كتب : محمود عزت
"كنت أحس أن جسمي ضعيف لذلك شعرت أن مؤهلاتي كلاعب كرة يجب أن تكون في رأسي، لهذا أحاول دائما أن أعتمد على عقلي، ومنتهى سعادتي أن تخرج الكرة من رجلي جميلة كاللحن فيها ذكاء وفيها فن، وعند إذًا يفرح الجمهور ويقول الله، والكرة الجميلة تمتعني كما تمتع الجمهور تماما" حمادة إمام أسطورة الزمالك.
بدأت قصته مع الكرة منذ الطفولة، فوالده هو يحيي الحرية إمام كابتن نادي الزمالك ومنتخب مصر هو مثله الأعلى في كل شيء، وعمه هو الحكم الدولي السابق حسين إمام، وكان معتاد على الذهاب مع والده إلى النادي على الدوام، لذلك ارتبط به كثيرا.
وكان الأطفال يقولون له أن والده مشهور وكان يشعر بشهرته عند الذهاب إلى السينما، حيث كان الجميع يحاوطه من كل اتجاه عليه وتسلم عليه، وبات يشعر أنه لابد أن يصبح لاعب كرة مشهور مثل والده.
FilGoal.com يحيى ذكرى وفاة حمادة إمام السابعة ويقدم لكم مسيرة حمادة إمام وكيف بدأت علاقته بكرة القدم؟ ولماذا كان يرفض والده حارس مرمى مصر التاريخي أن يلعب ابنه الكرة؟ وماذا مباريات القمة وعن قصته مع حسن شحاتة؟
الكرة الكاوتش
والده قرر ألا يسمح له باللعب في صفوف الزمالك إلا بعد نهاية مرحلة الثانوية العامة، ومع ذلك كان يمارس لعب الكرة "الكاوتش" في شارع القصر العيني كما لعب في شوارع المنيل والروضة، حيث أن لعب الكرة في الأحياء ظاهرة شعبية معروفة وكانت منظمة ولها دوري خاص.
ويمكننا القول إن لعب الكرة "الكاوتش" يساعد على تنمية المهارات الفنية نظرا لصغر حجم الكرة وخفتها فهي تشبه كرة التنس الصغيرة على الكرة "الشراب" التي تسهم في زيادة قوة التسديد بالقدم أكثر من أي شيء آخر.
وكان يهوى الكرة "الكاوتش"، وأصبح له اسم كبير في عالمها وكان أشهر من لعب بهذه الكرة في المنطقة، نقطة التحول كانت حينما شاهدخ الكابتن علي شرف الذي كان مدرباً في قطاع الناشئين بالنادي ألعب في مدرسة الخديوي إسماعيل، فأعجب بطريقة لعبي ولم يكن يعرف أنه ابن الكابتن يحيى إمام.
وكان حينها في غاية السعادة، وطلب منه ألا يخبر والده أنه يلعب في قطاع الناشئين، وكان والده يعمل حينها مساعد الحكم الإداري في غزة، فطمأنه وقال إنه لن يعرف بسهولة.
وبالطبع، يذكر حمادة إمام أول مباراة لي مع النادي كانت أمام فريق شمال القاهرة وفاز الزمالك بنتيجة 24-0 واستطاع بمفرده تسجيل 18 هدفا، وهنا نقلت الصحف هذا العدد من الأهداف، وعلم والده فغضب بشدة، ولكن لم يمنعه من اللعب بسبب تدخل الفريق العجرودي وكيل نادي الزمالك.
محمد الخامس
محمد أو حمادة إمام البالغ من العمر 18 عاما حينها، حيث لعب تحت نفس الفئة العمرية، وكان يشارك أحيانا في مباريات تحت 20 عاما بسبب قدراته الكبيرة.
الزمالك تحت 20 عاما وصل لنهائي بطولة كأس مصر لمواجهة الأهلي، وانتهى اللقاء بالتعادل ليقرر الاتحاد المصري لكرة القدم إعادة مباراة بين الفريقين.
وعلى الفور فكر الزمالك في الاستعانة بخدمات حمادة إمام في المباراة، لكن أين هو؟ اكتشف مسؤولو النادي أنه رفقة والده في قطاع غزة، حيث والده يحيي الحرية إمام نائبا لحاكم قطاع غزة.
ولم يكن يرغب الأب يحيى في لعب ابنه المباراة، ومن ثم خاطب الزمالك المشير عبد الحكيم عامر من أجل إحضاره للمشاركة في نهائي الكأس.
وهنا أرسل طائرة حربية إلى غزة لإحضار حمادة إمام إلى القاهرة، ليشارك أمام الأهلي ويسجل 5 أهداف، وانتصر الفريق الأبيض بستة أهداف وتوج بطلا لكأس مصر تحت 20 عاما.
حملوني على الأكتاف
ويتذكر أول مباراة بقميص نادي الزمالك، حيث مرت عشر دقائق لم يلمس فيها الكرة، وكان يلعب في الجبهة اليمنى كما أمره المدرب حسن حلمي.
لكن ربع ساعة من المباراة مرت وهو يجري كالتائه دون جدوى، وتعجب الجمهور فهتف أين حمادة إمام؟ فقد كنت مشهورا للغاية في الناشئين، وتلقى تعليمات من مدربه حسن حلمي من أجل تغيير مركزه، وقبل أن ينفذ التعليمات: ظهرت الكرة فجأة أمامه "فخطفتها بطريقة رائعة لأسجل أحلى هدف في حياتي" على حد تعبيره.
كما لا يستطيع أن ينسى الهدف الذي سجله أمام الترسانة، إذ يمكن أن تسميته هدفا عالميا بالفعل حيث سجله من زاوية صعبة للغاية، لدرجة أن الجمهور تحمس ونزل بعضهم إلى أرض الملعب وحملوه على أكتافهم.
ويتذكر هدف آخر سجله في مباراة توتنام الإنجليزي ضد منتخب الزمالك والأهلي، وكان هدفا جميلا للغاية حيث سدد كرة بقدمي اليسرى وظل حارس المرمى يجري وراء الكرة ويقع ويجري ويقع حتى دخلت أخيرا في المرمى.
كما خاض مباراة قوية ضد ريال مدريد، حيث أحب ألفريدو دي ستيفانو نجم ريال مدريد السابق بشدة، فهو مثله الأعلى في المهارة والتحكم بالكرة.
ولم يغب عن المباريات إلا نادرا، حيث حافظت على نفسه فلا يتعرض للإجهاد أو السهر أو الإصابة، وكان ملتزما لأقصى درجة، حتى حقق رقما قياسيا حيث أنني لم أحصل على أي بطاقة صفراء طوال مسيرته مع نادي الزمالك.
وبالطبع، لا ينسى مباراة وست هام يونايتد، حينها كان بطل أوروبا في تلك الفترة، وحقق الزمالك الفوز بنتيجة كبيرة للغاية 5-1، وسجل حمادة إمام هاتريك، كان يوما جميلا للغاية فقد لعب فيه مباراة العمر.
الأهداف التي سجلها كانت "مزيكا" على حسب تعبير حمادة إمام، حيث أن الهدف الأول فيه ذكاء أما الهدف الثاني كان تسديدة جميلة، وكان الهدف الثالث من خلال رأسية متقنة.
الفوز على بطل أوروبا شيء مدهش، الأمر الذي دفع بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر لكي يمنح اللاعبين وسام الرياضة لأنهم انتصروا على الإنجليز.
ثعلب الملاعب
النقد الرياضي فيما مضى يختلف عن الآن بشكل كبير حيث كان يساهم في تطور اللاعبين، وتحديدا الأستاذ عبد المجيد نعمان في الأخبار وناصف سليم في (الجمهورية) وحمدى النحاس في (المساء) ونجيب المستكاوى في (الأهرام).
الراحل نجيب المستكاوي هو من أطلق عليه "ثعلب الملاعب"، حيث كان يشتهر بإعطاء تقييم لكل لاعب ويطلق عليهم العديد من الألقاب.
حصل الثعلب أكثر من مرة على تقييم "عشرة على عشرة"، وأطلق عليه المستكاوي ثعلب الملاعب بعد مباراة في قطاع الناشئين، حيث قام بحركة مخادعة لأحد لاعبي المنافس حيث اقترب منه وقال له في أذنه من خلفه (رايت) أي اترك لي الكرة وكانت الناس مندهشة للغاية لماذا ترك له الكرة فقد ظنوا أنه أحد لاعبي فريقه.
كره الديمقراطية للشيوعية
زامل حمادة إمام العديد من اللاعبين الرائعين سواء في الزمالك أو الكرة المصرية بشكل عام، على سبيل المثال السوداني عمر النورالذي أحب مصر وأحبته ومازال يعيش فيها حتى الوقت الحالي، وأيضا سمير محمد علي حارس مرمى منتخب مصر السابق.
وعلى الرغم من التنافس الشديد بين الأهلي والزمالك والإسماعيلي إلا أنه لم يحدث تجريح أو أي شيء غير لائق، ويتذكر حمادة إمام زميله عبده نصحي "خفيف الدم".
وفي أحد مباريات الأهلي والزمالك سدد كرة صاروخية وصلت إلى شارع جامعة الدول العربية، وكان دائم المداعبة والضحك إذ كان دوما يقول له "أنا أكرهك كره الديمقراطية للشيوعية وهو لا يعرف أياً منهما" بحسب حمادة إمام.
وكانت مباريات الأهلي لها استعدادا خاصا، حيث ترفع حالة الطوارئ في النادي الأبيض، وكان حمادة إمام هداف الزمالك في مرمى الأهلي.
وفي إبريل لعام 1956، حقق الزمالك الانتصار على الأهلي بنتيجة هدفين لهدف، وكان لحمادة إمام نصيب الأسد من خلال الهتاف الذي ردده الجمهور وقتها، ونشرته الصحف بعنوان:"بص، شوف، حمادة عمل لك ايه".
شهادة ميلاد
"حمادة إمام صاحب المهارات الفنية العالية، وقد أعجبت بذكائه الشديد في التعامل مع الكرة داخل الملعب، والطريقة التي يراوغ بها لاعبي خط دفاع الفرق المنافسة، والأماكن التي يقف ويتمركز بها في الملعب، وكنت معجباً أيضا بالكابتن طه بصري صاحب الرؤية الفنية الجيدة والقيادية داخل أرجاء الملعب" حسن شحاتة أسطورة الزمالك ومدرب منتخب مصر التاريخي.
وذات مرة شاهد محمد حسن حلمي (زامورا) رئيس نادي الزمالك آنذاك حسن شحاتة في إحدى المباريات الودية، وطلب منه ضرورة الحضور إلى القاهرة للانضمام الى ناشئي النادي الأبيض في صيف عام 1966.
وبالفعل ومن دون تفكير ركب حسن شحاتة القطار في الفجر من محطة كفر الدوار متجهاً إلى القاهرة، لإجراء الاختبارات في نادي الزمالك، ولكن رفض أفراد الأمن دخوله من الباب رغم أنه أقسم لهم أن الكابتن حلمي زامورا طلب منه الحضور.
وقرر شحاتة الجلوس بجوار الباب يفكر فيما يفعل، وأخيرا ساعده حمادة الشرقاوي نجم الزمالك السابق للدخول إلى النادي، وشارك في أول تقسيمة بنفس اليوم وكأن الحظ ابتسم له أخيراً.
وأعجب به حلمي زامورا، ووجد نفسه يلعب بجوار الشخص الذي كان يحلم بأن آراه في يوم من الأيام ويتصور معه فقط -حمادة إمام-.
ونجح شحاتة في تلك التقسيمة من تسجيل ثلاثة أهداف، وقدمت أول أوراق اعتمادي إلى مسؤولي الزمالك، ووقف حمادة إمام يصفق له بحرارة شديدة بعد الهدف الثالث لتكون بمثابة شهادة ميلاد لنجم داخل جديد داخل القلعة البيضاء.
يلا يا أولاد
كان محمد حسن حلمي أحد العلامات البارزة في تاريخ الزمالك كان بمثابة الأب الروحي لكل أبناء النادي الأبيض، وكان يحمس اللاعبين باستمرار من أجل تسجيل مزيد من الأهداف، ويقول "يلا يا أولاد أريد هدف ثاني وبعد التسجيل الثاني يطلب الثالث وهكذا".
وكان هؤلاء كان لهم الفضل على مسيرة الراحل حمادة إمام، أولهم علي شرف الذي كان بمثابة الأب العطوف له وكان سببا رئيسيا في لعبه للكرة، ومن ثم علي قنديل الذي استطاع اكتشاف نجم أسطورة الزمالك السابق، والثالث هو المدرب المساعد حنفي بسطان، فقد أحبه كثيرا خاصة أنه كان صديقا لوالده، أما الرابع هو عبد الرحمن فوزي فهو من عمل على تطويره، بعد تدريبات خاصة أكسبتنا مهارات على مستوى عال للغاية، وكان أيضا مدربا لوالده يحيى إمام.
وتوقف النشاط الرياضي في مصر بعد نكسة عام 1967 حتى عام 1973 مما أثر على مستوى اللاعبين، لكنه شارك في مباريات الناشئين، وبعد عودة النشاط الرياضي قرر الاعتزال والاتجاه إلى التعليق الذي فضله على التدريب وعلى رئاسة نادي الزمالك.
وشهدت فترة الستينات والسبعينات بالقرن الماضي معلقين عظماء في مصر على رأسهم الكابتن لطيف وعلي زيوار وحسين مدكور وإبراهيم الجويني.
وعرض عليه صديقه سيد عمر التعليق، فبدأ مشواره مع الراحل محمود بكر وميمي الشربيني وبدأ الثلاثي التعليق على المباريات لمدة 4 سنوات، ومن ثم التحقوا بالتليفزيون المصري.
"أحب أن يعيش الناس معي في المباراة، وأحب أن أبسط لهم المفاهيم لأحقق مزيداً من الفهم والتفاعل" حمادة إمام.
عائلة إمام
"أنا سعيد للغاية لأن ابني حازم قد أكمل مشوار اللعب في نادي الزمالك، لنصبح بذلك أول عائلة من أب وابن وحفيد في النادي الأبيض بعد عائلة سليم (صالح وطارق) في الأهلي وهذا يجعلنا من رموز النادي".
وعلق حازم إمام على تصريحات والده عبر شاشة "أون تايم سبورت 2"، قائلا "والدي دوما يحترم الجماهير حين يأتي أحد ليسلم عليه كان يقف ويطلب مني الوقوف، حتى لو شخصا أصغر منه".
وأضاف: "كان ينصحني دائماً ويقول لي هناك الكثير من اللاعبين المميزين، ولكن أن يصبح اللاعب محبوب من الجماهير ليس سهلا إلا إذا رأت منك الجماهير أمراً مختلف".
وتابع "حينما كنت أتحدث مع حكم بشكل غير لائق أو أعترض عليه كان يحذرني بعد العودة للمنزل ويطالبني ألا أفعل ذلك، وحين أتعرض لضغط كان يقف بجانبي ويدعمني".
وأتم "كان يأخذ عليه البعض في تصريحاته أنه لا يرد أن "يزعل الناس"، وبعد وفاته وحزن الجماهير عليه تساءلت لماذا يجب أن تكون سبب في أنك تزعل الناس، أتمنى من الله أن أكون مثله لا أريد أن أكون أي شئ سوى أن تحبني الجماهير".
حمادة إمام أكمل حديثه عن عائلته الصغيرة في تصريحات صحفية سابقة "أشرف ابني الأكبر كان أكثر تفوقا من حازم ومهارته أعلى لكنه عمل كطيار الأمر الذي منعه من احتراف الكرة".
"أما زوجتي ماجي الحلواني، عميدة إعلام القاهرة اسم معلوم ومعروف في مصر والوطن العربي، فهي أستاذة في مجال الإعلام لها العديد من الأبحاث والدراسات".
"وتم اختيارها كي تكون عميدة إعلام القاهرة وهي ثاني سيدة في تاريخ الكلية تتولى منصب العمادة ولم يكن اختيارها لإعلام القاهرة مفاجأة لأن لها أبحاثا عديدة في هذا المجال كما أنها أشرفت على العديد من الرسائل العلمية في مصر وخارجها" حمادة إمام أسطورة الزمالك السابق.