المكان: ملعب رادس.
الزمان: 11 فبراير 2004.
الحدث: نصف نهائي كأس أمم إفريقيا بين صاحب الأرض تونس ونيجيريا.
النتيجة: تقدم نيجيريا بهدف سجله جاي جاي أوكوشا.
رغم صعوبة المباراة في حد ذاتها بملاقاة نيجيريا إلا أن هدف أوكوشا الذي جاء في الدقيقة 67 من ركلة جزاء ضاعف من صعوبة مهمة نسور قرطاج.
لكن رغم ذلك لم تفقد تونس الأمل وظلت المحاولات مستمرة إلى أن جاءت الدقيقة 80.
اخترق زياد الجزيري منطقة جزاء نيجيريا وسقط أرضا واحتسب الحكم البنيني الشهير كوفي كودجا ركلة جزاء.
من سيتولى تلك المهمة الصعبة للغاية ويسدد على المرمى؟ ومن غيرك يا خالد بدره.
لكن قبل تسديد تلك الركلة عانى خالد بدرة من أزمة تعرض لها في الشوط الأول من المباراة.
فقد حصل اللاعب التونسي الصلب على بطاقة صفراء، في بداية الأمر ولأي متابع يبدو الأمر عاديا، لكن ما هو ليس عاديا أن ذلك الإنذار يعني غياب بدره عن النهائي حال تأهل تونس.
والآن وبالعودة للدقيقة 80 فإن خالد بدره عليه تسديد ركلة الجزاء ليجلب التعادل لتونس وإلا فستصبح الكارثة كارثتين عليه بغيابه عن المباراة المقبلة لتحديد المركزين الثالث والرابع وإقصاء تونس.
صراخ عصام الشوالي معلق المباراة في ذلك الوقت تحول لهدوء تام.
"سأصمت وأترك المجال لك.. سأصمت فتكلم أنت يا بدره.. يااااااارب".
دعوات الشوالي مع دعوات الجماهير تواصلت والنتيجة "بدرررررررره يا بدررره يا بدررره يا رائع عدلها بدره برافووو يا بدره".
"يااالا يا أولاد هذه هي مباراة النهائي.. هذه هي مباراة النهائي".
خالد بدره يُعدل النتيجة ويرسل المباراة إلى ركلات الترجيح.
عذرا، لننتظر قليلا قبل أن ندخل في أجواء ركلات الترجيح، لنتحدث عن بدره قائد النسور.
المدافع التونسي الأسطوري لم يتمالك نفسه بين شوطي لقاء نيجيريا وهو يعلم بأنه لن يلعب النهائي، فهل تعلم ماذا فعل؟
الشوط الأول انتهى. لاعبو تونس إلى غرف خلع الملابس ومعهم بدره. خالد بدره يترك المدرب واللاعبين ويتجه إلى خزانته ليُخرج سيجارة من علبة تركها هناك.
ذهب إلى الحمام، خلع ملابسه بالكامل وجلس ليُشعل سيجارته ويصمت تماما.
يقول بدره: "كل ما كان يُشغل بالي هو الشعب التونسي وليس اللقاء. شغل بالي من سيذهب إلى بيته وهو يبكي. شغل بالي الأمهات التي ستبكي وأمي. شغل بالي أصدقائي".
"دخنت سيجارة في الحمام وشربت أسوأ قهوة شربتها في حياتي".
"لم أسمع التكتيك لم أسمع ماذا سنفعل في الشوط الثاني لم أسمع أي شيء".
"جُم نادوني فاستيقظت من صمتي وخرجت وذهبت للملعب وأنا لا أفهم أي شيء ولا أعرف ماذا حدث وماذا سيحدث".
سيجارة بدره على ما يبدو كان لها مفعول السحر. ركلة جزاء سجلها لتذهب المباراة لركلات الترجيح ويُسجل أيضا أول ركلة للمنتخب.
في ركلات الترجيح أهدر المنتخب النيجيري الركلة الثانية بفضل تألق علي بومنيجل أمام أوسازي أوديموينجي.
النتيجة وصلت 4-3 في ركلات الترجيح وحان الآن موعد الركلة الخامسة لـ تونس والذي سيسدد هو كريم حقي.
"أسف لن أقدر على التعليق.. أسف".
الشوالي اعتذر وصمت ثم نطق اسم كريم حقي مرتين ثم..
"فااااااينال فااااااينال فااااااينال فييييينال نهائي نهائي نهائي.. الله أكبر نهائي إلى النهائي".
كريم حقي يُسجل ومنتخب تونس يطير إلى نهائي أمم إفريقيا 2004.
قبل النهائي أمام المغرب، كانت الأجواء احتفالية حسبما كشف نبيل معلول - المدرب المساعد وقتها.
الذي يقول: "قبل بداية البطولة لم يتوقع أي أحد وصول تونس إلى النهائي".
"تخوفنا نوعا ما ليلة المباراة لأن الأجواء كانت احتفالية سابقة للتتويج. أجواء احتفالية حاولنا إبعادها تماما عن اللاعبين".
"أخبرت اللاعبين: لم نفعل أي شيء. نعم وصلنا للنهائي ولكن إذا لم ننتصر، لن نبقى في التاريخ. فوزوا بالكأس لندخل التاريخ".
وفعلها النسور.
منتخب تونس يفوز على المغرب 2-1 بفضل هدف الجزيري في الدقيقة 52 الذي أعاد تقدم النسور بعد هدف سانتوس في الدقيقة الرابعة الذي عادله يوسف المختاري لاعب المغرب في الدقيقة 40.
نسور قرطاج على منصة التتويج لأول مرة في تاريخهم.. للمرة الوحيدة حتى الآن.