كتب : تامر ممدوح | الأحد، 08 سبتمبر 2024 - 18:21

دوري مصري طبيعي منتظم.. هل هو من المستحيلات؟

شعار الدوري المصري - دوري النيل

في موسم 2007/2008 أي قبل أكثر من 15 عاما انتهى الدوري العام المصري يوم 22 مايو 2008، رغم أن هذا الموسم شهد إقامة كأس الأمم الإفريقية في يناير 2008 وكذلك شهد وصول الأهلي لنهائي دوري أبطال إفريقيا في نوفمبر 2007 وكذلك وصل الإسماعيلي لدور المجموعات ببطولة الكونفدرالية (دور الثمانية وقتها). مع العلم أيضا أن الدوري كان مكونا من 16 فريقا أي تلعب به ثلاثين جولة.

ماذا حدث منذ ذاك العهد حتى نصل إلى ما وصلنا إليه من عدم انتظام وتأجيلات كثيرة أدت بنا إلى إنهاء الدوري في شهر أغسطس في معظم المواسم بالسنوات الأخيرة؟

منذ عودة الدوري لنظام المجموعة الواحدة من 18 فريقا في موسم 2014/2015 بعد إلغاء موسمي 2011/2012 و2012/2013 وإقامة موسم 2013/2014 وفقا لنظام المجموعتين، لم ينته الدوري في الغالبية العظمى من المواسم قبل شهر يوليو حتى في السنوات التي بدأ فيها الموسم مبكرا في شهر أغسطس، حتى قبل الارتباك الذي حدث نتيجة تأخر موسم ٢٠١٩/ ٢٠٢٠ بسبب وباء كورونا. فما السبب في ذلك؟

الأسباب متعددة أولها أن الدوري مكون من 18 فريقا، بمعنى أنه يقام في 34 جولة وهو عدد كبير من المباريات يتعارض حتما مع مشاركة الأندية في البطولات الإفريقية. سيقول أحدهم ولماذا لا يحدث هذا التعارض في بطولات الدوري في أوروبا أو آسيا؟

الواقع هو أن الوضع في إفريقيا مختلف ومختلف جدا. فالبطولات كل عام لها مواعيد مختلفة وليست ثابتة فحتى الآن لا نعرف متى تحديدا ستقام مباريات دور المجموعات لبطولتي إفريقيا للأندية هذا الموسم، ولا نعرف متى سيقام الدوري الإفريقي إذا كان سيقام من الأصل، فكيف نحدد مواعيد جولات الدوري ونحن لا نعرف أي مواعيد محددة لمباريات الأندية في إفريقيا.

كذلك تلعب مباريات بطولات إفريقيا في يوم العطلة الأسبوعية أيام الجمعة أو السبت أو الأحد أي في نفس المواعيد المفترضة للدوري وليس في منتصف الأسبوع كما يحدث في أوروبا وآسيا.

أيضا تنفرد إفريقيا بإقامة كأس الأمم الإفريقية كل سنتين وفي معظم الأوقات تقام في يناير، وحتى الآن لم تلعب في الصيف رغم القرار المتخذ بذلك إلا في سنة ٢٠١٩ عندما استضافتها مصر.

وبالتالي كل سنتين وفي وسط الموسم في يناير يتوقف الدوري لمدة 40 يوما أو أكثر للاستعداد ثم المشاركة في كأس الأمم وهو ما حدث الموسم الماضي، وما زاد الأمر تعقيدا هو تغيير نظام بطولات إفريقيا لتقام من أغسطس لـ مايو في نفس توقيت الدوري بداية من موسم 2018/2019، فأصبحت الأدوار الرئيسية (دور المجموعات) تتقاطع مع الدوري مباشرة بدلا من إقامتها في الصيف من يونيو لـ أغسطس سابقا وفقا لتوقيت البطولة قبل ذلك.

من قبل، كان هناك ست مباريات تقام في الصيف بعيدا عن التوقيت الطبيعي للدوري بينما تقام ست مباريات فقط (الدور التمهيدي والأدوار النهائية) في وسط الموسم، لكن الآن أصبحت كل المباريات داخل توقيت الموسم من أغسطس إلى مايو. قد يقول قائل أن هذه هي نفس ظروف دول إفريقيا الأخرى فهل تعاني مثلنا؟ وهل موسمها الكروي غير منتظم أيضا؟ لنلقي نظرة.

الدوري التونسي

الدوري في تونس موسم 2023/2024 بدأ في 19 أغسطس 2023 وانتهى في 20 يونيو 2024، كيف ولماذا؟ أولا: لأن الدوري 14 فريقا فقط وهو العدد الذي استقر عليه الدوري منذ سنوات عديدة.

ثانيا: لأنه أقيم بنظام المجموعتين وهو النظام الذي تبنته تونس منذ موسم 2021/2022، وتحولت تونس لنظام المجموعتين في ذلك الموسم عقب تأخر نهاية موسم 2020/2021 نتيجة وباء كورونا حيث انتهى الموسم في أكتوبر 2021، فاصبح الحل الوحيد هو إقامة دوري المجموعتين والذي انتهى في أول موسم لإقامته في يونيو 2022. واستمر النظام بعد ذلك حتى الآن.

ويتم تقسيم الفرق الـ14 إلى مجموعتين، كل مجموعة من سبع فرق تلعب دوري من دورين، أي 12 جولة فقط. ثم يلعب الثلاثة الأوائل من كل مجموعة للعب دوري البطولة من دورين، أي 10 جولات فقط بمجموع 22 مباراة لكامل الدوري. إذا سر انتظام الدوري التونسي هو قلة عدد المباريات نتيجة نظام دوري المجموعتين.

الدوري المغربي

الدوري في المغرب موسم 2023/2024 بدأ في 25 أغسطس 2023 وانتهى في 14 يونيو 2024. الدوري مكون من 16 فريقا من مجموعة واحدة أي أن الفرق تلعب ثلاثين جولة.

فكيف إذن بدأ وانتهى في موعده؟ شاركت أربعة فرق مغربية في بطولات إفريقيا الموسم الماضي وهي: الوداد والجيش الملكي بدوري الأبطال والفتح الرباطي ونهضة بركان في الكونفدرالية.

كما شارك الوداد في الدوري الإفريقي المستحدث، فهل كان يتم تأجيل المباريات لهذه الفرق كما كان يحدث في مصر؟ لنرى ماذا حدث مع الوداد كونه شارك في العدد الأكبر من المباريات الخارجية.

مع بداية دوري ابطال إفريقيا لعب أولى ميارياته في المغرب أمام جلاكسي يوم 25 نوفمبر ثم لعب في الدوري يوم 28 نوفمبر وبعدها طار إلى كوت ديفوار يلاقي أسيك يوم 2 ديسمبر وعاد ليلعب في الدوري يوم 6 ديسمبر ثم استقبل سيمبا في المغرب يوم 9 ديسمبر ولعب في الدوري يوم 12 ديسمبر.

أي أن الفاصل بين المباريات خارج الوطن واللعب في الدوري هو ثلاثة أيام وداخل الوطن الفارق يومين فقط. مع العلم أن الدوري المغربي استمر حتى يوم 8 يناير 2024 (مع إقامة آخر مباراة مؤجلة للوداد يوم 11 يناير) أي قبل بدء كأس الأمم الإفريقية بأقل من خمسة أيام.

ولهذا ورغم كل الارتباطات الإفريقية انتهى الدوري المغربي الدور الأول (15 أسبوعا) لكل الفرق قبل كأس الأمم الإفريقية ودون أي مؤجلات. وبهذا لعب الوداد في الفترة من 31 أغسطس 2023 حتى 11 يناير 2024 عدد 15 مباراة في الدوري و10 مباريات خارجية (4 في دوري الأبطال و6 في الدوري الإفريقي) بمجموع 25 مباراة في 134 يوما بمعدل مباراة كل خمسة أيام تقريبا.

هذا الانتظام في إقامة المباريات هو ما مكن الاتحاد المغربي من إيقاف المسابقة لمدة شهر من آخر أبريل حتى آخر مايو لإقامة الدور ربع النهائي لكأس العرش وعدد من المؤجلات لنهضة بركان والجيش الملكي والوداد حتى تلعب آخر ثلاث جولات دون أي تأجيلات. وهكذا استمر الدوري المغربي لينتهي أسبوعه الثلاثين والأخير يوم 14 يونيو وليتم لعب الدورين قبل النهائي والنهائي من كأس الملك بعد نهاية الدوري لينتهي الموسم كله في 1 يوليو.

ومن هنا نسنتنتج أن سر انتظام الدوري المغربي هو أن الفرق المشاركة إفريقيا تلعب مباريات الدوري بفاصل زمني ثلاثة أيام أو يومين وسط مياريات بطولة إفريقيا. كذلك يتم إقامة تجمعات المنتخب في مواعيدها الطبيعية وفقا للأجندة الدولية حتى قبل البطولات الكبرى مثل كأس الأمم الإفريقية.

ماذا عن الدوري المصري؟

في مصر تم الاتفاق مع الأندية المشاركة إفريقيا منذ موسمين على أن يكون الفاصل الزمني أربعة أيام بين مباريات الدوري قبل أو بعد المباريات خارج مصر، وثلاثة أيام في حالة المباريات داخل مصر. وبناء على هذه القاعدة تم إعلان جدول الدوري المصري للدور الأول قبل بداية موسم 2023/2024 والذي انطلق يوم 18 سبتمبر 2023. وإذا تتبعنا مباريات الأهلي بما أنه الفريق الذي شارك في عدد بطولات خارجية مقارب للوداد المغربي، سنجد أنه لعب أولى مبارياته في الدوري يوم 19 سبتمبر وكان قد لعب قبلها كأس السوبر الإفريقي يوم 15 سبتمبر، ثم لعب مباراة الذهاب قي القاهرة أمام سان جورج الإثيوبي يوم 24 سبتمبر ثم العودة في القاهرة أيضا كما تم الاتفاق مع النادي الإثيوبي يوم 29 سبتمبر.

وتم تأجيل مباراة سيراميكا كليوباترا التي كان مقررا لها يوم 27 سبتمبر تطبيقا للقاعدة. ثم تأجل للأهلي مباراتين آخرين لمشاركته في الدوري الإفريقي. ثم ومع بداية دور المجموعات في دوري أبطال إفريقيا لعب في القاهرة أمام ميدياما يوم 25 نوفمبر ثم لعب مباراة في الدوري أمام سموحة يوم 28 نوفمبر ثم سافر ليلاقي يانج أفريكانز في تنزانيا يوم 2 ديسمبر ثم كان من الممكن أن يلعب مباراة في الدوري قبل مباراة شباب بلوزداد يوم 8 ديسمبر في القاهرة ولكن لم يحدث تطبيقا للقاعدة كذلك.

بعدها سافر الأهلي لكأس العالم للأندية تم شارك في بطولة كأس السوبر المصري بنظامها الجديد في نهاية ديسمبر ثم توقف الدوري بعدها للاستعداد لكأس الأمم. وهكذا تراكمت المؤجلات حيث لم يلعب الأهلي أي مباراة في الدورى المصري بعد مباراة سموحة في نوفمبر حتى التقى بلدية المحلة يوم ٢٧ فبراير!

أي أن الأهلي لعب في الدوري المصري 7 مباريات فقط في الفترة من 15 سبتمبر 2023 حتى 26 فبراير 2024. في نفس الفترة لعب 12 مباراة إفريقية ودولية ومباراتين بكأس السوبر المصري بالإضافة إلى مباراة في كأس مصر. أي أن مجموع المباريات التي لعبها في فترة 166 يوما هي 24 مباراة بمعدل مباراة كل سبعة أيام تقريبا.

بينما أدى تراكم المؤجلات في نهاية الموسم إلى لعب الأهلي 20 مباراة (19 في الدوري وواحدة في الكأس) في الفترة من 12 يونيو حتى 17 يوليو وهي فترة 69 يوما أي بمعدل مباراة كل ثلاثة ايام! فأيهما أفضل لمصلحة اللاعب والفريق: التأجيلات في وسط الموسم ثم الاستنزاف في نهاية الموسم مع امتداد الموسم حتى أغسطس أم التوازن بين كل فترات الموسم وإنهاء الموسم مبكرا ومنح اللاعبين راحتهم السلبية الطبيعية؟

يتضح جليا إذن أن السبب الرئيسي في عدم انتظام الدوري المصري وامتداده لشهر أغسطس هو قاعدة الأربعة أيام التي تؤدي في النهاية إلى إراحة اللاعبين لفترات طويلة وقت البطولات الإفريقية (مباراة كل أسبوع) ثم ضغطهم بشدة في نهاية الموسم (مباراة كل ثلاثة أيام). كذلك زاد من حدة تراكم المؤجلات هذا الموسم طلبات الجهاز الفني لمنتخب مصر بفترات إضافية قبل التوقفات الدولية لتجمع المنتخب وهو ما حدث مرتين في مارس ويونيو.

وما العمل؟

هناك طريقين للحل، الأول: هو الطريق التونسي أي تغيير نظام الدوري ليكون من مجموعتين أو أي طريقة شبيهة تقلل من عدد الجولات إلى 22 أو 24 جولة فقط. وهو ما يمكن الوصول إليه أيضا عن طريق تقليل عدد الأندية بالدوري ليكون 14 فريقا فقط، ما سيجعل عدد الجولات 26 جولة فقط.

وفي كل الأحول سيمكننا تقليل عدد الجولات من تنفيذ قاعدة المباريات الإفريقية كما هي، أي ترك أربعة أيام قبل المياريات خارج مصر، وفي الأغلب لن يتم قبول هذا الحل من قبل الأندية كونه يقلل عدد المباريات ويقلل حقوق الرعاية وكما حدث كلما حدثت مطالبة بتغيير نظام الدوري في المواسم السابقة.

الثاني: هو الطريق المغربي أي ترك نظام الدوري كما هو وتغيير قاعدة الأربعة أيام وجعلها ثلاثة أيام فقط قبل المباريات خارج مصر ويومين قبل المباريات داخل مصر وهو ما أثبت نجاحه في انتظام الدوري المغربي. ولكن في الغالب لن يحظى تغيير القاعدة بقبول من الأندية المشاركة ببطولات إفريقيا وسيستخدمون حجتهم الدائمة في حاجتهم للتأجيل لأنهم يلعبون باسم مصر !

وبما أن في الغالب سيتم رفض الحلين سيبقى الحال كما هو عليه وسينتهي الموسم القادم في أغسطس 2025 أيضا، وسيصبح التحدي الحقيقي هو إقامة أي نوع من المسابقات المحلية في الموسم بعد القادم 2025/2026 والذي يزدحم بكأس العرب في نوفمبر 2025 ثم كأس الأمم الإفريقية في ديسمبر 2025 ثم كأس العالم في يونيو ٢٠٢٦.

مقالات أخرى للكاتب
أخر الأخبار
التعليقات