داخل مصنع مواهب أياكس.. كيف قادت ثورة كرويف الناعمة لتأسيس جيل ذهبي
الأربعاء، 10 أبريل 2019 - 13:37
كتب : لؤي هشام
عندما يخطو لاعبو أياكس إلى ملعب يوهان كرويف أرينا اليوم الأربعاء استعدادا لمقابلة يوفنتوس في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، فإن أكثر من نصف لاعبي الفريق قد يكونوا من خريجي الأكاديمية.
أداء رائع قدمه الفريق الشاب خلال الموسم الجاري قاريا. التأهل من دور المجموعات رفقة بايرن ميونيخ بعدما أُنهك الفريق البافاري على يديه، وإقصاء مفاجئ لحامل اللقب ريال مدريد بأربعة أهداف قاسية مقابل هدف وحيد.
أداء كان امتدادا للتألق الأوروبي في 2017 عندما وصل الفريق إلى نهائي الدوري الأوروبي قبل الخسارة أمام مانشستر يونايتد.. وكان بداية تفجر أسماء شابة مثل فرينكي دي يونج وماتياس دي ليخت وحكيم زياش وغيرهم.
ببساطة، كان هذه المرة فريقا شابا ولكن أكثر خبرة.
عندما يستقبل الفريق الهولندي نظيره الإيطالي فإنها ستكون أول مباراة لـ أياكس في ربع نهائي ذات الأذنين منذ عام 2003، ولكن لمعرفة البداية الحقيقية لهذا الجيل الشاب فإننا سنعود إلى عام 2010.
صحيفة "تليجراف" البريطانية تناولت بداية التخطيط لتكوين فريق شاب ناجح يعيد أمجاد السبعينيات.
وتحدثت عن الفترة التي بدأت في 2010 بقيادة الأسطورة يوهان كرويف حتى عام 2015 فيما عُرف باسم "ثورة كرويف الناعمة" والتي وضع فيها بذور النجاح الحالي.
وFilGoal.com ينقل التقرير لكم.
القصة بدأت بمقال
الثورة على ما يمر به أياكس بدأت بمقال كتبه كرويف في صحيفة "دي تليجراف" الهولندية. يوهان أعرب عن غضبه من الركود الذي يمر به الفريق في سبتمبر 2010، أعقاب الهزيمة من ريال مدريد 2-0.
والأسطورة الهولندية آمن أن إدارة النادي يجب استبدالها بلاعبين سابقين يتفهمون ما يمثله الفريق، وأن الطريق إلى إعادة أياكس للواجهة يتمثل في اعتباره المكان الأفضل في العالم لإنتاج ورعاية المواهب الكروية.
وتحت تأثير العشق الكبير والإيمان بأفكاره من جانب الجماهير عاد كرويف مجددا إلى ناديه مُرحّبا به في الطريق نحو استعادة طريق كرة القدم الممتعة.
كلاعب حقق يوهان 3 ألقاب أوروبية مع الفريق في السبعينيات، وحجج إدارة الفريق بعدم امتلاك أموال لم تكن تُقنعه إذ كما قال سابقا: "لم أر من قبل حقيبة أموال تسجل أهداف".
وبمعاونة لاعبي الفريق السابقين دينيس بيركامب وفيم يونك عمل كرويف على إعادة إحياء روح أياكس.
"كان يملك القوة لتغيير الأمور، كما امتلك طاقة وروح الابتكار. كان الأمر أكثر روحانية رفقة كرويف". هكذا أكد روبن يونجكيند الذي كان مسؤول تطوير المواهب خلال تلك الآونة، وفردا مهما في الثورة التي أحدثها يوهان.
تركزت خطة كرويف على المزيد من التدريب الفردي المتخصص وأربعة مبادئ أساسية:
- لعب كرة قدم جذابة متمسكة بمبادئ أياكس التوسعية.
- يجب أن يتألف نصف الفريق الأول من لاعبين شاركوا في نظام الشباب، وذات نوعية جيدة بما يكفي ليكونوا ضمن أفضل ثمانية فرق في أوروبا.
- متابعة الكشافين المستمرة، إذ يتم الشراء فقط للاعبين الذين يتمتعون بجودة أعلى من لاعبي الشباب.
- خلق ثقافة الأداء إذ كان على الجميع أن يعملوا معا وأن يكونوا منفتحين على التعليقات الإيجابية المستمرة.
على المستوى الفلسفي، كانت إدارة أياكس تسترشد بمبادئ الهوية والحمض النووي للفريق إضافة إلى الابتكار دون توقف.
وفي الممارسة العملية، كان هذا يعني أن يونك ويونجكيند وبيركامب وآخرون عليهم البحث على نطاق واسع عن سبل تنشيط النادي.
بينما يقود كرويف الثورة بصفته الاستشارية.
الجودو والقفز!
مع لاعبين صغار أمثال كريستيان إريكسن وتوبي ألدرفيرلد ودالي بليند، ركز يونجكيند - مسؤول تطوير المواهب - على العمل بخلفية تضمن ألعابا رياضية أخرى لذا سعى لتعليم اللاعبين عن الرياضات المختلفة.
تم جلب خبراء من ألعاب مختلفة مثل القفز بالزانة وكرة القدم الأمريكية والجودو لإعطاء لاعبي أياكس الشباب مجموعة من التخصصات المختلفة وتطويرهم كرياضيين.
كان ذلك أسلوبا مماثلا لما اتبعه إدي جونز خلال فترة عمله كمدرب لمنتخب الرجبي في إنجلترا.
ربما كان الأهم بالنسبة لفريق أياكس الحالي هو تعيين برام سوم، المتخصص السابق في سباق 800 متر ركض، والذي تخصص في إدارة الركض، وكان الرجل الذي أعطى دروسا فردية لشاب موهوب يدعى ماتياس دي ليخت.. ربما تعرفونه الآن.
دي ليخت يبلغ حاليا 19 عاما ويتواجد ضمن فئة أفضل مدافعي أوروبا رغم شكله الذي يوحي بأنه طفل في الـ12 من عمره، وبرشلونة كان أبرز المهتمين بخدماته إذ من المرجح أن ينتقل إلى صفوفه في الصيف المقبل.
يونجكيند أخبر "تليجراف" في وقت سابق أن تكنيك دي ليخت في الركض "لم يكن جيدا".. وتطوره لاحقا كان دليلا على مبدأ رئيسي آخر لخطة كرويف: تحديد نقاط القوة والضعف الفردية ثم تطويرها.
وأوضح يونجكيند "دي ليخت خضع للعديد من تدريبات الركض بسبب ذلك، كان هذا مهما للغاية للاعبين".
كرويف تفهم حقيقة حاجة اللاعبين لمدربين للعمل معهم بشكل فردي، فقد قال سابقا: "هولندا لديها العديد من المتخصصين في مضارب الجولف، أما في كرة القدم فلدينا مدرب واحد لكل 25 لاعبا، وهذا سخيف".
التدريبات المخصصة لدي ليخت لتحسين القوة البدنية ساعدت على تطويره وتعزيز ثباته وقوته، وفي سن الـ17 كان يحصل على فرصة المشاركة الأولى رفقة المنتخب الهولندي ويلعب دورا هاما في وصول فريقه إلى نهائي الدوري الأوروبي.
تطوره السريع كان شهادة على الذكاء الكبير الذي يتمتع به، مما جعله يكمل أعلى مستوى من التعليم الثانوي في هولندا.
يُعرف ماتياس أيضا بامتلاكه ما يٌطلق عليه "مستويات كرويفية من التركيز أحادي التفكير على أرض الملعب".. يدخل إلى أرض الملعب وفي رأسه فكرة أو فكرتين فقط وينفذهما بدون أخطاء.
دوني فان دي بيك لاعب الوسط - الذي قد يشارك اليوم أمام يوفنتوس - كان ثمرة أخرى من ثمار تطوير المواهب في أياكس، ومثل دي ليخت فقد تم تطويره أيضا بعد الوقوف على نقاط ضعفه وتحسينها.
بيركامب الذي كان مدرب فريق الشباب في ذلك الوقت قال عنه "سيلعب مع الفريق الأول بلا شك إن تم تدريبه بشكل صحيح".
وتطويره لم يكن صعبا.
يقول يونجكيند ضاحكا "إنه يعلم أنه كان يركض مثل الـ***.. كان لديه قدرة جيدة على التحمل ولكن ليس لديه الكثير من القوة في ساقيه، لذلك تم العمل على ذلك وفي كثير من الأحيان من خلال جلسات مزدوجة".
فان دي بيك الآن واحد من أكثر لاعبي الوسط تكاملا في أوروبا، واسمه ارتبط بالانتقال إلى صفوف توتنام.
في موسم 2015-16 كان دي بيك يشارك فرينكي دي يونج - أحد أهم لاعبي أياكس والمنتقل إلى صفوف برشلونة بداية الموسم المقبل - في جلسات الجيم.. دي يونج الذي أظهر في عمر الـ18 العديد من المواهب الفطرية.
يعترف فرينكي الذي بدأ مسيرته في فريق "فيلم تو تيلبورج" بأنه تجاهل نصائح العديد من المدربين في صغره معتمدا على غريزته.
والنتيجة كانت لاعبا عفويا يكاد يكون من المستحيل التعامل معه بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، إضافة إلى مهارات المراوغة الاستثنائية التي يتمتع بها.
كل ما كان على مسؤولي أياكس فعله هو التفكير في تحسين قدراته البدنية فقط إذ كانت محاولة جعله يتوافق مع نمط معين أو مجموعة من الإرشادات قد تُسفر عن نتائج عكسية.
اقرأ أيضا - (فرينكي دي يونج.. أن تملك لاعبا قادرا على صنع الحلول الصعبة)
تعليم اللعبة
من أجل ضمان الابتكار المستمر بين صفوف النادي لم يكن الخبراء من الألعاب الأخرى هم فقط من يتم الاستعانة بهم.. تيم يونك ويونجكيند كانا يتواصلا أيضا مع طليعة خبراء التدريب وتطوير اللاعبين في كرة القدم.
خلال تلك الفترة أنشأ أياكس قسمًا لتطوير وتنمية المواهب، وكان يعتمد جزئيا على مناقشات مع خبراء من الأندية الإسبانية مثل برشلونة وفيا ريال وأتلتيك بلباو.
وتم الاستعانة بمبتكرين آخرين مثل روميو جوزاك، الذي عمل ثلاث سنوات كمدير فني للاتحاد الكرواتي ولعب دورا رئيسيا في ظهور المنتخب الكرواتي في نهائي كأس العالم العام الماضي.
كان هناك تواصل أيضا مع بوب بروايز، مدرب فريق بلجيكا تحت سن 16 وما دون 17 عاما، الذي ساعد على تطوير نجوم مثل إيدن هازارد وكيفن دي بروين.
وبالقرب من النادي، بدأ مسؤولو أياكس في العمل مع 40 ناد للهواة لتحسين مستوى اكتشاف وإيجاد أفضل المواهب الشابة.
وبناء على تلك الأفكار والروابط ووالمحادثات الجديدة، بدأ النادي في القيام بالأمر بطريقة مختلفة قليلا. على سبيل المثال: بناء مدرسة في مجمع التدريب بحيث يتلقى اللاعبون الشباب تعليما أكثر توازنا.
والأكثر جوهرية كان تغيير طرق تدريب الشباب، إذ تم تغيير مباريات 11 ضد 11 على ملعب بأكمله للشباب إلى 6 لاعبين ضد 6 لاعبين في ربع مساحة الملعب فقط، وذلك سعيا لتطوير أكبر للقدرات الفنية والفردية.
أصبحت المرونة أكثر أهمية. وهنا كان دي ليخت مجددا حالة للدراسة.
بصفته شابا موهوبا بوضوح، تنقل دي ليخت بين الفئات العمرية المختلفة سريعا، كما تم تغيير مركزه في أكثر من مناسبة.
كان يٌنظر إليه على أنه بطيء جدا في تلقي الكرة وتحريكها للأمام لذا تم تحريكه لوسط الملعب. كانت الخسارة قصيرة الأمد لدفاع فريق الشباب ولكنها مكسب طويل الأمد للفريق الأول.
واحد من المواهب الأخرى التي وجب معاملتها بعناية كان الظهير الأيمن نصير مزراوي - يغيب عن مواجهة يوفنتوس اليوم للإيقاف - الذي كان تطوره متأخرا وكاد يرحل عن النادي في سن المراهقة.
عند الوصول لتلك النقطة، كان على المسؤولين تحديد قرارهم النهائي، وقد حسموا موقفهم بناءً على نقطتين: أنه كان صغيرا للغاية بالنسبة لمجموعته العمرية - أن والديه كانا طويلان ومن ثم كان من المحتمل أن ينمو.
يشرح يونجكيند "قررنا أن يتدرب مع فئة عمرية أصغر لأن الفارق حينها كان بضعة أشهر فقط.. وقد فعل ذلك (يقصد النمو) وكان مثل كريستيانو رونالدو فجأة".
في هذه الأثناء كان دي بيك يتعلم أن يكون أكثر محافظة في تمريراته، وفيم يونك علّمه مبدأين رئيسيين من مبادئ كرويف: الأول أن يبحث دائما عن التمرير الأمامي وليس الجانبي، والثاني أهمية الركض من أجل إيجاد المساحة.
في أفكار كرويف فإن الرجل الثالث عليه التحرك فورا من أجل إيجاد المساحة بمجرد أن يبدأ ثنائي في تمرير الكرة بينهما.
ويسترجع يونك تلك الأيام "صممنا دورات تدريبية حيث تحصل على نقاط من تلقي الكرة كرجل ثالث، أو يُسمح لك بالتسجيل فقط من موقف رجل ثالث".
كان ذلك الأسلوب فعالا مع دي بيك الذي سجل 9 أهداف خلال الموسم الجاري في جميع المسابقات. والجيل الحالي من لاعبي الفريق تبدو قدرته على التمرير السريع متأصلة في حمضه النووي.
النظام الغذائي
شهد نظام أياكس الغذائي ثورة مماثلة لما فعله أرسين فينجر في بداياته مع أرسنال باستبدال تناول رقائق البطاطس بالبروكلي.
تم استدعاء خبراء من مركز التدريب الأولمبي الهولندي لملء المطابخ بأدوات رياضية عالية الجودة. وتماشيا مع مبدأ أنه يجب تدريب جميع اللاعبين بشكل فردي، تم تحديد خطط التغذية الفردية للاعبين الشباب للمساعدة على تطويرهم.
اُستخرجت آلات الحلوى والشوكولاتة وحل محلها نظم تغذية علمي يقضي بخضوع اللاعبين للفحوصات بشكل دوري.
ما الذي حدث لاحقا
في نهاية عام 2015، شهد صراع على السلطة مغادرة كرويف ويونك ويونجكيند للنادي. كرويف شعر بأن مبادئه بدأت تتجاهل، وأعلن انتهاء خطته.
المدير الرياضي مارك أوفرمارس ومدير التسويق آنذاك إدوين فان دير سار ساعدا على توجيه النادي خلال فترة الانتقال اللاحقة.
بعد ذلك أصبح إدوين مديرا تنفيذيا وبمساعدة حسه التجاري تحققت خطة كرويف وأصبح أياكس بالفعل ضمن أفضل 8 فرق في أوروبا الموسم الجاري.
النجاح استمر باتباع نهج كرويف في أن يكون نصف لاعبي الفريق من الأكاديمية، وعدم شراء لاعبين إلا ممن يتمتعون بجودة أكبر من لاعبي الشباب، وكان دوسان تاديش - 30 عاما - مثالا على ذلك بعدما قدم من ساوثامبتون، وسجل 27 هدفا خلال الموسم الجاري.
في الوقت نفسه تمسك المدير الفني إيريك تان هاج بأفكار ومبادئ كرويف الهجومية، ربما متأثرا بفترة عمله مع بيب جوارديولا - تلميذ كرويف - في بايرن ميونيخ؛ مساعدا لاعبيه على التعبير عن أنفسهم بحرية ومعززا روح المغامرة لديهم.
أما بالنسبة ليونك ويونجكيند، فقد واصلا نشر "إنجيل" كرويف من خلال إدارة "مؤسسة كرويف لكرة القدم" وهي شركة استشارية توفر خدمات تدريب فردية للأندية والمنتخبات.
لا يمكننا أن نعرف ما الذي كان كرويف سيصنعه مع الفريق الحالي، لكن بإمكاننا أن نأمل أن يكون نجاحه وجذوره في الثورة الناعمة قد أرضاه.. الثورة بدأت بقوله "هذا لم يعد أياكس"، وبعد 9 سنوات ربما باتت المقولة "هذا أياكس الذي أعرفه".
اقرأ أيضا
تشكيل الأهلي المتوقع – صالح جمعة يبدأ ضد المقاصة.. ومفاضلات عديدة في ذهن لاسارتي
معوض لـ في الجول: علاقتي بـ الأهلي أكبر من المناصب.. مباراة صن داونز لا تحتاج نصائح فنية
رئيس بورتو عن تدخل صلاح: حمدا لله أن قدم دانيلو لم تنكسر
ساديو ماني.. والحلم لا يُفارقك ولا تُفارقه
صورة أغلفة الصحف الإنجليزية – ماذا قالت عن فوز توتنام على سيتي.. وثنائية ليفربول ضد بورتو