حياتو ضد أحمد.. الصراع الذي يهز كرة القدم الإفريقية من أجل مقعد في القاهرة
الإثنين، 27 فبراير 2017 - 21:47
كتب : فادي أشرف
في 12 يناير 2017، أعلن أحمد أحمد رئيس اتحاد مدغشقر لكرة القدم ترشحه ضد الكاميروني عيسى حياتو الذي يرأس الاتحاد الإفريقي (كاف) منذ 1988.
في 15 يناير، سحب الكاف تنظيم كأس أمم إفريقيا تحت 17 عاما من مدغشقر إلى الجابون. هذا فقط جزء من صراع سيهز كرة القدم الإفريقية حتى 16 مارس المقبل حينما تنعقد الجمعية العمومية للكاف في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وتجري خلاله انتخابات رئاسة الجهاز الحاكم للكرة في القارة السمراء من أجل مقعد رئاسة الاتحاد الذي يتخذ من القاهرة مقرا له.
"مرشح جيد؟ لا أعلم إن كنت كذلك، لكني مرشح التغيير والأغلبية تريد التغيير. أنا الوحيد الذي يجرؤ على الترشح من أجل التغيير، وأنا أعد بهذا التغيير". هذا ما قاله أحمد أحمد في بيانه لإعلان ترشيح نفسه ضد حياتو.
لكن من هو أحمد أحمد؟
أحمد يرأس اتحاد دولة مدغشقر للدورة الثالثة، كما أنه عضو اللجنة التنفيذية للفيفا لدورتين.
في المقابل، يقضي حياتو عامه الـ29 كرئيس للكاف، وغير الكاف لوائحه مؤخرا لإلغاء بند يمنع مسؤوليه من البقاء في الوظائف فيه بعد بلوغهم الـ70 عاما، في خطوة وصفت بأنها مفصلة خصيصا لبقاء حياتو رئيسا للكاف لدورة أخرى.
الرجل الذي تولى رئاسة الفيفا في الفترة بين رحيل جوزيف بلاتر وانتخاب جياني إنفانتينو، اقترن اسمه دائما بقضايا فساد الاتحاد الدولي دون أن يتم إدانته بأي تهمة، منها تلك التي دارت حول تلقيه رشاوى من قطر من أجل تنظيم كأس العالم 2022، وأخريات بخصوص حقوق البث الممنوحة من الكاف.
يقول أحمد، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس مجلس النواب في مدغشقر: "أخذت قراري بعد أن سمعت من بعض رؤساء الاتحادات أنهم يريدون التغيير".
ويضيف الرجل الذي كان وزيرا للرياضة أيضا في بلاده "أتوقع أن تساندني بعض الاتحادات، ورؤساء الدول أيضا".
وبالفعل، حصل أحمد على تأييد عدد لا يستهان به من الاتحادات الإفريقية.
تأييد كوسافا
في 12 فبراير الماضي، أصدر اتحاد "كوسافا"، الذي يمثل 14 دولة في جنوب القارة، بيانا يعلن فيه تأييده لأحمد بالإجماع.
يمكن القول هنا إن حياتو بدأ يشعر بالقلق على مكانه بعد إجماع اتحاد كوسافا، الذي يضم أنجولا، بوتسوانا، جزر القمر، ليسوتو، مدغشقر، مالاوي، موريشيوس، موزمبيق، ناميبيا، سيشل، سوازيلاند، زامبيا، زيمبابوي وجنوب إفريقيا، والأخيرتين لهما دور هام في الصراع الذي يشعل أروقة الكاف.
تشيانجوا.. صانع الملوك
العضو الفاعل في تلك النقطة من القصة هو فيليب تشيانجوا، رئيس الاتحاد الزيمبابوي لكرة القدم واتحاد كوسافا، والذي تصفه بعض المصادر الإفريقية بـ"صانع الملوك" في انتخابات الكاف المقبلة.
تشيانجوا هو أحد أهم الشخصيات في زيمبابوي، نائب سابق عن الحزب الحاكم وممثل ونجم مجتمع مرموق، بالإضافة لذلك هو رئيس الاتحاد الزيمبابوي، ورئيس اتحاد كوسافا منذ ديسمبر الماضي.
في 24 فبراير الحالي، جمع تشاينجوا 24 رئيسا للاتحادات الأهلية الإفريقية في هراري، عاصمة زيمبابوي، احتفالا بعيد ميلاده الـ58 وانتخابه رئيسا لـ"كوسافا" ظاهريا، لكن فعليا، حسب عدد مصادر إفريقية أهمها شبكة "نيوز داي" الزيمبابوية، كان الاجتماع يهدف لدعم أحمد ضد حياتو، في ظل قيادة تشاينجوا للحملة الداعمة لأحمد.
من ضمن الحاضرين للاجتماع كان رئيس اتحاد جنوب إفريقيا، داني جوردان، رئيس الاتحاد النيجيري أماجو بينيك، ورئيس الاتحاد الليبيري موسى بيليتي، وأعلن الثنائي الأخير دعمه لأحمد أيضا.
بيليتي دعمه بتصريحات نارية من نوعية أن "الكاف ليس مملكة"، في الوقت الذي قال فيه بينيك إن "أحمد قد يخسر، لكن على حياتو أن يستمع للجميع إن فاز"، مشددا أن قدرة أعضاء الكاف على تغيير اللائحة بوضع حد 3 دورات لرئاسة الكاف مؤشر جيد لإمكانية منافسة حياتو.
تأييد نيجيريا بالذات يجب النظر إليه بعين الاعتبار، كونه قادم من أحد أهم الاتحادات في القارة.
الأهم، هو أن جياني إنفانتينو رئيس الفيفا كان حاضرا للاجتماع، ومعه السنغالية فاتيما سامورا السكرتيرة التنفيذية للفيفا.
هل يدعم إنفانتينو التغيير في القاهرة؟
هنا علينا النظر لطبيعة العلاقة بين إنفانتينو وحياتو.
في وقت انتخاب إنفانتينو، كان حياتو داعما قويا لمنافسه البحريني سلمان بن إبراهيم.
في الوقت نفسه، دعم محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري إنفانتينو بقوة وصار يده اليمنى.
وكذلك، العلاقة بين حياتو وروراوة متوترة إثر موقف حياتو العدائي من ملف استضافة الجزائر لكأس الأمم الإفريقية 2017 والتي استضافتها الجابون.
يمكن اعتبار روراوة "عدو جديد" لحياتو، بعد عقدين تقريبا من التقارب والتعاون بينهما.
تقرير موقع "فانجارد" النيجيري كشف أن إنفانتينو طلب من رؤساء الاتحادات الإفريقية صراحة التصويت ضد حياتو، واصفا انتخاب أحمد كخطوة مفيدة للكرة الإفريقية.
ولكن في تصريحات رسمية له في غانا يوم الاثنين، أعلن إنفانتينو أنه "لا يمكنه التأثير على دول إفريقيا في اختيار رئيس اتحادها، أي اختيار سيكون الخيار الصواب وسندعمه".
الرد الأول من الكاف على اجتماع هراري
"اجتماع هراري" لم يمر مرور الكرام في الكاف. قال موقع "فانجارد" النيجيري إن الكاف حاول إفشال الاجتماع، قبل أن يصفه بكونه اجتماعا رسميا، في محاولة لإدانة تشاينجوا – وهو الأمر الذي طلب تشاينجوا اعتذارا بشأنه، في الوقت الذي يصر فيه رئيس الاتحاد الزيمبابوي أن الاجتماع كان فقط "احتفالا بعيد ميلاده ".
الكاف وصف الاجتماع الذي ضم "دول خارج من اتحاد كوسافا" بأنه "محاولة لهز استقرار الكاف" و"قد يتم عقاب تشاينجوا عليه"، حسب هيئة الإذاعة البريطانية.
كان ذلك قبل الاجتماع، لكن بعده، قال موقع "كرونيكل" الزيمبابوي إن "رسالة شديدة اللهجة" تم إرسالها من هشام العمراني، السكرتير التنفيذي للكاف، إلى تشاينجوا، شدد فيه أن الاجتماع رسمي، نظرا لإرسال تشاينجوا الدعوات بإمضائه كرئيس لكوسافا،وأن إنفانتينو كان موجودا للاجتماع مع رئيس اتحاد زيمبابوي للحديث حول برامج تطوير كرة القدم في زيمبابوي، ما يمنح الاجتماع الصفة الرسمية، رافضا الاعتذار لرئيس الاتحاد الزيمبابوي على وصف الاجتماع بكونه رسميا.
إجراء اجتماع رسمي بدول من خارج اتحاد كوسافا دون إخبار الكاف، يعرض تشاينجوا لعقوبات من الكاف، وهو ما يحاول رئيس الاتحاد الزيمبابوي تلافيه عن طريق وصف الاجتماع بـ"غير الرسمي".
موقف جنوب إفريقيا
لغط كبير دار حول موقف جنوب إفريقيا، خاصة بعد أن كشف حياتو للمقربين منه عن حصوله على دعم جاكوب زوما رئيس الدولة القابعة أقصى جنوب القارة حيث قابله أثناء مباراة السوبر الإفريقي بين صن داونز ومازيمبي، ولكن وزير الرياضة الجنوب إفريقي مبالولي فيكيلي نفى هذا الأمر، مشددا أن زوما يتمنى التوفيق لكل المرشحين دون تقديم أي دعم لأي مرشح.
لكن، لماذا موقف جنوب إفريقيا بالذات يعد مهما للغاية؟
جنوب إفريقيا عضو فاعل وهام في اتحاد "كوسافا"، وحصول حياتو على تأييد جنوب إفريقيا يعني كسر تأييد كوسافا لأحمد.
الموقف المصري وأزمة أبو ريدة
حتى الآن، لم يعلن هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، أحد أهم اتحادات الكاف، أي موقف سواء داعم لحياتو أو لأحمد.
أبو ريدة سيواجه التونسي طارق بوشماوي – أحد الرجال المدللين لحياتو، والملياردير الذي كون ثورته من البترول- في نفس اليوم - 16 مارس، في انتخابات المجلس التنفيذي للفيفا، ما يعني صعوبة خلق أي تكتلات مع أو ضد حياتو أو أحمد في نفس اليوم، ومع أو ضد أبو ريدة أو بوشماوي.
صراع سيستمر حتى 16 مارس الجاري وسيحسم في أديس أبابا، يوم واجتماع قد يغير مصير الكرة الإفريقية.