رحلة في عقل الثنائي .. كيف يستعد مورينيو وكلوب لمعركة أولد ترافورد؟
الجمعة، 09 مارس 2018 - 22:31
كتب : علي أبو طبل
قمة مانشستر يونايتد وليفربول تظل هي الأبرز في كرة القدم الإنجليزية بمرور السنوات، فما بالك إن كانت تحمل العديد من الحسابات والاعتبارات المعقدة؟
الرغبة في الانفراد بالمركز الثاني في جدول الترتيب، والرغبة في تحقيق انتصار مباشر على غريم بعد 3 مواجهات متتالية انتهت بينهما بالتعادل، بينما يظل الاعتبار الأهم هو رغبة كلا المديرين الفنيين في التفوق على الآخر.
جوزيه مورينيو يقضي موسمه الثاني في أولد ترافورد بينما يورجن كلوب سبقه إلى أنفيلد قبلها بـ6 أشهر بعد أن أقصاه من ستامفورد بريدج تزامنا مع قدومه من ألمانيا.
منذ ذلك الوقت، لم يتفوق أي من الرجلين على الآخر بألوان فريقيهما الحاليين، وربما تكون قمة ظهر السبت فرصة لفض ذلك الاشتباك، بألوان القمة الإنجليزية الكبرى.
على قمة أولويات الرجلين قبل تلك المواجهة، تأتي الأمور الفنية.
كيف يفكر كل منهما في تجاوز الآخر، والحد من مفاتيح خطورته، والأهم .. الوصول إلى مرماه؟
دعونا نذهب في رحلة من خلال هذا التقرير في عقل كلا الرجلين.
المتعة أم الانتصار؟
ولما ليس كلاهما؟ ربما تكون تلك هي الإجابة الجاهزة في عقل كلوب الباطن.
بداية موسم مترددة لليفربول، قبل أن تستقر الأمور وتتم سد ثغرة الدفاع بالتعاقد مع الهولندي فيرجل فان دايك من صفوف ساوثامبتون ليصبح المدافع الأغلى في العالم.
فقدان فيليبي كوتينيو لمصلحة برشلونة في منتصف الموسم؟ لا مشكلة، فالفريق لا يزال يحتفظ بنسقه السريع في الملعب وبغزارته التهديفية، وبتوالي انتصاراته في الدوري.
في الواقع، هي منظومة خلقها كلوب وأصبحت أكثر إنسجاما وفاعلية مع مرور الوقت.
وجود كوتينيو أعطى الكثير من الحلول الهجومية كونه يمتلك مهارة منفجرة فرديا تمنح الفريق الأفضلية في العديد من المواقف الهجومية.
مع رحيله إلى برشلونة، بدأ الاعتماد على أليكس تشامبرلين كلاعب وسط ثالث.
لا يملك نفس الرؤية أو المهارة الفردية، ولكنه يعوض كل ذلك بمجهوده الوفير وسرعته وتمريراته الدقيقة، وصناعاته المتتالية للأهداف.
انظر إلى اختراقه وتمريراته الكرة لصلاح في مباراة الفريق الأخيرة في الدوري ضد نيوكاسل.
هناك حقيقة هامة، وهي أن فاعلية ليفربول الحقيقية نتاج عمل منظومة كاملة، كوتينيو أو غيره يظل جزء منها.
النسق الهجومي السريع وتبادل المراكز بين لاعبي الهجوم مما يخلق مشاكل عديدة لدفاعات الخصوم، والأهم من ذلك هو ترجمة كل تلك المجهودات إلى أهداف، وهو ما يحققه تواجد محمد صلاح الذي يعتلي قمة هدافي الدوري وصولا إلى المراحل الحالية من عمر المسابقة، وهو ما لم يحققه أي لاعب من ليفربول منذ رحيل لويس سواريز عن الفريق.
حين يمتلك الفريق الكرة، فالأهم هو التمرير السليم والوصول إلى مرمى الخصم باستغلال تحركات ثلاثي الهجوم، وأخطرها عن طريق روبيرتو فيرمينيو الذي يهيئ المساحات لمحمد صلاح وساديو ماني في أعماق دفاعات الخصوم.
أما حين يفقد الفريق الاستحواذ على الكرة، فالحل حينها هو الضغط المتقدم على خطوط الخصوم وصولا إلى قرب منطقة جزائه.
الاحتمال الجيد هنا هو أن يرتكب الخصم الأخطاء ويفقد الكرة في مناطق سيئة، فتصبح سرعات مهاجمي ليفربول خطرا حادا وتصبح فرصة التهديف هنا محققة.
أما الاحتمال السئ هو أن يجيد الخصم الخروج بالكرة من مناطقه تحت هذا الضغط، وهنا قد يعاني ليفربول الذي لا يتمتع خط دفاعه بالحالة الأمثل، وقد يستقبل الأهداف حتى وإن كان يمتلك أفضلية الأداء.
وكم من نقاط فقدها ليفربول خلال الموسم الجاري بسبب استقبال أهداف جاءت عكس سير اللقاء.
يعتقد كلوب، ويعتقد كل من هو معجب بأداء ليفربول خلال الموسم الجاري، أن ما يقدمه هو المتعة بعينها وأنها ضرورية بجانب تحقيق المكاسب.
من أجل الحد من خطورة هذه المتعة الكروية، يبدو الحل الأمثل دوما هو ما ينتهجه جوزيه مورينيو في مباريات بهذا الهجم.
هل تكون الحافلة جاهزة؟
اشتهر المدير الفني البرتغالي خلال السنوات الأخيرة بخطته التي عرفت إعلاميا بـ "ركن الحافلة"، كتوصيف للحالة الدفاعية للفرق التي يدربها، والتي تلجأ للدفاع المتأخر مع خروج قليل إلى الحالات الهجومية.
بالأخص ضد ليفربول تحت قيادة كلوب في مواجهتين في أنفيلد، لجأ مورينيو إلى هذا الأسلوب وخرج بتعادلين سلبيين في موسمين متتاليين، بينما قرر أن يهاجم خلال مواجهة أولد ترافورد في الموسم الماضي في لقاء انتهى بالتعادل الإيجابي 1-1.
وننبه إلى حقيقة هنا، وهي أن ليفربول أقوى كثيرا في الشق الهجومي عن الموسم الماضي، فهو الفريق الوحيد الذي تمكن من إسقاط مانشستر سيتي في الدوري.
لكن لتحجيم خطورة ليفربول الهجومية، لا يمكنك أن تلعب بطريقة كتلك التي ينتهجها مانشستر سيتي، فالمساحات ستتواجد بين خطوطك الخلفية لا محالة، وماني وصلاح لن يجدوا فرصة أفضل من تلك لعقابك.
الأمر يبدو أصعب حين يكون ليفربول في مواجهة ضد دفاع مانشستر يونايتد، الذي يتراجع إلى الخلف بشكل أكبر ويضيق المساحات، وقد يعتمد على المرتدات التي قد تكون مؤلمة إن لم يكن ضغط ليفربول بالشكل الأمثل.
الأهم هو عدم استقبال الأهداف، وإن سنحت فرصة للهجوم فلا مشكلة في ذلك، فقد يأتي الهدف الذي يتوج تلك المجهودات الدفاعية المضنية.
بعقد مقارنة رقمية للفريقين، تجد أن مانشستر يونايتد يحل سادسا بين فرق الدوري في عدد المحاولات على المرمى بمتوسط 14.1 محاولة في المباراة الواحدة، بينما يمتلك ليفربول معدل 17.4 محاولة في المباراة الواحدة.
أسلوب قد يصفه المتابعون بالممل، ولكن جوزيه يعتقد أنه يعمل في مباريات بذلك الحجم.
صلاح أم لوكاكو؟
يعد كلاهما الخطر الأبرز لكل فريق، وصداع في رأس كل مدير فني للفريق الآخر.
محمد صلاح هو هداف ليفربول، وهداف الدوري الممتاز ككل بالتساوي مع هاري كين برصيد 24 هدفا، بينما يحل روميلو لوكاكو خامسا في ترتيب هدافي المسابقة كأفضل هداف لمانشستر يونايتد هذا الموسم برصيد 14 هدفا.
صلاح سيكون صداعا في رأس جوزيه مورينيو تماما ككل مدير فني لكل فريق يواجه ليفربول.
الأمر سيكون خاصا جدا لأن المصري صار وحشا بعد أن فرط فيه البرتغالي خلال قيادته لتشيلسي قبل عدة سنوات، والآن مورينيو يخشى العقاب في ذروة تألق نجم ليفربول.
فكيف يحد من خطورته؟
صلاح يصنع الخطورة من خلال شقين، الأول والذي اشتهر به طوال مسيرته هو سرعته على أطراف الملعب.
هل يكون آشلي يونج حلا كافيا للحد من خطورته؟
الإجابة ستكون لا فيونج يحتاج إلى شريك دفاعي آخر على الجبهة اليسرى للشياطين الحمر لإغلاق المساحات أمام اللاعب المصري.
تماما كما حدث في مباراة الذهاب، أشرك جوزيه مورينيو ظهيره الإيطالي ماتيو دارميان بمعاونة يونج، فتم الحد من خطورة ليفربول في تلك الجبهة.
دارميان يغيب عن تشكيلة يونايتد في الأشهر الأخيرة في الوقت الذي يعود فيه لوك شاو في الصورة وقد يكون حلا مماثلا لمطابقة ما حدث ذهابا.
لكن نسق وأسلوب صلاح تغير بمرور جولات الموسم، وأصبح يمثل الخطورة في شق آخر وهو الدخول إلى عمق منطقة الجزاء كمهاجم ثان في ظل أسلوب كلوب المتمثل في اللامركزية.
وهنا، على مورينيو أن يعمل على تقليل أخطاء قلبي دفاعه وتقليل المساحات بينهما مع الحرص على عدم تقدمهما بشكل يسمح لسرعة صلاح بخطفهما نحو مرمى دي خيا.
عدم تقدم قلبي الدفاع أيضا سيساهم في الحد من خطورة روبيرتو فيرمينيو الذي يحرص على سحب مدافعي المنافسين من أجل فتح المساحات وراءها، وهو الخطأ الذي لا يجب أن يقع فيه مورينيو وإلا سيندم كثيرا.
على الجانب الآخر .. ربما يتواجد أليكسيس سانشيز وربما يشارك أنطونيو مارسيال بمهاراته الفردية على الأطراف، ولكن يظل روميلو لوكاكو هو نقطة القوة الأبرز.
فلم يتوجب على كلوب حسابة الحسابات لأجله أكثر من غيره؟
بالنظر للجولات الأخيرة، فإن المهاجم البلجيكي صار أكثر قتالية وأكثر تركيزا أمام المرمى وكذلك أكثر تحركا في جنبات الملعب، بل وتطور كثيرا حين يتعلق الأمر بالحصول على الكرة خارج منطقة الجزاء.
أدعوك هنا لمشاهدة حالتين.. صناعته لهدف فوز فريقه ضد تشيلسي في الجولة قبل الماضية، وتسجيله لهدف التعادل أمام كريستال بالاس في المباراة الأخيرة.
يمكن وصف الحالتين بالرؤية الممتازة وبإجادة التعامل مع الوضع وتحت ضغط دون ارتباك، وكل ذلك بجانب مميزاته الأساسية بقوته في الضغط والالتحامات ودقته التهديفية التي لا غبار عليها.
جماهير يونايتد تأمل في مواصلة اللاعب البلجيكي لذلك النسق أمام ليفربول.
ما الحل لإيقاف خطورة لوكاكو؟ لا شئ سوى الحرص على عدم حصوله على ولو نصف فرصة تهديف.
الأمر يتطلب أيضا مدافعا قويا للغاية في الالتحامات لكي يسبب له المتاعب، وهنا يتوجب على فان دايك أن يقدم ليلة استثنائية.
هل يكون بول بوجبا السلاح السري؟
منذ انضمامه من يوفنتوس في الصيف قبل الماضي ووصولا للخلاف الأخير حسب زعم الصحافة مع مديره الفني البرتغالي، يظل السؤال الشاغل هو "متى يحصل مانشستر يونايتد على أفضل ما يمكن من بول بوجبا؟".
ترددت التحليلات عن عدم أريحية بوجبا في تكوين خط وسط الفريق وعدم لعبه في مركزه المفضل، وظل المدير الفني يغير من خططه باستمرار مع حرصه لفترات طويلة على اللعب بثنائي في وسط الملعب يتقدمها ثلاثي من الأجنحة وصناع اللعب ثم المهاجم الأوحد.
أمام المنافسين الكبار، سببت تلك الطريقة المتاعب للفريق دفاعيا في ظل عدم قدرة لاعب الوسط الفرنسي على تقديم واجباته الدفاعية بكفاءة، فظهر في كثير من المباريات بمظهر التائه.
خلال أغلبية المباريات الأخيرة، استقر المدير الفني البرتغالي على اللعب بثلاثي في خط الوسط، وهي الطريقة التي يعتقد الكثيرون أنها ملائمة أكثر لبوجبا، وبدأ اللاعب يتحسن نسبيا بالفعل ولكنه لم يصل لما هو منتظر.
فهل يكون الإنفجار في مباراة قمة بحجم تلك أمام ليفربول؟ قد تكون أزمة كبيرة لخط وسط ليفربول إن حدث ذلك.
إن لجأ مورينيو إلى مباغتة ضيوفه في بداية المباراة بضغط هجومي مستغلا حماس مسرح الأحلام، فسيكون لبوجبا دور هام في ذلك، وإذا لجأ مع مرور الدقائق إلى الحالة الدفاعية، فلاعب الوسط الفرنسي هو الأقدر على نقل الكرة من الحالة الدفاعية إلى الهجومية بشكل سريع إذا سنحت الفرصة.
عندما يكون حارس المرمى مفتاحا للعب
هل تعتقد أن تواجد مانشستر يونايتد في المركز الثاني في جدول الترتيب حتى الآن رغم تردد النتائج والمستويات، أحد أسبابه الرئيسية هو حارس المرمى ديفيد دي خيا؟
أنظر إلى كل التحليلات والآراء التي تتحدث عن سوء مستوى قلبي دفاع مانشستر يونايتد وقلة تركيزهما، في ظل غياب إريك بايلي للإصابة.
رغم ذلك، تجد الفريق صاحب ثاني أقوى خط دفاعي بعد مانشستر سيتي، ولم يتلق سوى 22 هدفا.
عاملان رئيسيان يساهمان في ذلك الرقم، الأول هو أسلوب مورينيو الحريص، أما الثاني فهو التألق الاستثنائي للحارس الإسباني.
بمقارنة سريعة بين الفريقين، تجد أن مرمى مانشستر يونايتد تعرض لـ341 تسديدة مقابل 223 على مرمى ليفربول، ورغم ذلك فإن شباك يونايتد استقبلت أقل من شباك ليفربول بـ10 أهداف.
ديفيد دي خيا خلال 29 مباراة شارك بها في الدوري هذا الموسم تمكن من تحقيق 85 تصديا ناجحا بمعدل قرابة الـ4 تصديات بين تلقيه لهدف والهدف الذي يليه، فيما تلقى 22 هدفا ونجح في الخروج في 15 مباراة بشباك نظيفة.
ثنائي حراسة مرمى ليفربول مجتمعين نجحوا في التصدي لـ44 محاولة فقط وخرجوا بشباك نظيفة في 12 مناسبة، وتلقوا 32 هدفا، الأكثرية منها في شباك مينوليه 24 هدفا.
مركز حراسة المرمى هو من ضمن أسباب المعاناة في ليفربول بجانب حالة الدفاع.
تناوب سيمون مينيوليه ولوكاس كاريوس على المشاركة خلال الموسم، ولكن ذلك الألماني الأخير بدأ في الاحتفاظ بمركزه الأساسي خلال الفترات الأخيرة والحصول على ثقة أكبر وبالتالي ثقة مديره الفني الذي ثبته خلال الشهرين الأخيرين في ظل تحسن الحالة الدفاعية لليفربول مع استقبال الأهداف بشكل أقل.
لكن كاريوس يحتاج لمباراة كبيرة لإثبات نفسه .. وقد تكون مواجهة مانشستر يونايتد فرصة لذلك!
والآن، بعد تلك الرحلة في عقل الرجلين والمتاعب المتوقعة خلال المواجهة أيهما تختار، المتعة أم الانتصار؟
تبقى في النهاية مواجهة قمة، ويبقى الفريقان متنازعان على مركز الوصافة خلف مانشستر سيتي، ويبقى الانتصار ولو بهدف نظيف سببا كافيا لسعادة جماهير أي من الفريقين، أيا كانت الطريقة التي سيأتي بها هذا الانتصار.