"دي قصة مش خيالية لا، قصة واقعية. حصلت في العباسية، بس ممكن تحصل يوم في أسوان، في اسكندرية، في الأقصر، في الفيوم. في كل مكان في بلدنا، في ناس من معدنا. هتقابلوا بإذن المولى، مليون أحمد عطا الله. عشان محسوبكم مش هو المصري الأوحد".
أحمد عطا الله – فيلم قضية عم أحمد
ولن أتعجب إذا قرر اتحاد الكرة تكريم المشجع حفظا لماء وجهه، رغم إنهم من أصدروا لائحة إقامة المباريات -دون الجمهور -دون إرادتهم- كذلك.
هي صورة أيقونية لصاحبها، مشينة لمجتمع مصر الكروي بأكمله، الذي يرغم مشجعا في الثمانينات من العمر على تسلق سور، فقط لمؤازرة فريقه من المدرج. نفس الفئة العمرية التي تحظى بتسهيلات كبرى في باقي دول العالم من أجل الحضور.
وإن كان عم أمشير محظوظا كفاية لكي يصل إلى أعلى السور ويشاهد المباراة دون خسائر ويكتسب تعاطف المتابعين، فإن عم محمد فاروق لم يكن كذلك. إذ سقط حينما كان يتسلق السور، ليتعرض لإصابات قوية أبقته في المستشفى عدة أيام، قبل خروجه منذ ساعات.
وكما قال عم أحمد في مقدمة الفيلم "هتقابلوا مليون أحمد عطا الله. عشان محسوبكم مش هو المصري الأوحد". مشيرا لأن قضيته، ما هي إلا قضية ملايين المصريين.
في قضيتنا كذلك. قضية عم أمشير ليست قضية مشجع غلبه شغفه فتحامل على عامل العمر وغامر بنفسه لمشاهدة فريقه في لقاء لا حضور فيه، بل هي قضية جماهير الكرة في مصر.
الجمهور الذي فقد فرقه الشعبية المشاركة رفقة الكبار في الدوري الممتاز لصالح فرق لا يفرح لفوزها سوى إداراتها، وقضية جمهور محروم من دخول المدرجات لأسباب واهية. وقضية مشجعين إذا حضروا، لا يجدوا الملاعب مرحبة بوجودهم.
قضية جمهور المحلة المحروم من الحضور، وقضية جماهير أسوان التي اضطر ناديها للتهديد بعدم خوض مباراة النجوم اعتراضا على عدم حضور الجمهور، ونفس القضية لجماهير المصري التي يفرض عليها السفر أسبوعيا 8 ساعات ذهابا إيابا إلى استاد برج العرب ثم العودة بسبب رفض لعب الفريق في الإسماعيلية لحين انتهاء بناء ملعب المصري الجديد.
كل هؤلاء مهددين. فإذا نجوا صدفة مثل عم أمشير، أسيصبحون مادة للتعاطف، وإذا سقطوا لسوء الحظ في تسللهم للمدرجات أو زحفهم لألاف الكيلومرات مثلما حدث لعم محمد فاروق، سيصيرون رقما بين عدد من المصابين لا أكثر.
وإذا كانت هذه الظروف، وتلك هي القضية، فلا عجب إن فتح باب الحضور أمام جماهير الأهلي والزمالك كاملا، لكن أبى الناس التواجد. لأنهم نسوا تقاليد الملاعب ربما، أو لأن قيمة تذكرة حضور المنتج المتهالك أصبحت أثقل من أن يتحملها كاهلهم.
أملا في نهاية سعيدة
وإن كانت لـ "قضية عم أحمد" نهاية سعيدة بعدما أصر (رمزي شكري) على تصالح والده (شكري عبد اللطيف) مع جد حبيبته (أحمد عطا الله) وعاشوا جميعا في نفس البيت لحين هدم العمارة وبناء أخرى تخصص فيها شقة لـ أحمد عطا الله وتحل مشكلة شكري عبد اللطيف المادية لأن "الناس لو تحل مشاكلها بالعقل والمفهومية، ماكنش الحال ده بقى الحال" كما قال أحمد عطا الله في الفيلم، فنأمل في نهاية مثلها لـ قضية عم أمشير والمشجع المصري.
نهاية نلجأ فيها للعقل والمفهومية، التي تحتم دعم تواجد الأندية التاريخية وإعادة الجمهور للمدرجات واحترامه، من أجل منتج قوي يتابعه العالم العربي من جديد.