كتب : أحمد مختار | الثلاثاء، 29 مارس 2016 - 23:57
خلطة ليستر.. كوبر ورمضان على طريقة رانييري ومحرز
كوبر ليس بالمغامر أو بالمقامر. مدرب عجوز واجه سوء حظ غريب طوال مسيرته، لدرجة خسارته أكثر من بطولة مع مختلف الفرق في اللحظات الأخيرة.
لذلك يبدو وكأنه تأثر بكل كبيرة وصغيرة في مشواره، لدرجة أنه لعب على أدق التفاصيل في مباراتي نيجيريا دون جرأة أو مبادرة أو تسرع، في التعادل، التأخر في النتيجة، والتقدم كما حدث في برج العرب.
مجرد رهانات
اختلف الجميع على طريقة لعب المنتخب في مواجهة الذهاب، لكن اختيارات كوبر كانت "رهانات" من الممكن أن تصيب أو تخيب، لكها حقا كانت "مدروسة" في كل خطوة وجزء وتفصيلة من عمر 90 دقيقة.
اختيار إبراهيم صلاح بدلا من طارق حامد للتغطية المستمرة بجوار االظهيرين لأن الأول أفضل في التحرك العرضي واللعب كليبرو حر خلف النني، كذلك وجود حمادة طلبة كظهير، لكي يضم في القلب من أجل صناعة ثلاثية الدفاع أمام الهجوم النيجيري المتمركز في العمق بثنائي صريح في أغلب الهجمات.
حتى تواجد تريزيجيه كأساسي أمر قابل للنقاش، لأن لاعب أندرلخت سريع ومميز في الارتداد القوي، لذلك يستطيع ملأ فراغ الظهير الأيسر كلما دخل طلبة في العمق.
فقط تفضيل كوكا على مروان كان الاختلاف الوحيد، الفكرة ليست في فرصة ضائعة، لكن كوكا لاعب يتألق أكثر داخل منطقة الجزاء، لذلك لعب منفصلا عن بقية الفريق، عكس مروان المتحرك باستمرار كما حدث في مباراة الإياب.
التغييرات كانت موفقة جدا.
رمضان قام بتحريك اللعب في النصف ساعة الأخير، وغالي شارك لتنفيذ نفس دور عبد الله السعيد، لاعب وسط متقدم يضغط باستمرار على ارتكاز نيجريا، بينما لعب مروان في الأمام، ليفتح الفراغات اللازمة لدخول صلاح إلى عمق المنطقة، كما حدث في لقطة التعادل.
تجربة ليستر سيتي
لعب كوبر في مباراة برج العرب بالتشكيل نفسه الذي أنهى به لقاء الذهاب. رمضان أساسي على الخط، مروان في الهجوم، فقط السعيد أساسي وغالي على الدكة، ولم يضغط أبدا على دفاع نيجريا.
صحيح أن التأخر في الهجوم أمر ممل وغير مفيد في أغلب الوقت، لكنه مناسب لطبيعة اللاعبين المتاحين الآن، أي ضغط سلبي يعني كشف الدفاع بالكامل، لذلك لم يغامر كوبر أبدا.
انتقد البعض كوبر ووصفوا خطته بـ "مرر إلى صلاح"، لكن الرهان لم يكن أبدا في نجم روما، بل في الصاعد الرائع رمضان صبحي، لأنه الأجدر حقا بهذا الدور، نتيجة قوته في الدفاع والهجوم، مع احتفاظه بالكرة تحت ضغط، وجرأته في الأوقات الحاسمة، لذلك صنع "أسيست" الذهاب، وسجل هدف الفوز.
تعامل كوبر مع المباراة أشبه بتعامل العجوز الآخر كلاوديو رانييري في الدوري الإنجليزي، عندما سألوا مدرب ليستر عن سر الخلطة، جاوب بكل هدوء وصراحة، "أنا لا أخترع أو أقدم شيئا غير مألوف. فقط نضع الخطة ونحاول إغلاق مناطقنا قدر المستطاع، مع الاستفادة القصوى من المهارات أثناء الهجوم"،
وبالتالي لعب ليستر بدفاع قوي في الدوري الإنجليزي المعروف بمساحاته الشاسعة، ومع إغلاق المساحات في وبين الخطوط، أصبح الطريق إلى مرمى شمايكل صعب.
وفي المقابل استفاد خط الهجوم من اندفاع المنافسين، فسجل فاردي أهداف عديدة، وصنع محرز العجب العجاب، بسبب مهارته الفائقة ولمسته الساحرة في الثلث الهجومي.
وبالمقارنة - مع الفارق بكل تأكيد -، نجد أن حال القارة الأفريقية متشابه إلى حد كبير، فمعظم فرق الماما أفريقيا لا تدافع بشكل مثالي، وتلعب في أغلب المباريات باندفاع غير مبرر.
لذلك كلما أغلقت الطرق نحو مرماك بهدوء وانتظام، كلما قدمت مباريات أفضل، إذن وتسجيل الأهداف؟
اطمئن، ستأتي الأهداف حتما، إن لم تكن من لعبة منظمة، ستكون من خطأ ساذج أو دفاع متقدم أو ما شابه، وهدفا المنتخب في شباك نيجريا أكبر دليل على هذا الرأي!
رمضان محرز
رمضان صبحي أعلى من كل جيله بخطوة، ليس جيله فقط، بل الجيل الذي يسبقه أيضا.
القصة ليست في هدف أو أسيست أو مراوغة، لكن الموضوع بأكمله يكمن في "الرؤية"، الصفة التي تجعل هذا اللاعب الشاب بين مصاف الكبار مبكرا، لأنه يملك الثقة المطلوبة، وبالتالي تصبح عملية تألقه أسهل في المباريات الحاسمة.
في مباراة الذهاب، لعب رمضان في آخر 18 دقيقة، بديل هجومي كل دوره أن ينقل الهجمة إلى منطقة الجزاء، ونجح في ذلك بامتياز في لقطة هدف صلاح، مرر رمضان 4 تمريرات قصيرة، تمريرة من الأربعة كانت "الأسيست"، وتنوعت قيمته في أمرين، أول شيء المراوغة أما الثاني فيرتبط باستخلاص الكرات من نصف ملعب نيجيريا.
بينما كان الرهان الحقيقي في مباراة برج العرب، لأن منتخب مصر لعب مباراة تكتيكية بامتياز، لم يكن مندفعا مثل آخر ربع ساعة في الذهاب، من أجل إدراك التعادل، لذلك تضاعف التحدي أمام رمضان، لأنه شارك أساسيا مكان تريزيجيه، ولأنه لم يكن مطلوب منه فقط الهجوم، بل العودة المستمرة لمساندة حمادة طلبة على الخط.
وبالتالي انتظر كوبر منه أن يكون جناح صريح، وصانع لعب، والنجم الحاسم، ونجح الصغير في كل هذه المهام بامتياز.
استلام رمضان للكرات أمام نيجريا، من الواضح جدا في الصورة تحركات اللاعب في نصف ملعب مصر ونيجريا، أي أنه لم يلعب فقط في الشق الهجومي، بل عاد كثيرا لمساندة حمادة طلبة.
تحركات رمضان طوال المباراة، لاعب ناضج ومضبط إلى أقصى درجة، عكس ما يقول عنه البعض، لأنه لعب كخط وسط صريح، تتمحور معظم لعباته في منطقة الدائرة، يساند لاعبي الارتكاز دفاعيا، ويقترب بشدة من طلبة، مع بعض المغامرات الهجومية بالثلث الأخير من الملعب.
لذلك استحق كوبر الثلاث نقاط، وخطف رمضان البساط من تحت أقدام الجميع في المنتخب، ليس فقط بسبب الهدف، ولكن نتيجة أدائه التكتيكي المتكامل، مثله مثل ما يقدمه الجزائري البديع محرز مع ليستر سيتي.
هذا اللاعب لا يساعد فريقه بالأهداف والصناعة فقط، بل بعمل متواصل في جميع الخطوط، في انتظار الصعود الرسمي أمام تنزانيا.
مقالات أخرى للكاتب
-
تحليل أهلاوي - هجوم بدون صناع لعب.. ورقم قياسي سلبي في العرضيات! الأحد، 08 مايو 2016 - 13:02
-
تحليل أهلاوي - كيف استكمل الأهلي مباراة إنبي بـ 11 لاعبا؟ السبت، 16 أبريل 2016 - 00:06
-
تحليل أهلاوي.. السر وراء تحول فتحي من صيد العصافير إلى هز الشباك الإثنين، 04 أبريل 2016 - 00:29
-
خلطة ليستر.. كوبر ورمضان على طريقة رانييري ومحرز الثلاثاء، 29 مارس 2016 - 23:57