كتب : أحمد العريان
المصري كان هو النادي الذي يحمل اسم الوطن في مواجهة الأجانب، والاتحاد السكندري كان نتاجاً لدمج عدد من الأندية بالإسكندرية، أما غزل المحلة، فهو نادي طبقة البروليتاريا.
في هذه السلسلة، يستعرض FilGoal.com العوامل التي كانت سببا في صناعة شعبية الأندية الجماهيرية في مصر.
---
كيف صنعت أندية مصر شعبيتها (1) غزل المحلة.. نادي طبقة البروليتاريا
كيف صنعت أندية مصر شعبيتها (2) الاتحاد السكندري.. نادي المصريين في مواجهة الإنجليز
النادي الأبيض متعهد الكرة الجميلة في مصر، وصاحب الجمهور الكبير الذي ازداد عشقا لفريقه في وقت أزماته، فاستحق لقب الأوفى.
لكن. ماذا عن الأجيال الأولى؟ من كان يشجع الزمالك في أولى مبارياته؟ ولماذا يشجعونه وهم لم يروا لعبه أو انتصاراته بعد!
تأسس الزمالك في عام 1911 تحت اسم "قصر النيل" نسبة لمقره الأول الذي كان في تلك المنطقة.
عامان فقط يمران على النادي العريق بهذا الإسم، قبل أن يغيره رئيسه جورج مرزباخ مع تغيير مقره إلى اسم "المختلط"، ثم إلى "فاروق" حتى وصلنا لاسم "الزمالك".
نسبة الاسم ليست محسومة، فالبعض أرجعها إلى المحاكم المختلطة، في حين قال البعض الأخر أن سبب التسمية هو انتماء أعضاء النادي لجنسيات محتلفة، وصحيح أن المحاكم المختلطة لم تكن بالأمر الرائع للمصريين، لكن كرة القدم لا تعترف بذلك.
تلك الفترة من أوائل القرن الماضي كان المجتمع المصري يتميز فيها بالتنوع وتقبل كل الثقافات حتى مع رحيل الاستعمار، وفي الزمالك كان الانعكاس لهذا المجتمع متنوع الثقافات.
النادي الأبيض كان يتميز بأنه يجمع المصريين مع الجاليات الأخرى من باقي الجنسيات، ووجد فيه جمهوره حريتهم فكان فكرته أساسها هي الانتماء للإنسانية قبل كل شيء فلا فرق بين مصري وغير مصري فقط في الزمالك.
الزمالك تأسس على يد البلجيكي "مرزباخ"، فأحبه المصريون وشاركهم الجاليات الأجنبية في مصر هذا الحب، وتمصر تماماً على يد محمد بدر أول رئيس مصري للنادي في 1917، فازداد عشق المصريين له، ليصبح النادي الجامع لحب كل أطياف المجتمع دون النظر لأي انتماءات أخرى خلاف الانتماء للإنسانية.
مقرات الزمالك
مر الزمالك في تاريخه بثلاثة مقرات، الأول في قصر النيل وهو مقر الطبقة الغنية في مصر، فكسب حب طبقة النبلاء، والثانية في شارع 26 يوليو ليستمر في استهداف الطبقة ذاتها، ثم يلعب القدر لعبته حين انتقل الفريق الأبيض للمرة الثالثة عام 1952 إلى "مية عقبة"، حيث الحي الفقير الذي يقطنه الطبقة المتوسطة من مصر، فيكون ذلك سبباً مرة أخرى في جمع حب كل طبقات مصر.
وحين تقرأ كل ذلك، فلا يمكن أن تستعجب بأن نادي الزمالك دونا عن غيره من أندية مصر، لم يخل مجلس إدارته طوال تاريخه حتى فترة قريبة من عضو واحد على الأقل مسيحي وكأنه عرف متفق عليه، ولا عجب فهو نادي الجميع.
يتهم البعض نادي الزمالك بأنه كان نادي الأجانب بالنظر لوجودهم في عضويته منذ النشأة، ربما تلك المعلومة صحيحة لكنها منقوصة، فمثلما كان الأجانب يمثلون قطاعاً ساهم بفاعلية في نشأة النادي، فقد كان الفارس الأبيض أحد أوائل الأندية المصرية التي سارعت للمساهمة في تأسيس اتحاد مصري لكرة القدم، لتدار الكرة في مصر ولأول مرة بأيدي المصريين وبعيداً عن الأجانب ولا سيما المستعمر الإنجليزي آنذاك.
وإن كان غريم الزمالك التقليدي ممثلا في الأهلي قد سبقه إلى التخلص من الرئاسة الأجنبية، فقد كان الزمالك سباقا في المشاركة بأول بطولة مصرية خالصة وهي كأس الأمير فاروق عام 1922 حين توج بها على حساب الاتحاد السكندري في المباراة النهائية، في الوقت الذي امتنع فيه الأهلي عن المشاركة لرفضه تشارك اللعب مع أندية أجنبية، قبل أن يقتنع النادي الأحمر بصحة وجهة نظر الأبيض ويشارك في النسخة التالية من البطولة، باعتبار أن المشاركة أداة الرياضيين في بسط الإرادة المصرية أمام أندية الأجانب.
اليوم وبعد 104 سنة على تأسيس الزمالك، تغيرت الأزمان وتعاقبت الأجيال، لكن ثمة حقيقة واحدة لم تتغير، ألا وهي أن الزمالك.. هو النادي الذي لم يكن حبه يوما محرما على أي ممن وطأت قدمهم أرض مصر.