كتب : أحمد عبدون | الإثنين، 15 يونيو 2015 - 15:25
القوة في الأرقام – عن الفارق بين عالمنا وعالم الـNBA
وبسبب اتساع الولايات المتحدة الشاسعة فالمسابقات الامريكية تعتمد على التنافس فى كل منطقة أو حي إلى أن يصل التنافس على مستوى الدولة بعد تصفيات المنطقتين الشرقية والغربية. هذا الجانب يعتبر من أهم أسباب تطور مستوى الرياضة هناك.
صناعة الرياضة الأمريكية تعد من أكتر الصناعات نموا وذلك يرجع لثبات نظام الإدارة حيث تتم إدارة الرياضات المختلفة بطريقة منفصلة عن الدولة ومن خلال القطاع الخاص بنظام الفرنشايز اى حق الامتياز.
هناك سبب مهم لنمو صناعة الرياضة في أمريكا. أنه الاهتمام بأن يكون الاستمتاع بأجواء المباريات لا يقل أهمية عن الاستمتاع بأجواء المنافسات نفسها. وهذا هو بيت القصيد.
--
أسعدنى الحظ بحضور واحدة من مباريات النهائيات لواحد هو اقوى دوريات كرة سلة فى العالم بطولة NBA دورى كرة السلة الامريكى وذلك بالتزامن مع رحلة عمل رياضية خاصة فى ولاية فلوريدا الاميريكية.
كنت على الموعد بحضور أخر مباراة من مباريات المنطقة الغربية المواجهة النهائية بين فريقى جولدن ستيت واريورز وهيوستن روكتس والتى يتأهل الفائز بها إلى نهائي دوري السلة الأمريكي للمحترفين.
ولفت انتباهى بشدة نظام البطولة ذاتها الذى يلهب حماس الجماهير ويشجعهم على حضور كل المباريات.
التذكرة
كنت أنتظر خسارة واريورز أمام هيوستن فى المباراة الرابعة بينهما حتى تقام مباراة خامسة لتحديد البطل وكانت النتيجة قبل اللقاء الرابع فوز واريورز في ثلاث مواجهات.
المهم حصلت على تذكرة المباراة بسعر 450 دولار عبر الانترنت دون زحام او طوابير أو غيره وأتاحت لي التذكرة بهذا السعر الحصول على مقعد فى مكان قريب من الملعب يجعلنى أعيش كل اجواء اللقاء علما بأنه فى بعض الاحيان يصل سعر التذكرة الى 20 الف دولار.
ذلك بسبب حرص المشاهير في كافة الأوساط الأميركية على الحضور لتشجيع فرقهم وبالتالي فهم يحتاجون للحصول على مقاعد فى اماكن مميزة جدا داخل الملعب ومعها ترتفع قيمة التذاكر إلى أسعار خيالية.
الترفيه
بدأت الأجواء الاحتفالية قبل انطلاق المباراة، في الطريق ترى المدينة وقد تزينت نافوراتها وميادينها وشوارعها بأعلام جولدن ستيت واريورز.
وبالطبع لفت كل هذا نظرى بشدة فاستفسرت من قريبي سيف الذي كنت برفقته عن أسباب كل هذه الأجواء الرائعة فكان الرد منه بان المباراة عبارة عن احتفالية جميلة لكل العائلة وكأنها تذهب إلى مسرح أو حفلة غنائية لاحد النجوم المشاهير.
الأهم من المباراة أن تعود إلى منزلك بعدها سعيدا وقد أضفت الى ذهنك ذكريات جديدة مبهجة ومشاهدة لنجوم عمالقة في كرة السلة لا يقلون شهرة في أمريكا عن نجوم هوليود.
وقبل ساعة من انطلاق كانت مقاعد ملعب أوراكل الـ20 ألف خالية إلا من قميص "تي شيرت" كبير جدا موضوع عليها لكى يرتديه الجمهور معا.
القوة في الأرقام
مكتوب على القميص عبارة القوة في الأرقام، strength in numbers.
تلك إشارة إلى أن القوة في الأعداد بهدف تحفيز الجماهير على حضور المباراة ومساندة فريق واريورز في التأهل لنهائى دورى المحترفين لاول مرة بعد غياب 40 عاما منذ عام 1975.
وتذكرت مع بداية اللقاء مشهد دخول الفنان عادل امام للمسرح وقت عرضه مسرحيته الواد سيد الشغال حيث كل الانوار مطفئة فقط شاشة عرض عملاقة تقوم بالعد التنازلي تمهيدا لنزول لاعبي الفريقين.
وقد كانت الجماهير في ترقب شديد لظهور لاعبي واريورز خاصة صاحب أقصر قامة فى دورى السلة الامريكى ستيف كيري وذلك وسط هتافات مدوية وتشجيع حماسي لا نظيره له.
بعد نزول لاعبى الفريقين للملعب عادت الانوار إلى الإطفاء مرة أخرى ولكن من أجل وقوف الجميع في صمت تام تحية للنشيد الوطني الأمريكي الذى يردده واحد فقط من الجماهير إيذانا بانطلاق المباراة بعد الانتهاء منه.
يالا يالا
المباراة بدأت حماسية والجماهير هتافاتها الشديدة بما معناه بالعربية "ياللا ..ياللا ..ياللا "تهز اركان صالة اوراكل.
ووسط كل هذا لفت نظرى مجددا استثمار اوقات التوقف فى اللقاء التى تصل الى 14 مرة بشكل اكثر من متميز سواء بعروض ترفيهية والراقصة او بيع منتجات او مشروبات او ماكولات مما يمنح الجمهور مزيدا من المتعة ولا يصاب أحد بالملل على الاطلاق.
يحقق الإعلام ايضا الاستفادة من فترات التوقف من خلال الإعلانات التى يتم عرضها وبأعلى الاسعار خلال فترات التوقف للمباراة حيث يتابع الملايين عبر شاشات التلفزيون هذه المباريات.
فنهائي عام 2013 بين سان انكونيو وميامي شاهده 26 مليون شخصا بينما نهائي عام 2010 بين سيلتيك ولاكرز تابعه عبر التلفزيون 28 مليون شخصا وذلك داخل الولايات المتحدة الاميريكية فقط فما البال بخارجها.
إنها احتفالية رياضية رغم أجواء المنافسة الشرسة، متعة لا حدود لها.
لذا تصاعدت صناعة الرياضة الاميريكية بسرعة الصاروخ لتحقق إيرادات في عام 2014 وصلت الى 60 مليار دولار ووبنسبة زيادة قدرها عشرين بالمائة عن عام 2009 الذى بلغت خلالها 48 مليار دولار.
--
ملحوظة.. لمن يهتم بالتعرف على نظام الـNBA:
الدورى الأمريكي نفسه عبارة عن مجموعتين غربية وشرقية بسبب المساحة الشاسعة للولايات المتحدة.
كل مجموعة تضم 15 فريقا وبعد دورى المجموعتين الطويل والشاق جدا ويخوض خلاله كل فريق عددا كبيرا جدا من المواجهات.
يتم الانتقال بعد ذلك إلى المرحلة الثانية ربع النهائي ويتأهل إليه الثمانية فرق الأولى فى كل مجموعة، ويلعب خلالها كل فريق مع نظيره أربع مرات ويصعد الأكثر فوزا إلى النصف النهائي.
يختلف نصف النهائي عن سابقيه إذ يلتقي كل فريق مع نظيره في سبع مرات الفائز بها يتأهل إلى نهائي المنطقة أولا ويخوض خلاله طرفا النهائي أربع مواجهات سويا والفائز يصعد أخيرا إلى نهائي دوري السلة الأمريكي الذى يقام من سبع مباريات أيضا لتحديد البطل فى النهاية.
--
أخيرا.. وبعد أن أفقت من حضور هذا النهائي الذى كان بمثابة حلم جميل عشته فى الواقع بالفعل تذكرت حال الرياضة فى بلدنا وإقامة جميع انواع المسابقات بجميع الرياضات وراء أسوار مغلقة..
بإختصار.. الرياضة هي صناعة و سلعة.. والمستهلك هو الجمهور.. إذا اردتم بيع هذه السلعة، فعليكم باستقطاب الجمهور لشراء هذه السلعة.. الفارق كبير.
--
"القوة في الأرقام" سلسلة جديدة يقدمها FilGoal.com عن صناعة الرياضة في مصر وفي العالم. فتابعونا.
المصادر:
http://www.nba.com/warriors/strength-numbers-its-our-time
http://mobile.sportingnews.com/article/4646881-nike-nba-apparel-contract-adidas?modid=http%3A%2F%2Fm.facebook.com&eadid=SOC/FB/SNMain&utm_source=mweb&utm_medium=mweb&utm_campaign=http%3A%2F%2Fm.facebook.com
مقالات أخرى للكاتب
-
القوة في الأرقام – عن الفارق بين عالمنا وعالم الـNBA الإثنين، 15 يونيو 2015 - 15:25