كتب : أحمد أباظة | الإثنين، 27 ديسمبر 2021 - 21:34
بلماضي يتحدى شحاتة.. الجزائر بين المجد وكابوس 1992
مراد فهمي (مصر) – أموين بيبانزولو (الكونغو) – فريد أوسام دودو (غانا) – عبد الحميد كرمالي (الجزائر) – يو مارسيال (كوت ديفوار) – كلايف باركر (جنوب إفريقيا) – محمود الجوهري (مصر) – ستيفن كيشي (نيجيريا) – جمال بلماضي (الجزائر).
في كأس أمم إفريقيا التي لطالما فاز بها الأجانب وخصوصا الفرنسيون، هذه لائحة الشرف للمدربين الوطنيين الذين فازوا باللقب لمرة واحدة مع منتخب بلادهم، والتي انضم إليها بلماضي مؤخرا في القاهرة عام 2019.
وعلى مر تعاقب هؤلاء الأجانب من مجري إلى يوغوسلافي إلى ألماني وحتى الهولندي والبلجيكي، رجل واحد فقط بين الأجانب نجح في تحقيق اللقب مرتين، وهو الفرنسي هيرفي رونار مع منتخبين مختلفين: زامبيا 2012 وكوت ديفوار 2015، ولكن ليس على التوالي.
بين جميع المدربين الأفارقة لم يكُن هناك سوى رجلين حققا اللقب مرتين على التوالي: تشارلز جيامفي مع غانا عامي 1963 و1965، وبطبيعة الحال حسن شحاتة أسطورة منتخب مصر. (طالع المزيد من التفاصيل عن مدرب غانا)
الوصول إلى 3 ألقاب أمر لم يحققه إلا نفس الرجلين، حيث عاد جيامفي وأضاف لقبه الثالث مع غانا عام 1982، بعد 17 عاما على لقبه الثاني، إلا أن المعادلة الأصعب في القارة السمراء تظل "المعلم" شحاتة، صاحب ثلاثية 2006 و2008 و2010 على التوالي.
والسؤال مباشرة كما يتم تداوله مؤخرا: من الأفضل؟ جيل مصر بين 2006 و2010 بقيادة حسن شحاتة؟ أم جيل الجزائر الحالي بقيادة جمال بلماضي؟
لا يزال أمامك الكثير
بداية هذه المقارنة غير عادلة سواء على صعيد الإنجازات أو الفترة الزمنية، فمشروع شحاتة بدأ في نوفمبر 2004 وانتهى في يونيو 2011، قرابة 7 أعوام بالمقارنة مع حقبة بلماضي التي اجتازت عامها الثالث قبل 4 أشهر، حيث بدأت في أغسطس 2018.
المحصلة هي 3 ألقاب قارية على التوالي مقابل لقب وحيد. الجزائر مع بلماضي لم تلعب سوى نسخة واحدة وتستعد للعب الثانية الآن، ما يعني أن طرح السؤال ذاته مبكر للغاية.
النقطة الأسوأ لجيل شحاتة التاريخي هي الفشل في التأهل إلى كأس العالم، وكان هذا على يد الجزائر بطبيعة الحال، لا أحد ينسى ليلة أم درمان، بينما يملك جيل بلماضي فرصة تحقيق هذا الإنجاز في مارس القادم، ولكن حتى الآن، هذا لم يحدث بعد.
بذلك يبقى أكبر دافع للمقارنة هو سلسلة المباريات الدولية بلا هزيمة للمنتخب الجزائري الأول.. جيل حسن شحاتة لا يملك شيئا مشابها، حيث خاض 86 مباراة، حقق خلالها 52 انتصارا و16 تعادلا و18 هزيمة، ولكن فارق الاحتكاك هو ما لا يقبل المقارنة.
تجارب الجزائر الودية خارج حدود القارة أتت ضد المكسيك وكولومبيا فقط، بينما اقتصرت تحدياته الداخلية على مسيرته في بطولة 2019، حيث واجه السنغال مرتين في المجموعات والنهائي، وواجه نيجيريا وكوت ديفوار في طريقه إلى النهائي.
الظروف ليست كما هي في ظل جائحة كورونا بالطبع، وتنظيم المباريات الودية القوية لم يعُد بنفس السهولة في هذه الأيام، وحتى بطولة كأس العالم للقارات ألغيت، كلها عوامل لم يكن بلماضي ورجاله سعداء الحظ بها، فمنتخب مصر مع شحاتة أجاد انتقاء ودياته الكبرى، ولفت أنظار العالم ليواجه بلجيكا وأوروجواي والبرتغال وإسبانيا والأرجنتين والسويد وإنجلترا، ناهيك عن ملحمة كأس القارات التي أفسدتها مباراة الولايات المتحدة، بعد عرض عظيم أمام البرازيل وفوز تاريخي على إيطاليا.
هذا المستوى من الاحتكاك الدولي قفز بمنتخب مصر إلى الظهور في قائمة الـ10 الأوائل بتصنيف الاتحاد الدولي "فيفا"، حيث قفز إلى المركز العاشر في فبراير 2010، قبل أن يصل إلى أفضل مراكزه في التاريخ، المركز التاسع في تصنيف يوليو لنفس العام. على الناحية الأخرى أعلى تصنيف للجزائر مع بلماضي هو تصنيفه الحالي في ديسمبر 2021 حيث يحتل المركز التاسع والعشرين، بينما كان أعلى تصنيف للجزائر في التاريخ هو تصنيف أكتوبر 2014 حين احتل الخضر المركز الخامس عشر بعد المشاركة الرائعة في مونديال البرازيل.
حتى يكتمل الطريق
الحفاظ على اللقب القاري ليس أمرا بهذه السهولة نظرا لطبيعة البطولات الإقصائية من ناحية، وقوة المنافسة من ناحية أخرى، وعدم انتظام لاعبي المنتخبات في اللعب مع بعضهم البعض للوصول إلى مستوى تجانس مقارب لما يملكوه مع أنديتهم من جهة ثالثة، وتغير مجريات الأمور في اللعبة خلال الفواصل الزمنية بين النسختين من جانب رابع.
النقطة الأخيرة تحديدا من السهل ملاحظتها في تاريخ بطولة الأمم الأوروبية "يورو" التي بدأت عام 1960، فبالنظر إلى إقامتها مرة واحدة كل 4 سنوات، لم ينجح سوى فريق واحد في الاحتفاظ باللقب لنسختين على التوالي، وتطلب الأمر جيلا ذهبيا خارقا لمنتخب إسبانيا حتى يكتمل الأمر بين عامي 2008 و2012 مرورا بكأس العالم في المنتصف.
الأمر ليس سهلا في بطولة إفريقيا التي تقام كل عامين أيضا، فبعيدا عن المدربين، لا يوجد سوى 3 منتخبات نجحت في الحصول على اللقب مرتين متتاليتين: في البدء كان منتخب غانا عامي 1963 و1965 مع جيامفي. غادر الرجل منصبه ورغم ذلك كان النجوم السوداء على مقربة من اللقب الثالث على التوالي، إلا ان هذه المحاولة تم إجهاضها على يد منتخب "كونغو كينشاسا" (الكونغو الديمقراطية حاليا) بهدف نظيف في النهائي.
الثاني كان منتخب الكاميرون مع مدربين مختلفين، أولهما الفرنسي بيير لوشانتيه عام 2000، وثانيهما الألماني وينفريد شايفر عام 2002، أما الثالث فبطبيعة الحال هو الجيل الذي تتحداه كتيبة بلماضي: ثلاثية مصر مع حسن شحاتة بين 2006 و2010.
للوقوف على مدى صعوبة الدفاع الثاني عن اللقب سنأخذ المثال من منتخب الجزائر نفسه، قبل انطلاق مسيرة بلماضي الاحترافية كلاعب كرة قدم..
على أراضي الجزائر عام 1990 بقيادة الراحل عبد الحميد كرمالي، أو "شيخ المدربين الجزائريين" كما اشتهر، وفي وجود لاعب فاز بدوري أبطال أوروبا مع بورتو قبلها بثلاثة أعوام، الأسطورة رابح ماجر بالطبع، خاض محاربو الصحراء رحلة البحث عن اللقب الأول.
بداية مثالية وعلامة كاملة في دور المجموعات بالفوز على نيجيريا 5-1 ثم كوت ديفوار 3-0 ثم مصر 2-0. تأهل قاد الخضر لمواجهة منتخب السنغال والفوز عليه في نصف النهائي 2-1، قبل أن يلاقي منتخب نيجيريا من جديد في النهائي ويتغلب عليه بهدف شريف وجاني.
بطبيعة الحال هيمن الجزائريون على كل الجوائز، فأفضل لاعب كان ماجر، والهداف كان جمال مناد، وتشكيل البطولة ضم 6 من الخضر مقابل 2 من زامبيا و1 لكل من كوت ديفوار والكاميرون ونيجيريا، حتى الهدف العكسي الوحيد في البطولة سجله عبد الحكيم سرار أمام السنغال، وهو واحد من الهدفين الذين تلقاهما مرمى الجزائر طوال البطولة.
ولكن بعد عامين في نسخة السنغال 1992 حين اتسعت الرقعة إلى 12 فريقا وتحولت الدور الأول إلى 4 مجموعات ثلاثية الفرق، انقلب الحال 180 درجة، وسقط المنتخب الجزائري على يد كوت ديفوار 3-0 ثم تعادل مع الكونغو 1-1 ليتذيل المجموعة ويغادر بقائمة ضمت 5 من السداسي سالف الذكر الذي تواجد في التشكيل الأفضل قبل عامين، وعلى رأسهم ماجر ومناد.
هذه هي العقبة التي يجب أن يمر منها بلماضي وجيله الحالي في الكاميرون حتى يدخل هذا السجال التاريخي بقوة ضد سائر الأجيال التاريخية للقارة السمراء. صحيح أن التتويج سيكون صك التنافس الرسمي، ولكن الفشل به بحد ذاته لا يعني استبعاد هذا الجيل. خسارة النهائي أو نصف النهائي لن تسدل الستار على هذه المنافسة، ولكن الخروج من دور المجموعات؟ بالتأكيد ستختلف اللهجة.
لا توجد أي اختلافات صارخة بين القوام الأساسي للخضر في 2019 واليوم، ويملك المنتخب صفا ثانيا مميزا وهو ما ظهر في كأس العرب بغياب محترفي أوروبا وبغياب بلماضي نفسه، وهو ما يعزز فرص الأفناك إن وجدوا أقدامهم وثبتوها سريعا، في طريق ممهد للتأهل أمام كوت ديفوار وسيراليون وغينيا الاستوائية، ليبدأ التحدي في مجموعة تعني صدارتها الاصطدام بوصيف مجموعة مصر ونيجيريا وغينيا بيساو والسودان.
بالعودة للسؤال الرئيسي.. من الناحية الفنية تجوز المقارنة، بل تميل كفة الجزائر كعناصر بمحترفيه في شتى بقاع أوروبا عكس منتخب مصر الذي تكون قوامه الرئيسي من المحليين، ولكن جيل تاريخي ضد جيل تاريخي؟ لا يزال الوقت مبكرا بعض الشيء.
مقالات أخرى للكاتب
-
سمعا وطاعة.. لأن كلوب رئيس صلاح وصلاح رئيس أصدقائه رؤساء اتحاد الكرة الإثنين، 22 يناير 2024 - 19:17
-
صمت صلاح.. لأن الكلمة لم ولن تكون بلا قيمة الأحد، 15 أكتوبر 2023 - 23:48
-
ما يحدث مع هاري ماجواير.. حرية شخصية أم قلة أدب؟ السبت، 05 أغسطس 2023 - 23:41
-
نبوءة بوتر الناقصة.. حين أساء ملاك تشيلسي الاستماع إلى علي ماهر الأحد، 09 أبريل 2023 - 01:18