في بانجول عاصمة جامبيا، ذهب وكيل اللاعبين الإيطالي لويجي سورينتينو لأداء مهام عمله باكتشاف موهبة في البلد الواقعة غرب القارة، عندما تتحدث عن جامبيا فلن تجد لمنتخبها ظهور قاري يذكر أو حتى لفريق محلي، وهو ما يصعب عملية اكتشاف موهبة تقنع بها ناديا في أوروبا.
لويجي اعتاد على الذهاب لجامبيا لمشاهدة مباريات الفئات السنية المختلفة، منح الفرصة للكثير من الشباب للحصول على تجربة أداء في أندية إيطالية، لكن لاعب واحد نجح في إبهار لويجي وجعله يتابعه بإستمرار كل عام لمنحه فرصة الأحتراف، هو موسى بارو لاعب بولونيا الإيطالي.
بدأ موسى مسيرته الكروية منذ الصغر في نادي هوكس أحد الأندية الكبيرة صاحبة التاريخ محليا في جامبيا، والنادي الذي تعرف منه لويجي على موسى بارو.
يقول ساديبو كاماسو السكرتير العام لنادي هوكس الجامبي لـ FilGoal.com:" موسى انضم لنا منذ أن كان طفلا أعتقد أنه كان في سن السادسة من عمره، لفت الأنظار له عام بعد عام، حتى وصل لسن الرابعة عشر حينما شاهده لويجي سورينتينو وكيل اللاعبين المعروف وأعجب به".
وأضاف "لويجي لديه عين ثاقبه يأتي إلى هنا دائما لإكتشاف المواهب ولديه فريق كبير من الكشافين في جامبيا، عندما شاهد موسى لأول مرة نظر لمن حوله وقال: (إنه كاكا، لقد وجدنا كاكا الجديد) هذه إشارة لريكاردو كاكا نجم منتخب البرازيل السابق".
وتابع كاماسو "موسى نشأ في أسرة متوسطة في جامبيا، مات والده وهو لم يكمل شهرين فقط والدته تحملت كل شئ كانت تعمل كمعلمة في أحد المدارس في بانجول، ساعدت أخوته على التعلم والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال تعليمهم، موسى الوحيد الذي بقى معها هنا، كان يحب كرة القدم بشكل جنوني لكنه كان متوفقا في التعليم أيضا".
وأردف "قليلا ما ترى لاعبا يهتم بالتعليم بجانب كرة القدم، موسى كان طالبا نجيبا كان من الأوائل دائما في مدرسته، كان من أكثر اللاعبين خلقا في التدريبات والملعب وكان ربخجولا جدا، لكنه كان ذكيا يعرف ماذا يريد من حياته ومن كرة القدم، هو بالفعل مثل العقرب".
وتحدث ساديبو عن احتراف موسى في إيطاليا قائلا: "كل عام كان يأتي لويجي ويتحدث مع والدة موسى عن إمكانية جلب عرض للاعب من أوروبا، موسى كان مازال في الخامسة عشر من عمره، لذلك كانت ترفض والدته خوفا عليه لأنه مازال صغيرا وفي نفس الوقت كانت هناك صعوبات تواجهه في الحصول على تأشيرة السفر لذلك لم يحصل على فرصة الاختبار في أحد الأندية الأوروبية في ذلك الوقت، لكن كان لويجي لديه إصرار على مساعدة موسى ونجح في ذلك".
وتوجه Filgoal.com لوكيل اللاعبين الإيطالي لويجي سورينتينو للحديث عن صاحب التأثير الأبرز في مسيرة موسى بارو ليتحدث عن اللاعب منذ أول مرة شاهده فيها.
يقول لويجي: "شاهدته لأول مرة كان صغير لكن بمهارات عالية، كان يلعب في وسط الملعب الهجومي كان يمر من الجميع ويمرر الكرة ويصنع الفرص بشكل مذهل، من أول مرة رأيته ناديته باسم "كاكا" حتى الأن أناديه بهذا الاسم، بارو كان مختلفا عن زملاءه في الفريق نجح في إقناعي أنا وفريق الكشافين بموهبته سريعا".
وأضاف "حاولنا نقله إلى أوروبا لكن والدته كانت ترفض نظرا لصغر سنه وحينما اقتعنت وهو في سن السابعة عشر كانت تواجهنا مشكلة في استخراج تأشيرة السفر لذلك انتظرنا عامين حتى ينتقل لفريق أتالانتا في إيطاليا".
وأكمل لويجي "أسافر دائما إلى دول غرب إفريقيا وإعداد تقارير عن المواهب هناك، المسئولون في أتالانتا أعجبوا بموهبة موسى من أول مرة شاهدوه فيها هو وصديقه في الفريق إبراهيما كولي، عملية انتقاله كانت سهلة للغاية حيث ناديه كانوا متعاونون معنا للغاية، وعدت أمه بأن احافظ عليه في إيطاليا وأرعاه خاصةً أنها رفضت أن تسافر معه نظرا لصعوبة ترك عملها في جامبيا".
الموسم الأول في أتالانتا
موسى بارو كان لاعبا في وسط الملعب، وسافر على هذا الأساس لكن المدربين في أكاديمية الشباب بأتالانتا رأوا أن اللاعب يمكنه اللعب على الطرف، لذا تحول موسى للعب كجناح وفي أول موسم له في فريق أتالانتا بريمافيرا وهو فريق الشباب بالنادي الإيطالي نجح في تسجيل 13 هدفا في 17 مباراة ليتم تصعيده للفريق الأول.
يقول لويجي وكيل اللاعب: "منذ مبارياته الأولى بقميص فريق الشباب وهو أبهر الجميع بأداءه وتوقعوا له مستقبل باهر، كانت أسعد لحظات حياتي عندما رأيته سعيدا بقرار تصعيده للفريق الأول لأتلانتا كان مثل الطفل الصغير التي تأتي له بلعبه جديدة، بالرغم من أنه لم يلعب كثيرا مع الفريق الأول لكنه لفت الأنظار له".
بعد تصعيده للفريق الأول نجح موسى بارو في تسجيل 3 أهداف وصنع هدف أخر في 12 مباراة في موسم 2017-2018 وبشكل عام سجل موسى 29 هدفا وصنع 8 أهداف في هذا الموسم لفريق الشباب والفريق الأول بأتالانتا.
بعد هذا الموسم انضم لموسى بارو لفريق بولونيا على سبيل الإعارة ولعب مع فريقه 30 مباراة ونجح في تسجيل 5 أهداف وصناعة هدفين، ليعود مجددا لأتالانتا، وشارك مع أتالانتا في موسم 2019-2020 خلال 26 مباراة مسجلا 9 أهداف وصنع 5 أخرين، وفي نهاية الموسم رحل موسى بارو صوب فريق بولونيا مجددا ولكن بانتقال نهائي مقابل 20 مليون يورو.
فقال لويجي سورينتينو وكيل اللاعب عن رحيله عن أتالانتا: "لم يكن محظوظا في الفريق الأول لأتالانتا، ولم يحصل على الفرصة التي يستحقها انتقاله لبولونيا لمساعدته على الاستمرار في التطور وهو ما يحدث له الأن".
الظهور الأول وسط العقارب
في عام 2018 أعلن الجامبي لكرة القدم تعيين البلجيكي توم سينتفيت لقيادة المنتخب الوطني، توم سينتفيت هو أحد أكثر المدربين خبرة في إفريقيا خاصة في تطوير المنتخبات الصغيرة.
توم سينتفيت بدأ رحلته مع منتخب العقارب بإقناع أكثر من محترف في أوروبا بتمثيل المنتخب، والبداية كانت مع موسى بارو.
وحكى توم سينتفيت لـ FilGoal.com أول لقاء له مع موسى بارو "موسى لم يكن قد انضم لمنتخبات الشباب في جامبيا، كنت اعتقد أنه يرفض بسبب احترافه ورغبته في تمثيل إيطاليا، لكن حين التقيت به صدمت بأن الذين تولوا مهمة تدريب منتخبات جامبيا للفئات المختلفة لم يتحدثوا معه وإقناعه بتمثيل المنتخب".
وأضاف "تحدثت معه ووجدته شابا محترما خجولا ولكن لديه طموحا كبيرا، هذا ما ساعدني كان لدي طموح لتطوير الكرة الجامبية كان لقاء مثمرا وكان موسى متحمسا لمساعدة بلاده على التطور، ولم نأخذ وقتا طويلا حتى وصل له استدعاء للمنتخب الأولمبي الجامبي خلال نفس الأسبوع ووافق ولعب معهم مباراة قبل أن يبدأ مشواره مع مع المنتخب الأول".
وأكمل المدير الفني لمنتخب جامبيا: "مباراته الأولى كانت ضد نيجيريا وهو في عمر الـ 19، ومنذ ذلك الوقت وهو أكثر لاعب مثل منتخب جامبيا تحت قيادتي، هو شخص ذكي جدا هذا الإنطباع الأول الذي تحصل عليه عندما تتحدث معه، اعتقد ذلك بسبب أنه نشئ تعليميا بشكل جيد هو مثقف للغاية ويتعلم كل شئ بسرعة والفضل في ذلك يعود لوالدته".
واختتم "موسى لاعب موهوب وطموح، يحمل الأن أحلام الشعب الجامبي بعدما ساعدنا في تحقيق الحلم الأهم بالتأهل لكأس أمم إفريقيا، والأن الجميع ينتظر رؤيته في البطولة، قد يكون هو أشهر لاعب في منتخبنا واللاعب الأبرز للمتابعين، جميع اللاعبين في المنتخب يحبونه ويلتفون حوله ويسمعوا لنصائحه، وانا متحمس دائما للعمل معه".