كتب : إسلام أحمد
أثارت أنباء اقتراب الكولومبي أوسكار رويز لتولي منصب رئيس لجنة الحكام المصرية الجدل في الساعات الأخيرة نظرا للاتهامات العديدة التي طالته سواء داخل الملاعب أو خارجه، لكن دون أي إدانة حقيقية.
الكولومبي البالغ 55 عاما يُعد من حكام النخبة في العالم وسبق تعيينه في منصب مدرب تحكيم وعضو برنامج مساعدة الحكام التابع لاتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم ومحاضر في فيفا أيضا.
وحصل رويز على الشارة الدولية من فيفا في 1995 وحتى اعتزاله في 2011 ثم اتجه لمجال تطوير التحكيم. وسبق أن تواجد في نهائيات كأس العالم 2002 و2006 و2010.
واختير كثالث أفضل حكم في العقد الماضي بين 2000 و2010، من الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء بالتساوي مع الإيطالي بيرلويجي كولينا. وتفوق عليه الألماني ماركوس ميرك والسلوفاكي لوبوس مايكل.
كما اختير كأفضل حكم في أمريكا اللاتينية متفوقا على الأوروجوياني خورجي لارييوندو، سيرة ذاتية قوية وكبيرة.
بالإضافة لذلك الكولومبي يعمل في مجال المحاماة والاستشارات القانونية، ويتحدث عدة لغات منها البرتغالية والاسبانية والانجليزية، ومن أبرز هواياته الموسيقى والقراءة.
FilGoal.com يصبحكم في رحلة سريعة "مجنونة" ومثيرة في حياة الحكم الكولومبي قبل تولي المهمة بشكل رسمي.
مثير للجدل داخل الملعب
حصل رويز على الشارة الدولية قبل أن يتجاوز 26 عاما في 1 يناير عام 1995، ومنذ دخوله عالم التحكيم اشتهر في أمريكا الجنوبية بلقب "الجزار" لإفراطه في استخدام البطاقات بكافة ألوانها، وعشقه لمنح ركلات الجزاء بناءً على أقل احتكاك أو خطأ في منطقة الجزاء.
تقرير موقع "الاتحاد" الإماراتي وصف رويز بـ "ابن المدرسة التحكيمية اللاتينية" التي تعشق القرارات الجنونية وتتميز بالجرأة المفرطة.
بالإضافة للمشاركة في كأس العالم 3 مرات شارك أيضا في تحكيم كأس العالم للشباب أعوام 2003 و2005 و2009 وكأس العالم للناشئين عام 2005، وكوبا أمريكا أعوام 1995 و1999 و2004 و2007 وكأس القارات 1999 و2001 وكأس العالم للأندية، بالإضافة لنهائي كوبا ليبرتادوريس 3 مرات، ونهائي كوبا سود أمريكانا.
في العالم العربي عُرف رويز خاصة بعد إدارة مباراة البحرين ضد ترينداد وتوباجو في ملحق تصفيات كأس العالم 2006 بعدما ألغى هدفا لحسين علي بابا في الوقت البديل كاد يحيل المباراة لشوطين إضافيين ثم أشهر في وجهه بطاقة حمراء مباشرة للاعتراض.
الاتحاد البحريني تقدم باحتجاج رسمي لفيفا آنذاك لإعادة المباراة بداعي إلغاء هدفا صحيحا رغم صحته لكن فيفا رفض نظرا لأن البحرين تأخرت في تقديم الاحتجاج خلال المدة القانونية.
كما اقتسم الشهرة في مباراة المجر ضد إيطاليا بكأس العالم للشباب والتي أقيمت في مصر 2009 وحصلت على لقب "المجنونة" كما وصفتها الصحف، المباراة انتهت بفوز المجر 3-2 والوصول لنصف النهائي والتي أقيمت في مدينة السويس.
المباراة التي أقيمت في 2009 شهدت توزيع رويز 14 بطاقة حمراء وصفراء خلال اللقاء من بينها المدربين أيضا، بالإضافة لركلة جزاء أثارت الجدل.
في 2010 تسبب في إلغاء مباراة ديبورتيفو باستو ضد ريال قرطاجنة في الدوري الكولومبي وأدت لخصم 3 نقاط من الأول.
أوسكار رويز ألغى المباراة قبل دقيقة على النهاية بسبب عدم وجود ضمانات لحمايته، وبسبب ذلك القرار تم عقاب النادي بخصم النقاط وانتهت بهبوطه لنهاية الموسم.
حينها لم يكشف رويز ما سيكتبه في تقريره، واكتفى بالقول: "أنا مثل الشرطة، أبلغ القاضي وهو يقرر".
"الرجل الذي يُعيّن ويُقيل"
بعد عام واحد من اعتزاله، وفي 2012 ظهر جانب آخر من شخصيته، حين اتُهم بالتحرش، إذ اتهم ماوريسيو سانشيز الحكم السابق أوسكار رويز بالتحرش الجنسي. سانشيز كشف أنه ترك كرة القدم بسبب عدم موافقته على مطالب رويز.
ووفقا لتقرير صحيفة "إل بايس" فإن رئيس الاتحاد الكولومبي لكرة القدم، لويس بيدويا، قلل من أهمية الاتهام، بحجة أنه مسألة شخصية ولا علاقة لها بكرة القدم الكولومبية. وكشف بيدويا أن سانشيز فشل في 5 أو 6 اختبارات.
وأشار التقرير إلى أن رويز يُوصف بـ "الرجل الذي يُعيّن ويُقيل" في التحكيم الكولومبي حتى لو لم يكن له أي صلة.
وبعد 7 أعوام وتحديدا في 2019 تقدم 3 حكام هم هارولد بيريلا وكارلوس تشافيز وجوليان ميخيا بشكوى بأن أوسكار رويز تحرش بهم جنسيا بشكل متكرر خلال مسيرتهم المهنية.
بيريلا قال في تصريحات لإذاعة محلية سنة 2019: "تحرش بي رويز جنسيا منذ عام 2007 إلى أن تقاعدت، قال لي إنني يجب أن ألبي رغباته إذا كنت أرغب في الذهاب بعيدا تحكيميا".
وواصل "لم يتوقف عن إزعاجي لكي أقبل التواصل معه جسديا. كانت هناك عدة حالات من التحرش، وكانت أخطرها في فترة ما قبل الموسم. حاول لمس خصيتي ومؤخرتي ولم أسمح له بذلك، وهذا جلب لي مشكلة كبيرة معه".
وأضح "إنه ذكي للغاية لأنه لا يترك رسالة، رسالة صوتية، ولكن على المستوى الشخصي، كانت المضايقات مروعة. لقد نددت به باعتباره حكما دوليا نشطا، كان يتطلع إلى الاقتراب مني، ولمس أذني. أخبرني أن أجرب شيئا جديدا، وقال إنه جربه مرة واحدة ولم يتراجع عنه أبدا. وقال إنه يمتلك القدرة على جعلي أذهب بعيدا."
كشف بيريلا أيضا أن بعض الحكام الذين استجابوا لمطالب رويز وحصلوا على ترقية.
وفي الوقت نفسه، تحدث تشافيز -أحد الحكام الثلاث المتقمدين بشكاوى ضده- لوسائل الإعلام المحلية عن حادثة وقعت أثناء إدارة مباراة في كأس كولومبيا، فقال: "حاول لمس جسدي عنوة أثناء خروجي من الحمام، وقال لي (هذا الشخص سيدفع رسوما الليلة)، فأجبته: لا تعبث معي".
ميخيا الحكم الثالث بدوره كشف "دعاني لمشاهدة نهائي دوري أبطال أوروبا وعندها لمس وجهي ووضع يده على ساقي، وبعد تلك الواقعة لم يتم اختياري لإدارة أي مباراة لمدة شهرين".
في سبتمبر من نفس العام نقلت صحيفة "إل تيمبو" الكولومبية تصريحات جديدة وتلك المرة لرييس كيفيدو وهو حكم محلي ادعى إن رويز تحرش به وعمره 14 عاما.
الحكم الذي كان يبلغ 27 عاما وقت تقديم الشكوى الجديدة قال إن رويز أخبره: "يجب على جميع الحكام الذين يريدون أن يكونوا محترفين وحكام في كرة القدم الكولومبية أن يأتوا إلى هنا، إلى سريري".
وأضاف "تمكنت من رؤية أن جميع عمليات التحكيم الوطنية تتم بأوامره، عندما كنت في منزله كان يخرج ورقة صغيرة عليها أهم المباريات ويعين من يريد ".
في تلك الواقعة رد أوسكار رويز لأول مرة عبر نفس الصحيفة، فقال: "تستمر نفس الهجمات من نفس الأشخاص الذين هاجموني في السابق، رفعت ضدهم دعاوى قضائية بالفعل من قبل فريق المحامين الخاص بي، برئاسة ماريو إيجواران، النائب العام السابق للأمة. إن الوقائع التي أخبرتني بها والتي لا أعرف عنها شيئا على الإطلاق تعود إلى وقت لم أكن أعرف فيه رييس، الذي يقاضيني اليوم".
وتابع "في رأيي هناك المزيد من الأشخاص وراء هذا الأمر، وأعتقد إنهم يحاولون ابتزازي من أجل المال".
في أغسطس 2020 تم تبرئة أوسكار رويز بعدما رفضت النيابة العامة الشكاوى التي تقدم بها الحكم السابق هارولد بيريلا، والذي كان يصر على أن رويز تحرش بالعديد من الحكام.
واعتبر المدعي العام في البلاد أن الشكوى التي قدمها بيريلا في عام 2019 كانت في غير أوانها، حيث أن التحرش المزعوم، وفقا للتحقيق، حدث بين عامي 2009 و2016.
تدخل فيفا
في مايو 2022، نقلت صحيفة "ذا جارديان" إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن لجنة الأخلاقيات تحقق في مزاعم اعتداء وتحرش جنسي موجهة ضد رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الكولومبي.
التقرير أشار إلى وجود 11 ضحية وأكثر من 30 شاهدا على تورط أوسكار في قضايا تحرش جنسي.
وقال متحدث باسم لجنة الأخلاقيات في الاتحاد الدولي لكرة القدم "وصلتنا المعلومات الواردة في استفساركم ويمكننا أن نؤكد أن لجنة الأخلاقيات المستقلة في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تنظر حاليا في الأمر".
وأضاف "يرجى تفهم أنه لا يمكن الإدلاء بمزيد من التعليقات في هذه المرحلة".
وبعد نشر هذه المعلومات، عاد هارولد بيريلا أول من وجه اتهاماته ضد رويز وقال لصحيفة "إل تيمبو": "ننظر بثقة إلى التحقيق الذي يجريه فيفا. في حين أنهم يفتحون تحقيقا، فإنهم في كولومبيا يغلقونه. لا نثق بمكتب المدعي العام، نحن نرى أن القضية تم إغلاقها بطريقة غير مناسبة، لم يتصلوا بي، سواء الاتحاد أو مكتب المدعي العام".
ورد رويز مجددا عبر نفس الصحيفة على الاتهامات قائلا: "هذه الوقائع لا تتطابق مع الواقع، عملت 16 عاما كحكم دولي ولم يتم التحقيق معي قط. خضت أكثر من 200 نشاط دولي وبطولة ودورة وندوة مع مدربي حكام من مختلف أنحاء العالم ولم أتعرض لأي اتهام قط".
كما صرّح عبر "إل تيمبو" مجددا: "فيفا حر في التحقيق، ونأمل أن يحققوا حتى يصلوا إلى نفس النتيجة التي توصل إليها مكتب المدعي العام".
فيفا لم يُصدر أي قرار تأديبي بشأن رويز، بشكل رسمي منذ 2022 وحتى الآن.
وبالفعل ظهر الكولومبي في مصر رفقة ماسيمو بوساكا مدير لجنة الحكام في فيفا، وهو ما يعني استمرار عمله في الاتحاد الدولي ضمن ورشة عمل لتطوير الحكام في اتحاد الكرة تحت إشراف فيفا.
اتهامات عديدة لم تُفض لأي شيء، سواء من التحقيقات المحلية أو حتى الدولية، ولا زال أوسكار يمارس مهامه العملية بدون أي مشاكل، والآن أصبح على أعتاب مهمة جديدة في كرة القدم المصرية.