"هناك استثنائي واحد فقط وهو جاسبيريني" هكذا تحدث إينزو بيرزيوسي رئيس نادي جنوى عن مديره الفني جيانبيرو جاسبيريني في الفترة من 2006 إلى 2010 شهد خلالها الفريق عودة للمشاركة الأوروبية بعد 19 عاما من الغياب.

لم يمتلك جاسبيريني مسيرة كروية ناجحة وإن كان قد بدأ في أكاديمية شباب يوفنتوس بجانب باولو روسي ولكنه لم يظهر في الدرجة الأولى الإيطالية في مسيرته سوى مع بيسكارا فقط قبل أن ينهي مسيرته الكروية بعمر الـ35 مع فريق فيس بيسارو في الدرجات الأدنى.

عاد بعد الإعتزال إلى بيته الذى تربى به وهو يوفنتوس حيث بدأ مسيرته التدريبية مع فريق 14 عاما قبل أن يترقى حتى وصل لتدريب فريق الشباب تحت 20 عاما، ظل هناك من 1994 إلى 2003 عندما قرر الإنطلاق وبدء مسيرته التدريبية مع الكبار.

قاد كروتوني في الدرجة الثالثة وفي موسمه الأول صعد بهم إلى الدرجة الثانية ولكنهم أقالوه في موسمه الثاني بسبب تذبذب النتائج، جنوى كان جريحا يعاني في الدرجة الثانية وبيرزيوسي قرر إختيار المدرب الصاعد لقيادة فريقه لعل وعسى.

صعود وعودة إلى الدرجة الأولى في الموسم الأول وثلاثة مواسم مرت وجدت جماهير جنوى نفسها تحتفل بالمركز الخامس والتأهل للمشاركة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي بعد 19 عاما من الغياب وبتشكيلة ضمت أسماء كدييجو ميليتو وتياجو موتا.

حينها خرج جوزيه مورينيو المدير الفني لإنتر ميلان حينها لكيل المديح للمدرب الإيطالي بعد مباراة جمعتهم سويا "لقد اضطررت لتغير طريقة لعبي ثلاث أو أربعة مرات خلال مواجهة جنوى وفي كل مرة كان المنافس يرد علينا سريعا، لقد كان عرضا مميزا".

ولكن في بداية موسم 2010-2011 وبعد صيف مميز لجنوى لتدعيم الفريق فشل النادي في الحصول على أكثر من 11 نقطة في المباريات العشر الأولى لينتهي شهر العسل بين المدرب والإدارة ويتم إقالة "الرجل المميز" بعد أربعة مواسم.

ظل إنتر يبحث عن خليفة ينقذ الفريق بعد رحيل مورينيو ففشل رافا بينيتيث ومن بعده أندريا ستراماتشيوني وليوناردو فقرر ماسيمو موراتي الذهاب إلى "الرجل المميز" الإيطالي.

التجربة الأولى لجاسبيريني مع الكبار وحلم كبير يتحقق بدأ معه التفكير والتخطيط لتنفيذ أفكاره وطريقة لعبه التي أشتهر بها منذ بداياته "3-4-3"، أخبر موراتي بعدم حاجته لويسلي شنايدر ورغبته في التخلي عنه من أجل التعاقد مع أسماء تخدم طريقة لعبه التي سيستغني فيها عن صانع الألعاب الهولندي.

رفض موراتي تنفيذ رغبات جاسبيريني وطالبه بالتعامل بما يمتلكه من أسماء فكانت بداية كارثية للفريق، لاعبي إنتر كانوا يتحاورون على أرضية الملعب كثيرا بسبب التغييرات التكتيكية الكثيرة التي أجراها المدرب على أرضية الملعب في إطار سعيه للوصول إلى التشكيل الأمثل.

4 هزائم وتعادل في المباريات الخمس الأول أعادت جاسبيريني إلى المنزل مقالا بشكل سريع.

فترتان لم يكللا بالنجاح في باليرمو وعودة إلى جنوى لثلاثة مواسم أخرى لم يكرر فيها إنجازه السابق وإن كان حافظ على تواجد الفريق في النصف الأعلى من الجدول قبل أن يعلن أتلانتا بداية هذا الموسم عن تعاقده مع المدرب الذي رحل عن جنوى في نفس الصيف.

لم تختلف كثيرا بدايته مع أتلانتا عن بدايته في إنتر فخسر في 4 مباريات وفاز في واحدة فقط لتبدأ الشكوك تحوم حول مستقبل صاحب الـ59 عاما.

أمر أنطونيو بيركاسا رئيس ناديه لاعبي فريقه بالتجمع في صالة الألعاب الرياضية بالنادي ومعهم مدربهم "جاسبيريني هو مدربنا وهو الأفضل وكل الثقة موضوعه فيه، هو لن يمس لذلك أروني ماذا سوف تفعلون" هكذا خطب الرئيس في لاعبي فريقه من أجل تحميسهم وإبعاد كل الضغوطات عن المدرب.

حينها علم جاسبيريني أن الأمور كلها بيديه ليبدأ في تغير أتلانتا إلى الفريق الذي يريده.

مكالمة تلفونية قبل مباراة نابولي في بيرجامو أخبر فيها المدرب رئيسه بنيته في الدفع بأربعة لاعبين من فريق تحت 21 عاما، لم يعترض بيركاسا وإن كان قد شعر بالخوف وطار النوم من عينيه من هذه التجربة التي لم يعتدها من المدرب الذي بدأ الموسم معتمدا على الأسماء الكبيرة في النادي.

ماتيو كالدارا الذي تعاقد مع يوفنتوس في الشتاء بداية من الموسم المقبل وروبيرتو جاليارديني لاعب الوسط الذي انتقل في يناير إلى إنتر ميلان والظهير الأيمن الهداف أندريا جوميز ومهاجم شباب ميلان السابق أنطونيو بيتانيا كانوا الأسماء الأربعة التي شاركت لأول مرة في تفوق أتلانتا على نابولي بهدف نظيف.

المباراة التالية شهدت إضافة فرانك كيسي إلى الرباعي الشاب لتدب الحياة في أتلانتا وينطلق الفريق معوضا البداية السيئة بإنتصارات متتالية وضعته في في المركز الخامس ليكرر المدرب إنجازه مع جنوى مرة أخرى ويضمن الصعود إلى بطولة الدوري الأوروبي الموسم المقبل.

تماسك شباب أتلانتا طوال الموسم ولم يهتز الفريق بخروج مايسترو خط وسطه جاليارديني في الشتاء إلى إنتر ميلان الذي عرض شباب الفريق لهزة نفسية كبرى لم تؤثر عليهم عندما تغلب الأفاعي عليهم بسبعة أهداف مقابل هدف وحيد في الأسبوع الـ28 ولكن لم يسقط مهزوما بعد ذلك في المباريات الثمانية التالية محققا 3 إنتصارات و5 تعادلات.

يمكنك أن تعرف موهبة جاسبيريني من تصريحات لاعبيه السابقين، تياجو موتا نجم وسط المنتخب الإيطالي ولاعب برشلونة وجنوى وإنتر وباريس سان جيرمان قال "لقد تدربت مع أنشيلوتي وبينيتث وجوزيه مورينيو ولكن لا أحد كان فضله كبيرا علي مثل جاسبيريني لقد علمني الكثير على المستوى الشخصي والفني والتكتيكي".

في جنوى أخبر جاسبيريني موتا فور وصوله من إسبانيا بعد تجربة فاشلة في برشلونة حيث نشأ وأتليتكو مدريد حيث لعب قبل الذهاب إلى إيطاليا بأن عليه أن يجعل حلمه بعيدا وقد كان موسمان ووجد اللاعب الإيطالي ذو الأصول البرازيلية نفسه يحمل دوري أبطال أوروبا مع إنتر ميلان ويقود خط وسط المنتخب الإيطالي.

لم يختلف كلام المدافع الأرجنتيني نيكولاس بورديسو عن زميله موتا فقال في حق مدربه في جنوى "هو يذكرني بمورينيو في طريقة إدارته للمباريات والمعلومات التي يعطيها لنا قبل كل مباراة".

"أفضل من مورينيو" و"يذكرني بمورينيو" أكدا على تصريحات رئيس جنوى السابقة بأن جاسبيريني هو الرجل المميز الإيطالي.

حاليا جماهير أتلانتا تشكر الرجل على ما قدمه لفريقها وقيادته للنادي إلى المشاركة الأوروبية بعد غياب أستمر لأكثر من 27 عاما ولكن مستقبلا ستشكر إيطاليا كلها الخبير الإيطالي الذي قدم لهم هذا الموسم الثلاثي الشاب كالدارا وكونتي وجاليارديني الأعمدة المستقبلية للمنتخب الإيطالي.