كتب : نادر عيد | الخميس، 22 أغسطس 2019 - 17:17

عزيزي صلاح

محمد صلاح - مصر - جنوب إفريقيا

تفسيري الوحيد لإنكار تأييده الواضح والصريح لقرار إعادة عمرو وردة، هو شعور محمد صلاح بالخطأ بعد ما رآه ولمسه من غضب وسخط جعل وسم #منتخب_المتحرشين رائجا في تويتر وقت إعلان القرار.

محمد صلاح

النادي : ليفربول

لكن صلاح لا يريد الاعتراف بخطأه بالقول إنه ليس قائد أو مدرب المنتخب ليتخذ ذلك القرار وأن تغريدته كان يقصد بها إبداء وجهة نظره في التعامل مع مشكلة تخص اللاعب.

بالتأكيد هذا كلام لا يمكن لعاقل أن يصدقه، ولو صلاح بالفعل كان يقصد ذلك ولا علاقة له بالقرار فإنه لم يكن ذكيا تماما حين كتب ما كتب.

أنا لا أصدق ولا أكذّب ما قاله أحمد شوبير عن "اتفاق هاني أبو ريدة مع صلاح" على التغريدة حتى يعلم الرأي العام أن القرار اتخذه اللاعبون وأبرزهم معشوق الجماهير.

لكن في النهاية، صلاح هو من غرد، وإذا كان الكثير من الجماهير انقلبت على المنتخب بسبب ذلك، فالمسؤول الأول يبقى صلاح، ليس معنى أن شارة القيادة ليست في يده أنه ليس مسؤولا، فالكل يعلم جيدا أن القائد الفعلي لمصر هو صلاح، ببساطة شديدة لأنه أفضل لاعب ويفوق زملاءه مستوى.

شكوى صلاح من رد فعل الناس على تصريحاته، إن كانت شكوى حقا وليست شماعة يبرئ بها ساحته، ليست جديدة، فسبق وأن قال نفس الكلام في مارس الماضي حين غضب البعض من قوله:"بلغت مكانة لم يصلها مصري وعربي وإفريقي".

الغضب من آراء البعض من المفترض ألا يؤثر على تركيز لاعب بقيمة صلاح، بل عليه أن يتخذ ذلك حافزا. وفي نفس الوقت، حين يهلل البعض، عليه ألا يغتر ويظن أنه بلغ القمة.

وهنا ألوم نفسي وغيري لأننا نهلل لصلاح ولا ننبهه إلى قصور أو مشكلة، نفرح به لكن أحيانا لا نخبره الحقيقة.

بعد نهائي دوري أبطال أوروبا كنت سأكتب في تويتر أن صلاح كان متواضعا في المباراة وأن تسديده لركلة الجزاء لم يكن رائعا، لكني تراجعت لأني أعلم أني سأتعرض للهجوم وسيتهمني البعض بأني عدو لصلاح.

حديث صلاح سابقا عن العقلية وأن الكثير لم يتعلموا جيدا كيف يفكرون أو يتعاملون مع مواقف بعينها، يحمله مسؤولية أن كل كلمة يقولها عليه أن يحسبها جيدا قبل أن يتفوه بها.

صلاح شخص عنيد، وهذه ميزة في اللاعب المتميز، لكن في نفس الوقت لا يمكن عناد الجمهور، لأنه ببساطة هو الذي يصنع قيمة اللاعب.

صلاح تتهافت عليه الشركات والقنوات بسبب نجوميته، فمن الذي جعله نجما؟ أليس الجمهور الذي ينتظره أسبوعا تلو الآخر ليفرح ويفتخر بما يقدمه في إنجلترا؟

نظرة صلاح إلى الجمهور بعد هدفه في أوغندا تعكس غضبه من انتقادات الناس بعد أزمة وردة، وسواء اتفقنا أو اختلفنا أو تناقشنا أو تجادلنا على قرار المنتخب في أزمة وردة، فلا يمكن لأي لاعب مهما كان وبأي حال من الأحوال أن يتحدى الجمهور.

هل نسي صلاح أن هذا الجمهور هو الذي يتغنى باسمه ويعلق صورته في منزله ويرتدي قميصه ويحجز مقعده في المقهى منتظرا مباراته ويقارنه بليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو؟

ولا يزال كثيرون يعشقون صلاح حتى بعد ما حدث، ولا يمكن لومهم على ذلك فنحن بطبيعتنا ننسى سريعا ونسامح بلا شروط.

لكن الحقيقة الواضحة التي لا جدال فيها هي أن كثير من الناس الآن غاضبون من صلاح.

العلاقة الوردية الجميلة بين صلاح والجمهور، بين الأمل والشعب، باتت مشروخة، والضحية في النهاية هو منتخب مصر.

فاجأتني صراحة التبريرات التي قالها صلاح عن إخفاق كأس إفريقيا، سوء تنظيم للمعسكر وضغط جماهيري، وسواء كان صادقا في كلامه أو لا، فهذا ليس مبررا أبدا لما حدث في البطولة.

وجهة نظري أنا، الإخفاق وارد، فهذه كرة القدم، لكن ما أحزن الناس أن المنتخب لم يقاتل، أن المنتخب لم يُقدر بعد أنه بارقة الأمل الوحيدة لهذا الشعب.

والدليل القاطع على ذلك الإعلان الفضيحة الذي ظهر للنور بعد وداع البطولة.

أنا لا ألوم صلاح أو أي من اللاعبين، فالعديد منهم "قدراته كدة" مثلما قال وائل جمعة، لكني أنتقد العناد مع الجمهور وعدم الاعتراف بالخطأ.

عزيزي صلاح، أنت أمل شباب هذا البلد، أنت قدوة أطفال المدارس، أنت فخر مصر والمصريين، لكن تذكر أنك لست أكبر من الناس، وعندما يعود الأمر إلى المبادئ فكن حريصا أشد الحرص على موقفك.

وتذكر أن موقفك لم يغضب المصريين فحسب، بل صحف إنجلترا هاجمتك أيضا. مثلما فعلت من قبل حين جلست مع رئيس الشيشان.

البعض يحاول استغلال قيمتك لكسب مصلحة أو منفعة، وإذا صح كلام شوبير فإن اتحاد الكرة ورطك حتى يبرئ ذمته من قصة وردة.

رجاء صلاح، لا تعاند، أعلم أن هناك من يتربص بك، لكن عليك بحسن التعامل مع هذه المواقف لتعود صلاح أول موسم مع ليفربول.

فأنت تدرك جيدا أن ترتيبك هذا العام في جائزة الكرة الذهبية سيتراجع، وتعلم يقينا أنك فقدت جائزة أفضل لاعب إفريقي.

أنت بحاجة لنا لترتقي ونحن بحاجة إليك لتستمر البهجة في قلوبنا، وقبل كل ذلك لدينا منتخب يستحق منا جميعا التضافر والتضحية بكل شيء.

ناقشني

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات