كتب : إسلام أحمد
يوم 4 سبتمبر 2006، عند إعلان فوز أنجولا بحق تنظيم أمم إفريقيا 2010 تم إعلان أيضا هوية الدول المستضيفة لنسختي 2012 و2014 والدولة البديلة حال سحب التنظيم حينها.
منذ ذلك الوقت ودائما ما أصبحت بطولة أمم إفريقيا عبء على الجميع.
في 2012 عادت فكرة التنظيم المشترك للمرة الثانية في تاريخ البطولة منذ 2000 بعد استضافة نيجيريا وغانا لها للمرة الأولى.
الجابون وغينيا الاستوائية استضافا نسخة 2012، دون أي مشاكل.
وبعد ذلك بدأت المتاعب، قرر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) إقامة البطولة في السنوات الفردية أي 2013 بدلا من 2014.
والسبب؟ لن تقام أمم إفريقيا في نفس العام الذي تقام فيه كأس العالم. حيث رأي البعض في كاف أن المشاركة في البطولتين بنفس العام يؤدي لتراجع نتائج منتخبات إفريقيا في كأس العالم.
عادت البطولة للسنوات الفردية لأول مرة منذ 1965، حيث بدأت البطولة في نسختها الأولى عام 1957.
ووُضعت نيجيريا كدولة بديلة لاستضافة البطولة حال وجود مشاكل تنظيمية للدولة المؤكل لها استضافة البطولة، في النسخ الثلاثة.
نصبحكم سريعة في رحلة من التخطبات التي استمرت من ذلك الحين وحتى 2024، وربما يستمر الأمر حتى 2027 بطريقة غير متوقعة على الإطلاق.
الصفقة
بالفعل التغيير الأول حدث في 2013، بسبب الحرب في ليبيا تنازلت عن استضافة البطولة لصالح جنوب إفريقيا.
في المقابل ستنظم ليبيا بطولة 2017 عوضا عن جنوب إفريقيا، أي أن الأمر ما هو إلا تبادل كصفقة بين البلدين.
جاء ذلك رغم اهتمام نيجيريا والجزائر باستضافة البطولة لكن الصفقة تمت بين البلدين وكاف وافق عليها رغم قراره السابق أن نيجيريا الدولة البديلة حال تعثر المستضيف.
استضافة جنوب إفريقيا للبطولة عوضا عن ليبيا لم يكن الأول، حيث نظمت أمم إفريقيا للشباب في 2011 بدلا منها، كما حظت بحق تنظيم أمم إفريقيا للمحليين بدلا من ليبيا في 2014.
في ذلك الوقت البنية التحتية لجنوب إفريقيا كانت في أفضل حالاتها خاصة بعد استضافتها لكأس العالم 2010 لأول مرة في تاريخ القارة ثم أمم إفريقيا للشباب 2011.
إيبولا
في 2010 تلقى كاف 3 ملفات نهائية لاستضافة أمم إفريقيا 2015 و2017 من: المغرب وجنوب إفريقيا والكونغو الديموقراطية التي انسحبت لاحقا.
وبسبب تنظيم جنوب إفريقيا لنسخة 2013 مُنح حقق نسخة 2015 للمغرب بشكل رسمي في 2011، بينما تقام نسخة 2017 في جنوب إفريقيا.
وقبل 3 أشهر على انطلاق البطولة بشكل رسمي، طلبت المغرب تأجيل إقامة أمم إفريقيا بسبب تفشي فيروس إيبولا في غرب القارة لكن كاف رفض.
في 8 نوفمبر لم يؤكد المغرب استضافته للبطولة وبعد أيام قليلة أعلن كاف استبعاد أسود الأطلس من البطولة.
رفضت مصر وجنوب إفريقيا والسودان وغانا استضافة البطولة بعد طلب كاف، وفي النهاية أسندت مهمة استضافة البطولة لغينيا الاستوائية التي استضافت البطولة بتنظيم مشترك مع الجابون.
في المقابل عاقب كاف نظيره المغربي بالاستبعاد من نسختين وغرامة قدرها 9 ملايين دولار كتعويض عن أضرار عدم إقامة البطولة، لكن محكمة التحكيم الرياضي ألغت هذين القرارين في وقت لاحق.
2017
كما أسلفنا فأن نسخة 2017 كانت من حق ليبيا جراء الصفقة التي جريت بينها وبين جنوب إفريقيا على خلفية نسخة 2013.
لكن في 2014 أعلنت ليبيا الانسحاب من تنظيم البطولة بشكل رسمي، وتقدمت كل من مصر والجابون والجزائر وغانا بطلب لاستضافة البطولة.
مصر انسحبت من استضافة البطولة حيث صرّح خالد عبد العزيز وزير الرياضة آنذاك "أن مصر ستدعم ملف الجزائر بعد الانسحاب".
وفيما نقلته حينها في 2014 هيئة الإذاعة البريطانية فإن هاني أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة صرّح من قبل: "مصر لن تنافس الجزائر بل على العكس سنقدم لها أفضل دعم ممكن".
آنذاك كان إيقاف النشاط الرياضي في مصر هو السائد بسبب الأحداث السابقة بتلك الفترة.
وفي 2014 أعلن كاف فوز الجابون بحق استضافة البطولة على حساب الجزائر، لتكون كل من الجابون وغينيا الاستوائية أكبر مستفيد من تلك الفوضى في القارة باستضافة البطولة مرتين في ظرف 5 سنوات.
مصر تعود
في 2013 قرر كاف النظر في الملفات المقدمة لاستضافة بطولتي 2019 و2021.
الكاميرون والجزائر وكوت ديفوار وغينيا تقدموا بطلبات ترشح، وفي نفس الوقت رفضت طلبات ترشح مشتركة بين 3 دول أو 4.
وفي 2014 قرر كاف إسناد نسخة 2019 للكاميرون، و2021 لكوت ديفوار و2023 لغينيا.
وخلال اجتماع كاف في 2018 وجود تأخر الكاميرون في تجهيزات استضافة البطولة، وبالأخص الملاعب ومشاكل أمنية.
البطولة مقرر إقامتها في شهر يونيو 2019، فقرر كاف النظر في طلبات جديدة في 14 ديسمبر 2018 أي قبل 6 أشهر من إقامة البطولة.
تنافست مصر وجنوب إفريقيا على استضافة البطولة وفي يناير أعلن فوز مصر بـ 16 صوتا مقابل 1 لجنوب إفريقيا لتنظم مصر البطولة للمرة الخامسة في تاريخها والأولى منذ 2006.
في المقابل تأجلت استضافة الكاميرون لنسخة 2021 عوضا عن 2019.
وأقيمت البطولة في مصر وسط حفاوة كبرى من القارة بأكملها كوّن مصر حصلت على حق استضافة البطولة قبل أقل من 5 أشهر من إفامتها خاصة بعد زيادة عدد الفرق من 16 لـ 24 لأول مرة.
بعد قرار سحب تنظيم 2019 من الكاميرون، قرر كاف ترحيل الاستضافة، فحصلت الكاميرون على حق تنظيم 2021 وكوت ديفوار في 2023 وغينيا في 2025.
وافق بول بيا رئيس الكاميرون على تعويض كاف له باستضافة نسخة 2021.
في المقابل كان هناك استياء من كوت ديفوار بسبب تأجيل التنظيم لكن بعد لقاء أحمد أحمد والحسن واتارا في 2019 توصلا لاتفاق.
هل تتوقع أن تقام البطولة دون أي مشاكل؟
تقرر إقامة البطولة في يناير وفبراير 2021 بدلا من يونيو ويوليو لنفس العام بسبب الأمطار الموسمية التي تهطل بغزارة في فصل الصيف.
عادت البطولة لموعدها الطبيعي في الشتاء بمنتصف الموسم لكن لم تقم في 2021 بسبب تفشي فيروس كورونا.
ففي يونيو 2020 تم تأجيل البطولة مرة أخرى من يناير 2021 إلى يناير 2022 بسبب تفشي الفيروس.
البطولة شهدت ضغوطا كبيرة بسبب رغبة الأندية الأوروبية في تأجيلها خوفا على صحة لاعبيهم، بالإضافة لتأخر الكاميرون في تجهيز ملاعبها.
وكان الرد الحاسم من باتريس موتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في 20 ديسمبر بأن البطولة ستقام في موعدها ولا توجد أي نية للتأجيل ليحسم أمر تلك النسخة وتقام أخيرا في الكاميرون.
وأخيرا أقيمت البطولة التي شهدت تتويج السنغال لأول مرة باللقب.
لا تغيير؟ كيف؟
النسخ الماضية السابقة مرت بالكثير والكثير في تنظيمها، ورغم أن 2023 كانت من نصيب غينيا أولا لكن مع الترحيل أًصبحت من نصيب كوت ديفوار.
وحتى الآن يبدو الأمر غريبا بعدم حدوث مشاكل تنظيمية بعد كل ما دار في البطولات السابقة، وربما تأجيل استضافة كوت ديفوار جاء في صف بلاد الأفيال.
عودة للتغيير من جديد
في سبتمبر 2022 أعلن موتسيبي رئيس كاف سحب تنظيم 2025 من غينيا بسبب عدم الجاهزية.
في أبريل 2023 أعلنت هوية البلاد المرشحة لاستضافة بطولتي 2025 و2027.
وترشحت الجزائر لاستضافة البطولتين، حيث تنافس المغرب وملفا مشتركا بين نيجيريا وبنين في نسخة 2025.
أما في نسخة 2027، فتنافس السنغال، وملف مشترك بين تنزانيا وكينيا وأوغندا تحت مسمى ملف شرق إفريقيا.
وكان كاف أعلن في بيانه أن مصر تقدمت باستضافة نسخة 2027 لكن موتسيبي والمسؤولين المصريين نفوا الأمر لاحقا.
وقبل يوم واحد على إعلان الدول المستضيفة للنسختين المقبلتين أعلنت الجزائر انسحابها من التنظيم قبل يوم واحد من الاجتماع.
وفاز المغرب بحق تنظيم نسخة 2025 بالإجماع بواقع 22 صوتا لتنظم البطولة لأول مرة منذ 1988.
ولأول مرة ستقام بطولة 2027 بتنظيم مشترك بين 3 دول وهم كينيا وأوغندا وتنزانيا.
مشكلة منتظرة في 2025
من المنتظر أن تقام البطولة في يونيو ويوليو 2025 حيث لا أمطار موسمية كما حدث في الكاميرون وكوت ديفوار.
لكن كاف سيواجه مشكلة أولى ليس مع منتخبات القارة بل مع فيفا نفسه.
السبب؟ إقامة النسخة الأولى من كأس العالم للأندية والتي تضم 32 فريقا بنظامها الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية في نفس التوقيت.
هل ستترك حينها الفرق الأوروبية والقارية لاعبيها لمنتخبتهم وهم في الأساس يشاركون في بطولة تحت رعاية فيفا.
ربما الحل هو التأجيل لتقام في يناير وفبراير 2026 كحل مؤقت.
لكن سيكون هناك مشكلة أخرى وهو ضغط المباريات على اللاعبين الدوليين بالأخص.
في 2026 سيكون على الدوليين المشاركة في أمم إفريقيا ثم ملحق كأس العالم ثم كأس العالم خلال مدة 7 أشهر.
وقبلها سيبدأ الموسم بشكل مبكر بغية إنهاءه مبكرا لإفساح المجال للاعبين للتدرب مع منتخباتهم، وهو ما يعني مدة راحة أقل بالأخص للاعبين الذين سيشاركون في كأس العالم للأندية 2025.
الأزمة في الأساس تلوح في الأفق خاصة أن اتحاد اللاعبين المحترفين الإنجليزي بدأ التلويح باتخاذ إجراءات قانونية لحماية لاعبيه من ضغط المباريات.
وبحسب تقرير سابق لشبكة "سكاي سبورتس" فإن اللاعب ربما يجد نفسه أمام فرصة خوض 86 مباراة في الموسم الواحد ودون الحصول على فترة راحة كافية بين الموسمين.
وقال ماهيتا مولانجو الرئيس التنفيذي لاتحاد لاعبي كرة القدم المحترفين للشبكة الإنجليزية: "أشعر أننا وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الناس مستعدين لاتخاذ إجراءات قانونية، حيث يكون الناس مستعدين لاتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الملعب لمحاولة حل المشكلة، لأنها حالة حزينة، أعتقد أنها هزيمة لكرة القدم عندما يحتاج اللاعبون إلى تحقيق العدالة بأيديهم لأنهم لا يشعرون بالحماية".
ورد على، هل منظمو المسابقات يخاطرون بقتل كرة القدم؟ فأجاب مولانجو قائلا: "أعتقد أنهم كذلك. لكنني أعتقد أن اللاعبين مستعدون الآن لاتخاذ موقف قوي، أعتقد أن السلطات التي من المفترض أن تحمي اللاعبين وتحمي المباريات لا تفعل ذلك. إنهم يولدون المزيد من المسابقات، ويولدون المزيد من الدخل على حساب اللاعبين".
وأضاف "ما يبدو أننا جميعا ننساه هو أنه في نهاية المطاف، جميعهم يستخدمون نفس الأصول، وأنا أستخدم كلمة الأصول لغرض معين لأنهم جميعا يريدون حلب نفس البقرة".
وتابع "وهذا أمر مستحيل لأنه في نهاية المطاف، اللاعبون -بقدر ما هم أشخاص متميزون يكسبون عيشهم بشكل جيد للغاية، إلا أن الجسم البشري يسمح لك فقط بفعل الكثير".
وأتم "إنه مثال آخر على اتخاذ المسؤولين قرارات دون التفكير في العواقب على رفاهية اللاعبين، هذه هزيمة لكرة القدم. كمشجعين نريد أن نرى أفضل اللاعبين على أرض الملعب ويقدمون أفضل مستوى، والآن مع عدد المباريات الحالي فإن الأمر مستحيل جسديا وإنسانيا".
هنا كان الحديث عن اللاعب الذي يحظى بفرص جيدة للسفر ولعب بشكل منتظم، فما بالك بلاعب في قارة إفريقيا حيث كل المصاعب متاحة أمامك.
مصدر من كاف رد لـ FilGoal.com على تلك الأزمة المحتملة خاصة أنها ستكون بعد عام ونصف من الآن قائلا: "هناك اقتراحات عديدة لحل أزمة تضارب المواعيد بين كأس أمم إفريقيا وكأس العالم للأندية".
وكشف المقترحات قائلا:
الأول: إقامة البطولة في يناير 2026 ولكن المقترح سيكون له توابع بسبب كثرة التوقفات لأن في الصيف سيقام كأس العالم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي هناك رغبة لإنهاء البطولات مبكرا ومع إقامة كأس الأمم في يناير سيؤخر من نهاية البطولات.
الثاني: تأجيل كأس أمم إفريقيا إلى يناير 2027 وبالتالي تأجيل نسخة 2027 الأساسية والمقررة في تنزانيا وكينيا وأوغندا إلى 2029 وتأجيل كل البطولات المقررة".
وأتم موضحا "كاف سينظر ذلك الأمر بعد نهاية كأس أمم إفريقيا 2024 إذ سيكون هناك اجتماعات مستمرة مع الاتحادات المحلية خلال البطولة ثم بعدها سيتم الاستقرار على القرار النهائي".