كتب : إسلام أحمد
في كرة القدم الإفريقية يصل الإيمان بالسحر لأقصى مدى عن طريق تدخله في شفاء لاعب من إصابة أو الفوز بمباراة أو لقب.
وفي غانا تأخد الأمور منحنى آخر تماما، فالبعض يربط سنوات النجوم السوداء العجاف في كأس أمم إفريقيا منذ تحقيق اللقب الرابع عام 1982 للعودة لممارسة أمور السحر.
شخص واحد فقط هو من وقف ضد الخرافات وحقق لغانا 3 ألقاب وساهم في الرابع وهو تشارلز جيامفي.
ومع اقترابنا من بطولة كأس أمم إفريقيا 2023 يستعرض FilGoal.com أبرز القصص عن شخصيات تاريخية في البطولة.
ولمن لا يعرف من هو تشارلز جيامفي؟ فهو أول مدرب يحقق لقب كأس أمم إفريقيا 3 مرات وتبعه فقط حسن شحاتة مع الجيل الذهبي لمنتخب مصر.
مواجهة جيامفي للأفكار الرجعية والسحر في كرة القدم الغانية وُصفت بـ "طلب جيامفي مساعدة الله في قضية محددة ونجح لأنها كانت في صف الله مثلما فعل سيدنا يوسف في مصر".
أصبح جيامفي أول مدرب غاني يقود منتخب بلاده في التاريخي خلفا للمجري جوزيف إيمبر عام 1963، بعدما كان أول محترف في تاريخ الكرة الغانية عندما لعب لصفوف فورتونا دسلدورف الألماني، وفي بداية مهمته سار عكس التيار السائد.
عُرف دائما وجود ساحر يُلازم الفرق والمنتخبات في غانا، لكن الأمر توقف مع تولي جيامفي المهمة عام 1963.
نُقل عن جيامفي في كتاب "السحر والسحرة في الكرة الإفريقية" لكاتبه فرانسيس بوتشواي: "قبل أن أتولى مهمة النجوم السوداء، كان هناك سحرة ودجالين "يساعدون" الفريق، وبعض منهم كان يسافر معنا خارج غانا".
وأكمل "كأفارقة لم يكن يفاجئنا ذلك لأن الخرافات في كرة القدم كانت أمرا معتادا، وشيء يدور في القارة خلال هذه الأيام".
وأردف "بخبرتي التي اكتسبها كرويا في ألمانيا وتشيلي والبرازيل أقنعتني أن السحر لا يلعب كرة القدم".
وواصل "قرر فريقي ألا يعتمد على خدماتهم، واعتمد على الصلوات والأنظمة التكتيكية الجيدة، والعمل الجاد والالتزام والتحفيز".
وأشار الكاتب إلى أن جيامفي طلب المساعدة من الله من أجل أن يتفوق على تلك الخرافات، حيث صرّح قائلا في عبر قناة Lifestyle tv"" الغانية: "طلب جيامفي مساعدة الله في قضية محددة ونجح لأنها كانت في صف الله مثل فعل سيدنا يوسف في مصر".
وأوضح بوتشواي خلال لقاءه قائلا: "فاز جيامفي بأمم إفريقيا 1963 و1965، وفي 1978 لم يكن المدرب لكن عرض النصائح حينها على أوسام دودو المدير الفني، وثم فاز مجددا كمدرب في 1982".
وشدد بوتشواي إنه إذا تمسكت غانا بـ "طريقة جيامفي في إدارة الفريق" منذ عام 1982 وحتى وقتنا هذا لأصبحت الأمور أفضل حيث قال: "عندما تركنا هذا الطريق بعد عام 1982 لم تسر الأمور بشكل جيد معنا، أؤمن بشدة أن هذا هو سبب عدم حصولنا على لقب أمم إفريقيا في آخر 40 عاما".
ماذا حدث في آخر 40 عاما لغانا؟
ابتعدت غانا عن الطريق السليم منذ الذهبية الأخيرة للنجوم السوداء، وعادت غانا لطريق الخرافات مجددا بعد جيامفي.
كوابينا يوبواه رئيس رابطة النقاد الغانيين سبق أن صرّح سابقا في تصريحات نقلها موقع "غانا سوكر نت": "أتذكر أننا في أمم إفريقيا 1978 كان لدينا قس ونصلي دائما في أي وقت".
واستدرك "في 1991 جاء روحاني إلى معسكر الفريق وأحاطنا بالشموع وبدأنا بالصلاة، وأتذكر أننا قبل مواجهة زامبيا كنا نردد alima alima shankara. كنا نكرر تلك الأشياء في تلك الأيام. ذهبنا وخسرنا تلك المباراة، وكان توني يوبوا هو المهاجم في ذلك الوقت مع أوبوكو نتي وآخرين، وجورج آرثر كان غاضبا جدا لدرجة أنه هاجم الروحاني".
كما روى أيضا قصة ملاقاة روحاني قبل مباراة ودية بين غانا وكوت ديفوار في عام 1984، فقال: "لسوء الحظ، أتذكر جيدا مرة أخرى أيام أتو أوستن كمدير تنفيذي للشباب والرياضة. ذهبنا إلى كوت ديفوار لخوض مباراة ودية، لا أريد أن أذكر الأسماء ولكن أوبوكو نتي كان قائدا للفريق. سافر الفريق إلى كوت ديفوار وقيل لنا أن نذهب إلى كيب كوست (مدينة في غانا) لرؤية روحاني معين".
وكشف ما دار عند زيارة الروحاني قائلا: "أخبرتنا امرأة أنه يتعين علينا الانتظار لبعض الوقت لأن الملاك سافر، وكان علينا الذهاب إلى الشاطئ للجلوس تحت شجرة جوز الهند لعدة ساعات ثم عادت وفي النهاية وصل الملاك. وقالت إن المباراة كانت صعبة للغاية وكنا سنخسر بنتيجة 2-0 لكنها تمكنت من تغيير النتيجة. لذلك أعطتنا الزجاجة والماء لإتمام المهمة، وخسرنا المباراة بهدفين مقابل صفر. وظلت هذه الأشياء مستمرة".
تأهل النجوم السوداء لنهائي أمم إفريقيا 3 مرات فقط منذ ذلك الحين، وخسروها جميع بواقع 2 ضد كوت ديفوار بركلات الترجيح في 1992و2015، وأمام مصر في 2010 بفضل هدف محمد ناجي "جدو" الشهير.
جوران ستيفانوفيتش المدير الفني للنجوم السوداء في نسخة 2012 أبدى استيائه وغضبه من لاعبي الفريق قبل مباراة نصف النهائي ضد زامبيا فقال عقب في تقريره بعد البطولة: "هناك حاجة لتغيير عقلية لاعبي غانا حول استخدام السحر الأسود لتدمير أنفسهم، وكذلك التأكد من أننا نغرس الانضباط والاحترام لبعضنا البعض".
دريك بواتينج لاعب غانا في البطولة صرّح عبر قناة "GTV Sports +" أن اللاعبين أصروا على خروج أندري أيو من غرفة الملابس لأنهم ظنوا أنه "سَحر" بقية زملائه.
وأوضح دريك "كان الجميع يقولون إنهم لن ينزلوا إلى الملعب أولا حتى يخرج أندريه أيو"، وأشارت تقارير إلى أن أيو سحر زملائه بعدما سجل هدف الفوز على تونس في ربع النهائي، وأن الطريقة الوحيدة للتفوق على تلك التعويذة هي إجباره على النزول على الملعب أولا قبل خروج زملائه من غرفة الملابس.
وواصل دريك حديثه "لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة، كنا نقف هناك دون إجراء عمليات الإحماء. لذا فإن عملية الإحماء الوحيدة التي قمنا بها في المباراة كانت لمدة 10 إلى 15 دقيقة. قال الكثير من اللاعبين إنهم لن ينزلوا إلى الملعب حتى يفعل أيو ذلك".
ووصف الأمر "ترى بعضهم يجلس في المرحاض، وبعضهم يقف على الجانب، وبعضهم يجلس. لذلك كان الأمر مزعجا للغاية. جوران المدير الفني لم يستطع فهم ما يجري. لذلك بعد المباراة، سمعت الكثير من الأصوات. لقد انقلبت وهاجمت الجميع. بعد المباراة، جاء إلى نياتانكي (رئيس الاتحاد الغاني حينها) وسألني عما حدث وأخبرته بما حدث بالضبط".
وهو ما جعلهم يخوضون الإحماء قبل المباراة لمدة 15 دقيقة بدلا من 45، وفي النهاية خسروا بهدف دون مقابل من الرصاصات النحاسية.
وكشف بواتينج ما دار في غرفة الملابس قائلا: "في غرفة تبديل الملابس بعد المباراة، رأيت الناس يجلسون في حالة من الندم. لكن لماذا تندم على ذلك عندما علمت أن ما كنت تفعله لم يكن جيدا؟ الأمر مرتبط بمنتخب غانا. لا يتعلق بكم، بل يتعلق بالوطن كله. لذلك كان الأمر مزعجا لأن بعض الأشياء حدثت في المعسكر ولا يخرج الناس للحديث عنها. لقد اعتزلت ويمكنني أن أقول ما أريد قوله. لا أحد يستطيع أن يمنعني".
هل تظن أن الأمور توقفت في 2012 بعد تلك الفضيحة؟
في نسخة 2021 من أمم إفريقيا قدم النجوم السوداء نسخة باهتة للغاية بتذيل ترتيب المجموعة خلف المغرب والجابون وجُزر القُمر، وبرصيد نقطة واحد دون فوز، وحينها ودعوا البطولة مبكرا كما حدث في نسخة 2006 بمصر.
بحسب التقارير الغانية حينها فأن توماس بارتي لاعب وسط أرسنال الإنجليزي وأكثر من لاعب آخر فكر في اعتزال اللعب دوليا بسبب فضيحة السحر التي هزت معسكر الفريق في الكاميرون وليس للخروج المبكر.
شوهد أندري أيو وهو يرش الماء على أرضية الملعب مع بداية عمليات الإحماء -يبدو أنه لم يتعلم من درس 2012- وزعمت التقارير أيضا أن بعض لاعبي النجوم السوداء أحضروا دجالين إلى غرفهم بالفنادق لأداء طقوس قبل كل مباراة البطولة.
كما أشيع أن غياب محمد قدوس لاعب وست هام الحالي وأياكس حينها بسبب الإصابة كان بسبب استخدام بعض من لاعبي غانا السحر ضده، وسرعان ما أصدر الجناح الغاني بيانا حول حقيقة إصابته بسبب السحر.
"في طريقي للتعافي، إنه أمر محبط للغاية مع كل الافتراءات والادعاءات ذات التعليقات غير الدقيقة حول زملائي في المنتخب الوطني الذين يستشهدون بي من وسائل الإعلام والمدونات المختلفة. إنه أمر مؤسف للغاية ولكن كل هذه التعليقات تتعارض مباشرة مع ما أمثله.
أرغب في استخدام هذه الوسيلة لإبعاد نفسي عن جميع التعليقات والمعلومات التي لا أساس لها والتي تستشهد بي. إنني أدعو الغانيين بكل تواضع إلى تجاهل الأمر والتعامل معه بكل الازدراء الذي يستحقه.
باعتباري جزءا من المنتخب الوطني، فأنا المسؤول عن زملائي في الفريق. لكنني أؤمن بغانا، غانا تجري في عروقي، ومعي أو بدوني، سوف يعود فريق النجوم السوداء أقوى ويتألق مرة أخرى".
لم تُعلن قائمة منتخب غانا لأمم إفريقيا بعد، وربما بعد الأزمة الأخيرة في البطولة الماضية يفكر نجوم غانا وعلى رأسهم المخضرم أندري أيو ومحمد قدوس وتوماس بارتي في التأثير على زملائهم بالابتعاد عن طريق السحر والاقتداء بطريق الله كما فعل جيامفي، فربما ينهون سنوات الكرة الغانية العجاف.