يورو 2024 - أوليفر بيرهوف.. هداف "لن يخذلك"

في شهر فبراير 1996 خاض أوليفر بيرهوف أول مباراة دولية له بقميص منتخب ألمانيا في ودية ضد البرتغال بعمر 27 عاما و9 شهر، وبعد شهر سجل ثنائية ضد الدنمارك وديا أيضا، لكنه لم يكن يعلم أن بعد 3 أشهر ستتحول مسيرته تماما بفضل هدف ذهبي.

كتب : إسلام أحمد

الأربعاء، 05 يونيو 2024 - 15:00
أوليفر بيرهوف

في شهر فبراير 1996 خاض أوليفر بيرهوف أول مباراة دولية له بقميص منتخب ألمانيا في ودية ضد البرتغال بعمر 27 عاما و9 شهر، وبعد شهر سجل ثنائية ضد الدنمارك وديا أيضا، لكنه لم يكن يعلم أن بعد 3 أشهر ستتحول مسيرته تماما بفضل هدف ذهبي.

بيرتي فوجتس المدير الفني لـ منتخب ألمانيا هو أول من منح بيرهوف فرصة تمثيل منتخب ألمانيا للشباب في 1988 وانتظر 8 سنوات ليمنحه فرصة المشاركة الأولى مع ناسيونال مانشافت.

خلال تلك السنوات الـ 8 لم تكن مسيرة بيرهوف لم تكن مثالية في ألمانيا باللعب لهامبورج وبوروسيا مونشنخلادباخ ثم سالزبورج النمساوي الذي سجل معه 23 هدفا في 33 مباراة بالدوري.

وفي 1991 انضم لصفوف أسكولي الإيطالي، لعب في الموسم الأول بالدوري الإيطالي ثم قضى 3 مواسم في الدرجة الثانية مسجلا 20 و17 و9 أهداف على الترتيب.

التقطته أعين أودينيزي في موسم 1995-96 وسجل في 33 مباراة بقميص بيانكونيري أوديني 18 هدفا ما جعل فوجتس يضمه كمهاجم بديل في قائمة مكونة من 23 لاعبا منها 2 فقط يلعبان خارج الدوري الألماني، بيرهوف، وستيفان كونتز مهاجم بشكتاش التركي آنذاك.

وفقا لموقع الاتحاد الأوروبي "يويفا" فإن مونيكا زوجة بيرتي فوجتس هي من حثته على ضم بيرهوف لقائمة ألمانيا في البطولة التي أقيمت بإنجلترا، وأًصرت على أن المهاجم صاحب القامة الطويلة (191 سم) "لن يخذله".

تواجد منتخب ألمانيا وصيف نسخة 1992 في مجموعة ضمت إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا وروسيا، وحارب فوجتس الكثيرين ممن طالبوا بضم لوثار ماتيوس للقائمة، كما استبعد الثنائي بودو إيلجنر وستيفان إيفينبرج، أسماء لها وزنها في قائمة ألمانيا.

وابتكر فوجتس نظاما يناسب لاعبيه وتعامل بشكل جيد مع سلسلة من مشاكل القائمة بسبب الإصابات والإيقاف، ولعبت ألمانيا أغلب أوقات البطولة بخطة 5-3-2.

في الحقيقة اعتمد فوجتس على جعل منافسيه في حيرة، من هو الثنائي الهجومي الذي سيبدأ ضدنا؟

بدأ البطولة بثنائية فريدي بوبيتش وكونتز ضد التشيك وانتصر 2-0، ثم ضد روسيا لعب بثنائية أخرى تماما مكونة من يورجن كلينسمان وبيرهوف.

ضد إيطاليا في آخر مباريات دور المجموعات ثم كرواتيا في ربع النهائي اعتمد على ثنائية كلينسمان وبوبيتش.

وفي المربع الذهبي ضد إنجلترا المستضيفة لعب بمهاجم واحد وهو كونتز.

وخلال المباراة النهائية ضد تشيكوسلوفاكيا شارك كونتز وكلينسمان سويا لأول مرة في النهائي.

بالنسبة لبيرهوف شارك في المباراة الأولى ضد التشيك كبديل لمدة 7 دقائق في الفوز بنتيجة 2-0.

ثم لعب أساسيا في مواجهة روسيا بالجولة الثانية وصنع هدفا، جلس على مقاعد البدلاء في مباراة إيطاليا ثم كرواتيا في ربع النهائي وإنجلترا في نصف النهائي وكذلك في النهائي أيضا ضد تشيكوسلوفاكيا، لكنه شارك كبديل.

النهائي

واجه فوجتس أزمة قبل المباراة النهائية وسمح له يويفا باستدعاء ينس تود لاعب خط الوسط فرايبورج بسبب الإصابات والإيقافات التي ضربت ألمانيا.

يويفا أوضح في بيان "مشكلة ألمانيا هي أن خمسة لاعبين سيغيبون بالتأكيد، يورجن كوهلر، ماريو باسلر وفريدي بوبيتش تعرضوا لإصابات طويلة الأمد، وستيفان رويتر وأندرياس مولر موقوفان".

فكر فوجتس في حل عملي حينها بتخصيص قمصانا أخرى لكل من أوليفر كان وأوليفر ريك حارسي المنتخب الاحتياطيين لإمكانية الدفع بهما إذا استلزم الأمر.

مع استدعاء تود دخل منتخب ألمانيا النهائي بـ 6 لاعبين على مقاعد البدلاء من بينهم 2 حراس مرمى.

بدأت المباراة في ملعب ويمبلي بلندن بحضور 73 ألف مشجع وتقدمت تشيكوسلوفاكيا عن طريق باتريك بريجر من ركلة جزاء في الدقيقة 59 تحصل عليها كاريل بوبورسكي.

هنا يتذكر بيرهوف أحداث الدقائق التالية عبر موقع يويفا قائلا: "خلال الشوط الأول كنت لا أزال مرتاحا تماما، أراقب وأنظر إلى كيفية تصرف الناس. ولكن بعد ذلك شعرت بالتوتر بعض الشيء عندما سجلوا الهدف وبدأت في الإحماء وأردت المشاركة بسرعة".

"كنت منزعجا بعض الشيء لأنه استغرق وقتا طويلا. لكن ضع الأمر على هذا النحو: مع ركلة الجزاء التي نفذها المنتخب التشيكي، ارتفع معدل نبضات قلبي لأنني أدركت أنني سأكون المهاجم الذي من المحتمل أن يأتي ويحصل على فرصة".

فوجتس أجرى تغييرا بين شوطي اللقاء بسبب الإصابة، ليكون لديه تغيير آخر وهو الذي أجراه بالفعل بمشاركة بيرهوف المهاجم الوحيد على الدكة بدلا من ميمت شول في الدقيقة 69 أي بعد 10 دقائق من تقدم التشيك.

4 دقائق فقط وسجل بيرهوف أول أهدافه في بطولة رسمية برأسية عقب عرضية من ركلة حرة مباشرة نفذها كريستيان زيجيه، وانتهى الوقت الأصلي وانتقل الفريقان للشوط الإضافي، وهنا لا ننسى قاعدة الهدف الذهبي، من يسجل يحصد اللقب مباشرة.

الهدف الذهبي

في الدقيقة 95 أرسل توماس هيملر كرة طولية مهدها بيرهوف برأسه لكلينسمان الذي أرسل عرضية تسلمها بيرهوف واستدار وسدد كرة غالطت الحارس بيتر كوبا وسكنت الشباك معلنة تتويج ألمانيا بلقب يورو 1996.

يواصل بيرهوف حديثه: "توماس هيلمر لعب كرة طويلة من الدفاع لأنه لم تعد لدينا الطاقة لخلق الفرص. وصلت الكرة الطويلة، ومررتها إلى كلينسمان، الذي أبعدها إلى الجهة اليمنى ثم أرسلها عرضية. استلمت الكرة وظهري إلى المرمى. أبعدت منافسي عنها، وأردت الحصول على نطاق أوسع للتسديد والحصول على فرصة أكبر. وصرخ ماركو بودي عليّ، الذي لعب على اليسار: "مرر هنا، تعال من هنا!" لم أكن أعرف ما إذا كان يريد الكرة أو شيء من هذا القبيل، لكنني استدرت وأطلقت تسديدة عمياء".

"كنت أعرف تقريبا مكان وجود المرمى وحارس المرمى، وبالطبع كنت محظوظا. وتسللت الكرة إلى داخل المرمى".

وفقا لبيرهوف فمن الصعب وصف شعوره في هذه اللحظة، لكنه احتفل بخلع قميصه وهو ما لم يفعله من قبل أو بعد ذلك في الاحتفال بأهداف.

يُكمل أوليفر قائلا: "في مباراة نهائية كهذه، تكون شديد التركيز لدرجة أنك لا تفكر في كل ما يحدث، حقيقة أن العالم يشاهد ذلك، وأن الناس يحتفلون في ألمانيا. كل هذا يأتي بعد ذلك".

"إنها مجرد معركة مع الفريق، وفي تلك الثانية، كانت لحظة من السعادة والارتياح كنت أتقاسمها مع زملائي في الفريق، حيث فزنا أخيرا باللقب الذي ناضلنا بشدة للحصول عليه لفترة طويلة. بالنسبة لي، كلاعب كان يعيش دائما على الأهداف، وكان هذا هو مصدر رزقي، كان من المناسب أن أسجل الهدف الأخير".

"ومع ذلك، فإن أهمية هذا الهدف بالنسبة لمسيرتي أو ما يعنيه بالنسبة لألمانيا لم تخطر على بالي إلا في صباح اليوم التالي أثناء تناول الإفطار".

"في الواقع، أجمل لحظة كانت مع اللاعبين في غرفة تبديل الملابس. هذا هو المكان الذي يخسر فيه الجميع، تحتفلون معا، تفرحون معا. لقد أمضيتم للتو ستة أو سبعة أسابيع مع بعضكم البعض، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع".

"بعد موسم طويل، تعلم أن لديك الآن ثلاثة أو أربعة أسابيع راحة. لقد استحققت الاستراحة حقا، وأنت تعلم أنه يمكنك حقا الاحتفال والتنفيس عن بعض التوتر".

"وكان هذا هو الجزء الأفضل. الشيء الآخر الذي كان جميلا هو اللفة الشرفية في الملعب، تحت الأضواء. كان الناس سعداء للغاية، وكانت هناك أجواء رائعة، وكان هناك العديد من المشجعين الألمان. لا ينبغي لأي لاعب أن ينتزع منه هذا الشرف".

أصبح بيرهوف أول لاعب والوحيد حتى الآن الذي يسجل ثنائية أو أكثر بعد المشاركة كبديل في نهائي بطولة أوروبا.

ساهم بيرهوف في تحقيق ألمانيا لها بعد التوحيد، وانتظرت ألمانيا بعدها 18 عاما من أجل التتويج بلقب كبير إلى أن جاء كأس العالم 2014.

"لن يخذلك فعلا"

بعد يورو 1996 استمر بيرهوف مع أودينيزي واحتل المركز الثالث في موسم 1997-98 بترتيب هدافي الدوري الإيطالي برصيد 27 هدفا واحتلال المركز الثالث.

شارك بيرهوف في كأس العالم 1998 وأصبح المهاجم الأول ثم حصل على شارة قيادة الناسيونال مانشافت عقب اعتزال كلينسمان دوليا.

بعد المونديال الفرنسي انضم لصفوف ميلان مقابل 9.3 مليون جنيه إسترليني، وفي أول مواسمه بقميص الروسونيري سجل 19 هدفا وشكّل ثنائية قوية مع جورج ويا وتوج بلقب الدوري الإيطالي.

ومع قدوم أندري شيفيتشينكو في الصيف التالي، سجل بيرهوف 13 هدفا فقط ومع تراجع مستواه بعمر 33 عاما سجل 9 أهداف فقط فيما سجل الهداف الأوكراني 34 هدفا، فرحل عن ميلان صوب موناكو الفرنسي في صيف 2001.

رغم الإقصاء المبكر من يورو 2000 تواجد بيرهوف في قائمة كأس العالم 2002 وسجل آخر أهدافه الدولية في الفوز على السعودية بنتيجة 8-0 بدور المجموعات.

وصلت ألمانيا للنهائي عكس التوقعات وخسرت اللقب بثنائية رونالدو لصالح البرازيل في مباراته الدولية الأخيرة. وعاد بيرهوف بعد المونديال إلى إيطاليا من بوابة كييفو فيرونا.

وفي مباراته الأخيرة سجل هاتريك في الخسارة من يوفنتوس واعتزل بقميص الحمير الطائرة في موسم 2002-03، ثم أصبح واحد من مسؤولي المنتخب الألماني الذي توج بلقب المونديال في 2014.

ثم أصبح مديرا للتطوير في الاتحاد الألماني وأخيرا المدير التنفيذي قبل تقديم الاستقالة في 2022.

في مسيرة بيرهوف اشتهر بارتداء القميص رقم 20 لكنه دائما ما كان المهاجم الكلاسيكي الذي يجيد الضربات الرأسية.

استغل أوليفر سنواته الأمثل في الكرة بأفضل طريقة ممكنة سواء في الدوري الإيطالي لمدة 6 مواسم، مع أودينيزي وميلان حيث سجل 103 أهداف في جنة كرة القدم.

ورغم أنه خاض 70 مباراة دولية فقط في مسيرته مع ألمانيا بين 1996 و2002 سجل خلالها 37 هدفا، وستظل ثنائيته ضد تشيكوسلوفاكيا لا تُنسى أبدا في تاريخ الألمان لأنه لم يخذلهم.