كتب : رامي جمال
بالتأكيد حينما نتحدث عن الاحتفالات الأيقونية في تاريخ كأس العالم فيظل احتفال رشيدي ياكيني بهدفه مع منتخب نيجيريا ضد بلغاريا في نسخة 1994.
عذرا للمقدمة التي تبدو مملة ولكن أعدك أن ما ستقرأه تاليا ليس كذلك.
حسنا دعني أسألك، هل تعرف أن ذلك الهدف الذي في ظاهره نعمة كبيرة لمسجله يبدو أنه كان نذير شؤم فيما بعد وظل يطارده حتى وفاته؟
لو بحثت على محرك البحث باسم ياكيني فإن أول نتيجة بحث مقترحة ستظهر لك هي "سبب وفاة رشيدي ياكيني" وليس احتفاله أو أهدافه أو أي شيء من هذا القبيل لتخليد ذكرى لاعب عظيم.
فماذا حدث؟
إليكم القصة.
استيقظ العالم في الرابع من مايو 2012 على نبأ وفاة الهداف التاريخي لنيجيريا وأحد أيقونات كرة القدم في إفريقيا عن عمر يناهز 48 عاما بعد سبعة أعوام فقط من اعتزاله.
بعد 24 ساعة فقط على الوفاة أقيمت صلاة الجنازة ومراسم الدفن وفقا للشريعة الإسلامية ويبدو أن كل شيء انتهى.
لكن هذه كانت بداية الأزمة الحقيقية والقصص التي ظلت تُنسج حتى يومنا هذا حول لغز وفاة ياكيني.
القصة الأولى
وفقا لجيران ياكيني فإن رشيدي أصابه حالة اكتئاب شديد بعد وفاة صديق عمره إبراهيم وشريكه في التجارة على يد لصوص مسلحين وخسارة كل أمواله بسبب تلك السرقة.
وقال أحد جيران ياكيني في تصريحات لم يُكشف فيها عن اسمه: "أعتقد أنه مات بسبب الاكتاب".
فيما قال شخص آخر: "كان ياكيني دائما شخص هادئ ولا يرغب في جذب الانتباه، لكن بالنسبة لي فقد بدأ يفقد عقله بعد خسارة أمواله عقب مقتل شريكه إبراهيم الذي كان يدير أحد مكاتب الصرافة".
لكن يعارض تلك القصة اللاعب النيجيري السابق شيجون أوديجباني والذي ارتدى قميص نيجيريا من 1976 لـ1991.
وقال شيجون إن ياكيني تعرض بالفعل لأزمات شديدة لكنها لم تجعله يصل لحد الاكتئاب أو أنه فقد عقله مثلما يتم تصويره.
وفجر أوديجباني مفاجأة في مقال له وقال: "أنا هنا لأشهد أن رشيدي ياكيني لا بد وأن يكون قُتل إما عن جهل أو عن عمد على يد هؤلاء من لم يفهموا ما كان يحدث معه والذين لديهم دوافعهم الخاصة لفعل ما فعلوه".
وأوضح "لقد تم اقتياد ياكيني إلى مكان مجهول لعلاجه بتدخل روحي أو طبي غير مصرح به والذي أدى إلى مقتله في النهاية، جيرانه شاهدوا عملية اختطافه".
وأكمل "يجب أن تقوم السلطات بالتحقيق فيما حدث لمعرفة كيف مات بطل نيجيريا وكنزها وأسطورة كرة القدم بتلك الطريقة".
القصة الثانية
ومن ختام القصة الأولى نبدأ القصة الثانية التي نُسجت حول لغز وفاة ياكيني.
وكشف جبريل محمد المحامي الخاص بياكيني إن شقيق وشقيقة اللاعب خطفاه لمكان مجهول لعلاجه بطريقة تقليدية من أزماته النفسية.
بل ما زاد الطين بلة أن ياكيني تم قيده كي لا يستطيع الهروب.
وأوضح المحامي الخاص بياكيني أن اللاعب بدأ يجد صعوبة في التقاط أنفساه حتى بدأ يفقد وعيه وتم الذهاب به إلى مستشفى لكنه توفي في الطريق.
ويؤمن جبريل محمد أن عملية اختطاف ياكيني كانت مدبرة من أشقائه من أجل الاستيلاء على أملاكه.
وكشف المحامي أن بعد وفاة موكله رفض إعطاء أشقاء اللاعب أي شيء في الميراث لينتظر أبنائه حتى يبلغوا السن القانوني ليتسلموا ميراث والدهم.
كما كشف عن تقدمه بطلب للتحقيق في الوفاة وتشريح الجثة لكن العائلة قررت دفن ياكيني عقب وفاته مباشرة لتخفتي الحقيقة إلى الأبد.
القصة الثالثة
ومن كلمات المحامي تحدثت أم ياكيني المكلومة على نجلها وأكدت أن المحامي لم يتصل بها مطلقا سوى مرة وحيدة عقب وفاة رشيدي.
وأكدت أن المحامي لم يعطها أي شيء من الميراث أو أموال من العقار الذي كان يمتلكه اللاعب ليعول أسرته، كما كشفت عن أنها تعيش في حالة فقر شديد لتعول أحفادها.
وبعد تسع سنوات من وفاة ياكيني عادت أمه للحديث ونفت كل الاتهامات الموجهة لابنها وابنتها وأنهما تسببا في وفاة ياكيني.
وقالت إن أشقاء ياكيني حاولوا مساعدته بعلاج تقليدي للتخلص من أزماته.
كما عبرت عن استمرار شعورها بالألم من فقدان نجلها الذي كان بمثابة عائل الأسرة.
حديث أم رشيدي ياكيني
القصة الرابعة
منذ وفاة ياكيني في عام 2012 كان صنداي أوليسيه لاعب منتخب نيجيريا السابق أحد أكثر الأشخاص الذين يتحدثون عن رشيدي ويدافعون عنه ويحاول البحث عن الحقيقة.
وقال أوليسيه إن ياكيني كان صعب الاختلاط به لكنه وصفه بالشخص الهادئ والمحبوب من الجميع.
لكن كشف أوليسيه عن أن بعض من لاعبي نيجيريا شعروا بالغيرة من ياكيني بعدما انضم إلى أولمبياكوس اليوناني وأصبح يحصل على 100 ألف دولار شهريا.
ذلك الانتقال لياكيني حدث بعد أشهر قليلة من تألقه في كأس العالم 1994 وبعد هدفه الشهير ضد بلغاريا والذي كان أول هدف في تاريخ نيجيريا في مشاركتها الأولى في المونديال.
كما كشف أوليسيه عن أن ياكيني لم ينس أبدا صافرات الاستهجان التي تعرض لها من قبل جمهور نيجيريا في كأس العالم 1998.
وقال: "شعر ياكيني وقتها بنكران الجميل ومن هنا بدأت أزماته النفسية".
نكران الجميل
بعد استعراض تلك القصص والتي يبدو من الصعب تحديد مدى صدق كل طرف فيها من كذبه ومن كان الجاني على ياكيني في حياته ومن أدى إلى وفاته لكن أحد أصعب ما تعرض له رشيدي هو نكران نيجيريا له رغم رحيله منذ 12.
فقد وعدت الحكومة النيجيرية بإطلاق اسمه على ملعب تخليدا لذكراه أو على دوري الناشئين ولكن كلا الأمرين لم يحدث.
كما أنها وعدت بإعطاء إعانة شهرية لأمه كي تعيل نفسها وأحفادها لكن حتى تلك المساعدة لم تجد طريقها لوالدة ياكيني حتى يومنا هذا وفقا للتقارير.
فيكتور إيكبيبا لاعب نيجيريا السابق تحدث سابقا عن ياكيني بعد وفاته بـ10 سنوات وقال: "بعد 10 سنوات لا أحد منا يعرف كيف مات ياكيني ولا نعرف على من نلقي اللوم، الشرطة أم الحكومة الفيدرالية؟ دائما أسأل نفسي ذلك السؤال".
وأكمل "أعرف أنه مسلم ودُفن بعد 24 ساعة من وفاته، لكن عملية تشريح كانت من الممكن أن تكشف لنا ماذا حدث له".
وأتم "للأسف، خذلنا ياكيني وهو حي وهو ميت كذلك".