الكرة للجماهير أم للمستثمرين؟ تطور نموذج الزمالك والأهلي ضد طريق سيتي يشعل ألمانيا
الإثنين، 12 فبراير 2024 - 17:46
كتب : محمد رؤوف
نسمع مصطلحات كثيرة مثل الكرة للجماهير، والكرة للفقراء والعامة، وأكثرية من يلعب الكرة كان فقيرا في الأصل، واللعب من أجل النادي.
وكذلك عندما يرحل لاعب إلى فريق آخر فيتم الهجوم عليه لأنه فضل أموال النادي الآخر وهكذا.
وفي الفترة الماضية تمسكت جماهير الدوري الألماني بذلك رافضين أي استثمارات ودخول أصحاب المال للسيطرة على اللعبة مما يهدد بسقوط قانون 50+1 الذي يحمي اللعبة كما يعتقدون (سيتم شرحه لاحقا).
ويستعرض FilGoal.com القضية التي تشعل الدوري الألماني الآن والصراع بين الجماهير والمستثمرين في اتباع النموذج المتطور عن الزمالك والأهلي وهو قانون 50+1 ضد امتلاك الأندية كليا من المستثمرين مثل مانشستر سيتي.
بداية القصة والاعتراضات
في شهر ديسمبر 2023 بدأ كل شيء، صوت 24 من 36 وهم أعضاء رابطة الأندية من الدرجة الأولى والثانية الألمانية لدخول مستثمرين من أجل تطوير كرة القدم وضخ الأموال وزيادة الإيرادات.
لكن الأندية التي صوتت بالرفض كانت كولن وفرايبورج ويونيون برلين فقط من الدرجة الأولى.
ربما يكون اختيار توقيت التصويت ليس من محض الصدفة، ففي نهاية شهر ديسمبر يتوقف الدوري الألماني من أجل عطلة أعياد الميلاد ويعود في شهر يناير، لكن هل كان له تأثير؟
أول جولة عقب عطلة شهر ديسمبر كانت يوم 12 يناير الماضي وبالتالي فترة التوقف هذه من شأنها أن تحد من قوة الاعتراضات؟
"كلما زاد تجاهل اعتراضاتنا، زاد اتحادنا"
يبدو أن الأمر جاء بنتيجة عكسية وزاد غضب جماهير الأندية أكثر من المتوقع وفترة التوقف لم تكن إلا سببا في شحن غضبهم.
فذكر بيان اتحاد جماهير عدة روابط أندية "كلما زاد تجاهل اعتراضاتنا زاد اتحادنا لإجراء تصويت جديد".
ومن هنا يريد المشجعين إجراء عملية تصويت جديدة من أجل حماية اللعبة وعدم دخول المستثمرين.
الاعتراضات أصبحت أكثر وتأخرت عدة مباريات في الدوري الألماني بسبب إلقاء الجماهير مقذوفات داخل الملعب للتعبير عن اعتراضهم.
وكانت قمة الجولة 21 بين بايرن ميونيخ وباير ليفركوزن أقوى المباريات التي حدث فيها ذلك.
التمسك بقانون 50+1
هو قانون يتعلق بملكية الأندية الألمانية وينص على ملكية أعضاء الأندية لـ50% بالإضافة إلى صوت واحد من حقوق التصويت في النادي، وبالتالي سيكون رأي الجماهير هو الحاسم والمؤثر الأكبر في الأندية باعتبار أن الأندية ملك للجماهير.
التشابه مع الزمالك والأهلي
قبل إنشاء قانون 50+1 كانت الجماهير مسيطرة بطريقة غير مباشرة في الأندية من خلال الجمعية العمومية مثلما يحدث الآن في الزمالك والأهلي عن طريق انتخاب مجلس إدارة.
ولكن تم تطوير الفكرة لزيادة الأموال والاستثمارات في الأندية عن طريق إنشاء شركات منفصلة، لكن يشترط أن يكون للأعضاء أكثرية حقوق التصويت في النادي.
وللجماهير الرأي الحاسم لأنهم الأغلبية بموجب القانون في انتخاب مجلس الإدارة في النادي والشركة.
وبالتالي القانون يعطي حق دخول المستثمرين لكن لا يمكنهم السيطرة على أغلبية الأسهم أو الحصص في النادي ولكن فيه عيب أيضا سيتم شرحه لاحقا.
على سبيل المثال نسبة 75% من نادي بايرن ميونيخ تعود للجماهير، والـ25% المتبقيين مقسمة بين شركة أديداس وأليانز وأودي إذ يملك كل منهم حوالي 8.3%.
عيوب تطبيق القانون
للقانون عيوب في تطبيقه، الجماهير بطبيعة الحال قرارتها دائما انفعالية وتريد النجاح السريع حتى إذا كان قصير المدى وهذا يضع المرشحين تحت الضغط دائما.
ومن الممكن أن يخسر المرشح شعبيته بين الجماهير في حال عدم نجاحه وهذا الأمر يحدث في الزمالك والأهلي وقت الانتخابات فتختلف شعبية مجلس الإدارة بوتيرة سريعة جدا.
وقال مسؤول في الدوري الألماني لم يكشف عن هويته لشبكة "ذا أثلتيك" الإنجليزية: "العمل بهدوء مع وضع خطة طويلة المدى صعب جدا بسبب تدخل من هم أعلى منك".
وأضاف "ليس لدينا الحرية في اتخاذ وتنفيذ قرارات صحيحة، دائما هناك من يقف في الاتجاه المعاكس لك ويحاول إبعادك عن النادي إذا تواجد في مرحلة صعبة".
واختتم "وجودك مرهون بتحقيق نجاحات قصيرة المدى".
بسبب القرارات الانفعالية يمكن لأندية عملاقة أن تختفي إلى الدرجة الثانية مثل هامبورج وشالكة.
هامبورج كان الفريق الوحيد في تاريخ ألمانيا الذي لم يهبط على الإطلاق وظل 54 عاما فكانت المباراة الأولى في 24 أغسطس 1963.
That’s it. Hamburg are relegated from the #Bundesliga for the first time.
Thanks for a wonderful 54 years 💙 pic.twitter.com/ENSvo2emy3
— Bundesliga English (@Bundesliga_EN) May 12, 2018
ومن أجل تحفيز اللاعبين تم تركيب ساعة بعدد الأعوام والساعات والدقائق والثواني التي ظل فيها الفريق في الدرجة الأولى حتى توقفت عقب الهبوط في موسم 2018-2019 ولم يعود حتى الآن إلى الدرجة الأولى.
لا للاستثمارات الخارجية
بالرغم من أن لبايرن ميونيخ مستثمرين، لكن لا تستطيع جميع الأندية الألمانية جذب مستثمرين بسبب منع الأجانب من شراء أي أسهم في الأندية.
فالشركات التي تمتلك أسهم في بايرن ميونيخ جميعهم من ألمانيا سواء أودي أو أليانز أو أديداس ومن هنا تأتي معاناة بوروسيا دورتموند وبوروسيا مونشنجلادباخ على سبيل المثال.
دورتموند والاندية الأخرى تحتاج إلى أعوام من تحقيق النجاح لأنهم يعتمدون على النجاحات الصغيرة والاستثمارات في اللاعبين.
وبسبب ذلك لا يمتلكون المال الكثير للحفاظ على قوام الفريق، فيتم التعاقد مع لاعب ما مقابل سعر زهيد ومن ثم بيعه بسعر كبير لتحقيق مكاسب مادية للاستثمار في الفريق.
ومن هنا تأتي قوة بايرن ميونيخ في شراء أقوى اللاعبين داخل ألمانيا، لكن هذا لم يأت بالصدفة بل بعد معاناة كبيرة جدا.
بايرن ميونيخ = هامبورج
في الثمانينيات كان بايرن ميونيخ قريبا من الهبوط إلى الدرجة الثانية والإفلاس وللصدفة كان سيتم استحواذه من هامبورج، لكن تمكنوا في النهاية من تحويل كرة القدم إلى مال فأصبح مثل مانشستر يونايتد في الاهتمام بالعلامة التجارية.
وتمكن النادي من التفكير خارج الصندوق عكس الأندية الأخرى وقتها وأصبح لديه الأموال ثم جذب المستثمرين.
مميزات تطبيق القانون
للقانون أيضا مميزات فالجماهير هي التي تسير النادي كما تشاء وتختار مجلس الإدارة.
وبإمكان الجماهير عمل دعوة اجتماع جمعية عمومية لإقالة رئيس النادي ,مجلس الإدارة، الأمر مثله في الزمالك والأهلي وبرشلونة وريال مدريد كذلك أيضا.
وهذا عكس ما يحدث لأندية مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وأرسنال على سبيل المثال التي تعتبر أندية ذات ملكية خاصة فهنا ليس للجماهير حق في اتخاذ أي قرار للنادي ولا يمكن مسائلة مجلس الإدارة.
لكن تعتبر الجماهير قوة ناعمة والمصدر الأساسي لتحقيق إيرادات لملاك الأندية فبدون الشعبية من الصعب تحقيق الإيرادات المادية التي يسعى لها الملاك.
لكل قاعدة شواذ – ليس لايبزج
لكل قاعدة شواذ ولهذا توجد أندية مستثناة من قانون 50+1 مثل نادي فولفسبورج الذي تملكه شركة فولكس فاجن، وباير ليفركوزن الذي تملكه شركة باير، ونادي هوفينهايم المملوك إلى ديتمار هوب.
بعد 20 عاما من الاستثمار في هوفينهايم سمح لهوب امتلاك النادي في 2015 على غرار باير وفولكس فاجن.
ومنذ فترة تخلى هوب عن النادي وأصبح في قانون 50+1 بعد الهجوم المستمر عليه بشكل كبير وقرر الرحيل.
من الغريب أن يكون لايبزج المملوك لشركة ريد بول يخضع لقانون 50+1 أليس كذلك؟
الحقيقة أن لايبزج يخضع للقانون ويعتبر مملوك للجماهير لكن من الناحية القانونية فقط أو الشكل الظاهري.
لكن فعليا فالنادي به 21 عضوا ومعظمهم حسب شبكة ذا أثلتيك موظفون في شركة ريد بول، ولهذا السبب يتعرض النادي للهجوم من جماهير الأندية المنافسة له.
في النهاية لا يعرف أحد من سيفوز بتلك القضية، لكن هل أنت مع نموذج الاستثمار الرياضي الكامل بامتلاك رجال أعمال الأندية أم تكون ملكا بالأغلبية للجماهير بفضل قانون 50+1؟