بيرتي فوجتس.. كلب الصيد الذي صنع مجد ألمانيا في اليورو

"تيرير" نوع من أنواع كلاب الصيد الذي كان يستخدمه الألمان لمطاردة الثعالب في جحورها وغيرها من الحيوانات التي لا يستطيع سوى هذا النوع مطاردتها.

بين عامي 1965 و1979 عرف الألمان مدافعا مقاتلا لا يهاب المهاجمين ويراقبهم ولا يدع لهم الفرصة للتنفس داخل الملعب لذلك أطلقوا عليه "تيرير".

إنه هانز هوبرت فوجتس المعروف بـ بيرتي فوجتس أحد أباطرة كرة القدم حول العالم وأول شخص يتوج بكأس أمم أوروبا كلاعب ومدرب.

فوجتس علامة بارزة في تاريخ الكرة الألمانية وإنجازاته لا تقل أهمية عن إنجازات لاعبين لامعين مثل بيكنبارو ورومينيجه وكلينسمان وأوليفر كان.

فوجتس يملك قصة كفاح كبيرة يستعرضها FilGoal.com كونه أحد الأسماء التي أسهمت في المجد لمنتخب ألمانيا في كرة القدم الأوروبية.

ولد بيرتي فوجتس في 30 ديسمبر 1946 في مدينة دوسلدورف الألمانية.

فوجتس لم يكن لديه موهبة استثنائية كلاعب، لكنه عوض ذلك من خلال الجهد الوفير الذي كان يبذله أثناء التدريبات، ونجح في تحقيق إنجازات رائعة.

بيرتي المخلص

فوجتس من نوعية اللاعبين الذين لعبوا لناد واحد فقط في مسيرته وهو بوروسيا مونشنجلادباخ الألماني وظل في خدمة النادي 14 عاما بين 1965 و 1979.

وساعد بيرتي بروحه القتالية العالية بوروسيا مونشنجلادباخ في سبعينات القرن الماضي لتحقيق أمجاد في كرة القدم صنعت تاريخ هذا النادي العريق.

538 مباراة لعبها بيرتي فوجتس مع بوروسيا مونشنجلادباخ سجل خلالهم 45 هدفا وصنع 10 في جميع المسابقات.

نجح فوجتس في قيادة مونشنجلادباخ لتحقيق لقب بطولة الدوري الألماني 5 مرات، ولقب الكأس مرة واحدة، كما فاز معه بكأس الكؤوس الأوروبية للأندية مرتين آخرها عام 1979.

قميص المانشافت

مستوى فوجتس الرائع مع مونشنجلادباخ وضعه ضمن خيارات منتخب ألمانيا الغربية وبات ضمن قائمة مدافعي واحد من أقوى المنتخبات حول العالم.

المدافع المقاتل ارتدى قميص منتخب ألمانيا الغربية بين 1967 و1978 وكعادته لازمه النجاح.

96 مباراة دولية خاضها فوجتس بقميص منتخب ألمانيا الغربية واستطاع الفوز معه بكأس أمم أوروبا وكأس العالم.

في 18 يونيو 1972 بالعاصمة البلجيكية بروكسل حقق المنتخب الألماني الفوز على الاتحاد السوفيتي 3-0 في نهائي اليورو.

الفوز توج نجوم منتخب ألمانيا وكان من ضمنهم فوجتس للمرة الأولى في تاريخ البلاد عام 1972.

كما كان فوجتس ضمن كتيبة منتخب ألمانيا الغربية التي فازت على هولندا بهدفين مقابل هدف في المباراة النهائية وتوجت بكأس العالم 1974

الرهان الكسبان

اعتزل فوجتس كرة القدم في 1979 واتجه للتدريب وعرف عنه تبنيه القوي للكرة الدفاعية، ودقة التخطيط ودعم المواهب الشابة.

وعمل فوجتس مساعدا في الجهاز الفني لمنتخب ألمانيا الغربية منذ 1986، ليتولى بعد ذلك منصب المدير الفني عقب تتويج المانشافت بلقب مونديال 1990 مع القيصر فرانز بيكنباور.

وطبق فوجتس تصوراته عن كرة القدم حينما تولى تدريب المنتخب الألماني في الفترة بين 1990 وحتى 1998 بعد الخروج من مونديال فرنسا.

قدمت ألمانيا بطولة جيدة في أمم أوروبا 1992 بالسويد، وقادها فوجتس للمباراة النهائية الشهيرة التي خسرتها أمام الدنمارك بهدفين دون رد.

حينها خرج فوجتس ليقول: "المركز الثاني ليس له قيمة في ألمانيا، وخصوصا حينما يحصل عليه فريق يدربه شخص اسمه بيرتي فوجتس".

حامل لقب كأس العالم 1990 ظهر بمستوى متواضع في مونديال 1994 لكن الاتحاد الألماني ظل متمسكا بفوجتس، وهو القرار الذي كان بمثابة الرهان الكسبان.

ليلة صيفية دافئة

شعر فوجتس بالإحباط ولكن شخصيته القوية مكنته من الفوز بكأس أمم أوروبا التي أقيمت في إنجلترا عام 1996، وفازت ألمانيا في مباراتها النهائية على التشيك.

المنتخب الألماني استطاع الوصول للمباراة النهائية متخطيا منتخبات عملاقة أبرزها، إنجلترا، صاحب الأرض، وذلك في نصف النهائي بركلات الترجيح.

وفي النهائي، لعبت ألمانيا ضد التشيك، واستطاعت حسم اللقب لصالحها بنتيجة 2-1 بفضل الهدف الذهبي الذي سجله أوليفر بيرهوف في الشوط الإضافي الأول.

وبسبب هذا الهدف الذهبي على ملعب ويمبلي الشهير في ليلة أطلق عليها ليلة صيف دافئة، أصبح فوجتس أول شخص في تاريخ كأس أمم أوروبا يتوج باللقب كلاعب ومدرب أيضا.

نهاية الحقبة

دخل منتخب ألمانيا منافسات كأس العالم 1998 وهو أحد المرشحين بقوة لحصد اللقب بصفته بطلا للنسخة الأخيرة من أمم أوروبا آنذاك.

منتخب ألمانيا تلعب ضمن المجموعة التي ضمت: أمريكا وإيران ويوغوسلافيا.

الفوز على أمريكا بهدفين دون رد ثم التعادل أمام يوغوسلافيا 2-2 واختتم دور المجموعات بالفوز على إيران بهدفين دون رد.

وفاز منتخب ألمانيا على المكسيك بشق الأنفس في ثمن النهائي بهدفين مقابل هدف.

لكن الماكينات الألمانية تعطلت وتعرضت لهزيمة قاسية أمام منتخب كرواتيا المتوهج بقيادة دافور سوكر وروبرت يارني بنتيجة 3-0.

خروج ألمانيا أمام كرواتيا وضع فوجتس في موقف حرج للغاية وفي سبتمبر من نفس العام ترك منصبه كمدرب لمنتخب ألمانيا.

ثورة العقول

فوجتس كان له مقولة شهيرة عقب التراجع الرهيب في مستوى منتخب ألمانيا حينما قال عن حال الكرة في بلاده وقتها: "نعاني من نقص المواهب، الألمان يعتمدون على أمجادهم".

وضرب فوغتس مثالا بـ"ميروسلاف كلوزه" الهداف التاريخي لألمانيا وكأس العالم، والذي لعب كهاو في الدرجة الخامسة حتى سن 21 عاما، حيث لم يسافر الكشافة إلى بلدة كوسيل الصغيرة التي كان يعيش فيها، فالفريق الذي خرج من الدور الأول في يورو 2000 لم يكن به سوى سيباستيان دايزلر، ومايكل بالاك تحت 25 عاما، وعشرة لاعبين أعمارهم تتجاوز 30 عاما.

اجتمعت العقول الألمانية وقتها وكان على رأسهم فوجتس، لإحداث ثورة في كرة القدم، ووصف الصحفي الألماني أرشي ريند توت، تلك اللحظة في الكرة الألمانية لشبكة CNN: "لقد كانت تلك لحظة فاصلة إلى حد كبير".

أنفق الاتحاد الألمانية والأندية ما يزيد عن 96 مليون يورو سنويا على الشباب، وإنشاء أكثر من 52 مركز للمتميزين، و366 قاعدة تدريب إقليمية، وأطلق عام 2002 برنامج موسع للبحث عن المواهب.

استمر الاستثمار في المواهب، وبدأت ألمانيا العودة تدريجيا، حصلت ألمانيا على ثالث العالم في مونديال 2006، وخسرت نهائي يورو 2008، حتى وصلت إلى التتويج بمونديال 2014 بقدم ماريو جوتزة أحد المواهب المكتشفة من مشروع الاتحاد الألماني.

أثمر البرنامج عن الوصول إلى أن 69 % من لاعبي الدوري الألماني، ألمان الجنسية، و14 % يلعبون في النادي الذي نشأوا فيه.

مغامرات مستمرة

انتظر فوجتس حتى عام 2000 ليتولى تدريب باير ليفركوزن الذي استمر معه حتى 6 أشهر فقط.

فوجتس اتجه لمغامرة جديدة وتولى تدريب منتخب الكويت في أغسطس 2001 حتى فبراير 2002.

وقاد فوجتس الذي بلغ عامه الـ77 منتخبات أسكتلندا ونيجيريا وأذربيجان قبل أن يتم الاستعانة به مرة أخرى في الاتحاد الألماني لكرة القدم بين عامي 2018-2021.