"للأسف الشديد، هو واقع شامل للكرة المصرية". "نعرف بوجوده ولكننا لا نقدر على التحكم في الأمر". "لا يمكننا إيقافه. الأمور ليست في أيدينا على الإطلاق". "مصر هي من تسيء استخدام الترامادول. هذا هو ردهم علينا".

ردود الأفعال السابق ذكرها، ليست على أخطاء تحكيمية في المباريات أو تعديل في مواعيد المسابقات أو مناوشات بين الأندية، بل على وجود الترامادول في الكرة المصرية.

• ترامادول الكرة المصرية.

FilGoal.com يخوض معكم مغامرة جديدة. نكشف حكايات مثيرة عن تعاطي الترامادول. حصلنا على أسماء، وحصلنا على اعترافات وحصلنا على شهود عيان، وأيضا ردود أفعال من الجميع.. والسبب "ترامادول الكرة المصرية".

السؤال الأول الذي يخطر في بال الجميع، لماذا إذا لا يتم إيقاف ظاهرة الترامادول في الكرة المصرية، بما أن الجميع يعرف بوجودها؟ الإجابة بسيطة، لأنه ليس من المواد المحظورة!

ويقول أسامة غنيم، المدير التنفيذي للمنظمة المصرية لمكافحة المنشطات EGY – NADO لـFilGoal.com: "الترامادول ليس من ضمن المواد المحظورة رياضيا، وهنا الأزمة".

"عندما نُرسل عينات خاصة بالرياضيين المصريين إلى المعمل الخاص بتحليل العينات، لا يُخبرنا باكتشاف الترامادول في العينة لأنه ليس من المواد المحظورة".

"المعمل فقط هو من يعرف بوجود عينات إيجابية لتعاطي الترامادول لأي رياضي، وقتها لا يخطرنا ولكنه يقوم بالاحتفاظ بها، وفي حالة زيادة عدد العينات التي تكشف تعاطي الترامادول، يبدأ بمخاطبة المنظمة الدولية لتتحرك وتدرس إدراجه ضمن المواد المحظورة من عدمه".

"نعلم بوجود الترامادول في الكرة المصرية. وبسبب كثرة الحديث في الإعلام عن الأمر، طلبنا من الوكالة الدولية إدراجه ضمن المواد المحظورة، فعلنا ذلك في أخر 3 سنوات ولكن الإجابة دائما تكون بالرفض".

"مصر هي من تسيء استخدام الترامادول. هذا هو ردهم علينا".

ومن هنا انتقلنا للحديث مع الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات WADA / world anti-doping agency، لنعرف شروط إدراج أي مادة ضمن المحظورات.

وكشفت ماجي دوراند، المسؤول الإعلامي ومنسق العلاقات للوكالة العالمية لـFilGoal.com: "من أجل إدراج أي مادة ضمن المحظورات، يجب أن تتوفر بها معيارين من ضم 3 معايير أساسية".

"1- القدرة على تعزيز أداء الرياضي. 2- ضارة لصحة الرياضي. 3- تخل بمبدأ الروح الرياضية والتنافسية".

حتى كتابة تلك الكلمات، لا ترى الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات أن الترامادول يشمل معيارين من تلك المعايير ولكن تم وضعه ضمن (برنامج الرصد).

• برنامج الرصد هو برنامج في الوكالة العالمية
• يتم من خلاله وضع مواد بعينها مثل الترامادول تحت الرصد مع احتمالية إدراجه ضمن المواد المحظورة.

الصورة السابقة، أرسلتها لنا الوكالة العالمية، وهي تثبت وجود مادة الترامادول، ضمن برنامج الرصد لعام 2016.

ولكنه في النهاية لم يتم إدراجه.

الكوارث

سنترك الحديث مع المسؤولين لمكافحة المنشطات، ولنبدأ سويا لكشف ما يحدث وما حدث في الكرة المصرية بسبب الترامادول.

حديثنا هنا يبدأ مع شاكر عبد الفتاح نجم الترسانة الأسبق والمدرب الحالي للفريق، الذي كان شاهدا على "كارثة بمعنى الكلمة".

ويقول شاكر عبد الفتاح لـFilGoal.com: "في فترتي السابقة مع نادي الترسانة اكتشفت تعاطي 10 لاعبين من فريقي للترمادول".

كيف اكتشف ذلك؟ يوضح المدرب "لاحظت وجود العديد من أكواب الشاي والقهوة في غرفة خلع الملابس! أرى اللاعبين يعودون من عمليات الإحماء ويتقيأ كل منهم. استغربت للغاية ما يحدث".

"سألت عامل غرف الملابس عن سبب تواجد الشاي والقهوة بكثرة، فقال لي (علشان الموضوع يشتغل). لم أفهم ما يقصده في البداية! ثم قالي لي: (علشان الحبايه تشتغل). الترامادول".

"لم أصدق الأمر فذهبت إلى طبيب الفريق وقتها وأخبرته بما عرفته، فقالي لي: "نعم هذا يحدث منذ سنوات".

"أخبرت الإدارة بكل شيء وتقدمت باستقالتي".

"البعض كان يحصل على 3 أقراص مرة واحدة قبل أي مباراة. 3 أقراص! كنت أدرب أجسادا بلا عقول. لم يكن أي منهم يستوعب ما أقول".

كيف يحصل اللاعب على الترامادول؟ يوضح شاكر عبد الفتاح، على حسب وجهة نظره "لم يوجد مصدر معين للترامادول. ولكن الأمر ينتشر سريعا بين اللاعبين، وكان سعره منخفضا في تلك الفترة. الأمر خطير للغاية وقد يصل لدرجة الإدمان ويتسبب في أزمات قلبية".

"للأسف، الترامادول هو واقع شامل للكرة المصرية وليس فقط في الدرجة الثانية، يوجد في الدوري الممتاز أيضا، قد تكون النسبة انخفضت نوعا ما بعد تسليط الإعلام حول الأزمة، ولكنها مازالت مستمرة".

• اللاعبون الـ10 السابق ذكرهم في الواقعة، لم يستمروا في نادي الترسانة بعد ما حدث.
• ولكن بعضهم انتقل لفرق أخرى.

إذا كنت تعتقد أن ما قرأته الآن يعد كارثة كبرى. فاستعد، فأنت الآن على موعد مع ما هو أقوى وأقوى وأقوى.

ترامادول.. "بأوامر المدرب"

أحد الفرق التي تلعب في الدرجة الثانية ولعبت من قبل في الدوري الممتاز، في نسخة قريبة من المسابقة، كان مدربها يعطي اللاعبين الترامادول.

واكتفى أحد اللاعبين وقد تواجد من قبل في الفريق السابق ذكره ونعطي له رمز الـ"م"، في حديثه مع FilGoal.com بجملة واحدة: "المدرب كان يعطي بعض اللاعبين أقراص ترامادول ويجلبها معه باستمرار".

حاولنا الوصول إلى مدرب الفريق من أجل الحصول على رد، ولكنه لم يستجب لنا.

وهنا تحدثنا مع لاعب أخر لعب من قبل في نفس الفريق، للحصول على روايته أيضا.

وقال اللاعب (نرمز له بـ"ز") لـFilGoal.com: "لا. هذا لم يحدث ولم أشاهده طوال مشواري مع الفريق".

• تضارب تحتم علينا ذكره كما هو.

نجوم ومواقف

أحد لاعبي الدوري الممتاز والذي مازال مستمرا في الملاعب ولعب من قبل في العديد من الأندية، أحدهم نادي قمة، تحدث لـFilGoal.com عن وقائع للترامادول، ونعطيه رمز (أ).

وقال أ: "أعرف بعض اللاعبين يحصلون على ترامادول - نحتفظ بأسمائهم- قرص قبل المباراة. يجعل اللاعب يقوم بمجهود خارق".

وأضاف "في بداية السنة طبيب الفريق أخبرنا بوجود كشف للمنشطات، وقتها قلت النسبة كثيرا".

FilGoal.com علم من مصدر مسؤول من أحد الأندية في الدرجة الممتازة (يقدم أداءً مميزا)

أن النادي اكتشف أن أحد لاعيبه يتعاطى الترامادول، ولكن ذلك منذ 5 سنوات.

كيف حدث ذلك؟ تحليل عشوائي للاعبين أثبت وجود أحدهم يتعاطى الترامادول. النادي أصدر قرارا بإيقاف اللاعب لمدة سنة كاملة.

لحظة واحدة. كيف حدث ذلك ولم يظهر الأمر في وسائل الإعلام؟ الإجابة حزينة للأسف.

قرار النادي بإيقاف اللاعب جاء قبل أيام معدودة جدا، من كارثة بورسعيد ووفاة 72 مشجعا للنادي الأهلي.

كارثة بورسعيد ووفاة المشجعين وإيقاف النشاط الرياضي المصري كان كفيلا وغير مُرتب، لإخفاء واقعة الإيقاف.

• اللاعب الذي نحتفظ باسمه، لم يعد يمارس كرة القدم حاليا.

نجم أخر دولي اعتزل لعب كرة القدم ونرمز له بـ(ح) يرى أن "الترامادول سيستمر في الكرة المصرية".

وأضاف لـFilGoal.com: "أعرف العديد من اللاعبين الحاليين والسابقين، يحصلون على الترامادول. الأمر أصبح أقل من السابق ولكنه مازال مستمرا وأعتقد أنه سيستمر".

"عندما تم الإعلان عن بداية العمل على وجود معمل لتحليل الترامادول خاص بالقوات المسلحة في مصر، العديد من اللاعبين ابتعدوا عن التعاطي".

"الأمر بسيط، في حالة وجود قانون شديد جدا جدا جدا يعاقب المتعاطي، سنتنهي الكارثة. ليس علينا انتظار أي قرار من المنظمة الدولية، لماذا لا نضع نحن قانونا خاص بنا؟".

وأتم ساخرا "أو يتم إتاحة الترامادول بلا قانون يعاقب على ذلك. وقتها لن يحصل أي أحد عليه، فالممنوع دائما مرغوب".

• لا تُركز كثيرا في الجملة الساخرة الأخيرة، فهي بكل تأكيد لم ولن تكون حلا على الإطلاق.

أطباء ومنتخب وطني و"أين الخبرة؟"

محطة جديدة في مغامرتنا، محطة أطباء المنتخب ووقائع الترامادول والمواد المنشطة.

وتحدث طارق سليمان طبيب منتخب مصر الأسبق والزمالك، مع FilGoal.com ليروي واقعة خاصة بـ"المواد المنشطة".

وقال طارق سليمان: "رأيت بعض اللاعبين خلال أحدى معسكرات منتخب مصر في فترتي، معهم مواد منشطة في حقائبهم".

"اعتقدوا أنها مواد تُزيد من طاقتهم وليست محظورة. حصلت على العلب وقرأت المواد التي تحتوي عليها، وأخبرتهم بعدم تناولهم لتلك المواد نهائيا".

وكيف كانت الاستجابة؟ يوضح الطبيب "استجابوا على الفور، لم يكن لديهم معرفة بما يتناولون، وتوقفوا عن ذلك مباشرة".

• أصحاب الواقعة السابق ذكرهم، ما بين الاعتزال وعدم الاستدعاء للمنتخب الوطني، في الوقت الحالي.

وتطرقنا في تحقيقنا للحديث مع أحمد ماجد طبيب المنتخب الأسبق واستشاري الطب الرياضي ومحاضر الاتحادين الإفريقي والدولي لكرة القدم.

وقال أحمد ماجد لـFilGoal.com: "طوال فترة عملي مع منتخب مصر منذ 88 وحتى 2012، لم تمر علي أي حالة ترامادول، باستثناء حالة واحدة فقط".

وكشف "لاعب كان يحصل على مواد منشطة. مواد منشطة وليس ترامادول. كان يحصل عليها من ناديه. ولأنها مواد منشطة ظهرت في العينة، وأخبرته بعدم تناول تلك المواد مجددا، وفعل ذلك. لم يكن يعلم أنها مواد منشطة".

• اللاعب السابق ذكره، كان يحترف في الخارج في ذلك الوقت.

ماذا عن علاقته بلاعبي المنتخب والمدربين؟ يتحدث المحاضر الدولي: "كان يوجد ميزة في علاقتنا. اللاعبون ناضجون للغاية ودرجة الاستيعاب كبيرة لديهم".

"وخصوصا أن الترامادول لا يوجد له أي أثار إيجابية، هو كارثة بمعنى الكلمة. يجعل شعور اللاعب بالآلام أقل من الطبيعي، ولذلك عندما يزول تأثيره يتسبب في ألم شديد للغاية للمتعاطي. وعلى المدى البعيد، يؤثر على القلب والجهاز العصبي والإنجاب".

• خطورة الترامادول الرئيسية أنه يُحمل الجسد طاقة لا يحتملها.
• لا يشعر المتعاطي بالمجهود الذي يفعله وهو ما قد يعرضه لسكته قلبية ويتوفى في الحال.

حلول دولية

الهدف الأساسي دائما من الكشف عن أي أزمة هو الوصول لحلها.

وهدفنا الأساسي من هذا التحقيق لم يكن التشهير بأي لاعب أو مدرب، وإنما للوصول إلى حلول للقضاء على كارثة في الكرة المصرية.

أولى تلك الحلول كشفها لنا المركز الدولي للأمن الرياضي. – International Centre for Sport Security/ ICSS.

البعض برر تعاطي الترامادول، بعدم المعرفة، ولكن ذلك لن يستمر وسيصبح الكل يعرف جيدا المواد التي يحصل عليها بسبب APPS.

المركز الدولي للأمن الرياضي، كشف النقاب عن النسخة التجريبية لـAPPS. وهي مبادرة تكنولوجية مبتكرة تُمكن أي أحد من معرفة المواد التي تتواجد في أي علاج.

الصورة السابقة من النسخة التجريبية لـAPPS التي أطقها المركز في مارس الماضي وهي الآن في مرحلة التطوير مع شركة يابانية شهيرة.

باختصار شديد، هو تطبيق على أجهزة الموبايل، تقوم من خلاله بمسح ضوئي للرمز المتواجد على أي علبة دواء، وفي أقل من دقيقة يكشف لك التطبيق، كل ما يحتوي عليه الدواء.

وفي حالة وجود أي مادة منشطة، فأن التطبيق سيعطي إشعارا للمستخدم بذلك (notification).

حل رائع، ولكن ماذا عن إدراج الترامادول ضمن المواد المحظورة؟ وهو ما سيقضي تماما على تلك الظاهرة، بسبب التحليلات في البطولات الإفريقية وغيرها؟

ماجي دوراند المسؤول الإعلامي لـWADA كشفت لـFilGoal.com إدراج الترامادول مجددا ضمن برنامج الرصد لعام 2017.

• الترامادول أصبح قريبا للغاية من التواجد في المواد المحظورة.

حلول مصرية

من الرائع التحرك الدولي للقضاء على الترامادول، ولكن ماذا عن التحرك المحلي؟

يكشف محمد فرج عامر رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب لـFilGoal.com: "قانون الرياضة الجديد يشمل فصولا خاصة بالمنشطات ومحاربتها وكيفية القضاء عليها".

وأضاف "ستتواجد لجنة متخصصة لتطبيق ألية القضاء على المنشطات".

وأردف "الترامادول؟ القانون لا يتحدث عن مواد بعينها، بل عن المواد المحظورة. باقي المواد المضرة غير المحظورة، ليس في أيدنا أي شيء للقضاء عليها في الوقت الحالي. سنحاول ذلك".

كيف تتغلب الأندية من الأساس على ذلك؟

يضع أحمد ماجد طبيب المنتخب لـFilGoal.com حلا يراه سهل للغاية تطبيقه وهو أن "كل لاعب يكون له ملفا طبيا شاملا منذ بداية مشواره مع أي فريق. هذا سيقضي على المواد المنشطة وسيوفر ملايين على الأندية التي تتعاقد مع لاعبين ثم تكتشف إصابتهم بأي شيء".

"الملف يكون مدعوما برسم قلب وفحوصات عينات وغيرها وغيرها، لن يكلف النادي كثيرا وسيفيد الجميع".

• بعد كل السابق ذكره، هل فكرت في مدى تأثير نتائج المباريات في الكرة المصرية بسبب الترامادول؟

فما رأي لجنة المسابقات في ذلك؟

يتحدث عامر حسين رئيس لجنة المسابقات لـFilGoal.com قائلا: "في الدوري الممتاز الأمور محكومة نوعا ما بسبب حصول المنظمة المصرية على عينات عشوائية من الأندية. ولكن في الدرجة الثانية، الأمور صعبة للغاية".

هل قد يصل تأثير تواجد الترامادول في الدرجة الثانية، على تأهل فريق للممتاز بدلا من أخر؟ يُجيب عامر حسين: "لا. لا تصل الأمور إلى هذا الحد".

وأوضح "قد يؤثر على مباراة أو مباراتين ولكن ليس على موسم بالكامل بكل تأكيد".

وأكمل حديثه قائلا: "لا يوجد أي بند في لوائح اتحاد الكرة خاص بالترامادول أو المنشطات، لا يوجد أي تحكم في الأمر بسبب عدم الانتهاء من وجود معمل مصري".

وأتم "الحل في وضع قانون ووجود معمل مصري، وقتها سنتحكم في هذا الأمر".

• معمل المنشطات الخاص بالقوات المسحلة في مصر، أصبح على مشارف الانتهاء وأصبح قريبا من الحصول على الاعتماد الدولي.

القوات المسلحة أنفقت 100 مليون جنيه على إنشاء معمل المنشطات، حسبما كشف خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة.

وخصوصا أن "المعمل سيكون نقطة انطلاق الرياضة في الشرق الأوسط. مصر لديها 3200 عينة يتم إرسالها إلى الخارج وتُكلف ربع مليون يورو لإرسالها".

وأتم الوزير حديثه في بداية شهر أبريل مع الصحفيين: "معمل المنشطات سيوفر ربع مليون يورو سنويا".

• ونحن في الانتظار..

--------------------------

** الجزء الخاص بتصريحات محمد فرج عامر، من مشاركة هاني العوضي.