كتب : عمر الصاوي
لا حديث حتى الآن فى أوساط الصحافة الرياضية العالمية إلا عن الرحيل المفاجىء لجواو كانسيلو قبل ساعات من إغلاق فترة الانتقالات الشتوية، حيث اتجه معارا إلى بايرن ميونيخ بدون أى مقابل لمانشستر سيتى فى صفقة أشبه بالطرد المفاجىء للدولى البرتغالى من صفوف حامل لقب الدورى الانجليزى.
ويبقى السؤال المحير: ماذا فعل كانسيلو حتى يطرد من جنة سيتى بتلك السهولة وهو الظهير الأبرز خلال آخر عامين داخل صفوف الفريق؟
جنون جوارديولا (1) - توابع ريمونتادا توتنام ومؤتمر عاصف وتهديد النجوم الكبار
تحدثنا فى الحلقة الأولى عن ثورة المدرب الإسباني ونيته في إحداث تغييرات كبرى ما لم يتحسن الأداء، قائلا: "اللاعب الذى يرغب بالرحيل عليه أن يحضر عرضا ويرحل فورا. لا مكان للاعب غير سعيد داخل الفريق".
تصريحات بيب الغاضبة كانت توحى بوجود شيء خاطئ داخل غرفة الملابس، فليس من الطبيعى بعد فوز ملحمى على خصم من الكبار بأربعة أهداف بعد التأخر بهدفين، أن تكون التصريحات على هذه الوتيرة، ولكنها كانت رسالة واضحة للجميع في الداخل والخارج.
بيب تحدث أكثر من مرة عن إمكانية رحيل أي لاعب ليس راضيا عن المداورة وعدد الدقائق التي ينالها، ولكن يبدو أن الأمور قد تطورت ووصلت لمراحل غير مسبوقة باتت تهدد استقرار الفريق وتخلق أجواء سيئة داخل غرفة الملابس.
أكثر من مصدر انجليزى مقرب من نادى مانشستر سيتى ذكر أن كانسيلو لم يكن سعيدا إطلاقا داخل الفريق بعد نهاية كأس العالم ليتحول إلى عنصر سلبي "سام" داخل غرفة الملابس، وسياسة بيب مع "التفاح الفاسد" معروفة دائما، مثل قضايا صامويل إيتو وزلاتان إبراهيموفيتش ويايا توريه وغيرهم.
بول باليوس صحفى "ذا أثلتيك" وبول هيرست صحفى "تايمز" أشارا بشكل واضح إلى كون مباراة تشيلسي هي نقطة بداية أزمة كانسيلو، حيث خرج بين الشوطين لصالح الصاعد ريكو لويس، مما أثار غضبه، ليحاول الزملاء تهدئته داخل الغرفة.
وعندما تم وضع كانسيلو على مقاعد البدلاء ضد ولفرهامبتون، سار بمفرده نحو مقاعد البدلاء بعد وقت قصير من وصوله إلى ملعب الاتحاد، لتشتعل الأحداث قبل مواجهة أرسنال في الكأس، حين شعر مساعدو بيب أن كانسيلو لم يكن منتبها في الاجتماع التكتيكي بعد أن علم بجلوسه بديلا مرة أخرى.
نقاش حاد جمع بين جوارديولا وكانسيلو كان المشهد الأخير في العرض، حيث اعترض اللاعب بشدة على عدم مشاركته، وهو ما نقله مايك كيجان صحفى "ديلى ميل"، الذي ذكر أنه لولا تدخل روبن دياز وفيل فودين لتطورت الأمور نحو الأسوأ، حيث هدد كانسيلو بالرحيل.
على الفور وصلت الرسالة إلى الإدارة الرياضية التي اتفقت مع بيب في ضرورة التخلص من اللاعب، وتم التواصل مع وكيله خورخي مينديز ليعرضه على ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ، فظفر به الأخير على سبيل الإعارة مع حق الشراء مقابل 70 مليون يورو.
صحفى "مانشستر ايفينينج نيوز" الموثوق سيمون باجكوفسكي ذكر فى تقريره أن هناك صعوبة وشبه استحالة فى عودة الظهير البرتغالى من جديد لملعب الاتحاد مع بداية الموسم المقبل، وهو ما أشار إليه أيضا سام لى المختص بأخبار سيتى، والذي قال إن هناك ثورة كبيرة في الموسم المقبل، وكانسيلو سيكون في صدارة الأسماء المعروضة للبيع.
القائمة قد تمتد لتشمل أيميريك لابورت وإلكاي جوندوجان وبرناردو سيلفا أيضا، ومع إمكانية البحث عن خليفة كيفن دي بروين وإعادة فيل فودين من الهجوم إلى المنتصف، فإن سيتي يستهدف خفيتشا كفاراتسخيليا نجم نابولي ورافاييل لياو نجم ميلان، إلى جانب لاعب وسط آخر وظهير أيسر.
ماذا قال جوارديولا عن كانسيلو؟
جواو كانسيلو يريد أن يلعب كل مباراة، وأتمنى أن يتمكن من ذلك في بايرن ميونيخ.
إذا كان بايرن ميونيخ يريد جواو فهذا لأنه لاعب استثنائي. لن أقول عنه كلمة سيئة. الكل يعرف أخلاقيات عمله وشغفه ومهاراته، وأنا سعيد دائما بالتشكيلة التي أمتلكها.
أتمنى التوفيق لـ جواو كانسيلو في الأشهر 4 القادمة . . وفي الموسم القادم لا أعلم ماذا سيحدث
الظهير الأيسر؟ ناثان أكي لا يمكنه لعب كل المباريات. يمكن لأيمريك لابورت اللعب هناك، وريكو لويس يمكنه اللعب هناك، وبالطبع سيرخيو جوميز.
تعويضه في يناير؟ تحدثت مع المدير الرياضى لكن استغرق الأمر ثلاث دقائق. قلت لتشيكي هل لديك شيء ؟ قال لا. يمكننا الذهاب إلى السوق ودفع مبلغ ضخم من المال ولكني أفضل الانتظار للصيف للتعاقد مع ظهير جديد.. ويمكننا اللعب بالشكل الحالى حتى نهاية الموسم.
إذا لا يوجد بديل لكانسيلو، فماذا سيفعل؟ هل يضحى جوارديولا بمركز الظهيرين ؟
تعودنا مع المدرب الإسباني على المفاجآت، فمن المهاجم الوهمي إلى الظهير الوهمي الذي ينضم للوسط مرورا بإلغاء دور قاطع الكرات التقليدي، الآن نرى فريق يلعب تقريبا بدون ظهيرين وهو ما حدث أمام تشيلسي وأرسنال وولفرهامبتون، وأيضا في مباراة أرسنال الأخيرة في الدوري خلال الشوط الأول.
على الورق خطة سيتي تغيرت تماما فأصبح هيكل الفريق رقميا يلعب بطريقة 3-2-3-2 او 3-2-3-1. بيب يستغل وجود 5 قلوب دفاع في القائمة فيشرك 3 منهم، وهم دياز وستونز وأكانجي ولابورت وأكي، كما يضيف إليهم كايل ووكر الذي يجيد اللعب كقلب دفاع ثالث.
ولكن هل لإصابة كايل ووكر قبل كأس العالم علاقة بتدهور كانسيلو؟ لنرى..
ووكر كان الظهير ذو النزعة الدفاعية، بينما كان يلعب كانسيلو دورا مركبا بين الظهير التقليدي صاحب النزعة الهجومية، ولاعب الوسط الإضافي في الحالات الهجومي.
تراجع مستوى كانسيلو أفسد التركيبة ببعض الأخطاء الدفاعية السيئة، مثلما فعل أمام محمد صلاح في مباراة ليفربول، وطرده أمام فولام، ثم أتت إصابة ووكر لتدمرها تماما.
بيب قال بعد التعادل مع فولام:
كانسيلو يستحق البطاقة الحمراء، لقد قلت في العديد من المرات للاعبين، خارج منطقة الجزاء بعد الدقيقة 85 ارتكب الخطأ، ولكن داخل المنطقة في هذا الوقت من المباراة دعهم يسجلون. نعم ستكون 1-1، ولكن ركلة جزاء وتعادل ونقص عددي، هذا كثير.
يجب أن نتعلم جميعا وليس كانسيلو فقط. هذا يحدث في كرة القدم. إذا خسرت الالتحام مع المهاجم اعتمد على حارس المرمى إيدرسون. يمكنه إنقاذ الكرة.
أخطاء كانسيلو لها جذورها من الموسم الماضي، فقد ساهمت في عودة ريال مدريد أمام سيتي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، حين غطى تسلل كريم بنزيمة في الهدف الأول.
الآن لم تعد هناك جدوى من لعب ووكر كظهير أيمن في رباعي دفاعي يكون ظهيره العكسي أكي أو لابورت، فهما قلبا دفاع أيضا، أما الظهير الفعلي فهو سيرخي جوميز قليل الخبرة.
بيب يحاول أيضا إدخال جوليان ألفاريز كمهاجم ثان بجوار إرلينج هالاند، في ظل غياب فعالية دور الأجنحة باستثناء رياض محرز الذي بدأ يسترد بريقه مؤخرا، فيما عدا ذلك الكل يمر بفترات تذبذب في المستوى.
بصورة عامة، لم يكن كانسيلو سوى حلقة جديدة من حلقات انتصار بيب جوارديولا لفكرته الأكثر أهمية من كل أفكاره التكتيكية: هذه المنظومة بلا نجم أوحد، ومن يظن أنه كذلك لن يجد لنفسه مكانا.