لا يتمحور الأمر فقط حول ركل الكرة في الملعب حتى هز شباك الخصوم، ولأن الأوضاع لا تكون بهذه السطحية قط، لذا دائما هناك جانب آخر من القصة لا نعرف عنه شيئا.
يقدم لكم FilGoal.com هذه السلسلة الأسبوعية التي تقدم جانبا مختلفا من كرة القدم.
في أغسطس 2013 نشر باحثون في جامعة هومبلودت في برلين وأيضا آخرون في جامعة ميونيخ تقريرا حول تعاطي المنشطات في ألمانيا الغربية في الفترة من 1950 وحتى 2007.
تفجير ذلك الموضوع سبب جدلا كبيرا، في عالم كرة القدم المنشطات ثانوية للغاية مقارنة بإدمان المخدرات، لكن أن يتعاطى اللاعب منشطا لتعزيز قدراته الرياضية؟ وفي تلك الحقبة؟ يعني ذلك أن اللاعبين المشاركين في كأس العالم ربما قاموا بذلك الأمر ولم يكن هناك كشفا معروفا وقتها على المنشطات بنفس القوة حاليا.
ما دليل الألمان؟
جلس البروفسور دكتور مايليو أندريفيتش مصدوما في غرفته يعد تقريرا، لم يعرف إلى من يرسل، من فرط التوتر نسى حتى ما يجب كتابته.
أرسل مايلو خطابا إلى دكتور ماكس دانز رئيس اتحاد الرياضيين في ألمانيا الغربية، يعلمه بنتيجة عينات البول لـ3 لاعبين في المنتخب الألماني، ووجد بها نسبة كبيرة من الإيفادرين، وذلك منشط قوي كان ممنوعا وقتها.
لم يعلم مايلو، اللاعب الصربي السابق ما الذي يجب فعله، لم يكن هناك إطار لتلك الأفعال.
استخدام العقارات المنشطة أو المخدرة عموما كان ممنوعا في كرة القدم منذ عام 1908، كان ذلك خلال ماراثون أولمبياد لندن.
نص ذلك القانون كان كالتالي: "لا يسمح لأي متنافس سواء في بداية المارثون أو خلاله بتعاطي أي عقار، خرق هذا القانون سيتسبب في استبعاده المباشر".
بالطبع لم يغط القانون استخدام المنشطات في أوقات أخرى، مثل التدريبات، ولم يعرف حتى معنى أو نوع "العقار".
الاختبار الملائم الأول
ظهر أول اختبار حقيقي وفعال للكشف على المنشطات في عالم الرياضة عموما عام 1965 وكان ذلك بمحض الصدفة، بواسطة البروفسور أرنولد بيكيت، الذي كان في أكاديمية تشيلسي بلندن.
تواجد أرنولد مع فريقه من الباحثين يحاولون تطوير طريقة لتعقب واختبار كمية المركبات المختلفة داخل سوائل الجسم، وقتها قال: "رائع.. غير معقول، يجب مشاركة هذا الإنجاز".
جهز أرنولد بيكيت بحثا مطولا عن عمله وقدمه في مؤتمر في بلجيكا خلال شهر مارس 1965، وقتها كانت أول مرة تمتلك الرياضة عموما طريقة لدراسة واكتشاف المنشطات، فحص مخصص لها فقط، وخلال جولة بريطانيا للدراجات في 1965 و1966 استُبعد لأول مرة دراجون بسبب المنشطات.
تم تطوير الفحوصات أكثر خلال كأس العالم 1966، واختيار عينات عشوائية خلال كل المباريات أثناء البطولة، كان يطلب من الحكم كل مباراة اختيار بطاقة لاعب من صندوق وضعت به كل البطاقات، واختبرت 130 عينة بشكل عشوائي.
وضعت عينات كافة اللاعبين بترقيم لا يمكن لأحد أن يعرفه سوى البورفسور مايلو أندريفيتش، وأرسلت كافة العينات إلى جامعة تشيلسي لإجراء فحوص سريعة وإعادتها مرة أخرى إلى مايلو لكي يكتب النتائج في تقريره.
عادت الفحوصات إلى دكتور أندريفيتش، الذي قام بتوصيل كل نتيجة باسم كل لاعب لديه، وفي حالة اكتشاف لاعب يتعاطى المنشطات يتم مراسلة مسؤولي المنتخب لكنه لا يخبرهم أي عقار تم إيجاده، وإن لم يتم تقديم أي شرح واف، يتصاعد الموقف إلى لجنة الانضباط في الفيفا.
كتب باكيت تقريره قائلا: "كل اللاعبين لم يتعاطوا عقاقير ممنوعة". إذا أين الـ3 لاعبين الذين قيل إنهم تعاطوا منشطات؟
"استخدام الإيفيدرين كموسع للقولون، سيكون دفاعا إذا تم توثيقه بشكل مناسب في السجلات الطبية للاعب المعني". كان ذلك شرح مايلو.
أغلقت القضية عند ذلك الحد ولم تفتح تماما، حتى عام 1978.
خلال ذلك العام كتب بيكيت: "وجدنا بعض العينات إيجابية تجاه استعمال المنشطات، لكن الوضع كان حساسا للغاية، لأن تلك المشكلة قد تعني وجود عينة إيجابية لكن بشكل خاطئ، ما يعني أنها غير مضرة".
كيف ظهرت قضية الـ3؟
بعد ذلك تم التحقيق ليجد أن هناك 3 لاعبين بالفعل لديهم عينة إيجابية للإيفيدرين، لكن لم يمتلك ما يكفي من أدلة لتوجيه اتهام رسمي، أصابه الأمر بالتوتر ولم تخرج تلك القضية للنور أبدا.
كانت تلك البداية، فلماذا يتعاطى لاعب الكرة المنشطات؟
"تعلن رابطة الدوري الأمريكي لكرة القدم، عن إيقاف جون كونواي حارس مرمى نيويورك ريد بولز لمدة 10 مباريات بعد اكتشاف تعاطيه للمنشطات". بيان رسمي.
كانت تلك صدمة بعض الشيء في عالم كرة القدم، أن يستعمل حارس المرمى المنشطات وليس لاعب داخل الملعب الذي يبذل نوعا ما مجهودا أكبر، بجانب أنها الأولى في تاريخ الدوري الأمريكي المثبتة ببيان رسمي.
كان الدوري الأمريكي للمحترفين قد بدأ بشكل رسمي عام 1999، كان اللاعب قد تعاطى فيتامين داخل مادة غذائية تساعد على بناء العضلات ما زاد من تواجد المنشطات داخل جسده. وتم تغريمه كذلك 10% من راتبه.
---
خرج هانز فيلهلم مولر فولفهارت طبيب منتخب ألمانيا لكرة القدم بتصريح أغضب هيئة مكافحة المنشطات الدولية: "لا يوجد تعاطي للمنشطات في كرة القدم لأنها لا تساعد حقا مثل الرياضات الأخرى".
لترد هيئة مكافحة المنشطات: "لاعب كرة القدم يمكنه الانتفاع من خلال منشطات تعزز مستواه الرياضي.
لطفي البوسيدي، لاعب قضى مسيرته بين سويسرا وألمانيا وإسبانيا، خلال فترة لعبه لفريق ماينز في الدرجة الثانية، قرر التوجه للدراسة ودرس العلوم الرياضية في جامعة ماينز، وهدفه البحثي كان تعليم اللاعبين مخاطر المنشطات على الصحة.
خلال بحثه اتجه البوسيدي لمحاورة لاعبين سابقين وحاليين وزملاء له، ليجد نسبة 30% في الدوريات المختلفة من اللاعبين يتعاطون منشطات.
جلس لطفي يستعد لإجراء حوار معه بعد انتهاء دراسته البحثية، في ثبات شديد مستعدا لسرد العديد من الحقائق.
"لم يتم اختباري في مسيرتي بالكامل سوى مرة وحيدة، بعض اللاعبين الذين أعرفهم شخصيا لم يتم اختبارهم قط، سمعت قصصا من لاعبين في فترة الثمانينيات والتسعينيات كان يتم حقنهم بشتى أنواع العقاقير والآن يعانون من مشاكل صحية خطرة للغاية".
"من غير المرجح أن يكون كافة اللاعبين الذين شاركوا في كأس العالم 2018 لم يتعاطوا منشطات، في البطولات الكبيرة مثل كأس العالم ودوري الأبطال يكون اللاعب مطالبا بضعف مستواه".
"تكون هناك الكثير من الضغوط ومعها يأتي الضعف، الأمر مختلف عن المباريات العادية في الدوريات، لذا كل لاعب لديه إغراء أو نقطة لإثباتها يجد ما يدفعه للغش وقتها، حتى أن الفرق نفسها تضع أضعاف الضغط الطبيعي على اللاعبين، لهذا السبب أراهن أنه لا يوجد كشف مناسب وواف على المنشطات في مثل تلك البطولات".
"في الدوري الألماني وبعد بحث مطول اكتشفت أن 15% من اللاعبين تعاطوا المنشطات على الأقل لمرة، وفي إسبانيا كانت النسبة 30%، كما قلت، مستويات الأداء المطلوبة للمنافسة في بطولة مثل كأس العالم أكبر بكثير، لكن أيضا هناك مخاطرة أكبر في أن يتم اكتشاف الأمر".
"الطريقة الوحيدة لاكتشاف المنشطات عن طريق الفحوصات، الأمر صعب، إن لم يكن مستحيلا، لا يوجد خطوط محددة".
"بعض الناس تتذكر دكتور إيفيميانو فيونتيس الذي فجر فضيحة المنشطات الكبرى في عالم الدراجات، قال علنا إن لاعبي الكرة ضمن مرضاه مثل متسابقي الدراجات".
صمت لطفي قليلا قبل أن يقرر المتابعة..
"هناك أشياء من الممكن أن تفعلها قبل البطولات تساعد جسدك على التعافي بشكل أسرع وتبطيء من عملية التعب، طريقة لطرد الألم بشكل منتظم، لكنك حينما تفعل فأنت تخاطر بحياتك".
"لا يعرف اللاعبون بالضرورة التبعات الجسدية والقانونية لتلك الأفعال، أحد أكثر الأشياء الصادمة التي اكتشفتها هي عدد زملائي السابقين الذين لا يعرفون المواد الممنوعة على جدول المنشطات".
"بعضهم يتعاطى تلك المنشطات عن عمد، والبعض الآخر لا يعرف، الهدف الرئيسي هو تعزيز القدرات البدنية، لكن كما قلت لكل فعل رد فعل".
الكثير من الرياضيين عموما وبعض اللاعبين قد يتعاطون المنشطات دون علمهم، ومع ضبابية الموقف يتحتم على الفيفا وهيئة مكافحة المنشطات بتعديل قوانينها بشكل دوري خاصة مع وجود العديد من الفضائح التي تتكشف كل فترة، آخرها فضيحة وجود 34 لاعبا روسيا ضمن برنامج منشطات حكومي روسي.
هل يتم وضع إطار معين للكشف على المنشطات بصفة دورية وتوعية اللاعبين أكثر وكذلك حمايتهم من الحالات التي لا يتحكمون بها مثل عقار طبي لا يعلمون عنه شيئا أو حادثة عرضية بتعاطي مادة موضوعة عن عمد لتوريطهم؟
مصادر:
http://bit.ly/31JuDhX
http://bit.ly/2ocY5hD
http://bit.ly/2IneEP0
http://bit.ly/2V8KWSU
http://bit.ly/31LeloH
طالع أيضا
النقاز وساسي ومعلول يواجهون الكاميرون
إبراهيم حسن يسجل أسرع هدف في الدوري
ماذا ننتظر في مباراة مصر للمقاصة والزمالك؟
رئيس الإسماعيلي: التحكيم هزمنا أمام المصري