لا حديث يعلو فوق الحديث عن رحيل زيزو المؤكد من الزمالك والاقتراب من الانتقال إلى منافس الأبيض الأزلي الأهلي.
لكن كم مرة توجه الاهتمام إلى مستقبل الزمالك الإداري والكروي؟ بكل ثقة صفر، لا يوجد أي حديث عن مستقبل الزمالك الإداري، لماذا الإداري بالأخص؟ لأن ما يحدث في إدارات من قرارات حاسمة وتوفير الأجواء المساعدة للنجاح هو ما يطبق في أرض الملعب.
شبه مستحيل أن ينجح فريق في أرض الملعب بدون نجاح إداري، أعلم أن مشجع الزمالك سيقول حدثت من قبل مع فريقي كثيرا، لكن هذا يسمى استثناء، إلى متى ستذهب وراء الاستثناءات وتجعلها قواعد دون صناعة النظام الصارم حيث لا يوجد عاطفة؟
طيلة سنة ونصف الزمالك لا يملك المال لتجديد عقد زيزو الذي يعتبر بمثابة الوعد الانتخابي الأقوى لمجلس الإدارة الحالي، ثم عندما امتلك المال بعد رفض العديد من العروض الدولارية، كان زيزو قد ذهب بعيدا بسرعته الكبيرة، رغم جميع وعوده للجماهير، لنا عودة في هذه النقطة بالتحديد لاحقا.
إلى متى الرهان؟
تعاقبت وتغيرت إدارات الزمالك أكثر من عدد سنوات شاب عشريني، ولم تتعلم الدرس أبدا.
كم مرة راهنت إدارة الزمالك على ما يسمى انتماء ورغبة ووعود لاعب ما؟ منذ رضا عبد العال مرورا بمعتز إينو وطارق السعيد ومحمد صديق وإمام عاشور وحاليا يقترب زيزو.
العدد الصفر سيأتي إلى هنا مرة أخرى لأنه أكثر ما يمكن أن يعبر عن سوء إدارة الملفات، وليس ماليا فقط، لأني أعلم أن المشجعين العاطفيين سيوقولون لا يوجد المال اللازم أو اللاعب وعد بعدم رحيله للأهلي أو لن يرتدي قميص إلا الزمالك في مصر.
وفي النهاية تكتشف أنها وعود كاذبة، لكن أنت كمشجع من الممكن أن يتم خداعك من قبل اللاعب، لكن إدارة بحجم نادي مثل الزمالك، كيف يحدث ذلك؟
إذا يتم خداع إدارة الزمالك أكثر من مرة، فلماذا لا يدير مشجع ستيني للزمالك النادي لأنه يحبه دون أي مصلحة، لن يكون هناك أي فارق على الإطلاق، إذا كان المقدار هو "الحب".
الفارق بين الإدارة والمشجع، أن الأول يعلم مصلحة النادي أكثر كونه يعيش داخله ويعلم كيف يفكر هذا اللاعب وهذا المدرب.
عندما لا تتمكن من معرفة هذا الشيء ويتم خداعك من أي لاعب فعليك مراجعة عملك فورا، لأن هذا غير مقبول.
الاختباء خلف الغضب
أكثر ما يحدث لصالح إدارة أي نادي أن غضب جماهيره ينصب فقط على اللاعب الذي يبحث عن مصلحته مهما كانت كلماته بحب النادي، لا تصدق اللاعب إلا عندما يعتزل، وهذا ما يطبق على أسطورة الزمالك وهدافه التاريخي عبد الحليم علي، الذي رفض قطعيا اللعب للأهلي بل لأي فريق مصري وفضل الاعتزال وظل في قلوب جميع مشجعي الزمالك ويحصل على تحية الجماهير في أي مناسبة.
نعود للاختباء، دون توجيه اللوم على الإدارة لن يحدث أي تطور للزمالك واليوم سيكون زيزو وغدا حسام وبعده محمد وهكذا، ستختلف الأسماء والسياسة المتبعة واحدة والرهان على لاعبين كرة القدم هي مهنتهم، وأنت لا تتبع طرق مختلفة، سوى أن هذا اللاعب خدعني، وذلك أقسم لي بعدم الرحيل، وآخر أقسم لي بنجلته بعدم لعبه لأي فريق غير الزمالك في مصر، هل هذا منطق؟
لا تحدث هذه الأشياء في أي ناد أو مؤسسة، حدة الكلمات تناسب عظمة الزمالك وتاريخه.
لا أموال؟ توجد حلول
عندما نجح مجلس إدارة الزمالك في الانتخابات كان من المفترض أنه على علم بديون النادي والمشاكل التي يمر بها، كيف والمشجعين أنفسهم على علم بها!
في هذا الجانب، لا يوجد إلا حلين يقبلهم العقل، الحل الأول أن الإدارة لديها الحلول والأساليب السحرية للتغلب على هذه العقبة سواء بتحسين موارد النادي - الجملة التي يسمعها كل مشجع للزمالك طيلة حياته - أو ستتبع أسلوب علمي.
من الواضح أن الإدارة لا تملك الحل السحري والأسرع وهذا منطقي، ففي النهاية النادي ليس ملكية خاصة كي يصرف المالك ويحل الأمور.
لكن ما هو الحل الآخر؟ تتذكر عرض نادي نيوم من أجل زيزو الذي وصل إلى حوالي 6 ملايين دولار ورفضته إدارة الزمالك دون سبب منطقي، في هذا التوقيت ظن الجميع أن فقط أيام وسيجدد زيزو عقده وتنتهي هذه القصة أول عن آخر، لكنها كانت البداية.
الزمالك رفض العرض ولم يفعل أي شيء حتى شهر يناير الماضي وتلقى عرضا من الاتفاق السعودي حوالي 3 ملايين دولار ورفض أيضا، وسيرحل بنهاية الموسم الجاري مجانا.
دعني أقول لك إنني كنت رافضا لهذه العروض، لماذا؟ لأن طوال 3 فترات انتقالات صرف الزمالك الكثير من الأموال دون بناء فريق بجودة قوية، فريق الزمالك أضعف من الأهلي وبيراميدز فرديا وجماعيا.
التعاقد مع لاعبين أصحاب جودة ضعيفة وضم أكثر من 20 لاعبا ولا ينجح سوى 3-4 لاعبين، هذا ما جعل الجميع يرفض التفريط في زيزو، لأنك لا تستطيع التعاقد مع لاعبين أقوياء، وهذه وجهة نظر أتفق معها بشكل كامل.
ولكن ماذا لو كنت تملك لجنة التخطيط في وقت مبكر أو ما يساويها في عملها كمدير رياضي أو لجنة كرة، مهما كان المسمى؟ بالتأكيد بيع لاعب بهذا المبلغ الخيالي واستقطاب محترفين في قيمة أشرف بنشرقي وفرجاني ساسي وليس كونراد ميشالاك البولندي الكارثي.
بالتالي عندما كتبت أن المسألة ليس أموالا فقط، فأقصدها بالضبط، لأن لا توجد قاعدة بمن يصرف أكثر يفوز.
هذه الجملة ستنقلنا لناد بظروف مشابهة وعليه ديون بأكثر من 400 مليون يورو في وقت من الأوقات، ودائما ما يتبع رئيس هذا النادي هذه المقولة ويقولها كثيرا.
قاعدة ورؤية ماروتا
إذا قلت لك إن جيوزيبي ماروتا رحل من يوفنتوس بسبب رفضه التعاقد مع كريستيانو رونالدو ستقول ما هذا الجنون! رحل بسبب رفضه صفقة ضم رونالدو في أفضل أيامه من ريال مدريد إلى يوفنتوس؟ نعم رفضها وبسببها رحل.
ماروتا كان المدير الرياضي ليوفنتوس وقتها ورفض الصفقة كليا بسبب أنها ستؤثر على اقتصاد النادي وسيضطر لبيع أكثر من لاعب وبالتالي الجودة الجماعية ستنخفض وهذا أهم من امتلاك نجم وواحد من أفضل اللاعبين في تاريخ اللعبة مثل رونالدو، لأن كرة القدم لعبة جماعية وليست تنس.
رحل ماروتا، واغتنم الصيني ستيفين زهانج رئيس إنتر الفرصة ليقدم له عرض مقابل 3 ملايين يورو سنويا ويكون المدير الرياضي الأعلى أجرا في إيطاليا، ومقابل ذلك سيتحكم تحكم كلي في فريق كرة القدم بالنادي.
لم يحقق إنتر أي بطولة منذ 2011 حتى جاء ماروتا وسيطر على البطولات حتى جاءت جائحة كورونا، وتعرض إنتر بمالكه الصيني بأصعب ظروف مالية جعلته يترك لوكاكو وأشرف حكيمي والأهم أنطونيو كونتي المدرب.
هل سقط النادي؟ لا، بل فاز بالألقاب وبالدوري الـ19 مع كونتي والـ20 مع إنزاجي والوصول لنهائي دوري أبطال أوروبا 2023 بجانب عدة كؤوس إيطاليا والسوبر الإيطالي.
في هذه الفترة اعترضت جماهير إنتر واحتجوا أمام المقر الإداري لبيع لوكاكو وحكيمي ونجوم الفريق.
ماروتا رد قائلا على هذه الاعتراضات، ليس شرطا أن يفوز من يدفع أكثر، وتحققت هذه المقولة على أرض الملعب بالنتائج والأداء.
إنتر كان مديونا بأكثر من 400 مليون يورو واستمر بالتتويج بالبطولات تحت قيادة ماروتا الذي أصبح رئيس النادي حاليا.
ومن المتوقع أن خلال العام المالي الحالي أو المقبل أن تكون ميزانية إنتر بالإيجاب للمرة الأولى منذ سنوات عديدة مر خلالها بعقوبات كبيرة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب قانون اللعب المالي النظيف.
أي مر إنتر بظروف أصعب بكثير من الزمالك في الجانب المالي، لكن وجود إدارة ونظام في التعاقد مع اللاعبين وتعيين المدربين والإداريين تخطى إنتر هذه الصعاب.
هذا ما ينقص الزمالك في الأساس، لا تقول لاعبين أو مدربين أو أموال أو أو... فقط نظام إداري سيجعل كل شيء على ما يرام، وهذا ما يجب التركيز عليه من إدارة الفارس الأبيض، دون ذلك ستتكرر أزمة زيزو أكثر من مرة قريبا.
صحيفة كورييري ديلو سبورت نشرت عقب تأهل النيراتزوري لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا أن أكثر 11 لاعبا يشارك في التشكيل الأساسي للفريق، هم ليسوا الأعلى قيمة سوقية في إيطاليا وليس أوروبيا حتى.
تشكيل إنتر الأساسي تبلغ قيمته السوقية 291 مليون يورو وهو رابع أكبر قيمة سوقية في إيطاليا، هل تتخيل هذا؟ يأتي يوفنتوس أولا بـ504 مليون يورو، ثم ميلان ثانيا بـ354.4 مليون يورو، وثالثا نابولي 350.4 مليون يورو.
أجرى أليساندرو باستوني حوارا بعد التأهل لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا مع لا جازيتا ديلو سبورت وقال جملة تلخص الأمر: "إنتر هو أقل الفرق الـ3 فرديا، لكن جماعيا يمكننا الفوز على أي فريق".
هذه الجملة تعلمك أن عقلية ماروتا انتقلت إلى اللاعبين والفريق أن كرة القدم لعبة جماعية وليس بالأموال فقط، لكن بكيفية صرف الأموال القليلة التي تمتلكها، وهذا ما يفتقره الزمالك أكثر من الفقر المالي حقا.
دور لجنة التخطيط في الزمالك حاليا هام للغاية بما أنها مكلفة من مجلس الإدارة لتكوين فريق قوي دون رفاهية ضم لاعبين للتجربة.