كتب : محمد أسامة | الإثنين، 11 فبراير 2019 - 22:49
كيف تخسر على طريقة كلوب
الجميع يخسر مباريات مهمة لكن مع كلوب الوضع مختلف.
مدرب فذ يجعلك تؤمن به وبقدرته على التغيير، وبينما أنت غارق معه في الأحلام وفي بناء قصور من الآمال يقوم هو بهدم كل على ذلك على رأسه ورأسك.
هو مدرب ثوري يسعى دائما لإحداث تغييرا جذريا مع كل فريق تقلد منصب المدرب فيه وفي بعض الأحيان ينجح في الوصول لهدفه بقليل من الواقعية وكثير من الجنون والثورية لكن الواقع يصدمه وخيبات الأمل تلاحقه في معظم محاولاته.
شخص يملك صفات ثورية في كرة القدم يمكنك دائما الاعتماد عليه لكنه لا ينجز الأمور كاملة ويتبقى له دائما خطوة أخيرة قد تكون الأهم، الغريب هنا أن يورجن كلوب في بداية كل مباراة يجعلك تثق به عن طريق الأداء المذهل والتحكم في سرعة المباراة، ولكن سرعان ما يفقد الفريق التحكم في شكل وسرعة الأداء وهنا يبدأ الجزء السلبي للفريق تحت قيادته.
المدرب الألماني لا ينهي مباراة بنفس الطريقة التي بدأها، أقرب مثال على ذلك هو مباراة مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي الموسم السابق عندما ضغط كلوب أصبحت النتيجة 4 لصالح ليفربول ولكن سرعان ما عاد السيتيزينس للمباراة بتسجيل هدفين وكادوا أن يسجلوا الثالث لتنتهي المباراة بنتيجة 4-3 بالإضافة إلى ما حدث في مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد في نفس الموسم.
الجميع يعلم أن كلوب مدرب جيد للغاية ومن الصعب أن يفقد الجمهور إيمانهم به فبالرغم من خسارته نهائي دوري أبطال أوروبا ضد بايرن مع دورتموند وخسارة نهائيين لكأس ألمانيا لكن جسور الثقة التي بناها مع الجماهير واللاعبين طوال المدة التي قضاها مع الفريق جعلت الجميع يدعمه حتى النهاية وأيضا بعد رحيله، ظهر حب جماهير دورتموند له في المباراة التي جمعت فريقهم بليفربول في دوري أبطال أوروبا سواء في سيجنال إيدونا بارك أو في أنفيلد، فأكثر ما يميز كلوب هو التعامل داخل غرفة الملابس مع اللاعبين والتفاعل مع الجماهير في المباريات وفي الإعلام.
عندما تعرض مورينيو لانتقادات من الإعلام لأدائه مع مانشستر يونايتد ضرب المثال بكلوب عندما صرح "حصلت على المركز الثاني بينما حصل كلوب على المركز الرابع فلماذا تلوموني وتنتقدون أداء الفريق وفي المقابل تشيدون به وبفريقه"؟
خسارة كلوب للكثير من النهائيات أصبحت ظاهرة غريبة، لقد فشل في 6 نهائيات من أصل 7، منها 3 نهائيات أوروبية آخرها الخسارة من ريال مدريد في النسخة السابقة من دوري أبطال أوروبا بعد أداء رائع طوال البطولة.
لم يستطع كلوب التعامل مع المعطيات والسيطرة على المباراة بجانب أخطاء كاريوس الكارثية وفقّد الفريق لمحمد صلاح الذي كان أهم لاعب وقتها ولا غنى عنه. لكن قبل ذلك استطاع الفريق الوصول لنهائي الدوري الأوروبي أيضا وفقد اللقب في سيناريو غريب ضد إشبيلية.
كمشجع دائما ما تغلب عليك المشاعر ولكن كمدرب يجب أن تكون عقلاني وواقعي للغاية، كلوب في بعض الأحيان ينسى أنه مدرب ويدير المباراة كأحد الجماهير، وفي كرة القدم لا يجب أن تنسى دورك في أي وقت.
أن تقدم الكرة الجميلة التي يحبها الجماهير وتخسر في آخر مباراة بالبطولة يملأ حلقك بالمرارة والحسرة بجانب اليأس وفقدان الثقة في النفس مع فقدان ثقة الجماهير ثم الإدارة فيما بعد، الجماهير تحب الفوز حتى وإن كان الأداء غير مقنع ولكن أن يكون أدائك جيدا ولا تحقق البطولات بالطبع لن يرضون بذلك على المدى البعيد.
يورجن كلوب لم ييأس وظل يستقطب المواهب والصفقات الكبيرة لبناء فريق يستطيع المنافسة للنهاية، قبل انطلاق الموسم الحالي حدد هدفه وهو التتويج بالدوري الإنجليزي الغائب منذ 1990 عن خزائن الريدز. حتى الأسبوع الـ23 كان كلوب في طريقه الصحيح نحو اللقب بالرغم من المنافسة القوية مع بيب جوارديولا بفريقه الرائع ولكن بعد التعادل مع ليستر سيتي ووست هام وبالرغم الفوز المقنع على بورنموث لكن فرص كلوب وليفربول في التتويج بالدوري أصبحت مهددة.
أي نقطة سيفقدها الريدز ستكون بموجب تعثر آخر ولكن هذه المرة ليس جيرارد في مباراة، بل هو لمستقبل كلوب الذي سيفقد بطولة قد تكون هي الأقرب والأغلى له وللجماهير، لن تصبر الإدارة كثيرا عليه ومن الممكن أن يرحل ولكن هذه المرة بخيبات كثيرة دون إنجازات ووقتها سيكون ليفربول هو المستفيد الأكبر بجيل صنعه مدرب كبير يحتاج لمدرب آخر واقعي يحصد ما زرعه كلوب ويحقق البطولات التي فشل كلوب في تحقيقها.
الضغط العالي والتمريرات الكثيرة والقليل من المهارة قد يقودوك للكثير من الانتصارات لكنك تحتاج بعض الواقعية بجانب كل ذلك، قد لا تخدمك اللياقة أو المنافس أو حتى لاعبيك لذلك يجب أن تكون واقعيا وتحقق بعض التوازن حتى لا يتغير الأداء بين مباراة وأخرى وتجد نفسك تفقد السيطرة على الوضع تدريجيا.
مشكلة كلوب ليست في غياب الواقعية فقط فعندما ترى كلوب للوهلة الأولى ستجده شخص ثائر يمكنه القتال معظم الوقت دون ملل ولكن حال كلوب كحال كل ثائر ناقم على أي وضع يبحث عن الانتصارات وجني ثمار ثورته أول بأول مما يفقده الطريق الصحيح ليخوض معارك أخرى ليس له بها ناقة ولا جمل فتخور قواه ويسقط مع أول اختبار قوي.
إذا استطاع كلوب الخروج من ثوب الثائر واللعب بواقعية بجانب إيجاد حلول وبدائل تمكنه من الوصول إلى مرمى المنافس بأقل مجهود حتى لا يفقد قوته مرة أخرى ويستطيع القتال لآخر نفس بذكاء وقوة بجانب الحرص على عدم استقبال فريقه لأهداف كثيرة، يمكنه التتويج بالدوري من فم جوارديولا الذي أصبح لا يقهر بفريق قوي للغاية.
في حالة فشل كلوب هذه المرة وخروجه هذا الموسم بدون بطولات، أعتقد أن أيامه مع الريدز ستكون معدودة للغاية ولن يجد التعاطف والدعم من الجماهير وقد يغادر بعض اللاعبين باحثين عن الألقاب مع فرق أخرى وبالتالي فشل مشروع الفريق الذي يحاول بنائه.
مقالات أخرى للكاتب
-
رونالدو يحقق حلم نواف! السبت، 31 ديسمبر 2022 - 14:32
-
كفاكم قتلا لكرة القدم المصرية الثلاثاء، 30 يوليه 2019 - 17:07
-
الأهلي بين العار والثأر الإثنين، 08 أبريل 2019 - 20:05
-
كيف تخسر على طريقة كلوب الإثنين، 11 فبراير 2019 - 22:49