كتب : محمد رؤوف
"صلاح أكثر لاعب أناني شاهدته في حياتي"، جرايم سونيس أسطورة ليفربول 24 أكتوبر 2021.
"كان هناك الكثير من الانتقادات لصلاح لكونه أنانيا في الموسم الماضي، لكن الآن هو ليس هداف الفريق فحسب، بل الأكثر صناعة للأهداف، هل هذا حدث بالصدفة؟"، هذه كانت أحد الأسئلة الموجهة ليورجن كلوب في أحد المؤتمرات الصحفية يوم 4 ديسمبر 2021 الماضي، إجابة كلوب ستقودنا لإجابة سؤال آخر هام جدا يدور حول ذهنك بنسبة كبيرة.
ويتلقى محمد صلاح لاعب ليفربول الكثير من الإشادة بسبب اتجاهه لصناعة الفرص والأهداف بدلا من التسجيل وأنه تمكن من تغيير طريقة لعبه لتناسب إمكانيات زملاءه وجودتهم.
فما السبب وراء قرار صلاح في إتقان صناعة الفرص والأهداف؟ ومتى اقتنع أن ذلك سيخدم الفريق ونتائجه أكثر؟ عكس اعتماده على تسجيل الأهداف في وقت وجوده مع الثنائي الآخر روبيرتو فيرمينو وساديو ماني.
يستعرض FilGoal.com في التقرير التالي سر رغبة صلاح في إتقان صناعته للأهداف ولماذا برز ذلك الآن بشكل واضح؟
لماذا لم يتقن صلاح صناعة الأهداف وقت الثلاثي الخارق؟
في البداية يجب أن تروى القصة من بدايتها، عندما ترى أن أكثر موسم لصلاح صنع فيه أهداف وقت وجوده رفقة ماني وفيرمينو هو 10 أهداف وصناعة 13 فرصة محققة في موسم 2019-2020، فبالتأكيد ستسأل نفسك لماذا لم يتقن ذلك وقتها؟
صلاح لم يكن مخطأ في ذلك أبدا، لأن نوعية الثلاثي الهجومي مختلف كليا عن الذي يتواجد حاليا، فالآن يتواجد رفقته داروين نونيز ولويس دياز.
الجناح المصري لم يكن في حاجة للتفكير أولا في صناعة الأهداف، لأن الثنائي الآخر يمكنه التسجيل من خلال المجهودات الفردية أو الـsolo goals، الأهداف الناتجة عن المجهود الفردي، فقدرة ماني وفيرمينو في ذلك كانت أفضل بكثير من الحاليين نونيز ودياز.
وبالتالي عندما ترى أن صلاح لم يصنع أكثر من 10 أهداف في عهد أسطوري لليفربول في أفضل مواسمه خلال بطولة الدوري الإنجليزي، فيجب أن تضع ذلك في الاعتبار، أن صلاح يستطيع أن يصنع، ولكن لم يكن ذلك هو الحل الأفضل.
ليفربول لم يكن لديه العمق الهجومي مثل الوقت الحالي بسبب اختلاف إمكانيات فيرمينو ونونيز، فالمهاجم البرازيلي يلعب كمهاجم 9 ونصف أو False 9، عكس نونيز الذي يعتبر مهاجم هداف أو Poacher Striker، يسجل أهداف من أقل عدد لمسات يشبه إيرلينج هالاند خاصة عندما كان لاعبا في بوروسيا دورتموند.
وبذلك ففيرمينو لا يرتكز داخل الصندوق بل في أكثر الأوقات يكون خارجه ليجذب المدافعين إليه ويسهل من عمل صلاح وماني في نقطة الرقابة عليهما، وبالتالي يسهل عليهما مراوغة عدد أقل من المدافعين مع التسجيل بصورة أسهل.
ونستنتج من ذلك أن نونيز يفعل عكس ما كان يفعله لاعب أهلي جدة حاليا، فالأوروجوياني يرتكز كليا داخل الصندوق ولذلك عملية العمل الفردي لصلاح تصبح أكثر صعوبة بسبب زيادة عدد المدافعين.
الخريطة الحرارية لفيرمينو في الموسم الماضي مع ليفربول توضح ما تم ذكره.
بينما الخريطة الحرارية لنونيز في الفريق الموسم الماضي تبرز ما تم توضيحه.
مع العلم أن كلوب أشرك مهاجم بنفيكا السابق في 15 مباراة كجناح أيسر، لذلك يظهر في الجانب الأيسر للخريطة اللون الأحمر، وليس لكونه Wide Striker أو مهاجم الجناح الذي يميل للجانبين، بينما لعب 27 مباراة كمهاجم صريح.
صلاح الأناني؟
في اللاوعي عند الإنسان عندما تدخل فكرة فيه يكون من الصعب جدا إخراجها أو تغييرها، فوجهات النظر عن الكثير من البشر هي شيء كبير يصعب تغييره، لأن خروج الإنسان من منطقة الراحة أو Comfort Zone بالنسبة له سيجعله يشعر بعدم الارتياح، ومن هنا تأتي فكرة أنانية صلاح أو وصف سونيس ونقل الصحفي ذلك في بداية التقرير.
نتذكر جميعا أول خلاف بين صلاح وماني، عندما كان الجناح السنغالي خال من المراقبة ولم يمرر له صلاح الكرة، ومن هنا غضب لاعب النصر الحالي بشكل كبير جدا وأثناء استبداله من قبل كلوب واصل التعبير عن غضبه.
ومن ثم بدأت الخلافات بين الجمهور ليس فقط العربي بل العالم كله لأن صلاح نجما عالميا، أن صلاح لاعب أنانيا يريد التسجيل فقط، وبدليل ذلك هو وصف سونيس لصلاح ونقل الصحفي ذلك عندما طرح السؤال على كلوب، بالرغم من ذلك لم يخرج سونيس من منطقة الراحة وتغيير وجهة نظره كليا، إذ أن صلاح الأكثر صناعة للأهداف في ذلك الموسم 2021-2022 وهذه حقيقة رقمية لن يتم تغييرها.
ومن هنا دفنت فكرة أنانية صلاح أو أن ليس لديه فكرة جماعية الفريق، كان يجب ذكر ذلك حتى نرى إجابة كلوب على سؤال الصحفي.
التحول لماكينة صناعة الأهداف
تحول صلاح في موسم سؤال الصحفي لكلوب إلى ماكينة أهداف، فذلك كان آخر موسم لماني وقبل الأخير لفيرمينو، أي في نهاية حقبة الثلاثي التاريخي للريدز وقلة مشاركة فيرمينو ساعدت صلاح للاتجاه إلى صناعة الفرص والأهداف كما أوضحنا من قبل.
فأنهى الملك المصري الموسم كأكثر لاعب صنع أهداف بـ13 هدف، ثان أكثر اللاعبين صناعة للفرص المحققة للتهديف بـ18 بفارق فرصة واحدة عن هاري كين.
وتأتي مثالية صلاح في نفس الموسم ليكون هداف الدوري مساويا سون هيونج مين برصيد 23 هدف.
وفي الموسم الماضي خرج صلاح من منافسة هداف الدوري ولكن يظل الجناح الأكثر تهديفا في بريميرليج بـ19 هدف، إذ احتل المركز الرابع.
وتمكن لاعب روما السابق من صناعة 12 هدفا وصنع كثان أكثر اللاعبين صناعة بعد كيفين دي بروين، وصنع 15 فرصة محققة للتسجيل في المركز السابع، واحتل المركز الثالث بجمع الأهداف مع صناعتها بـ31، كل هذا والفريق كان في أسوأ حالاته الفنية والبدنية والنفسية.
وكل ذلك قبل أن توضح فكرة الفوارق عندما كان رفقة فيرمينو وماني، والآن نونيز ودياز، وتوضيح أن ذلك سيغير طريقة لعب الفريق كليا.
ويحتل صلاح المركز الثاني منذ انضمامه لليفربول في موسم 2017-2018 كأكثر اللاعبين صناعة للأهداف خلف دي بروين.
وخلال الموسم الحالي فصلاح يتصدر قائمة صانعي الأهداف في الدوري بالتساوي مع بيدرو نيتو لاعب ولفرهامبتون بأربعة أهداف، بينما ينفرد صلاح قائمة اللاعبين الأكثر صناعة للفرص المحققة بست فرص.
وكذاك أصبح صلاح أكثر لاعب إفريقي صناعة للأهداف في تاريخ الدوري الإنجليزي بـ63 صناعة مقابل 62 لرياض محرز لاعب مانشستر سيتي السابق.
إجابة كلوب
إجابة كلوب على الصحفي كانت "غيرت شيء معين في صلاح أم صدفة؟ لم يكن الأمر صدفة، هذا النمو يحدث بصورة طبيعية، لم ننتقده كجهاز فني قط، لأنه لم يكن ذلك أبدا، فهو مهاجم ونريد منه الإنهاء من وقت لآخر، حتى وجود زميل له في تمركز أفضل، هذا طبيعي، من السهل الجلوس في المنزل وتقول مرر له".
ويواصل شرح الأمر قائلا: "إذا لعبت بنفسك المباراة سترى أن ذلك أصعب شيء لتنفيذه، ولكن الخبرة وهدوءه ونموه الفني ساعدوه، ما يفعله لا يصدق، هنالك مواقف أقول لنفسي إن صلاح يجب أن يسجل بنفسه ومن ثم يصنع هدفا، وأدرك أن قراره صحيح".
ومن بعد إجابة كلوب على الصحفي وعلى الانتقادات كون صلاح أنانيا وشرح كيفية تطور الملك المصري في هذا الأمر بجانب تغير خصائص زملاءه في الهجوم وتأقلمه عليهم وعلى احتياجتهم تثبت أن صلاح ليس باللاعب الأناني على الإطلاق.