كتب : محمد رؤوف
دعني أبدأ لك التقرير خارج كرة القدم أولا، حتى تتضح لك الصورة بشكل كامل، ثم سنتحدث عن كرة القدم ووقتها ستعرف أن الأمور متداخلة للغاية في أمر ألبانيا.
تعتبر ألبانيا من البلاد التي يخرج منها العديد من المواطنين للهجرة إلى البلدان الأكثر ثراء للحصول على فرص عمل جيدة والتمتع بتقدم طبي والتعلم بشكل أفضل وبالتالي العيش في مستوى جيد.
لكن كيف ممكن لإيطاليا بناء دولتها داخل ألبانيا للحد من الهجرة غير الشرعية، وكيف أثر ذلك على المنتخب المشارك في يورو 2024؟
هيا نبني إيطاليا في ألبانيا
انتهت حلول الأرض بالنسبة للحكومة الإيطالية، لكن هذه المرة ليس الأمر يتلعق بفيروس كورونا، بل من الهجرة الآتية من ألبانيا.
ولذلك اقترحت الحكومة الإيطالية بقيادة جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء ببناء مركزين لاستقبال المهاجرين هناك بدلا من الخروج من ألبانيا إلى إيطاليا في شكل غير شرعي.
وجاء الاقتراح بأن تتكفل إيطاليا بجميع المبالغ المطلوبة لبناء المركزين في الدولة التي تتواجد في منطقة البلقان من أجل استقبال المهاجرين والنظر في طلبات اللجوء، ليكون الأمر أكثر تنظيما وأمنا.
وتم إرسال الاقتراح إلى البرلمان الألباني الذي رفض محكمته الدستورية الأمر أولا بسبب انتهاك الدستور في نقل أراضي وسلطة الدولة إلى بلد آخر، لكن في النهاية تم حل الأمر والموافقة عليه من قبل البرلمان الألباني.
وكتب إيدي راما رئيس الوزراء الألباني عبر وسائل التواصل الاجتماعي "ألبانيا تقف بجانب إيطاليا عبر التصرف كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي".
وبدأت إيطاليا العمل على هذا المشروع في ميناء شينجين الألباني وسيسجل طلبت اللجوء فيه وكذلك بناء منشأة قريبة لاستضافة الأشخاص الذين ينتظرون الرد على طلباتهم، وتكفي هذه المنشأة 3 آلاف شخص، ولن تدفع ألبانيا أي مبالغ في هذا المشروع.
ويأتي كل هذا بسبب معاناة إيطاليا من الهجرة غير الشرعية سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني.
لست وحدك يا إيطاليا
تحركت بريطانيا نحو ألبانيا من أجل محاولة إيقاف كثرة الهجرة غير الشرعية، لكن لم تتخذ إجراءات قوية مثل إيطاليا.
تحدث روبرت جينريك وزير الهجرة في عام 2022 عن هجرة الألبان قائلا: "بنسبة 80% من الأشخاص الذين يصلون في قوارب صغيرة إلى بريطانيا هم من الألبان".
يكفي أن تعرف أن في عام 2020 وصل 50 شخصا على قوارب صغيرة، وفي 2021 وصل 800، وفي 2022 جاء 12 ألفا.
أرقام كبيرة للغاية من الأشخاص الذين يعبرون بحر المانش باتجاه بريطانيا، ليس ذلك فقط، بل أن الجنسية الألبانية هي الأكثر هجرة إلى بريطانيا عبر بحر المانش فقط في الفترة من يناير إلى يونيو 2022 بـ 2165 شخصا.
ومن يوليو 2021 إلى يونيو 2022 تقدم 7267 مهاجر ألباني بطلب لجوء وتم قبول 53% فقط.
في استطلاع أجرته مؤسسة جالوب في ديسمبر 2018 أوضح أن 60% من الشعب الألباني يريد الهجرة من البلاد بسبب الفساد وسوء الرواتب ونوعية الحياة.
لنربط ذلك بكرة القدم
عند ربط كل ذلك بكرة القدم خاصة أن هذا الوضع في ألبانيا مستمر منذ زمن طويل وقت أجداد اللاعبين الحاليين.
وبالتالي من الطبيعي أن يكون 19 لاعبا من 26 في القائمة المنضمة ليورو 2024 لم يتم ولادتهم داخل ألبانيا، بل جميعهم في الخارج ومن لم يتمكن من الحصول على فرصة تمثيل منتخب أقوى يعود إلى بلده الأم.
على سبيل المثال جرانيت تشاكا لاعب باير ليفركوزن يمثل منتخب سويسرا بينما شقيقه يلعب لصالح ألبانيا.
اللاعبون الـ 19 هم:
إتريت بريشا – توماس ستراكوشا – بيرات دجيمسيتي – أدريان إسمايلي – إرليند أجيتي – إيفان باليو – ناصر ألي – ماريو ميتاي – ماراش كومبولا – إنيا ميهاي – أمير أبراشي – نديم بايرامي – ميدون بريشا – جاسر أساني - أرماندو برويا – ميرليند داكو – أربير هوكسا – تولانت سيفيري – يلبر رمضاني.
كان من الأسهل كتابة 7 لاعبين عن 19، لكن بالتأكيد كنت تريد أن تعرف من هم، وأكثر اللاعبين جودة وأفضلهم هم من ولدوا وتكونوا في الخارج.
نقطة مضيئة
النقطة المضيئة في الأمر غير أن تكوين اللاعبين في الخارج يفرز جودة أفضل، فأن هناك اهتمام من قبل الاتحاد الألباني لكرة القدم في جذب اللاعبين بقدر المستطاع ومحاولة إقناعهم بعدم تمثيل منتخب أقوى وأشهر.
قال أندي فيرساني المتحدث باسم الاتحاد الألباني لكرة القدم من قبل: "نحن متاحون دائما لأي ألباني يريد المساهمة والانضمام للمنتخب، ولا نقف أمام حلم أي لاعب بتمثيل المنتخب الألباني".
وكان ذلك ردا على بايرام شالا مدير منتخب كوسوفو الذي هاجم الاتحاد الألباني إذ قال: "لدينا استياء داخلي لأن الأمر أصبح مبالغ، نفهم أن لدينا لاعبين ذهبوا لتمثيل ألبانيا".
وأضاف "لكن أخذ لاعبين شاركوا مع الفريق الأول لمنتخب كوسوفو في مباريات ودية فهذا تجاوز وبعيد عن الروح الرياضية".
وأتم "الثنائي ميرليند داكو وأربنور مويا كان في منتخبنا، لكن الاتحاد الألباني عمل خلف ظهورنا وأغرمه".
وفي النهاية داكو تواجد في القائمة التي ستشارك في بطولة يورو، بينما لم يتواجد مويا.
"قوتنا هي الفريق"
"قوتنا ليست في لاعب أو لاعبين، بل قوتنا هي الفريق".. سيلفيونيو مدرب منتخب ألبانيا.
يرى المدير الفني البرازيلي أن الفريق هو النجم والقوة الحقيقية إذ قال: "ألبانيا بلد صغير ويشارك للمرة الثانية في يورو".
وأكمل "الفريق لديه الروح والقلب والاستعداد للتضحية، إذ عملنا بشكل جاد للغاية للوصول إلى هذه الروح في أرض الملعب، عملنا بشكل جيد للتأهل، لكن يوجد تحدي كبير ينتظرنا".
ويتواجد منتخب ألبانيا في مجموعة تضم إسبانيا وإيطاليا وكرواتيا ولذلك تعتبر الأقوى في البطولة.
العمل من داخل ألبانيا
قرر سيلفينيو رفقة مساعده بابلو زاباليتا العمل من داخل ألبانيا عكس جميع الأجهزة الفنية السابقة.
وقال سيلفينيو: "نحن أول جهاز فني يقرر العمل من داخل ألبانيا، لكن هذا يصنع الفارق، اللاعبون يقولون لي لديك زوجة وأطفال، لكن لا تعيش معهم، وتعيش في تيرانا –عاصمة ألبانيا-".
وشدد "عندما تقوم بعمل ما يجب أن تعمله بشكل جيد، هذه رسالة نريد إيصالها، يجب أن أعمل من هنا، الناس تقول لي بأنني ألباني، نعم أنا مواطن ألباني".
وبالفعل عقب التأهل إلى بطولة يورو المقبلة تم منح سيلفينيو وزاباليتا والجهاز الفني الجنسية الألبانية، وأدى الطاقم الفني اليمين كمواطنين بعد الحصول على الجنسية في مراسم أقيمت في مدينة لوشنيا بالقرب من تيرانا.
قائمة منتخب ألبانيا:
حراسة المرمى: إتريت بريشا – توماس ستراكوشا – إلهان كاستراتي
خط الدفاع: بيرات دجيمسيتي – السيد هيساي – إيفان باليو – أدريان إسمايلي – إرليند أجيتي – ناصر ألي – ماريو ميتاي – إنيا ميهاي – ماراش كومبولا
خط الوسط: أمير أبراشي – كريستيان أسلاني – ناديم بايرامي – ميدون بريشا – كلاوس جزجولا – كاظيم لاشي – إرنيست موشي – يلبر رمضاني
خط الهجوم: جاسر أساني – أرماندو برويا – مرليند داكو – أربير هوكسا – ري ماناي – تولانت سيفيري.
في النهاية هل ترى أن منتخب المهاجرين سيتمكن من تحقيق المفاجأة بقوة الفريق والتأهل من مجموعة الموت؟