كتب : إسلام أحمد
"تصدق بالله والله مهما عملت مش هتاخد غير نصيبك" هذا ما قاله محمد مجدي "أفشة" لاعب الأهلي لـ أحمد يحيى حارس الإنتاج الحربي خلال موسم 2020-2021 في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء عندما حاول الحارس إهدار الوقت بالسقوط أرضا.
الأهلي كان متأخرا بهدفين مقابل هدف، وبعد تلك اللقطة أدرك التعادل وخطف الفوز بطريقته المعتادة في +90.
أمس خرج مارسيل كولر المدير الفني لـ الأهلي مستاءً من إهدار الوقت المتعمد في الدوري، قائلا خلال المؤتمر الصحفي بعد مباراة فيوتشر: "سأتحدث عن أمر تحدثت عنه منذ قدومي إلى هنا، سؤالي للقائمين عن الكرة في مصر، هل هذا ما تريدونه؟ وهو أمر سقوط اللاعبين بشكل متكرر دون إصابة".
وأضاف: "أنا في الحقيقة لا أعلم هل المدربون من يطلبون ذلك أم تصرف من اللاعبين، ولكن يمكنك إضاعة الوقت بتمرير الكرة دون إيقاف المباراة".
وشدد كولر: "على المسؤولين عن الكرة في مصر أن يكون لهم رد فعل في تلك الواقعة المتكررة".
عام 1866 ولأول مرة في التاريخ تم تحديد وقت المباراة الفعلي لكرة القدم بـ 90 دقيقة ضمن قوانين وضعت لمباراة فريقي لندن ضد شيفيلد، تغييرت أغلب القوانين وظل وقت المباراة لا يُمس. 90 دقيقة.
حساب "كوراستاتس" المتخصص في احصائيات الدوري المصري كشف أن وقت الاستحواذ الفعلي للكرة لفريقي الأهلي وفيوتشر في المباراة كان 47 دقيقة، بواقع 27 للأهلي و20 لفيوتشر.
الأهلي على سبيل المثال استحوذ بشكل فعلي على الكرة خلال 16 دقيقة فقط إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا ضد الوداد المغربي، و25 دقيقة بالذهاب في القاهرة.
في دوري الأبطال ربما تختلف المعطيات، نبيل الكوكي المدير الفني لشباب بلوزداد الجزائري سبق أن رد على مطالبة لاعبيه السقوط وإهدار الوقت خلال لقاءه ضد الزمالك في النسخة المنقضية من دوري الأبطال، قائلا: "لا أعتقد أن هناك مدرب يطلب ذلك من لاعبيه، أنا شخصيا لا أطالب اللاعبين بالسقوط، المباراة كانت مليئة بالالتحامات وهناك 3 لاعبين من الزمالك سقطوا أيضا. لاعبنا الذي سقط أخرجناه، وهذا هو المغرب العربي وهذه هي كرتنا، والحكم أضاف 7 أو 8 دقائق في النهاية".
استحواذ الأهلي في دوري أبطال إفريقيا على الكرة (المباراة ككل):
إياب النهائي ضد الوداد: 16 دقيقة (35 دقيقة)
ذهاب النهائي ضد الوداد: 25 دقيقة (38 دقيقة)
إياب نصف النهائي ضد الترجي: 35 دقيقة (52 دقيقة)
ذهاب نصف النهائي ضد الترجي: 24 دقيقة (41 دقيقة)
إياب ربع النهائي ضد الرجاء: 14 دقيقة (38 دقيقة)
ذهاب ربع النهائي ضد الرجاء: 28 دقيقة (45 دقيقة)
"هذا هو المغرب العربي وهذه هي كرتنا" ربما هذه الجملة أوضحت الأرقام السابقة التي لعبها الأهلي في المراحل النهائية من دوري أبطال إفريقيا أمام 3 فرق من شمال إفريقيا.
مباراة واحدة فقط هي من تخطى فيها عدد دقائق اللعب الفعلي لمباراة الأهلي وفيوتشر في الدوري، وهي مباراة إياب نصف النهائي مع العلم أن الأهلي حسم المواجهة من الذهاب بالفوز 3-0 في تونس حينها.
فماذا عن مباريات الأهلي في الدوري بالدقائق والاستحواذ على الكرة:
الأهلي 27-20 فيوتشر (47 دقيقة)
الأهلي 34-14 سيراميكا كليوباترا (48 دقيقة)
الأهلي 26-11 طلائع الجيش (37 دقيقة)
الأهلي 37-13 إنبي (50 دقيقة)
الأهلي 23-18 فاركو (41 دقيقة)
الأهلي استحوذ على الكرة بشكل فعلي 142 دقيقة في 6 مباريات إقصائية بدوري الأبطال من 540 دقيقة بنسبة 26.2% من وقت المباريات.
في نفس الوقت وخلال آخر 5 مباريات للأهلي في الدوري استحوذ الأهلي على الكرة في 147 دقيقة من 450 دقيقة بنسبة 32.6% من وقت المباريات الفعلي.
*جميع الأرقام من حساب "كوراستاتس" عبر فيسبوك.
موقع "90 Min" أجرى تقريرا في يناير الماضي عن متوسط لعب الكرة في المباراة الواحدة بالدوريات الأوروبية الكبرى وجاءت كالتالي:
50:42 في الدوري الاسكتلندي بنسبة 52% من وقت المباراة
53:45 في الدوري البرتغالي بنسبة 54.1% من وقت المباراة
53:42 في الدوري البرتغالي بنسبة 54.4% من وقت المباراة
53:55 في الدوري الإيطالي بنسبة 55.3% من وقت المباراة
53:16 في الدوري الألماني بنسبة 55.4% من وقت المباراة
54:49 في الدوري الإنجليزي بنسبة 55.9% من وقت المباراة
55:20 في الدوري الفرنسي بنسبة 57.4% من وقت المباراة
57:40 في الدوري الهولندي بنسبة 59.1% من وقت المباراة.
ولأنه لا يوجد معدل للدوري المصري بشكل عام وبمقارنة أرقام الأهلي السابقة في الدوري بافتراض إنها تمثل الدوري بأكمله على سبيل المثال، فسنجد النتيجة أن الفارق يصل لـ 20% على الأقل بين الدوري المصري والاسكتلندي الأقل في القائمة الأوروبية.
فكر مدرب
بعد مباراة الأهلي رد علي ماهر المدير الفني لـ فيوتشر في المؤتمر الصحفي عن تعمد إهدار الوقت قائلا: "لا أحب إهدار الوقت، لم ولن أطلب إضاعة الوقت أبدا لأني طَموح وأبحث عن الفوز".
محمد عبد الكريم المدرب العام لـ فيوتشر والسابق للمصري مع علي ماهر أيضا سبق أن عانى بنفسه من إهدار الوقت ضد الخصوم.
بعد مباراة سموحة في الجولة 14 من موسم 2020-2021 صرّح غاضبا عبر إذاعة الشباب والرياضة: "أتمنى أن نلعب كرة قدم ومن غير المقبول أن يسقط لاعب كل 5 دقائق وأن يطلب المدرب من لاعبيه السقوط لإهدار الوقت".
وتابع: "ماذا يحدث عندما يدخل الطبيب لإسعاف اللاعب؟ هل يعالجه بالسحر لينهض بهذه السرعة؟ لابد أن يكون للحكم إحساس جيد".
وشدد "نداء لاتحاد الكرة ولجنة الحكام والأندية واللاعبين، نريد أن تبقى الكرة في الملعب".
مر عامان على ذلك التصريح ولم نجد حلا للأمر في الدوري المصري حتى الآن.
الهاني سليمان حارس مرمى سموحة والذي اشتهر بإهدار الوقت سبق أن قال إنه توقف عن هذا الأمر بسبب تواجد أحمد سامي المدير الفني للفريق.
وصرّح للقناة الأولى المصرية من قبل: "توقفت عن إهدار الوقت لأنك عندما تلعب مع مدرب يعتمد على السرعة والأداء يجبرك على التأقلم على ذلك".
وواصل: "أحمد سامي كان يقول لي إن حدث أي ثقل في سرعة المباراة سيجعل اللاعبين يتوقفوا وهو يعتمد على السرعة ولا أستطيع أن أفعل شيء عكس ما يطلبه المدرب وإلا سيعتمد على حارس آخر".
وتابع: "فكرت في الأمر واكتشفت أن الأمر لن يختلف كثيرا في النهاية سأتعرض لنفس العدد من الهجمات وقد استقبل هجمة في الدقيقة الـ 92 وحاليا أصنع بعض الأهداف وحتى بعض الحكام الآن يطلبون مني أن أكون هادئا لكي لأنني ألعب بشكل سريع ولأنهم يريدون التقاط أنفاسهم".
إذا أفكار المدرب هي عامل أساسي في الفريق لإهدار الوقت من عدمه في المباراة، لأنه من الصعب الجزم بأن هناك مدرب يطالب لاعبيه بإدعاء الإصابة أو تعمد إهدار الوقت بهذا الشكل.
وحتى إن كان موجودا فمن الصعب أن يخرج مدربا علنا ويخبرنا الحقيقة.
الوقت الفعلي
في مايو 2019 صرّح عصام عبد الفتاح رئيس لجنة الحكام آنذاك في تصريحات إذاعية قائلا: "تعترضون على احتساب الوقت الضائع؟ ألا تعلمون أن الوقت الفعلي للمباريات في الملاعب المصرية 30 دقيقة فقط والباقي وقت ضائع".
"نحن لا نلعب في الدوري الإنجليزي، هناك إصرار من الأجهزة الفنية واللاعبين على عدم غياب الكرة عن الملعب لثانية واحدة".
في وقت سابق وخلال تحقيق في الجول بعنوان "لن تصدق الزمن الفعلي للمباريات في مصر.. وتأثير على المنتخب" والذي نُشر في 2016.
صرّح أحمد الشناوي الخبير التحكيمي آنذاك قائلا لـ FilGoal.com: " "لا يوجد مباراة كرة القدم في أي مكان بالعالم تلعب لـ 90 دقيقة".
"ليس مطلوبا من حكم مباراة كتلك أن يحتسب 45 دقيقة كوقت محتسب بدلا من ضائع، ولن يكون ذلك منطقيا من الأساس".
"هناك فارق بين الوقت in play والوقت out of play الوقت داخل اللعب مثل حين تخرج الكرة خارج الملعب ويجلبها صبي الكرات مرة أخرى، يفترض ألا يستغرق الأمر أكثر من 10 ثوان، تلك الثواني مع كل مرة تخرج فيها الكرة خارج الملعب لا يحتسبها الحكم ضمن الوقت الضائع في المباريات، لكن لو تعمد الصبية تعطيل اللعب أكثر من مرة هنا قد يحتسب الحكم هذا الوقت المهدر".
"الوقت الضائع يحتسبه الحكم عند الاحتفال بالأهداف مثلا، عند علاج اللاعبين والتبديلات التي يجريها الفريقان".
"يقال إن التبديل يتم في 30 ثانية، لكن الفريق الخاسر مثلا تبديله لا يستغرق أكثر من 10 ثوان بسبب رغبة الفريق باستمرار اللعب سريعا".
"مهمة الحكم هي تقدير الوقت الضائع وليس احتسابه بدقة متناهية لأننا في النهاية نلعب كرة قدم وليس كرة يد يحسب فيها الوقت بـ Stop Watch".
"ماذا إن كان الوقت الضائع في مباراة ما 10 دقائق، واحتسب الحكم 8 دقائق فقط، هل يكون الحكم هنا مخطئا؟ لا، فالحكم يقدر الوقت وبالتالي فأي تقدير قريب من الدقة هو صحيح حسب القانون".
"بناء على ما سبق، فليس مطلوبا من الحكام احتساب وقت بدلا مما ضاع في كثرة الأخطاء المحتسبة في وسط الملعب، أو بسبب أن الكرة تخرج من الملعب كثيرا، فهذا الوقت يحتسب من زمن المباريات، وعدم الاستفادة منه هي مشكلة الفريقين على أرض الميدان".
بناء على ذلك يقول أحمد الشناوي: "ادعاء الإصابة لإضاعة الوقت هي ثقافة عربية لا يمكن التحكم فيها، مهمة الحكام الأساسية هي سلامة اللاعبين لكن الأمر تقديري أيضا.. ماذا إن قدر الحكم إصابة اللاعب بأنها خفيفة ولكن الحقيقة أنها ليست كذلك؟ قد يسبب ذلك ضررا للاعب".
"قد يتحايل نفس اللاعب فعلا أكثر من مرة لإضاعة الوقت، وفي مرة من المرات يكون سقوطه حقيقيا فلا يوقف الحكم اللعب وتكون النتيجة هي وفاته أو زيادة حجم إصابته".
بالمناسبة حدث مثال مشابه لذلك بالفعل من قبل في حادثة وفاة بييرمينو موروسيني لاعب ليفورنو في مباراة بالدرجة الثانية أمام بيسكارا.
ما حدث أن اللاعب سقط وتعرض لسكتة قلبية مفاجأة، وفي وقت حاول زميله إقناع الحكم بأن اللاعب مصاب، ظن حكم اللقاء أن اللاعب يريد إيقاف اللعب لإفساد هجمة بيسكارا ولم ينظر لموروسيني.
الشناوي أكمل حديثه قائلا "لذلك أدخل الفيفا بعض التعديلات على قوانينه، فالآن اللاعب المصاب يخرجه الطبيب خارج الملعب لاستكمال علاجه بالخارج، إلا إن استوجبت المخالفة بطاقة صفراء، هنا من حق الطبيب معالجة اللاعب داخل الملعب حسب التعديل الجديد، لكن بشرط ألا يستوجب علاجه أكثر من 30 ثانية كعلاج مبدئي قبل خروجه لاستكمال العلاج بالخارج".
الحل؟
في بداية منافسات كأس العالم قطر 2022 وخلال 4 مباريات وصل مجموع الوقت بدل الضائع إلى 57 دقيقة بواقع 13 دقيقة في مباراة الولايات المتحدة وويلز (4 و 9 على الترتيب)، و10 دقائق في مباراة هولندا والسنغال (2 و8 على الترتيب)، و10 دقائق في مباراة قطر والإكوادور (5 و5 على الترتيب)، 24 دقيقة في مباراة إنجلترا وإيران (14 و10على الترتيب).
تحدث بييرلويجي كولينا الحكم الإيطالي الشهير ورئيس لجنة حكام الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عن مسألة طول الوقت المحتسب بدلا من الضائع في مباريات كأس العالم.
فصرّح لـ "إي إس بي إن": "ما فعلناه بالفعل في روسيا (2018) كان يستهدف حساب الوقت الضائع بشكل أكثر دقة".
وأضاف "قلنا للجميع ألا يندهشوا إذا رأوا الحكم الرابع يرفع لوحته برقم كبير مثل 6 أو 7 أو 8 دقائق".
وأوضح "إذا أردت وقت لعب أكثر نشاطا، يجب أن تستعد لرؤية أرقام كهذه في الوقت الضائع. فكل مباراة شهدت 3 أهداف، الاحتفال عادة يأخذ دقيقة أو دقيقة ونصف، وبتسجيل 3 أهداف أنت تفقد 5 أو 6 دقائق".
وتابع كولينا "ما نريده هو حساب الوقت المهدر بشكل دقيق في نهاية كل شوط، ويمكن للحكم الرابع أن يحتسبه، قمنا بذلك في روسيا ونتوقع نفس النجاح في قطر".
وواصل "أنا لا أتحدث عن تدخلات تقنية الفيديو، فحكام الفيديو المساعدون هم من يحتسبونه بطريقة دقيقة للغاية".
واختتم "حتى حينما كنت حكما، كانت المعلومة عن ذلك الوقت تأتي من الحكم الرابع، فأنت كحكم ساحة يجب أن تركز أكثر على ما يحدث في المباراة. الحكم الرابع يمنحك الوقت التقريبي وأنت من يقرر".
ربما لم نطبق في مصر بعد فكرة الوقت بدلا من الضائع بنفس الطريقة التي أجريت بها في كأس العالم 2022، لكننا اعتدنا على احتساب 7 و8 و10 دقائق وقتا بدلا من الضائع منذ سنوات.
في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى سبيل المثال في مارس الماضي أعلنت بطولة MLS Next Pro وهي بطولة دوري الرديف للدوري الأمريكي عن قانون لمواجهة تعمد إهدار الوقت خلال التغييرات.
وأُطلق عليها "تبديل في الوقت المناسب" حيث يكون أمام اللاعب المُستبدل 10 ثوان فقط من أجل مغادرة الملعب، وعند تجاوز تلك المدة فإن فريقه سيعاقب بخوض دقيقة منقوصا من أحد لاعبيه.
وهذه هي القاعدة التي تم العمل بها الموسم الجاري:
"لتقليل توقف المباريات التي يمكن تجنبها وزيادة وقت المباراة الفعلي، سيشهد هذا الموسم إضافة قاعدة تبديل في الوقت المناسب جديدة، والتي ستسمح بحد أقصى 10 ثوانٍ للاعب لمغادرة الملعب عند استبداله. إذا لم يغادر اللاعب الملعب في غضون 10 ثوانٍ، فلن يتمكن اللاعب البديل من الدخول إلا بعد 60 ثانية، مما يؤدي إلى أن يخوض الفريق المخالف المباراة منقوصا لمدة دقيقة واحدة على الأقل".
في تلك المباراة وبالتحديد خلال الفيديو التالي في 1:43:40 أجرى فريق بورتلاند تمبرز على سبيل المثال 3 تغييرات في 23 ثانية فقط.
مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم بحسب بعض التقارير أقر باحتساب الدقائق التي تضيع بسبب احتفال اللاعبين بالأهداف ضمن الوقت بدلا من الضائع، ولم يصدر الأمر بشكل رسمي حتى الآن.
تتعدد الأسباب في الدوري المصري في إهدار الوقت والمشكلة ليست من المدرب أو اللاعب أو حتى الحكم، بل في النظام بأكمله لأنه في النهاية "مش هتاخد غير نصيبك".