هكذا خطب الشيخ الشعراوي ردا على هجوم البعض على مصر بحجة كونها تحارب الإسلام، وهكذا ظلت القنوات الفضائية تذيع هذا المقطع في كل فرصة ممكنة خلال الخمسة أشهر الأخيرة بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.
كنت دائما ضد فكرة تمجيد الأشخاص أو تقديسهم أو صناعة منهم فراعين غير قابلة للانتقاد، ورغم كل محاولاتي لانتقاد أبو تريكة إلا أنها جميعا باءت بالفشل مع قرب موعد اعتزاله ووداعه للمستطيل الأخضر.
أبو تريكة كان وسيظل أيقونة السعادة لجيل بالكامل مهما كانت انتماءاته، فمن لم يفرح بأبو تريكة لأنه يصنع انتصارات الأهلي أجبر على الفرحة بنجاحات منتخب مصر في كأسي الأمم 2006 و2008.
ووقف مبهورا منتشيا فخورا بالأداء المصري أمام البرازيل وإيطاليا في كأس القارات 2009، أو تضامن مع موقف إنساني أو سياسي مشابه لما ينتمي له أبو تريكة، فهو في كل الأحوال ظل صانعا للسعادة.
ومع إعلان أبو تريكة اعتزاله الرسمي عقب المشاركة في كأس العالم للأندية ظلت الفكرة تدور في رأسي في كيف يكرم لاعب مثل هذا في ختام مسيرته الكروية، وماذا يمكن أن يقدم له كتحية بسيطة على ما قدمه لجماهيره.
على المستوى الجماهيري
في إيطاليا عندما قرر باولو مالديني الاعتزال أفسدت المجموعات الجماهيرية اعتزاله برفع لافتات كتب عليها "أمجادك في 25 عاما كانت بفضل هؤلاء الذين وصفتهم بالمرتزقة" كما هتفت الجماهير بشكل جماعي "لدينا قائد واحد هو فرانكو باريزي".
فرغم إنجازات مالديني الكبيرة خلال مشواره مع ميلان وما صنع منه أسطورة للفريق لم تتقبل الجماهير انتقاداته الدائمة لها خاصة عندما كان الفريق يتعرض لكبوات، وهو ما يعطي جميع اللاعبين درسا مهما، فمهما كانت نجاحاتك داخل المستطيل الأخضر يجب أن تعرف أنك تلعب في الأساس من أجل إسعاد الجماهير.
في إسبانيا نال زين الدين زيدان تكريما كبيرا عندما قرر إعلان اعتزاله فجماهير ريال مدريد رفعت جميعها رقم 5 الذي ارتداه الفرنسي الأسطورة في لحظة واحدة خلال آخر مباراة خاضها مع الفريق أمام فياريال.
والعلاقة بين جماهير الأهلي وأبو تريكة لا تحتاج لوصف أكثر من "شاهد نظرة الجمهور لأبو تريكة لحظة احتفاله بالهدف الأول أمام أورلاندو" ستفهم كل شئ.
على جماهير الأهلي أن تستعد لتكريم أبو تريكة بالشكل اللائق لما قدمه للفريق سواء خلال مشاركته في كأس العالم للأندية أو بأي طريقة قبل السفر فاللاعب يستحق الأمر.
كما على الجماهير أن تخلد ذكرى أبو تريكة في الملاعب خلال السنوات المقبلة من أجل ترسيخ مبدأ القدوة لدى اللاعبين الشبان الذين يجب أن يعرفوا أن من يربح في النهاية هو فقط من يضع الجماهير أولوية في مشواره مع الكرة فلا الإنجازات ولا الألقاب ولا الأموال تكفي لصناعة الأسطورة.
على المستوى الرسمي
على المسؤولين في مصر أن يقدروا معنى التكريم الحقيقي بعيدا عن "النفسنة" وحب الذات ومحاولة احتكار الشهرة، فحب الجماهير لأبو تريكة لا يأخذ من رصيد أي مسؤول، فكل يأخذ ما يستحقه.
على النادي الأهلي والدولة المصرية متمثلة في وزارة الرياضة أن تنظرم حفلا لتكريم أبو تريكة سواء كان بحضور الجماهير أو عدمه ولكن من أجل أن يبعث برسالة مفادها أن من يخدم هذه البلد يحصل على التكريم المناسب منها.
ففي فرنسا نظم اتحاد الكرة الفرنسي احتفالا خاصا لزيدان عقب العودة من كأس العالم 2006 رغم تسببه بشكل أو بآخر في خسارة نهائي المونديال أمام إيطاليا بعدما حصل على بطاقة حمراء بعد ضرب ماركو ماتيرازي بـ"النطحة" الشهيرة.
بل وتم وضع التمثال الخاص بالنطحة في المتحف الرسمي بباريس تخليدا لهذه الذكرى التي تعد اللقطة الأخيرة لزيدان في الملاعب، وهو درس آخر في كيفية تحويل الخطأ الذي قد يرتكبه لاعب في مشواره إلى درس يجب أن يتعلمه خلفاءه.
فمهما كان درجة الخلاف مع شخص لا يجب أن يجعلك تغفل عن تاريخه أو إنجازاته أو ما قدمه للفريق خاصة إذا كان نجما بحجم أبو تريكة قدم كل ما يملك في عشر سنوات من أجل إسعاد الجماهير المصرية.
ملحوظة أخيرة: مهما بلغت حدة الهجوم على أبو تريكة بسبب موقفه السياسي أو ميوله أو من زملاء سابقين حاقدين على نجاحاته سيظل أبو تريكة هو أحد أعظم من أنجبت الكرة المصرية على مدار تاريخها.
للتواصل مع الكاتب عبر تويتر Sherif7assan