رواسب كادت تؤدي للقتل.. القصة الكاملة لأزمة تمثيل مصر الأولمبي بالدراجات

الخميس، 11 يوليه 2024 - 08:37

كتب : أحمد العريان

تحقيق واقعة شهد سعيد مع زميلتها جنة عليوة

حدث كان يفترض به أن يكون رياضيا، ولكن الفصل فيه امتد للمحاكم. للأسف لم يعد أمرا جديدا في الرياضة المصرية. فإن غاب الحسم في العدل، سيضطر الضحية للجوء إلى الطرق غير الاعتيادية.

سباق للدراجات بين فتيات، والمفاجأة هي شروع إحداهن بقتل الأخرى.. على الأقل هكذا فسرت الضحية الأمر، وحررت محضرا ضد زميلتها.

قبل الدخول في التفاصيل، إليكم الملخص. اللاعبة شهد سعيد صدمت زميلتها جنة عليوة بدراجتها قبل خط النهاية بأمتار قليلة. صدمة أوقعت جنة وأفقدتها الوعي، قبل أن يتضح إصابتها بكسور وفقدان مؤقت بالذاكرة.

أحداث قبل ثلاثة أشهر، وتبعها قرار بإيقاف شهد لمدة سنة عن المنافسات المحلية وغرامة مالية، لكننا فوجئنا بإسمها أيضا ضمن البعثة المصرية المشاركة في أولمبياد باريس.

لنعود الآن إلى الأحداث واستعراض الرواسب التي أدت إلى هذا المشهد..

كشفت اللجنة الأولمبية المصرية يوم الأحد الماضي عن الزي الرسمي للبعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024 بحضور وزير الرياضة.

وبدأت الاتحادات المصرية نشر صور أبطالها المتأهلين إلى الأولمبياد بالزي الرسمي.

ضمن هذه الصور، كانت صورة شهد سعيد لاعبة الدراجات التي أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل كونها تم إحالتها للتحقيق بالنيابة العامة بتهمة محاولة القتل العمد بعد حادث صدمها لزميلتها جنة خلال بطولة الجمهورية في أبريل الماضي ثم ستمثل مصر في الأولمبياد.

May be an image of 3 people and text

هل كان الحادث واقعة متكررة في اللعبة؟ أم شهد سعيد تستحق الشطب لأن ما فعلته خارج الرياضة؟ وما الذي أدى لهذا المشهد؟

تواصل FilGoal.com مع محمد وجيه عزام رئيس الاتحاد المصري للدراجات، ونسرين سلامة والدة جنة عليوة لسرد الأمر، بجانب حديث شهد سعيد ومدربها محمد إبراهيم في وسائل إعلام أخرى.

البداية

انتشر مقطع فيديو من منافسات بطولة الجمهورية للدراجات عن حادث تصادم بين لاعبتين، وهما جنة عليوة وشهد سعيد.

وتعرضت جنة لإصابات بالغة مما تسبب في فقدان مؤقت للذاكرة ونقلها إلى المستشفى من أجل إجراء عملية جراحية عاجلة.

تعالت الأصوات المطالبة بشطب شهد سعيد بسبب تعمد إصابة زميلتها جنة عليوة قبل نهاية السباق.

وتفوقت وقتها شهد بالحصول على برونزية بطولة الجمهورية على حساب جنة عليوة. قبل أن تلغى نتائج شهد لاحقا ضمن العقوبات الموقعة عليها.

وتقدمت عائلة جنة عليوة ببلاغ إلى وزارة الشباب والرياضة والنائب لاتهام شهد سعيد بالشروع في القتل.

قرار اتحاد الدراجات

هل تشارك شهد سعيد بعد تلك الواقعة في الأولمبياد وتمثل مصر وتجاوز ما حدث أم تكون النتيجة الطبيعية هي معاقبتها بالحرمان من المشاركة؟

تواصل FilGoal.com مع محمد وجيه عزام رئيس الاتحاد المصري للدراجات للتحدث عن الواقعة.

وكشف في البداية رده على حالة الجدل قائلا: "سنعقد اجتماعا عاجلا لتحديد موقف مشاركة شهد سعيد في الأولمبياد".

وبعد انتهاء الفترة أجاب "قررنا سفر شهد إلى باريس وتمثيل مصر بالأولمبياد لأن ذلك في مصلحة الوطن، وهو أهم من أي شيء".

وتابع "لا يمكننا الانسحاب في الوقت الحالي بسبب إدراج اسم شهد في الاتحادين الدولي والإفريقي وسيتسبب ذلك في ضرر علينا".

May be an image of 1 person, dais and text

واختتم تصريحاته "نسير حاليا في إجراءات الصلح بين اللاعبتين لأنهما بمثابة بنتينا، مثل هذه الحوادث تحدث أحيانا في سباق الدراجات لكن دون تعمد".

رواسب قديمة

إلى هنا يكون موقف شهد من السفر إلى باريس قد حٌسم، لكن لماذا نحن هنا وفي هذا الموقف؟

تواصل FilGoal.com مع السيدة نسرين سلامة والدة جنة عليوة والتي كشفت لنا تسلسل الأحداث من قبل السباق المشؤوم وحتى الإعلان عن المتأهلين لأولمبياد باريس من وجهة نظرها.

وكل ما يلي على لسان نسرين سلامة والدة جنة عليوة لـ FilGoal.com:

"محمد إبراهيم هو مدرب منتخب مصر في الدراجات ومن يختار المشاركين، لكن الأزمة أن هذا المدرب هو مدرب أحد أندية السويس والذي يضم شهد سعيد بين صفوفه، وكل لاعبي منتخب مصر للدراجات".

"بينما جنة وشقيقتها الكبرى حبيبة لاعبتا نادي 6 أكتوبر المنافس لهم، ويختار محمد إبراهيم المشاركات مع المنتخب وبالطبع يختار المقربين منه وأبرزهن ابتسام زايد مثلا".

ابتسام زايد مثلت مصر في أولمبياد طوكيو الماضية بالمناسبة، ومن باب الصدفة، فقد تعرضت لحادث تصادم كذلك أخرجها من السباق وحرمها من استكمال باقي السباقات.

"محمد إبراهيم مدرب المنتخب حارب حبيبة كثيرا منذ عام 2021 وكان يحرض فرق كاملة للعب ضدها حتى لا تتفوق على ابتسام زايد".

"في البداية لا تظنوا تأهل مصر لمنافسات الدراجات في الأولمبياد إنجاز. نحن نصعد إلى الأولمبياد بسبب الكوتة القارية التي تفرض وجود ثلاثة لاعبين من إفريقيا، ومحمد عزام رئيس الاتحاد المصري هو أيضا رئيس الاتحاد الإفريقي ونحصل على استضافة بطولات إفريقيا كثيرا. ونظرا لقلة المنافسين وعدم مقدرة بعض الدول على السفر تكون المنافسة سهلة لنا. لذلك ستجد لاعبو مصر متفوقين مثلا في سباقات المضمار لأن الدول التي تملك مضامير في إفريقيا من الأساس قليلين، ومن يملكون مضامير لا يملكون الأموال ليسافروا إلى مصر والمشاركة في البطولة. في النهاية يكون كوتة إفريقيا ثلاثة لاعبين من نصيب مصر. في المقابل نخسر في سباقات السرعة لأن المنافسة أقوى فيها".

بداية المشكلة

"في بطولة الجمهورية شهر أبريل وقبل السباق المشؤوم بيوم واحد فقط تم إجراء (سباق الزمن الفردي) وهو أحد سباقات الدراجات على الطريق إذ يتسابق راكبو الدراجات بمفردهم ضد الساعة، وتفوقت حبيبة -شقيقة جنة- على ابتسام زايد بفارق كبير وكانت هنا المشكلة".

"شكك محمد إبراهيم مدربها في النتيجة واتهمنا بالتلاعب واتهم حبيبة وشقيقتها جنة بتركيب مواتير في الدراجات مما يزيد السرعة وتم استدعاء الحكم الذي أثبت سلامة الموقف واعتمد فوز حبيبة".

"وفي اليوم التالي أقيم السباق الذي حدثت فيه الواقعة، ووصل إلينا قبلها أن النادي المنافس لن يمكنا من الفوز بأي طريقة وهو ما لاحظناه في السباق. قيل لنا (خلوا بالكم عشان مستحلفين لكم).

"شهد سعيد طوال السباق كان دورها مراقبة جنة والتضييق عليها بينما تركت ابتسام زايد للتسابق مع حبيبة. لاحظنا أكثر من مرة تضييق منها على دراجة جنة طوال السابق، ولكن توقعنا إنه أمر طبيعي، لكن الحقيقة هناك صور من الفيديو يُظهر تعمد شهد دفع جنة حتى أن الأمر لم يكن بين دراجتين فقط لكنها دفعتها باليد (لدرجة أن إيديها علمت على جسم جنة)".

"كما يعلم الجميع تعرضت جنة لفقدان مؤقت في الذاكرة وفقدان في الوعي لمدة 10 أيام وعانت من كسور، ورغم كل ذلك كان هم شهد سعيد الأكبر هو التركيز على عدم احتساب نتائج فريق أكتوبر لأن جنة لم تصل إلى خط النهاية من الأساس، ولم تهتم حتى بالحالة الصحية عقب الحادث وهو ما يؤكد نية التعمد".

ضغوط وقرارات متأخرة

"تعرضنا لضغوط بعد رفع قضية ضد تعمد شهد إصابة وسقوط جنة، ورغم حالة اللاعبة السيئة خرج مدرب المنتخب ليصرح تليفزيونيا أن حبيبة وجنة لاعبتان فاشلتان وخسارتهن أمر طبيعي والحادث غير متعمد، والآن يتحدثون عن مصالحة فكيف أفعل ذلك دون حتى اعتذار رسمي عما صرح به؟".

أما عن حقيقة المصالحة بين الطرفين برعاية الاتحاد المصري أجابت "أهل شهد لم يتواصلوا معي من الأساس، وكيف سأتعاطف مع لاعبة لم تتعاطف مع إصابة جنة ابنتي؟.

"قرارات اتحاد الدراجات بإيقاف شهد كان لإسكات الرأي العام بعد تحدث مواقع التواصل الاجتماعي عن الواقعة فقط، حتى عدم اعتماد نتائج شهد في السباق نفسه جاء متأخرا، فبعد السباق مباشرة كرموها وسلموها الميدالية رغم إن لوائح اللعبة تؤكد شطب نتيجة أي لاعبة تتعمد إيذاء منافستها في أي سباق".

الرأي الآخر

يأتي محمد إبراهيم المدير الفني لمنتخب مصر في الطرف الآخر كونه وافق على تمثيل شهد للبعثة المصرية في الأولمبياد.

وبرر إبراهيم ذلك بمعاقبة شهد بثلاث عقوبات مختلفة بالإضافة لأن حادث الصدام طبيعي في رياضة الدراجات.

وكل ما يلي على لسان محمد إبراهيم مدرب منتخب الدراجات عبر قناة صدى البلد.

"حادث الصدام في السباق أمر طبيعي ومنذ خمسة أيام حدثت واقعة مشابهة في أقوى سباق عالمي وكانت هناك اتهامات بالتعمد لكن تم تغريم اللاعب وإلغاء نتيجتها في السباق".

"الاتحاد المصري عاقب شهد بـ 3 عقوبات، غرامة مالية وإيقاف لمدة سنة وإلغاء نتيجتها".

"هذه السابقة الأولى من نوعها للاعبة شهد ولم يسبق أن حدث منها ذلك، لا توجد منافسة بين الثنائي شهد وجنة من الأساس ليكون هناك ضغينة بينهن".

"شهد لاعبة موهوبة وصغيرة في السن وإذا كان هناك حالة تعمد فبالتأكيد لن تكون متواجدة في المنتخب".

"فوجئنا بعمل محضر في الشرطة رغم أنها واقعة رياضية، وفي قسم الشرطة حاولنا الصلح بينهن لكن جنة رفضت وغير صحيح أنها كانت بين الحياة والموت ولدينا التقرير الطبي".

"جنة كانت تعاني من سحجات في الكتف والذراع الأيمن وكدمة شديدة في لوح الكتف الأمامي، وغير صحيح تعرضها لفقدان مؤقت في الذاكرة".

شهد سعيد بدورها تحدثت لموقع القاهرة 24، فقالت "واقعة اصطدامي بـ جنة لم تكن متعمدة ومن يفهم في رياضة الدراجات سيعرف ذلك. لا يوجد مشاكل بيننا وفوجئت برد الفعل بعد نشر صوري بزي الأولمبياد الرسمي".

Image

تأكيد الرواسب وموقف الصلح

تحدثت جنة عليوة المتضررة من الحادثة لأول مرة وأكدت الرواسب القديمة وكشفت موقفها من الصلح.

وكل ما يلي على لسان جنة عليوة عبر قناة صدى البلد:

"الحمد لله أنا بحال أفضل في الوقت الحالي، لم أصل لنسبة 100% ولكن لازلت في التأهيل ولم أعد للعب حتى الآن".

"فقدت الذاكرة بالفعل وعادت بصورة طبيعية بعد العملية الجراحية تقريبا".

"أنا الوحيدة في مصر التي تتمنى مشاركة شهد بأولمبياد باريس، وذلك لأن مستواها الرياضي سيمنحها المركز الأخير".

Image

"شهد لم تفز بأي سباق محلي وهذه ليست أمنية بالنسبة لي لكنها نتائج حقيقية، والمفاجأة بالنسبة لي كان ما حدث في سباق الجمهورية -تقصد الحادثة- وغير طبيعي ما فعلته".

"قبل الحادثة في سباق بطولة الجمهورية وخلال لف الدوران، تلفظت شهد بألفاظ لا يمكنني توضيحها لسبابي، وكان هناك تعليمات من مدربها لتعمد مضايقتي".

"كان من الممكن أن أسامحها بالفعل لكن إن كانت اعتذرت على الأقل".

"محضر الشرطة أمر طبيعي لأن من حرر المحضر هو المستشفى بسبب الواقعة وليس أنا وعائلتي في البداية".

"كنت في المنتخب آخر مرة منذ عامين ولا أعلم سبب غيابي، يمكنكم سؤال محمد إبراهيم مدرب منتخب مصر عن ذلك".

إلى هنا يكون قد انتهت شهادات كل الأطراف، لكن يبقى التنبيه لأمر واحد.

شهد سعيد المعتدية في واقعتنا مواليد 2004 -20 سنة- وجنة عليوة المعتدى عليها مواليد 2005 -19 سنة- ومازالتا في بداية طريقهما، واسمحوا لنا بكتابة رأي وتحذير

"ما فعلته شهد كان نتيجة تحريض، ومن حرضها يعيش بشكل طبيعي حاليا ووضعها هي في موقف المواجهة". هكذا صرحت نسرين سلامة والدة جنة.

"أنا الوحيدة في مصر التي تتمنى مشاركة شهد بأولمبياد باريس، وذلك لأن مستواها الرياضي سيمنحها المركز الأخير". وهكذا صرحت جنة عن مشاركة زميلتها شهد في باريس.

تصريح جنة أثار تفاعل المتابعين وضحكاتهم، لكنه في واقع الأمر حزين..

اعتداء شهد على جنة -إن كان متعمدا- لأننا بطبيعة الحال لسنا جهة التحقيق، فهو نتيجة تحريض حسب رواية المعتدى عليها. لكن الجاني في واقعتنا فتاة مازالت لم تتعد العشرين من عمرها.

ستشارك شهد في البطولة وعلى الأغلب ستحقق فعلا المركز الأخير، ليس فشلا منها ولكنه نتيجة طبيعية لفارق المستويات والتنافسية، لكن تحقيقها لهذا المركز الآن لن يكسب تعاطف الشعب بل سخريتهم لأنهم يرفضون من الأساس تواجدها.

أتعلمون من المخطئ هنا؟ ليست شهد التي ستشارك رغم فعلتها، بل من سمح لها بالمشاركة فوضعها في موقف المواجهة مع شعبها، وأثار مشاعر الكراهية في قلب الصغيرة جنة فصرحت بتمني الفشل لزميلتها لأنها تشعر بظلم لعدم الحصول على حقوقها.

وهكذا دائما يفعل غياب العدل. مزيد من الكراهية وإهدار المواهب، نتفنن في تحويل الرأي العام ضد ممثل مصر، فندعو الله ألا تكون مشاركة مصر الأولمبية كلها بنفس مستوى القرارات التي قادتنا إلى موقفنا.

آثار العدل في المجتمع، ونتائجه الإيجابية

التعليقات