كتب : FilGoal
اتهام حكم بالتبول على أرض الملعب أمر غريب في حد ذاته، ولكن الأمتع أنه ليس الحدث الوحيد الغريب في مسيرة السويسري ماسيمو بوساكا الذي يقترب الآن من تولي رئاسة لجنة الحكام المصرية.
الحكم الذي ظهر في كأس العالم مرتين، وأدار نهائي دوري أبطال أوروبا، كانت صافرته شاهدة على واحدة من أسوأ الوقائع في تاريخ الكرة السويسرية، وكان أحد القلائل الذين ردوا الإهانة على الجماهير بصورة صارخة، وصاحب قرار لا ينساه مشجع لأرسنال حتى اليوم.
هكذا دخل التاريخ
الحكم الذي بدأ مسيرته عام 1996، وصار دوليا منذ عام 1999، كتب العديد من الإنجازات المشرفة بإدارته لـ 3 مباريات في كأس العالم 2006، أشهرها مباراة الأرجنتين والمكسيك (2-1 للأرجنتين) في دور الـ 16، ثم أدار نهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 2007 والذي انتهى بفوز إشبيلية على إسبانيول بركلات الترجيح، وطرد مويسيس هورتادو لاعب إسبانيول بالإنذار الثاني.
النسق التصاعدي استمر بظهوره في يورو 2008، حيث أدار 3 مباريات أبرزها نصف النهائي بين ألمانيا وتركيا، والتي شهدت الفوز المثير للماكينات 3-2 وتأهلها إلى النهائي الذي خسرته أمام إسبانيا بهدف فيرناندو توريس الشهير.
كان التتويج الأكبر في مسيرته حين أدار نهائي دوري أبطال أوروبا 2009 في روما بين برشلونة ومانشستر يونايتد، والذي انتهى بفوز البلوجرانا بهدفي صامويل إيتو وليونيل ميسي.
كذلك ظهر في كأس العالم 2010، وأدار مباراة السوبر الأوروبي في 2010 بين أتلتيكو مدريد وإنتر ميلان، والتي انتهت بفوز الأتلتي بهدفي خوسيه أنطونيو رييس وسيرخيو أجويرو.
عار بازل
أول ليلة حفرت اسم بوساكا في الذاكرة، كانت المباراة الفاصلة لتحديد بطل الدوري السويسري عام 2006، بين بازل الساعي للحفاظ على اللقب للمرة الثالثة على التوالي، وضيفه زيوريخ الذي فاز 2-1 في الرمق الأخير.
المباراة كما شهدت العديد من المخالفات والتدخلات القوية، شهدت إطلاق بوساكا لصافرة النهاية مباشرة عقب هدف فوز زيوريخ المتأخر.
30 ثانية فقط عقب هذه الصافرة، وأثناء احتفال لاعبي زيوريخ بصورة طبيعية، فوجئ الجميع بفيضان من جماهير بازل يجتاح أرض الملعب، وشمروخ يتم إلقاؤه مباشرة على لوليان فيليبيسكو صاحب هدف الفوز، ولكنه لم يصبه.
على الجانب الآخر من الملعب نزل مشجعو زيوريخ الـ 500 للاحتفال مع لاعبيهم، واندفعت الشرطة لتشكل حائط بشري أمام جماهير بازل في محاولة منها لمنع الصدام الحتمي بين هذه الجحافل وتلك القلة، وأثناء هذه المناوشات تعرض فيليبيسكو لعدة اعتداءات مباشرة، واشتبك مع بعض الجماهير ورد الضرب عليهم.. قدر استطاعته بالطبع.
مراسم التتويج أقيمت في المدرجات الرئيسية في النهاية نظرا لاستمرار الاشتباكات بين الشرطة ومشجعي بازل على أرض الملعب، وليتها انتهت بنهاية المباراة والتتويج، فقد امتدت للشوارع ولجأت الشرطة لمدافع المياه والرصاص المطاطي حتى انتهت تلك الليلة المؤسفة.
115 مصابا و15 محتجزا في المستشفى. تلك هي الحصيلة الختامية لليلة التي لا يزال الإعلام السويسري يسميها بـ "عار بازل".
ليست المرة الأولى في مصر
سبق للسويسري إدارة مباراتين في الكرة المصرية، الأولى كانت نصف نهائي كأس مصر 2007 بين الأهلي والإسماعيلي.
هذه المباراة انتهت بفوز الأهلي 2-0، بهدفي شادي محمد ومحمد أبو تريكة، وتأهل الأحمر للنهائي الشهير أمام الزمالك الذي انتهى بفوزه 4-3، بصافرة أجنبية أخرى، للإسباني ألفونسو بيريز بورول.
أما الظهور الثاني لبوساكا فكان في القمة بين الزمالك والأهلي في الدوري، في 16 أبريل 2010، وهي المباراة المثيرة التي انتهت بالتعادل 3-3.
تقدم أحمد جعفر للأبيض، ثم تعادل عماد متعب، فاسترد حسين ياسر المحمدي تقدم الزمالك، ليتعادل متعب مجددا، ثم تقدم محمد عبد الشافي للمرة الثالثة، قبل أن يسجل محمد بركات هدف التعادل في الدقائق الأخيرة.
أيضا تواجد بوساكا في مصر عام 2017 لإلقاء محاضرات على الحكام المصريين.
الحقيقة وراء التبول
عام 2009 كان الأكثر صخبًا في مسيرة بوساكا.. لأنه أدار فيه نهائي دوري أبطال أوروبا.. أليس كذلك؟
لأنه أدار فيه نهائي دوري أبطال أوروبا.. أليس كذلك؟
بعد هذا النهائي بأشهر قليلة، تحديدا في 12 سبتمبر 2009، أدار بوساكا مباراة الغرافة والخور في الأسبوع الأول من الدوري القطري، والتي انتهت بفوز ساحق للغرافة 4-1.
ولكن البوركيني داجانو لاعب الخور وجه أغرب تهمة يمكن توجيهها لحكم في مباراة، حيث اتهمه بالتبول على أرض الملعب أمامهم!
فضيحة ضاعفتها قناة الكاس القطرية (الدوري والكاس آنذاك) بعرض اللقطة المشار إليها، بشريط أسود على الحكم، مما زاد الإيحاء بأن الواقعة قد حدثت.
ولكن بعد قرابة أسبوع من التحقيقات، تحديدًا في 20 سبتمبر، قررت لجنة الانضباط باتحاد الكرة القطري معاقبة داجانو بغرامة مالية بعد أن اعتبرت ادعاءه كاذبا، وبحسب صحيفة البيان الإماراتية، فإن اللجنة اطلعت على الفيديو الكامل بدون الشريط الأسود، ليتضح أن بوساكا كان يضع يده على سرواله فقط.
ولكن قبل يوم واحد من صدور قرار لجنة الانضباط، كان بوساكا يرتكب كارثة أخرى في سويسرا..
موقعة الإصبع
19 سبتمبر 2009.. تولى يومها بوساكا إدارة مباراة في كأس سويسرا بين بادين ويانج بويز، ربما تعرف يانج بويز، ولكن على الأرجح لا تعرف الفريق الآخر..
هذا الفريق الآخر تقدم على عكس التوقعات تماما، فاقتحمت بعض جماهيره الملعب، ولسبب ما لم يتضح في لحظتها، أشهر بوساكا لهم إصبعه الأوسط.
في البداية نفى الحكم السويسري أنه فعل ذلك، ولكن اللقطة كانت أوضح من نفيه، وخالية تماما من الشرائط السوداء.
اعتذر بوساكا بالطبع عن الواقعة، وتلقى عقوبة الإيقاف لـ 3 مباريات، وبرر ما فعله بأنه انساق وراء الاستفزاز من الجماهير.
الرقصة الأخيرة
8 مارس 2011.. آخر ظهور لصافرة السويسري بوساكا في دوري أبطال أوروبا.
لم يكن كونه الظهور الأخير أمر سبق تحديده، ولكن تلك الليلة بين برشلونة وأرسنال على ملعب كامب نو، والتي شهدت فوز برشلونة (بطل المسابقة في النهاية) على الجانرز 3-1، شهدت واقعة لا تزال تثير الجدل إلى يومنا هذا.
إنها بالطبع البطاقة الحمراء الشهيرة التي تلقاها روبن فان بيرسي مهاجم أرسنال في هذه الليلة.
ولكن، حتى نضع الأمور في سياقها فهي ليست مجرد بطاقة حمراء.. فهذه المباراة كانت مباراة الإياب، بعد فوز أرسنال ذهابا 2-1 في لندن.
ليونيل ميسي افتتح التسجيل لبرشلونة على كامب نو في الدقيقة 49، نتيجة كانت تكفي لتأهل البلوجرانا في زمن قاعدة الهدف الخارجي، ولكن في الدقيقة 53 تعادل أرسنال بهدف عكسي من سيرجيو بوسكيتس.
النتيجة تشير لتأهل أرسنال وكل الاحتمالات مفتوحة، فهدف ثانٍ من أرسنال في كامب نو سيجعل برشلونة بحاجة للفوز 4-2 من أجل التأهل، ولكن 3 دقائق فقط كانت كافية لإنهاء للقضاء على أي فرصة للتفكير في أي احتمالات.. فقد خرج فان بيرسي مطرودا في الدقيقة 56 بالإنذار الثاني، لأنه ركل الكرة عقب الصافرة.
بالطبع فاز برشلونة في النهاية، إذ سجل تشافي الهدف الثاني، وتلاه ميسي بركلة جزاء منحت الكتلان الثالث، في وضع لو سجل فيه أرسنال هدفا واحدا لتأهل على كل حال.
اتفقنا أم اختلفنا على واقعة الطرد هذه، فإن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لم يجد سببا مقنعا لمنح بوساكا أي مباراة أخرى في الأدوار الحاسمة لعامه الأخير كحكم، لتصبح هذه الذكرى الأخيرة الأبرز عن اسمه في عالم التحكيم.