كتب : محمد رؤوف
عاد السويسري كريستيان جروس لتدريب الزمالك في ولاية ثانية، وظهرت معه الكثير من الاعتراضات والتساؤلات بسبب عمر جروس الذي يبلغ 70 عاما.
ولكن السؤال الهام، هل عمر المدير الفني مهم وحاسم في العمل مع فريق كرة قدم؟ يوجد سؤال أهم بكثير سيتم الإجابة عنه لاحقا من أعظم مدربي العالم.
لا تعاقد دون مقابلات
بداية يجب توضيح كيف يتعاقد أي ناد مع لاعب أو مدير فني بسبب أحاديث عدم القدرة على العمل لعامل السن.
إجراء مقابلات قبل التعاقد مع اللاعب أو المدير الفني شيء يفعله كل الأندية في العالم.
لا يبرم أي نادٍ التعاقد بدون إجراء مقابلة أو أكثر، وليست غرضها الأول الأمور التعاقدية، بل معرفة ما إن كان النادي والمدير الفني يسيران في نفس الطريق ووجهات النظر والرؤية المستقبلية وطريقة اللعب والمشروع.
من الطبيعي أن يعرض النادي رؤيته ومشروعه وكذلك المدير الفني، ولهذا على سبيل المثال يرحل أكثر من مدرب عن ناديه بسبب عدم الاتفاق للرؤية المستقبلية والمشروع، ولعل أشهر مثال هو الإيطالي أنطونيو كونتي.
رحل كونتي عن يوفنتوس بسبب عدم التوافق في وجهات النظر لفترة الانتقالات ونوعية وجودة اللاعبين الذي كان يريد التعاقد معهم.
على عكس النادي كان يرى أنه لن يستطيع تلبية طلباته وبالتالي رحل.
وهذه المقابلات تحدث قبل التعاقد وبنهاية كل موسم لمعرفة أهداف العام الذي يليه وهكذا.
هذه النقطة تنقلنا إلى تساؤل آخر وهو القدرة على العمل والسن المتقدم.
"التدريب؟ يتحدث مع وكيل المراهنات أكثر الوقت"
سرد ريو فرديناند لاعب مانشستر يونايتد السابق حول فترة لعبه في الفريق ونظام التدريبات تحت قيادة سير أليكس فيرجسون الذي يعتبر من الأعظم في تاريخ كرة القدم.
وقال المدافع الإنجليزي خلال بودكاست خاص به: "فيرجسون كان يعد الحصص التدريبية مع مساعديه ثم يخرج من الملعب".
وأضاف "كان يقف بعيدا يراقب الفريق وما يحدث في التدريبات وكثافته".
وأكمل "فيرجسون لم يكن يقول الكثير أبدا، كان يتحدث مع وكيل المراهنات الخاص به حول الحصان الذي يدعمه، هذا هو الشخص الذي كان يتحدث معه أكثر الأوقات".
وواصل "بين الحين والآخر كان يتحدث معنا قبل الحصة التدريبية، ربما قبل مباراة كبيرة أو بعد نتيجته ويقول اسمعوا يا رفاق أريد جلسة تدريب قوية".
وشدد "فيرجسون لم يكن يتحدث كثيرا عن التفاصيل على الإطلاق".
من الذي يعمل في التدريبات؟
بالتأكيد تسأل الآن من الذي يعمل في التدريبات أكثر، بعد أن أدركت أن المدير الفني لا يدير الأمور بالضرورة في الحصص التدريبية.
يجيب فيرديناند قائلا: "مايك فيلان مساعد فيرجسون كان الأقرب له، يتحقق ويتطلع على كل شيء لنقل الأمور إلى فيرجسون حتى التفاصيل الصغيرة التي تحدث".
وتابع "فيلان كان عيون وآذان فيرجسون، لكنه كان لا يعمل كثيرا في الحصص أيضا، لم أفهم في البداية، لكن مع تقدمي في العمر والنضج أدركت الأمور".
وأكمل "كارلوس كيروش كان يعمل كثيرا ويقول لنا دعونا نفكر في هذا الأمر من الممكن أن يحدث في المباراة، كان رائعا وأفضل مدرب في فترتنا الانتقالية ودربنا كثيرا على كيفية استعادة الكرة والدخول في عمق الخصم وقتلهم بالتحركات".
وواصل "إذا نظرت إلى الفريق عندما كان مدربا، فقد كنا حازمين وكان بإمكاننا القتال ضد أي خصم والركض كثيرا".
يجب إيضاح أن فيرجسون ليس طول مسيرته يعتمد على مساعديه، بل في بدايته كان يقوم بعمل كل شيء بنفسه، لكن أدرك أنه عندما يشاهد التدريبات من الخارج فيرى الأمور والتدريبات بشكل أفضل وبالتالي يتخذ قرارات مناسبة وصحيحة.
هل الأمر يقتصر على المدربين كبار السن فقط؟ لنحصل على الإجابة من بيب جوارديولا المدير الفني لـ مانشستر سيتي.
"لا تنازل عن مساعدي أبدا"
وتحدث عن جوارديولا لشبكة سكاي سبورتس عن الأمر قائلا: "المنصب الوحيد الذي يجب على المدير الفني اختياره هو مساعد مدربه".
وأضاف "ربما تكون هناك مناقشات حول اللاعبين الذين يحتاج النادي إلى شرائهم ويتخذ النادي قرارا عكس رغبتك وعليك قبوله، لكن الرجل الذي تعمل معه؟ يجب أن يكون قريبا جدا".
وأكمل "ينبغي أن تقرر ذلك ولا يمكن فرضه عليك".
وتابع "خوانما ليو مساعدي مشابه لي تماما في كيفية رؤية كرة القدم وفهمنا لها، إنه يساعدني على تحليل ورؤية ما يحدث للفريق وما يجب علي فعله".
وشدد "أريد من مساعد أن يجعلني أرى الأشياء التي لا أستطيع رؤيتها لأصبح مدربا أفضل، لا أريد شخصا يوافق على كل شيء، أحتاج إلى رجل يدفعني للأمام ويتحداني فكريا".
والآن عثرت على إجابة السؤال الأهم في بداية التقرير، وهو أن المدير الفني ليس دوره الكلي التدريب فعليا على أرض الملعب في الحصص التدريبية وبالتالي سنه ليس الأهم.
يوجد مثال واضح للجميع، وهو أوسكار تاباريز المدير الفني التاريخي لـ الأوروجواي بعدما أصيب بمرض عصبي هدده بالشلل واستمر في تدريب الفريق.
وإذا نظرنا إلى الزمالك نفسه، فيريرا كان يعتمد كثيرا على مساعده روي أجواش وحصل على بطولتي الدوري والكأس في الولاية الثانية في سن الـ76 عاما.
ماذا عما بعد ولاية أهلي جدة الأولى؟
بعد رحيل جروس من الزمالك، درب أهلي جدة في ولاية ثالثة، لكن المناخ لم يكن الأفضل.
تلقى جروس تهديد بالإقالة من قبل منصور بن مشعل المشرف العام على كرة القدم في أهلي جدة في وسائل الإعلام.
وقال بن مشعل لصحيفة الرياضية السعودية: "ينبغي أن يغير جروس قناعاته الفنية، إذا ظل على ذلك بدون تغير الأوضاع ستتم إقالته".
وكان ذلك بعد التعادل مع فريق العدالة، مع العلم أن الأهلي كان في المركز الثالث برصيد 30 نقطة ويبتعد عن النصر الوصيف بفارق 4 نقاط، و5 نقاط عن الهلال المتصدر.
وخاض جروس مع الأهلي 18 مباراة وفاز في 12 وتعادل مرتين وخسر 4.
وترك الفريق منفردا بصدارة مجموعته في دوري أبطال آسيا برصيد 7 نقاط.
وتمت إقالته بعد الفوز على استقلال إيران بهدفين مقابل هدف.
المهمة المستحيلة
تولى جروس تدريب شالكة في مهمة مستحيلة إذ تسلم الفريق في الجولة 14 واستمر لمدة 11 مباراة في فترة هي الأسوأ للنادي إداريا في الأعوام الأخيرة.
وتسلم الفريق كمتذيل لجدول الترتيب برصيد 4 نقاط.
وأعلن النادي في تقريره للسنة المالية أن ديونه تبلغ 197 مليون يورو.
ولجأ شالكة إلى حكومة ولاية شمال الراين فيستفاليا للحصول على قرض ولم يكتمل الأمر.
وفاز جروس مباراة واحدة وتعادل مرتين وخسر 8 لقاءات في موسم هو الأصعب لشالكة.
ولم يتعافى حتى الآن، بل يزداد الأمر سوءا، إذ يحتل المركز 14 في جدول ترتيب الدوري الألماني الدرجة الثانية برصيد 17 نقطة من أصل 18 فريقا، وهي التجربة التدريبية الأخيرة له.
ثم انضم جروس لمجلس إدارة نادي بازل.
نقطة التحول في الولاية الأولى
في البداية اعتمد جروس في ولايته الأولى على اللعب بطريقة 4-1-4-1 بطريقة هجومية للغاية دون الأخذ في الاعتبار الجانب الدفاعي بشكل كبير.
وكان طارق حامد دائما يلعب كرقم 6 وحيدا، قبل أن يعدل الأوضاع ويقرر وضع فرجاني ساسي جانبي مع مهام هجومية أكثر والاعتماد على تمريراته الكاسرة للخطوط.
وحتى يتحرك كثيرا من الخلف للأمام استغلالا لعدم مراقبته.
هذا التغيير أعطى توازنا وسلاسة أكثر في الخروج بالكرة للزمالك، وتبدو أنها ستكون مهمة عبد الله السعيد الآن.
لكن نقطة التحول كانت أمام جور ماهيا في الجولة الأولى من دور المجموعات في بطولة الكونفدرالية.
دخل الزمالك في المباراة بكثافة هجومية معتادة حتى خارج أرضه.
وهنا خسر الزمالك بأربعة أهداف مقابل هدفين، وهنا مرونة جروس جعلته يغير قناعاته في إفريقيا.
منذ تلك المباراة وحتى التتويج بالبطولة تلقى الزمالك هدفين فقط أي في 11 مباراة.
العراف؟
ما بين العراب أو العراف، تحدث عماد السيد حارس مرمى الزمالك السابق وقت جروس وقال إنه في أكثر من مرة يتنبأ بما سيحدث.
وأبرزها تنبؤ جروس بإصابة عماد السيد وكذلك حدوث حالة طرد في مباراة الداخلية، وحدث الأمر بالفعل بحصول بهاء مجدي على الإنذار الثاني.
وفي النهاية فالأمر يعتمد كثيرا على إدارة الزمالك في توفير المناخ الجيد واختيار جروس لمساعديه.