تقدم مجلس إدارة النادي الأهلي باعتذار رسمي للقوات المسلحة بسبب دخلة جماهيره في مباراة تاسكر الكيني والتي وصفت بالمسيئة للقيادات العسكرية في البلاد.
"المشير طنطاوي يشير إلى أفراد أولتراس أهلاوي بعد الهتاف ضده لتنطلق الكلاب لتقتلهم بمساعدة وتواطئ من الشرطة والجيش" هكذا كانت الدخلة التي رسمت سيناريو المؤامرة في بورسعيد وهي تعبير عن وجهة نظر يتبناها قطاع كبير من الشعب المصري.
وجهة النظر قد تكون صادمة لدى البعض لجرأتها، قد نختلف في توجهها ونراها نظرية خاطئة، قد نرى توقيتها غير مناسب أو أنها بها بعض الإساءة، ولكنها تبقى أمرا واقعا يصدقه الكثيرون.
فلنتكلم بشكل أكثر قانونية، فوفقا للمادة 45 من دستور المصري الأخير – أعظم دستور عرفته البشرية – فهذه الدخلة تدخل تحت بند حرية الرأي والتعبير والتي لا يجوز منعها أو مصادرتها والتي ذكرت بالنص "حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير."
ولكن القيادات السيادية في مصر خالفت الدستور "العظيم" وجاء رد الفعل السريع من القيادات العسكرية بمنع استقبال الفرق الجماهيرية على ملاعبها ثم رفض استقبال الجماهير نهائيا.
وبعد ذلك انتقلت القضية لمجلس الشورى الذي طالب بتحقيق في "الدخلة" بل واستدعى وزير الرياضة ووزير الداخلية لبحث الحدث الخطير في استاد برج العرب.
وهو في نظري ما كبر الأزمة بشكل أكبر ومنح الدخلة شهرة وأهمية مضاعفة بعدما تناقلتها وسائل الإعلام وشاهدها الملايين رغم أن من شاهدها في الاستاد لم يتجاوز بضعة آلاف.
ودعوني أسير في ركب المعترضين للنهاية، هذه الدخلة تستحق الاعتذار من إدارة الأهلي المسؤولة عن جماهيرها، إذا كل مسؤول عليه الاعتذار عن إساءة التابعين له.
وبهذه النظرية فالقوات المسلحة ووزارة الداخلية كانت مطالبة قبل الأهلي بتقديم اعتذار رسمي عن تقصيرها في سقوط ضحايا في هذه المذبحة خاصة أنها مدانة بالفعل وليست مجرد متهمة.
فوزارة الداخلية حُكم على اثنين من رجالها بالسجن الأول هو مدير الأمن نفسه والثاني مسؤول عن غلق بوابات الخروج وهو ما يعني أدانتها ويستوجب اعتذارها رسميا لأسر الضحايا على التقصير في أداء واجبها وحماية أولادهم.
كما أن القوات المسلحة مطالبة باعتذار أو توضيح لتصريحات المشير طنطاوي عقب الحادثة والتي قال فيها "عادي بتحصل في أي حتة في العالم، هنصرفلهم تعويضات" والتي أراها شخصيا تصريحات مسيئة أكثر من أي لافتة تم رسمها.
ودعوني أذكركم باعتذار الحكومة البريطانية رسميا لأهالي ضحايا حادثة هيلسبرو في بيان رسمي ألقاه رئيس الوزراء تحمل خلاله مسؤولية التقصير لرجال الشرطة والإسعاف في أداء دورهم رغم كونهم غير مدانيين قضائيا – عكس ما حدث في مصر – أصلا.
وكالعادة يواصل المسؤولون والقيادات في مصر التغريد بعيدا عن الواقع ويضعون أنفسهم في مواجهة مع الشباب دون أدنى داعي بدلا من احتواء الأزمة والتعامل معها بشئ من الحكمة والهدوء.
مجددا تمنع الشباب من ممارسة حقوقهم سواء بدخول الاستاد وتشجيع فرقهم أو حتى التعبير عن آرائهم ولو كانت صادمة وليست على هوى من يحكم، وهو ما ينبأ بصدام جديد لو لم يتم الحوار.
فإدارة الأهلي اعتذرت عن الدخلة وأقالت مدير النادي رغم كونه غير مسؤول مطلقا عن اللوحة لأنها لم تعد داخل النادي كما أشاع البعض لمجرد تقديم كبش فداء للقيادات العسكرية، ولم تكلف نفسها التواصل مع جماهيرها لمعرفة أسباب غضبها.
بينما تبقى القيادات العسكرية والشرطية في مصر في أبراج عاجية ترفض حتى أي محاولات لتبيض وجهها أمام الشعب بإدانة المخطئين منها كما تطالب بمعاقبة المخطئين من الشباب.
باختصار .. القيادات في مصر تهتم بالاعتذار عن الرسم أكثر من الاعتذار عن الدم.
للتواصل مع الكاتب عبر تويتر Sherif7assan