كتب : إسلام أحمد
يبذل أي لاعب وأسرته الغالي والنفيس من أجل أن يصل لأفضل مرتبة ممكنة في عالم كرة القدم.
وهو ما حاول شيفا نزيجو لاعب منتخب الجابون فعله، لكنه وقع في بحر من الموبقات خلال مسيرته الكروية.
في نسخة 2000 من أمم إفريقيا انضم شيفا نزيجو لقائمة منتخب الجابون وكان أصغر لاعب في البطولة.
وخلال مباراة جنوب إفريقيا شارك كبديل وسجل هدف في الخسارة بنتيجة 3-1 وأصبح أصغر لاعب يشارك ويسجل في تاريخ البطولة بعمر 16 عاما و93 يوما.
ورغم أنه صاحب رقم قياسي تاريخي في أمم إفريقيا، وخاض مسيرة احترافية مقبولة في فرنسا إلا أن كل ذلك انتهى باعتراف في أحد الكنائس.
في تقرير ني لامبتي ذُكر أنه واحدة من أكثر من القصص المأساوية في تاريخ اللعبة، والآن نحن أمام مسيرة لاعب وقصة لن تود أن تتخيلها بسبب أحداثها.
كل ما سيلي هو اعترافات شيفا نزيجو باعتراف في أحد الكنائس في أغسطس 2018.
هوية مزورة
اعترف شيفا في البداية أن عمره مزور وأنه أكبر من عمره بـ 5 سنوات، أي أن عمره كان 21 عاما وليس 16 وقت تسجيله للهدف.
"لقد كذبت بشأن عمري عندما ذهبنا لفرنسا، أنا أكبر بخمس سنوات".
كما أنه غيّر اسمه عند وصوله لفرنسا وأًصبح Shiva يبدأ بحرف الـ S بدلا من Chiva كما وُلد في بلاده.
علاقات غير شرعية
"أقامت علامة مع عمتي مرتين عندما كنت صغيرا، ثم كررت الأمر مع شقيقتي"
"بعد ذلك اضطررت لإقامة علامة مع صديق لي، ثم أقامت علاقة طويلة الأمد مع رجل آخر".
التضحية بوالدته
"ماتت والدتي وأريد الاعتراف أنه تم التضحية بها، وقعت على عقود كثيرة وكان والدي يريد الأموال لنفسه، وأخبرني أنه سيقتل والدتي لكنني رفضت، لكنه فعل ذلك حتى تساعدني روحها على مزيد من التقدم في مسيرتي الكروية".
أعلن شيفا بنهاية اعترافاته أنه يطلب المغفرة من الله، وأنه غيّر اسمه لـ "أشعياء" قبل أن يصفق له الحاضرين بعد تلك الاعترافات القوية والعودة لطريق الله.
لكن مسيرة شيفا لم تكن بتلك السهولة عند وصوله لفرنسا، وهو ما تحكيه تقارير مختلفة في السنوات الأولى من القرن الحالي.
في 2003 نشرت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية تقريرا عن شيفا بعنوان "اللؤلؤة السوداء" عندما كان بقميص نانت.
وفي 2011 وخلال تقرير آخر لموقع sport241 وصف الجابوني في عنوانه بـ "ذات مرة كان هناك معجزة في كرة القدم" في ذلك الوقت كان الجابوني في الدرجة الثالثة لبلجيكا.
ومن خلالهما سنتعرف عن قرب على مسيرة شيفا ستار نزيجو قبل تلك الاعترافات المدوية.
وُلد شيفا في تشيبانجا في الجابون وملأت غرفته صورا للاعبي نانت وتتويجهم بلقب الدوري عام 1995 حيث تذكر بداياته لصحيفة "لو باريزيان": "كان نانت هو الفريق الذي تحدثنا عنه أكثر في البلاد في ذلك الوقت، حلمت بارتداء هذا القميص الأصفر، وفي أحد الأيام أخبرني سيرج لو ديزيت أنني سانضم للنادي وتحقق الحلم".
تألق شيفا عام 1997 ببطولة مونتايجو مع ناشئي الجابون وخرج إلى أنجيه الفرنسي بعمر 14 عاما بمبلغ باهظ دُفع للاتحاد الجابوني.
عانى شيفا من بُعد المسافة عن أهله والعزلة والبرد وتمسك بفكرة أن يصبح لاعبا محترفا ومثله الأعلى جورج ويا وأًصر على المواصلة.
حيث صرّح لموقع Viva Presse من قبل: "كان من الأفضل أن تكون عائلتي بجواري، عندما نذهب لمواجهة فريق لا أعرف من سيشاركني الفرحة عند الفوز، وليس لدي من يواسيني إذا خسرت".
وكشف معاناته في أنجيه قائلا:
"تُركت وحدي، كنت أتجول يومي السبت والأحد، ولو لم ألتزم بكرة القدم لسارت الأمور بشكل سيء، ما ساعدني أنني أفكر في المسؤولية ولم أرد تخيب أمل والدي والدتي، أردت أن أكون محترفا، وكان هناك ضغط مستمر هل أستطيع فعل ذلك؟".
في السنة الأولى له مع أنجيه طلب منه والده بعض الأموال، وتذكر قائلا: "كان في يدي ورقة بها أرقاما، لم أعرف ماذا تعني ولم أجرؤ على سؤال أي شخص سواء زملائي أو المسؤولين، كنت خجولا".
"لم يكن لدي أصدقاء كانوا يسخرون مني ومن طريقة حديثي وملابسي، أعتقدت أن هناك خطأ معي".
"عندما شاركت تلك الورقة مع زميلي في غرفتي، كان هذا راتبي الذي يُحول لحسابي المصرفي كل شيء، كان على أحد أن يشرح لي الأمر لكنني لم أفهم شيئا".
"أصبح لدي فجأة كثير من الأصدقاء، أدرك زميلي أنني الأعلى أجرا في النادي لأنني كنت محترفا، كانوا يخرجون معي وأدفع حساب الفواتير، وكذلك ثمن الملابس".
"1999 واجه النادي صعوبات مالية وكان يتم إيقاظي في الخامسة صباحا ويطُلب مني مغادرة مقر النادي سرا بالخروج من نافذة غرفة النوم، ثم أذهب لأندية أخرى رفقة مرافق لإجراء اختبارات".
"كانوا يحاولون بيعي قبل أن أدرك أن عقدي انتهى مع النادي، ويمكنني التوقيع لمن أريد بمفردي وهو ما شرحه لي مدرب نانت وانضممت لهم".
سجل مع أنجيه 25 هدفا في بطولة شنجهاي للتعاون، وبالفعل التقطته أعين نانت وانضم للفريق الذي كبر وحَلم بالانضمام له.
انضم شيفا إلى نانت في عام 2000 واستمر مع الفريق لمدة 5 سنوات . "هناك، كان الأمر مختلفا. كنت محاصرا. لقد تم الاعتناء بي. لقد وجدت الدفء الإنساني، وتعلمت أشياء كثيرة: الاحترام والقيم الإنسانية".
وتذكر روبرت بودزينسكي المدير الرياضي السابق نانت: "مع كوكو (جان كلود سوادو)، قلنا لأنفسنا أننا نمتلك المهاجم العظيم لسنوات قادمة!".
عندما أصبح بطلا قوميا في الجابون رغم الخسارة كان شيفا لا يستطيع السير في الشوارع ببلاده بمفرده "في الجابون، لم أستطع السير في الشارع دون أن يتم إيقافي. لقد قمت بالتوقيع على التوقيعات طوال الوقت. كان لدي امتيازات. كان الناس ينتظرونني في المطار عندما عدت من الخارج".
لم يُكمل شيفا دراسته، لكن في نانت حاولوا توفير الأجواء المناسبة له.
في 2001 علم شيفا بوفاة والدته، وقبلها بعام انتقل شقيقه للعيش معه لبعض الوقت بدعوة من نادي نانت، لأنه كان يشعر بالاكتئاب.
وتوفي والده في 2005 وتذكره شيفا قائلا: "الآباء الأفارقة مميزون. لم يكن لدينا الكثير من الاتصال. لقد كان فخورا جدا بي. عندما ذهبت للعب في ليبرفيل، أحضر جميع أصدقائه إلى الملعب".
تأُثير رحيل والديه كان وقعه قويا عليه وكان سببا في تراجع مستواه "فقدت أمي ثم والدي، فقدت الذوق في كل شيء. كانوا كل شيء بالنسبة لي. لقد واجهت صعوبة كبيرة في النهوض”.
حينها كان لشيفا حلما آخر وهو بناء دار أيتام في ليبرفيل لأنه يعرف معنى "أن تكون وحيدا في الحياة، بدون أمك وأبيك".
في 2005 أعير لصفوف جوينيون الفرنسي مع تيري فروجر المدرب الذي يعرفه وساعده على عدم الغرق في مشاكله ثم رحل معه إلى ستاد ريمس في الدرجة الثانية من الدوري الفرنسي.
اكتسب نزيجو فرصة اللعب وإثبات نفسه، لكن تحولت الأمور مع رحيل فروجر وقدوم مدرب آخر.
"اعتزلت كرة القدم تقريبا عندما كنت في ريمس. وهناك أخبر الجميع أنني كنت ولدا سيئا. لقد تبعني هذا الصراع دائما بعد ذلك".
بعد رحيله عن ريمس في 2010 لعب لفريق فيرتون البلجيكي في الدرجة الثالثة ثم عاد بعد عام واحد إلى الجابون للعب للعامين في الدوري المحلي.
استمرت مسيرته بعد ذلك في دوريات الهواة لتنتهي مسيرته الاحترافية بـ 148 مباراة و24 هدفا في جميع المسابقات.
بول أولريش كيساني زميله السابق في منتخب الجابون دعمه شيفا علنا: "شهادته الشجاعة تكشف ظاهرة يبدو أننا نتجاهلها، ولكنها تمارس منذ سنوات في بلدنا وتتجاوز إطار كرة القدم. يتم اختطاف الشباب من مسوؤلي الأندية وأولياء الأمور، دون أن يدين الضحايا معذبيهم وتتولى المحاكم مسؤولية ذلك، ما كشف عنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشكك في موهبته الهائلة".
وبقميص الجابون شارك في 24 مباراة سجل خلالها 5 أهداف لكن يظل هدفه ضد جنوب إفريقيا في أول مباراة دولية له علامة فارقة في مسيرته ولولا ذلك الهدف ربما لاختلفت الأحداث وربما لم تكن تعرف الآن من هو شيفا ستار نزيجو.