كتب : FilGoal
"لم أملك القوة والشجاعة لخوض هذا العراك، ولهذا أول ما تبادر إلى ذهني كان إلقاء قطعة البيتزا التي في يدي، وفيما يبدو، فقد ضربت سير أليكس فيرجسون".
قرابة 20 عاما على المستوى الأعلى لكرة القدم، سنوات عديدة لم يكن من الممكن أن نطرح سؤالا عن أفضل لاعبي الوسط في العالم، ولا يذكر شخص اسم سيسك فابريجاس..
اليوم انتهت هذه المسيرة للأبد، وبدأ فصل جديد سنرى فيه نجم آخر من نجوم طفولتنا ومراهقتنا وشبابنا يرتدي ملابس غير التي عهدناها عليه، ويقف على خط ينادي بالتعليمات.
أسهل ما هنالك هو تذكر العلامات الأبرز، فلست بحاجة لمن يذكرك بتمريرات الإسباني الساحرة، ولا محاولات لاعبي برشلونة لاختطافه علنا في احتفالات كأس العالم 2010 قبل عام كامل من انتقاله الفعلي إلى كامب نو.
الإسباني الذي لعب 849 مباراة سجل خلالها 148 هدفا وصنع 253، وتوج بالدوري الإنجليزي مرتين والإسباني مرة، وبطبيعة الحال كأس العالم 2010 ويورو 2008 و2012، سيظل علامة خالدة في تاريخ كرة القدم، ولذلك.. سنحاول تذكره من جانب آخر، وواقعة قد لا تكون الأفضل، ولكنها قطعا من الأمتع كما رواها تقرير "ديلي ميل".
نهاية من لا يقهر
الكل يعرف جيدا من هو سير أليكس فيرجسون، المدرب التاريخي لمانشستر يونايتد. الرجل الذي قذف ديفيد بيكام بالحذاء قبل أن يقرر رحيله عن أولد ترافورد، ولا يزال الأخير يجله ويقدره إلى يومنا هذا.
كان فيرجسون بهذه القوة والتأثير حقا، إذ أخذ الشياطين الحمر من 7 ألقاب فقط للدوري الإنجليزي، إلى إسقاط صدارة ليفربول التاريخية واستبدال الـ 18 السابقة بخط الـ 20 الذي لم يتجاوزه أحد حتى الآن.
وبالطبع في أواخر الألفية الماضية وبدايات الحالية، كان الصراع على أشده بين مانشستر يونايتد بقيادة فيرجسون، وبين الفيلسوف الفرنسي الحالم الذي جاء ليجري تحركا خرافيا في المياه الإنجليزية.. أرسين فينجر.
بين هذا وذاك وجد فابريجاس طريقه إلى لندن في 2003 ناشئا، قبل أن يرتقي سريعا إلى الفريق الأول في 2004، بعد أن أكمل فينجر معجزته الخالدة: الدوري الذهبي بلا هزيمة (2003-2004).
السلسلة التي بدأت قبل ذلك الموسم التاريخي، واستمرت بعده لأشهر قليلة، وصلت إلى 49 مباراة متتالية حتى أكتوبر 2004، قبل أن تلقى مصرعها في مجزرة أولد ترافورد الشهيرة على يد يونايتد بهدفين دون رد.
الكل كان يتحدث فقط عن النجوم، لكن أحدا لم يلتفت بذلك الوقت لهذا الإسباني الواعد، الذي سيصبح أحد أهم نجوم أرسنال لاحقا، والذي يوشك أن يصبح بطلا لـ "معركة البوفيه".. أو واقعة "بيتزاجيت" الشهيرة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.
ماذا أفعل؟
العراك الشديد داخل الملعب لا يُنسى، فحتى في ذروة صراع يونايتد وأرسنال كانت هذه هي النقطة التاريخية الفارقة الأكثر تطرفا على الإطلاق، وبطبيعة الحال، امتد هذا القتال إلى خارج الملعب بعد المباراة.
وجه فينجر انتقادات لاذعة صوب رود فان نيستلروي مهاجم مانشستر يونايتد، ومن هنا اندلعت شرارة النزال الثاني الذي لم تلتقطه الكاميرات.
مشادة كلامية حادة بين قامتين بحجم فينجر وفيرجسون، وبالطبع كانت أكثر رقيا من اشتباك اللاعبين الفعلي بالأيدي، كل ذلك رآه الفتى البالغ من العمر 17 عاما، وبالطبع لم يكن يعرف حقا ماذا يجدر به أن يفعل الآن..
"كنا قد خضنا 49 مباراة بلا هزيمة، وبعد الإحماء عرفت أني لن ألعب. كنت منزعجا وزاد على ذلك الهزيمة، وبالتالي ذهبت إلى غرفة الملابس بعد المباراة مباشرة، فوجدت طعاما وكنت جائعا للغاية".
"التقطت قطعة من البيتزا، ثم بدأت أسمع ضوضاء بالخارج فخرجت للمشاهدة، ووجدت فينجر ولاعبي أرسنال في كل مكان تقريبا".
"لم أكن أملك القوة ولا الشجاعة للدخول في هذا العراك. لقد كان هناك وحوش في النفق، فقد كانوا لاعبين ضخام البنيان للغاية، وبالتالي أول ما أتى إلى ذهني كان إلقاء قطعة البيتزا، وفيما يبدو، فقد اصطدمت بـ سير أليكس فيرجسون".
من الجانب الآخر
"ليس لدي أي فكرة عن الفاعل".
- سير أليكس فيرجسون في كتاب سيرته الذاتية.
يروي ريو فيرديناند مدافع مانشستر يونايتد الواقعة من المعسكر الآخر، حيث قال: "لا أعتقد أن فابريجاس تعمد إلقاء قطعة البيتزا على المدرب. أعتقد أنه فقط خرج من الباب في نفس وقت مرور فيرجسون".
"بالتأكيد اصطدمت به هذه القطعة. آخر ذكرى أملكها عن هذا الشجار كانت لرجال الأمن وهم مضطرون لإيقافه ومنعه من محاولة اقتحام غرفة ملابس أرسنال. أنتم تعرفون كيف كان فيرجسون، وماذا يحدث حين يقرر ذهنه: تلك هي القشة".
أما فيرجسون نفسه، ففي كتابه الصادر عام 2013 لم يكن قد عرف بعد من ألقى هذه القطعة، إذ أن اعتراف فابريجاس الذي تناولناه للتو يرجع إلى العام الماضي.
"فينجر انتقد لاعبي فريقي ووصفهم بالغشاشين. علمت بذلك حين ذهبوا إلى غرفة الملابس، فذهبت إلى النفق وقلت له: يجب أن تتحكم في تصرفاتك وتترك لاعبي فريقي وشأنهم".
"اندفع فينجر نحوي ورفع يديه قائلا: ماذا تريد أن تفعل حيال ذلك؟ من العار أنه لم يعتذر عن سلوك لاعبيه، ولكني لا أتوقع أن يعتذر فينجر أبدا".
هذا ما قاله فيرجسون في مقابلة صحفية عام 2005، كان النزاع لا يزال في ذروته، ولكننا جميعا نعرف فينجر جيدا: بالطبع اعتذر لاحقا..
"كان هناك حالة من الفوضى في النفق المؤدي لغرف الملابس. مايك رايلي كان الحكم ولم يحظَ بيومه الأفضل. ريو فيرديناند كان يجب أن يُطرد بعد 20 دقيقة فقط. كان الأمر شرسا، ولم يكن من السهل تقبل الخسارة بتلك الطريقة بعد سلسلة بهذا الحجم".
انتهت سلسلة أرسنال، ولم يعُد إلى منصة تتويج الدوري الإنجليزي الممتاز إلى يومنا هذا رغم أنه كان قريبا للغاية في الموسم الماضي. اعتزل فيرجسون في 2013، وتبعه فينجر في 2018، وانتهت قصة فابريجاس الإنجليزية للأبد في 2019. وها نحن الآن نودعه لاعبا، لنستقبله مدربا.