كتب : محمد رؤوف
"قلت منذ أسابيع إنني أريد أن أسدد من بُعد، تسلمت الكرة على حدود منطقة الجزاء، ربما خصمي يتوقع مني دائما بأن أتقدم إلى الداخل، فاجئت دفاع برشلونة بالتسديد، أعرف الطريقة وذهبت الكرة إلى الزاوية العليا".. بهذه الطريقة وصف جود بيلينجهام نجم ريال مدريد هدفه في برشلونة خلال مباراة الكلاسيكو الماضية.
وفاز ريال مدريد على برشلونة بهدفين مقابل هدف في الجولة الـ11 من الدوري الإسباني، وسجل ثنائية الفريق الملكي النجم الإنجليزي الشاب جود بيلينجهام.
لكن هناك مشهدا ربما لم تره، لزم أن يتدخل العلم لتفسيره وهو في تسديدة لاعب الوسط الإنجليزي في هدف التعادل والمقارنة مع زلاتان إبراهيموفيتش أسطورة منتخب السويد السابق.
يستعرض FilGoal.com في التقرير التالي كيف فسر العلم وضعية بيلينجهام في تسديدة هدفه وكذلك مقارنته مع إبراهيموفيتش في عدة صور مختلفة.
إبراهيموفيتش والتايكوندو والليونة
وفقا لصحيفة "تيليجراف" الإنجليزية فإن مهاجم ميلان السابق نال الحزام الأسود في لعبة التايكوندو في عمر الـ17 عاما عندما كان في مسقط رأسه في مالمو في السويد.
وفي عام 2010 تمكن إبراهيموفيتش من الحصول على الحزام الأسود الشرفي في التايكوندو.
ولذلك فإن اللاعب المعتزل والبالغ من العمر 42 عاما لديه القوة العضلية والليونة اللازمة -مصطلح ليونة سيتم شرحه لاحقا- لنرى كل قدراته الخارقة في استلام الكرات الهوائية وكذلك إحراز الأهداف البهلوانية التي أُعجب بها الجميع.
هدف بيلينجهام وتدخل العلم
في اللقطات المرتبة المقبلة ستجد شيئا لا تراه طوال الوقت، حتى في ظل جميع الأهداف التي يتم إحرازها من بُعد وربما تكون أقوى من تسديدة اللاعب البالغ من العمر 20 عاما.
إلق نظرة على كل صورة ستراها على مراحل تسديد بيلينجهام الفائز بجائزة كوبا كأفضل لاعب شاب في العالم.
سيتضح لك الأمر أن بعد تسديدة لاعب بوروسيا دورتموند السابق ارتفع ساقه التي سدد بها إلى مستوى رأسه تقريبا وهذا غير طبيعي.
مثال على تسديدات الصاروخي روبيرتو كارلوس، وهنا لا يتم المقارنة ولكن لإيصال أن رفع الساق إلى هذا الحد أمر صعب للغاية.
ستجد أن حركة كارلوس طبيعية أو كما تراها دائما مع أي لاعب عكس بيلينجهام.
دور العلم
لتفسير الفارق بين بيلينجهام وإبراهموفيتش ومن الأصعب بينهما ولماذا لم يحدث ذلك لكارلوس في حركة ساقه.
ومن هنا فسر لنا محمود حلمي أخصائي العلاج الطبيعي في فرق الناشئين في فريق الأهلي.
وقال حلمي لـFilGoal.com: "لدى بيلينجهام ليونة كبيرة جدا تكاد تفوق قوة ساقه في التسديد في العضلات الأمامية والخلفية، لكن لا يمكن أن نغض النظر عن ذلك".
وأضاف "ولذلك رفع ساق بيلينجهام إلى مستوى رأسه يرجع إلى ليونة كبيرة للغاية في عضلات الحوض لديه والعضلة الخلفية والتي تعتبر نسبتها أكبر من غيره".
وفسر مصطلح ليونة الذي أشارنا إليه سابقا قائلا: "يجب أن نوضح الفارق بين مصطلحين وهما Flexibility وMobility، الإثنان بمعنى ليونة لكن المصطلح الأول بمعنى طول العضلة في العموم مثل العضلة الخلفية، أما الثاني فهو ليونة المفصل مثل مفصل الفخذ وهكذا".
وتابع "لقطات إبراهيموفيتش؟ زلاتان اعتمد كثيرا على ليونته أكثر من القوة، بينما بيلينجهام مزج الليونة بالقوة فخرجت بهذا الشكل، بالتالي الثنائي استخدم القوة والليونة ويعود الفرق بينهما أن كل منهما اعتمد على شيء مختلف أكثر من الآخر".
وأكمل حديثه "وضعيات وحالات زلاتان تعتبر أكثر صعوبة لأنها تحتاج إلى ليونة في الفخذ والحوض أكثر من التسديد، خاصة في وضعية الثبات وهكذا فعلها زلاتان كثيرا".
وشدد "هناك عامل آخر مؤثر وهو الطول، زلاتان طوله 195 سم بينما بيلينجهام 186 سم، وكذلك السن، فإبراهيموفيتش فعل ذلك في جميع مراحل حياته العمرية".
وأنهى "يكون الأمر أصعب في وضعية الثبات من مراحل التسديد لأنها تكون في وضعية الحركة التي تسمح للاعب بأن يصل لأعلى بُعد أو مدى ممكن".
التفسير الفني
لشرح الأمر فنيا وهل طريقة بيلينجهام في التصويب لها تأثير فني أفضل أو أقل من روبيرتو كارلوس في رفع الساق بعد التسديدة مباشرة سواء الدقة أو القوة.
ولذلك فسر لنا باسم سليمان مدرب تطوير أداء اللاعبين المحترفين مثل كريم الدبيس لاعب الأهلي وعمار حمدي لاعب المقاولون العرب.
وقال سليمان لـFilGoal.com: "التسديد لا يعتمد على قوة العضلات فقط ولا يهم أين سيتحرك ساق اللاعب بعد تسديد الكرة".
وأضاف "لذلك رفع المُسدد لساقه لمستوى رأسه مثل بيلينجهام أو ما يحدث لأكثرية اللاعبين مثل روبيرتو كارلوس لن يؤثر في قوة أو دقة الكرة".
وتابع "أكثر ما يهم ويجب أن يُتخذ في الاعتبار هو طريقة تسديد الكرة، بمعنى، أي جزء في قدم اللاعب ستسدد الكرة؟، وأي جزء من الكرة سيتم تسديدها".
وشدد "بالنسبة لجزء القدم المُسدد للكرة، فلاعب كرة القدم الخماسي يلعب ويسدد دائما بمشط قدمه لأنه يريد أن يلعب الكرة بسرعة معينة لصغر الملعب، عكس لاعب كرة القدم 11 ضد 11 يستخدم ويعتمد على ذلك بنسبة أقل".
وأكمل "أما الجزء من الكرة التي سيتم تسديدها فهنا تظهر كل الدقة والقوة لدى اللاعب وذلك أهم من قوة العضلات، فإذا سدد اللاعب جزء خطأ من الكرة مثل من الأسفل سترتفع الكرة كثيرا أعلى المرمى لذلك لن تكون هناك دقة".
وأنهى حديثه "أما التسديد بوجه القدم في الجزء الأوسط من الكرة ستخرج الكرة بكل قوة ودقة وهذا ما فعله بيلينجهام، لذلك أين ستتجه ساقه بعد التسديدة لن تؤثر في دقة أو قوة التسديدة".
في النهاية، اتضح لنا أن للعلم دور كبير في تفسير الأشياء حتى في كرة القدم التي اعتمدت عليه الأندية العالمية للتقدم، وهنا مثلا ساهم العلم في معرفة نجاح بيلينجهام من قبل الانضمام لريال مدريد في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، كيف؟ (طالع التفاصيل).
ومن هنا يتضح أن بالفعل بيلينجهام يعلم الطريقة التي يسدد بها وأراد أن يفاجئ دفاع برشلونة بها كما قال عقب المباراة، لكن كارلو أنشيلوتي تحدث أيضا بعد المباراة بأن تسديدة بيلينجهام كانت مفاجأة بالنسبة له وبالتأكيد الأمر كذلك مع من شاهد المباراة.