هجوم إرهابي واعتذار مضحك وتحطيم سيارات لأغبى الأسباب.. يورو 1996 التي لا يريد أحد تذكرها

لا أحد منا بين 25 و35 عامًا ينسى يورو 2004 ومعجزة اليونان الشهيرة، وبالطبع جميعنا والأصغر قليلًا شهدوا إسبانيا أراجونيس 2008 وبداية العصر الذهبي للماتادور، ثم إسبانيا ديل بوسكي بعد الفوز بالمونديال وهي تأكل إيطاليا حية في نهائي 2012.

كتب : أحمد أباظة

الجمعة، 14 يونيو 2024 - 12:03
صورة تقرير يورو 1996

لا أحد منا بين 25 و35 عامًا ينسى يورو 2004 ومعجزة اليونان الشهيرة، وبالطبع جميعنا والأصغر قليلًا شهدوا إسبانيا أراجونيس 2008 وبداية العصر الذهبي للماتادور، ثم إسبانيا ديل بوسكي بعد الفوز بالمونديال وهي تأكل إيطاليا حية في نهائي 2012.

بمختلف الأعمار شهدنا "سدد يا إيدير" وتتويج البرتغال الأهم في تاريخها عام 2016، وما دمت تفوق 10 سنوات فقد شاهدت النسخة الماضية وعودة إيطاليا أخيرًا لمنصات التتويج.

وبالعودة للوراء جميعًا ممن لم يشاهدوا نسخة 1992، فبالتأكيد سمعت عن ملحمة الدنمارك التي لم تكُن مشاركة ثم توجت باللقب، وسواء من شاهد منا أو لم يشاهد، سواء بالذكرى أو المشاهدة العابرة، لقد مر عليك شيء يتعلق بنهائي 2000 بين فرنسا وإيطاليا وهدف دافيد تريزيجيه الذهبي.

ألا تشعر في هذا السياق أن هناك شيء ينقص؟ نعم.. أين 1996؟ لماذا لا يحدثنا عنها أحد؟ ربما لا أحد يهتم، رغم أن ألمانيا توجت بهذه البطولة، إلا أنه تبدو دائمًا في طي النسيان، هذا قد يعيدنا لشيء ناقشناه قبل أيام من بطولة قطر، نعم، لا أحد يحبهم..

هذه البطولة لا تأخذ حقها في الحديث رغم أنها كانت في منتهى الإثارة، فقد انتهى دورها نصف النهائي كاملا بركلات الترجيح، كان هناك منتخب للتشيك مثير أكثر من تشيك 2004 التي نتذكرها من يورو اليونان، بلغ النهائي على حساب فرنسا، بينما مرت ألمانيا على حساب إنجلترا صاحبة الأرض بنفس الطريقة، قبل أن يٌسدل ستار تلك البطولة بهدف ذهبي سجله أوليفر بيرهوف قبل تريزيجيه بـ 4 أعوام.

كل ذلك لم يكن كافيا أبدا لوضع هذه البطولة في مصاف البطولات التي نتذكرها في أحاديثنا المستمرة، وكأن لا أحد ارتبط بها إطلاقا، الكل سيحدثك عن باجيو الذي مات واقفًا في 1994، وكأس العالم 1998 وما حدث لرونالدو قبل مباراته النهائية، وكأن لا شيء حدث بينهما على الإطلاق.

رغم كل مكونات الإثارة التي شهدتها تلك البطولة في مشاهدها الختامية، إلا أن المثير في هذه البطولة حقًا لم تكُن له أي علاقة بكرة القدم، فقد بدأت بهجوم إرهابي، وشهدت أزمة جماهيرية حقيقية في منتصفها، ثم كارثة قرب ختامها..

من يبدأ محادثة بهذه الطريقة؟ لقد جلست للتو

البطولة كما أوضحنا استضافتها إنجلترا، وبالمناسبة كانت النسخة الأولى بنظام 16 فريقًا، ولكن وقت تقديم عروض الاستضافة لم يكُن ذلك مؤكدًا، ولذلك قدمت بعض الدول عرضها على أساس أنها ستستضيف 8 فرق كما كان يفترض أن يحدث في 1992.

للتوضيح، عروض استضافة نسخة 1996 تم تقديمها في ديسمبر 1991، وبالتالي كانت جميع الدول تظن أنها بحاجة لـ 4 ملاعب فقط كما جرت العادة.

المرشحون بجانب إنجلترا كانوا النمسا واليونان وهولندا والبرتغال، وتم اختيار الملف الإنجليزي، وبالطبع حين اتضح أن البطولة ستصبح بمشاركة 16 فريقًا، لم تجد "مهد كرة القدم" أي مشكلة في توفير 8 ملاعب مجهزة في 8 مدن مختلفة، فقد كانت تقدم ملفها لاستضافة كأس العالم 1998 في الوقت ذاته.

بدأت البطولة في الثامن من يونيو، وسارت الأمور بشكل عادي في كل المدن، عدا مانشستر، فبعد أسبوع واحد من انطلاق المنافسات، تحديدا في الـ 15 من يونيو، وقبل مباراة هامة في دور المجموعات بين ألمانيا وروسيا، انفجرت قنبلة في مركز المدينة وأصابت 212 شخصًا، وأحدثت خسائر قدرت بـ 700 مليون جنيه استرليني.. لم تخطئ قراءة الرقم.

من فعل ذلك؟ حسنًا.. بعد 4 أيام من الانفجار، أصدرت منظمة الجيش الجمهوري الأيرلندي بيانًا أعلنت فيه مسؤوليتها عن الحادث، ولكن في الوقت ذاته أبدت أسفها لإصابة المدنيين.. أسف منطقي، فيا له من حدث مؤسف وغير متوقع إطلاقًا حين تفجر قنبلة في مركز المدينة.

حسنًا، مشاكل إنجلترا مع بقية أعضاء بريطانيا ومع أيرلندا تحديدًا أو ملف الأيرلندتين بشكل عام أكبر من أن يحتويه مجالنا الحالي، لنعود لمباراتنا بين ألمانيا وروسيا، التي أقيمت في موعدها على ملعب أولد ترافورد، ولكن بإجراءات أمنية مشددة وتفتيش لم تشهد ملاعب إنجلترا مثله، ولكن المفاجأة الحقيقية كانت حضور أكثر من 50 ألف متفرج للمباراة، ولا تحاول إعمال خيالك هنا، رجاء.

حضروا رغم القنبلة.. فأين ذهبوا بعد ذلك؟

متوسط حضور البطولة كان مميزًا للغاية، حيث بلغ 41,158 مشجعًا في المباراة الواحدة وهو الرقم الذي ظل الأعلى للبطولة بنظام 16 فريقًا حتى تحطم في نسخة 2012، ولكن إن كانت الأرقام عادةً لا تكذب، فإنها تتجمل، وهذه ليست مزحة.

هذا الرقم القياسي الرائع تم بناؤه على عدد التذاكر المباعة، وليس عدد الحضور الفعلي الذي كان أقل بصورة واضحة يمكن رصدها بالعين المجردة في الملاعب، فقد ظهرت العديد من الكراسي الخاوية في العديد من المباريات، تحديدًا تلك التي لم تلعبها إنجلترا.

تم رمي التهمة في هذه الظاهرة على قلة عدد الجماهير المسافرة من بقية الدول، ففي النهاية السفر لإنجلترا من سائر أنحاء أوروبا يتطلب الجو أو البحر، ليس ممكنًا بالقطار والحافلة والسيارة كما يفعل بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي مع بعضهم البعض، وبالطبع لم يكُن الكثير من الإنجليز مهتمين بمباريات غيرهم، لن نعرفك على الإنجليز الآن.

الأسوأ أن المباريات التي كانت تنطلق قبل الخامسة مساء، وضعت نفسها في موقف حرج بالنسبة لأطفال المدارس والكبار العاملين، وبالطبع مع كل هؤلاء المتهمين، فإن أسعار التذاكر لا تغيب أبدًا عن أي مشهد عزوف جماهيري.

كيف تجرؤون على إقصائنا؟

هذا ما حدث عقب خسارة إنجلترا أمام ألمانيا في نصف النهائي بركلات الترجيح، حيث انطلقت احتجاجات جماهيرية موسعة، وسرعان ما تطورت لأعمال شغب ضخمة في ميدان ترافالجار والمناطق المحيطة، ومنها التقطت شوارع بعض المدن الأخرى هذا الخيط البغيض.

فجأة وجدت الشرطة الإنجليزية نفسها في مواجهة الآلاف من السكارى يستهدفون السيارات التي صنعت في ألمانيا، التي يملكها إنجليز ولكنها سيارات ألمانية، اللعنة على المنطق ومن اخترعه ومن اتبعه.

الحماقة لا تتوقف هنا، فقد طعن بعض هؤلاء المعاتيه طالبًا روسيًا في برايتون، لأنهم اعتقدوا أنه ألماني.

أسوأ ما في كل تلك الوقائع أنها أتت في الحقبة التي تعيد فيها إنجلترا تقديم مشجعيها للعالم ولأوروبا تحديدًا باعتبارهم أشخاص متحضرين، وذلك طبعًا لمحو تبعات كارثة هايسل الشهيرة عام 1985 في نهائي دوري أبطال أوروبا، وما تبعها من حرمان الأندية الإنجليزية بالكامل من المشاركة في المسابقات القارية حتى عام 1990، أي مناسبة أفضل لإثبات العكس؟ بالطبع.. بطولة قارية أخرى ولكن للمنتخبات.