كتب : أحمد عز الدين | الأحد، 16 يونيو 2013 - 08:01
نيمار.. مبدع أم هجاص
مباراة اليابان مع منتخب السليساو كانت أول خطوة يقطها الفريق في سبيل الوصول إلى تشكيل يستطيع تحمل مسؤولية 2014. فموهبة أوسكار ونيمار مع بروز باولينيو يجعل جمهور البرازيل يحلمون.
لكن الموهبة لا تعني التتويج على الإطلاق.. وأكبر دليل على ذلك جيل 2006 الذي جمع رونالدينيو وكاكا وروبينيو ورونالدو وأدريانو وكافو وكارلوس ولوسيو وايمرسون، وكلهم في قمة عظمتهم.
ماذا ينقص هذا الجيل من منتخب البرازيل؟ وهل يجد سكولاري الوقت للعثور عليه؟ تعالوا نحاول أن نفند الصورة سويا بناء على مباراة راقصي السامبا مع اليابان.
البرازيل قدمت كرة سريعة وفعالة بفضل مهارات نيمار واوسكار وبالوينيو ، وهو ما ظهر في الهجمات المرتدة النموذجية في سرعتها خلال افتتاح القارات.
الإيجابيات
1) هالك أخيرا عثر على مكان يستطيع إخراج أفضل ما لديه بعدما تأكد سكولاري من فشل تجربته كرأس حربة صريح في مباريات ما قبل كأس القارات.
فلاعب الدوري الروسي لا يملك رشاقة ولا موهبة رأس الحربة، ولا حتى الطول الكافي لأن يكون من النوع الكلاسيكي.. بل هو عبارة عن طاقة لا تنضب.
لهذا حين لعب كجناح مهاجم نجح في استغلال تلك الطاقة بالاندفاع بقوة وسرعة من الخارج إلى داخل منطقة الجزاء، وهو دور منح البرازيل إضافة كبيرة، خاصة وأنه يكمل بشكل ما مهارة نيمار.
2) النقطة الإيجابية الثانية هي خط الدفاع، الذي لعب بطريقتين مختلفتين في مباراة اليابان ونجح ديفيد لويز وتياجو سيلفا مع دانيل ألفيش ومارسيللو في تنفيذ كلتيهما بشكل ممتاز.
في بداية المباراة، حاول منتخب اليابان أن يلعب بدون رأس حربة حقيقي على أمل زيادة الكثافة العددية في الوسط.
لكن هذه الحيلة قابلها سكولاري بتكليف ديفيد لويز بترك مكانه كقلب دفاع والضغط على محطة لعب اليابان، وهو ما قدمه لاعب تشيلسي مع اطمئنانه إلى حسن تمركز وتغطية زميله تياجو سيلفا.
وحيلة مدافع متقدم وأخر خلفه مباشرة وليس جواره باتت "موضة" دفاعية أحياها مورينيو، لعلاج ظاهرة "المهاجم الوهمي" التي اجتاحت العالم مع ميسي وجوارديولا.
وبمناسبة ديفيد لويز، هو مدافع مثير للجدل يرى نصف متابعيه أنه مميز، في حين يجزم النصف الأخر بأنه "ملوش فيها"
لويز كإمكانات فردية ممتاز.. قوي، رشيق، يجيد الدوران حول عقبيه والالتحام والكرات العالية واستخدام كلتا قدميه في أداء الواجبات الدفاعية.
كان يعيب لويز ضعفه خططيا، تمركزه السيء، ولهذا كثيرا ما ظهر مكشوفا وسط مساحات واسعة لا يستطيع تغطيتها، فارتكب خطأ تلو أخر حتى عالج رافايل بينيتث ذلك في ولايته القصيرة قائدا لتشيلسي.
3) الطريقة الدفاعية الثانية التي لعب بها سكولاري كانت الدفاع المتأخر الذي لا توجد بينه والحارس مسافة كبيرة Low back line. استخدمها المدرب المظفر بكأس العالم بعد وصول النتيجة 2-0 لقتل أي طموح لدى اليابان، وقد كان الفريق حصينا فعلا، بسبب مجددا ذكاء سيلفا وقوته.
وهذه الوسيلة إن دلت على شيء، فعلى أن سكولاري لا يبحث عن الإمتاع بقدر الأمان والفاعلية والالتزام الخططي الذي كان غائبا عن الكرة البرازيلية منذ رحيل دونجا.
العيوب
1) انفصال نيمار
هل نيمار مدعي سينكشف أم مبدع سيزيد سيرك برشلونة بهجة؟ أعتقد أنه يقف في منطقة بين هاتين.. وإجابتي ليست مائعة من نوع ردود عمرو موسى.
بداية يعيب نيمار عامة أن الأضواء المسلطة عليه أو التوقعات المرتفعة المطلوبة منه تجعله يستعرض في كل لمسة له.. وهو ما يجعله أضحوكة حين يفشل بالقدر نفسه الذي يجعله ساحرا حين ينجح.
لازالت الإجابة مائعة.. دعونا نستفيض أكثر: هناك لاعبون مهاراتهم هي الركض بالكرة.. منهم القوي مثل جاريث بيل ورونالدو، ومنهم المهاري مثل ميسي ورونالدينيو.
الجميع ينتظر من نيمار أن يكون من هذه الفئة، ولهؤلاء سيكون النجم البرازيلي محبطا.. لأن هذا غالبا لن يحدث كثيرا.. فهذه ليست المهارة الأساسية لللاعب اليافع.
مهارة نيمار ليست في الركض، بل القدرة على استغلال مساحة صغيرة. وسيتضح المعنى حين نحلل أداء البرازيل في مباراة اليابان حيث لعب كجناح أيسر خلفه مارسيللو يدعمهما أوسكار.
لتحليل مهارة نيمار، دعونا نقول أولا إن منتخب اليابان لعب بخط دفاع متأخر ومائل بحيث يكون أمام نيمار 3 لاعبين في كل مرة: الظهير الأيمن، يغطيه قلب الدفاع، بحماية من ارتكاز المنتخب الآسيوي.
هناك حالتان حدثتا في المباراة:
نيمار قوي في موقف لاعب ضد لاعب، وفعال أمام المرمى.. لكنه لا يجيد الركض بالكرة لمسافات طويلة وليس استثنائيا مثل رونالدينيو في مهارة المراوغة.
• حين يزيد مارسيللو في الجبهة اليسرى وأوسكار يصل حدود منطقة جزاء اليابان، كانت الكثافة الدفاعية للفريق الآسيوي تتشتت، وبالتالي يكون أمام نيمار لاعب واحد فقط. ومجددا، هو قوي في لاعب ضد لاعب.
وقتها كانت استعراضات نيمار تنجح، لتظهره في صورة اللاعب المبدع سواء حين يراوغ هذا اللاعب أو يستغل سرعته في الركض به.
• أما حين كان يقف مارسيللو ولا يزيد أوسكار، كان يجد نيمار نفسه أمام 3 مدافعين من اليابان، وقتها يجد نيمار نفسه وحيدا.
هنا سيكون أمام نيمار حلين، إما الركض لمسافة طويلة لو كان قد تسلم الكرة من منتصف الملعب او لمراوغة كل من أمامه.. وقتها استعراضه يصبح من النوع "الهجاص".
مع برشلونة سيكون نيمار محاطا بلاعبين يندفعون من كل اتجاه، وبالتالي أتوقع له خططيا النجاح إن تكيف على حياة أوروبا وانضباط لاعبي الفريق الكتالوني رياضيا.
أما مع البرازيل، فعلى سكولاري دوما أن يؤمن لنجمه رقم 10 الظروف المناسبة: وفي مباراة اليابان لم تكن اندفاعات مارسيللو أو أوسكار كافية.. وربما السبب هو ضعف الارتكاز الدفاعي للفريق من ناحية الطاقة لتغطية ظهيري الجنب بأمان كاف.
2) رؤية اوسكار
في التمريرات القصيرة، لا توجد مشكلة في وسط البرازيل.. لكن حين يرغب فريق السامبا أن يلعب كرة مباشرة فإن ثلاثي الوسط يصبح نقطة ضعف في ظل عدم قدرة باولينيو أو لويز جوستافو أو أوسكار على إرسال تمريرات طولية.
بداية، من المهم الانتباه إلى أن الكرة المباشرة عادت للملاعب ربما بسبب مورينيو.. وأيضا لأن الضغط في وسط الملعب بات كبيرا لدرجة تجعل بناء اللعب من مركز بيرلو-ألونسو-كاريك-غالي أسهل.
وأوسكار يملك المهارة الفردية غير العادية في استلام وتسليم الكرة، في التحرك للأمام بسرعة، في التسجيل وصناعة الأهداف بتمريرة أرضية متقنة. لكن يعيبه عدم قدرته على تغيير الملعب بشكل مباغت لدفاع الخصوم، وهو ما ظهر في مباراة اليابان.
حين يكون منتخب البرازيل في هجمة مرتدة، تصل الكرة إلى أوسكار.. على يمينه لاعب قريب منه تحت رقابة من دفاع اليابان، وعلى يساره بعيدا زميل أخر بلا رقابة.. أوسكار سيمرر ناحية اليمين.
لو كنت من لاعبي فيفا أو بلاي ستيشن، ستفهم الجملة التالية: أوسكار لا يستخدم الرادار وهو يلعب، وهذا ما يعيبه. بدليل إرساله 3 كرات طولية، واحدة فقط وصلت سليمة و2 خرجتا دون دقة.
هذا العيب البسيط في أوسكار لو تمت مداواته سيكسب منتخب البرازيل أحد العناصر التي تنقصه، وهو ترابط ثلاثي الوسط بمجموعة الهجوم التي يمثلها ثلاثي الهجوم وظهيري الجنب حاليا.
3) فريد
لا يعتبر رأس الحربة الأفضل للبرازيل، ليس مهاريا لدرجة تجعلني أتغاضى عن حقيقة أنه لم يعبر حتى الآن حاجز الـ50% في إحصائياته الخاصة بالفوز بالكرات العالية مع دفاع خصوم البرازيل.
تمريراته لا تتجاوز دقتها 64% وهو رقم لا يؤهله لدور محطة اللعب.. وبالتالي حتى الآن هو ليس نقطة قوة للبرازيل، حتى إشعار أخر واختبار أقوى أمام إيطاليا وربما لاحقا إسبانيا.
المعامل الذي ينقص البرازيل هو منح نيمار الكثافة العددية حوله بشكل دائم، وهذا سيحدث إن وجد الفريق ارتكازا قويا يمنح مارسيللو فرصة التقدم بحرية، وتعلم أوسكار إرسال كرات طولية وجدت رأس حربة قوي يستقبلها.
مقالات أخرى للكاتب
-
الجزء الناقص من صورة زيدان الإثنين، 20 يوليه 2020 - 19:57
-
برشلونة.. أكثر من مجرد فريق الخميس، 25 يونيو 2020 - 14:09
-
الشيطان مورينيو.. تلك كانت الأيام يا صديقي الأربعاء، 05 سبتمبر 2018 - 20:05
-
اللعب في منطقة سيميوني الخميس، 26 مايو 2016 - 01:34