الأندية الجماهيرية، وهو ما ليس مستجدا بالتأكيد.
الجميع يحاول استخدام قوته في التأثير على قرارات الاتحاد، وبالطبع الاتحاد ينصاع لمن يملك الصوت العالي أو يهدد بالإنسحاب دائما مع كل قرار لا يجده في مصلحته.
المستوى الفني للدوري رديء للغاية مقارنة حتى بالدوريات العربية وبالطبع المشكلة لا تقع على عاتق الأجهزة الفنية واللاعبين فقط إنما إدارات الأندية واتحاد الكرة يُسأل عن الجزء الأكبر من المشكلة.
دعونا نبدأ في رصد بعض الأزمات من البداية أو من النهاية لا يوجد أي اختلاف، الأزمات كلها مترابطة ومتداخلة من قبل انطلاق الدوري خاصة عند إجراء القرعة، حيث تم تجنيب الأهلي والزمالك منها وتحديد المواجهة في الجولة الأخيرة من الدوري.
لا أحد يعرف الأسباب ولكن الموضوع أصبح غير منطقي، فغالبا ما تنتهي المنافسة قبل الجولة الأخيرة وأعتقد أن هنا بيت القصيد، الديربي الذي ينتظره الجميع تحول إلى مباراة تحصيل حاصل تُلعب من أجل استكمال مباريات الدوري فقط بدون روح أو منافسة.
قبل بداية كل موسم نرى العديد من الوعود حول عودة الجماهير، والمشهد الكروي وتطوير المنظومة وغيرها من الكلمات التي حفظناها، لكنها لم تتخط يوما حاجز كونها مجرد "كلمات". العديد من الخطوات العشوائية التي ساهمت أكثر في قتل روح اللعبة في مصر.
لن أذكر أمثلة عن بلاد بها مشاكل سياسية وأمنية وأقارن بينها وبيننا، لكن كل ما في الأمر أننا في بلد تحب كرة القدم ولا يجب أن نلعبها بدون جماهير أياً كانت الأسباب.
كل ذلك يدفعنا للتفكير، لماذا لا نطبق ذلك في دورينا الذي كلما كان جيدا كان منتخبنا بحال أفضل ومنافس قوي على البطولات ومتواجد بشكل دائم في كأس العالم.
على ذكر منتخب مصر، هل مستوى التنظيم السيئ للدوري المصري أثر على المنتخب؟
بالطبع هناك تأثير فما يحدث في الدوري دائما ينعكس على المنتخب، الأمر مثل المرآة، سلسلة التخبط الإداري والتنظيمي مشاكل سنوات عديدة انعكست بالضرورة على المنتخب سواء داخل غرفة الملابس أو الملعب، ناهيك عن الغياب الدائم للجماهير الذي أثر بشكل ما على شخصية اللاعبين.
مشاكل كثيرة داخل المعسكر وأبرزها اللاعب الذي صدر ضده قرار تأديبي بالاستبعاد من البطولة، وفي المقابل كان يوجد بعض التعنت والتحدي من اللاعبين الذين قاموا بالضغط من أجل عودته والأسوأ من ذلك هو الانصياع لرغباتهم وإلغاء قرار استبعاده، بالطبع كل ذلك مقدمات لكارثة شاهدناها جميعا عندما خرج المنتخب المنظم للبطولة على أرضه ووسط جماهيره الغفيرة من دور الـ16 أمام فريق صعد كمركز ثالث بعد تسجيله هدفا واحدا في دور المجموعات.
كل نقاط القوة للكرة المصرية قتلتها الدبة عن غير قصد، من دوري يعتبر الأقوى في المنطقة ومنتخب متوج بـ 3 بطولات كأس أمم متتالية وتمثيل إفريقي قوي للأندية المصرية، وملعب يخشاه المنافسين إلى النقيض تماما.
أما الجمهور فنستدعيه عندما نريد فقط وننبذه عندما نعتقد أنه قد يسبب مشكلة.
لن نتحدث هنا عن حلول أو خطوات يمكن أن تنقذنا من موت محقق للكرة المصرية، جميعنا يعرف تلك الحلول التي ذُكرت مرارا وتكرارا.
تغيير العقلية التي يتعامل بها المسؤولون مع كرة القدم يمثل أحد الحلول بجانب وضع مناخ جيد لممارستها على أرضية ملعب قوية بحضور جماهيري ونقل تلفزيوني متميز وهذا أضعف الإيمان.
نتمنى أن نختار هذه المرة جيدا ولا نكرر نفس الأخطاء ونعرف تحديدا من يمكنه تعديل وتحسين وضع لعبتنا التي نعشقها ونسعد فقط بمشاهدتها.
مقالات أخرى للكاتب
-
رونالدو يحقق حلم نواف! السبت، 31 ديسمبر 2022 - 14:32
-
كفاكم قتلا لكرة القدم المصرية الثلاثاء، 30 يوليه 2019 - 17:07
-
الأهلي بين العار والثأر الإثنين، 08 أبريل 2019 - 20:05
-
كيف تخسر على طريقة كلوب الإثنين، 11 فبراير 2019 - 22:49