كتب : زكي السعيد
في منزل مزدحم رفقة 11 شقيقًا وشقيقة، يعيلهم أب عامل بناء، وأم بائعة طعام، ترعرع عبد العزيز يعقوبو في مدينة تامالي شمال غانا.
يعقوبو قد يحل على الدوري المصري هذا الشهر، تحديدًا في صفوف الأهلي، وفقًا لما كشفه مصدر من داخل القلعة الحمراء لـ FilGoal.com.
من هو عزيز؟ كيف كانت مسيرته؟ ولماذا خطف الأنظار بشدة هذا الموسم في الملاعب البرتغالية؟
المهاجم صاحب الـ 24 عامًا تألق مع فريقه الحالي ريو آفي وسجل 8 أهداف في 15 مباراة بمختلف المسابقات هذا الموسم.
اللاعب أبهر الجميع عندما سجل ثنائية في الفوز المبهر على بورتو بشهر أغسطس الماضي، بالإضافة إلى صناعته هدف آخر في نفس اللقاء.
قبل الليلة المبهرة بسنوات طويلة، كانت البداية متواضعة وفي ظروف صعبة.
يقول عزيز: "في طفولتي كنت ألعب دائمًا حافي القدمين دون حذاء، إنها أجمل ذكريات حياتي، جمعتني صداقة رائعة بأشخاص كثر في طفولتي".
لكنه امتلك دومًا هدفًا واضحًا: "منذ صغري كنت أمزح مع أصدقائي وأقول لهم إنني أريد اللعب في أوروبا يومًا ما".
ولم يفكر عزيز أبدًا في أي شيء إلا ممارسة كرة القدم: "منذ أن كنت طفلًا أردت لعب كرة القدم فقط، لا أعرف أي شيء بخلاف كرة القدم".
راؤول وبنزيمة
يمتلك عزيز 50 هدفًا بالتمام والكمال في مسيرته الاحترافية التي لم تعرف إلا الملاعب البرتغالية.
ويعتقد عزيز أن تسجيل الأهداف هي المهمة الأساسية والشغل الشاغل لأي مهاجم كرة قدم.
يقول عزيز: "أنا مهاجم مباشر، أحب استغلال المساحة، إنها واحدة من أفضل مميزاتي. أجيد اللعب بالقدمين وأبحث عن المساحات في ظهر الدفاع وأجيد استلام الكرة جيدًا داخل منطقة الجزاء".
في صغره كان عزيز عاشقًا لـ راؤول جونزاليس أسطورة ريال مدريد، وبعد اعتزال قائد إسبانيا الأسبق، توجّه عزيز لمتابعة كريم بنزيمة وبدأ في تقليده، ليطلق عليه أصدقاؤه لقب "عزيز بنزيمة".
بدايته كانت في نادٍ صغير يُدعى "زيتونة"، ثم انتقل إلى أكاديمية "ريدبول" الغانية لبعض الوقت قبل أن يعود لـ زيتونة لأنه كان قريبًا من مدرسته.
بعد أن أنهى المرحلة الدراسية، تحوّل للعب في ناشئي تشاريتي ستارز الغاني.
وعندما بلغ عزيز 15 عامًا، تلقى عرضًا من نادي إستوريل البرتغالي، لكن الصفقة لم تكتمل.
الخطوة تأخرت عامين فقط، إذ انضم لمنتخب غانا للناشئين وشارك معه في بعض المباريات الودية، ونال وقتها إعجاب بعض وكلاء اللاعبين، لينجح في الانضمام إلى نادي فيزيلا البرتغالي عام 2016.
ورغم رحيله عن غانا في سن صغيرة، لكنه لم يفقد اتصاله ببلدته أبدًا، إذ يعود في كل إجازة ويتبرع بالعديد من الأقمصة لقطاع الناشئين في نادي زيتونة الذي شهد بدايته.
المغامرة البرتغالية
البداية في البرتغال لم تكن سهلة، مراهق يبتعد لأول مرة عن بلاده وأسرته. كان طبيعيًا أن يكون عامل اللغة عائقًا أمام تأقلم عزيز، لكنه ذلك لم يكن العائق الوحيد. بل الطعام أيضًا!
عزيز عاشق للطعام، الغاني تحديدًا، ولذلك قضى أفضل فتراته مؤخرًا رفقة رايو آفي مستفيدًا من تواجد مواطنيه إيمانويل بواتنج وفيلومون بافور في الفريق.
سويًا، كانت عائلات اللاعبين تجتمع ويبدأون في طهي الطعام الغاني، مما حد من شعور الغربة في نفس عزيز الذي تزوج مؤخرًا.
بالعودة لمسيرته الكروية، فقد لعب عزيز معارًا موسم 2018\2019 إلى فيتوريا جيمارايش، ولعب أغلب فترات الموسم في صفوف الفريق الرديف، لينتقل إليه بشكلٍ نهائي.
الصدمة
بعد تسجيله 11 هدفًا في موسم 2019، وبمجرد انتقاله بشكلٍ نهائي، تعرض لقطع في أربطة الركبة، ليخضع لعملية جراحية ويغيب لمدة موسم 2019\2020 بالكامل.
بمجرد تعافيه، خرج عزيز معارًا إلى إستوريل في 2020، وهو نفس النادي الذي حاول ضمه في صغره.
ليقدّم عزيز أول مواسمه المميزة، ويسجل 15 هدفًا في 34 مع إستوريل ويقوده للصعود إلى الدوري الممتاز بعد الفوز بدوري الدرجة الثانية.
اللاعب تألق بشدة وقتها ونجح في الفوز بجائزة أفضل لاعب في شهر نوفمبر 2020.
ارتباطه بجماهير إستوريل كان كبيرًا، ولذلك رفض الاحتفال عندما سجّل في مرماهم لاحقًا بقميص ريو آفي.
مؤخرًا تحدّث عزيز عن إصابته الصعبة والابتسامة على وجهه: "لعبت بعدها أكثر من 60 مباراة، ألعب منذ عامين ونصف دون مشاكل أو آلام".
إنقاذ ريو آفي
المهمة التالية لـ عزيز كانت إنقاذ ريو آفي الذي كان قد هبط بدوره للدرجة الثانية.
ولذلك فقد خرج عزيز معارًا في صيف 2021 من فيتوريا جيمارايش بهدف محدد وهو إعادة ريو للدرجة الممتازة.
تزامن ذلك مع ارتباط اسمه بالانتقال إلى كاراباج بطل أذربيجان الذي يشارك في تصفيات دوري أبطال أوروبا، بل ذكرت تقارير غانية أن الصفقة تمت بالفعل، لكن استمراره في البرتغال كان مصيره في النهاية.
تألقه لم يتوقف مع ريو آفي، فسجل 15 هدفًا في 39 مباراة الموسم الماضي، وقاد الفريق للقب الدوري -الثاني له على التوالي بشكل شخصي-، وبالتالي الصعود للدوري الممتاز.
إدارة ريو آفي سارعت بالتعاقد مع الصيف الماضي للاحتفاظ به بشكل نهائي، بعد منافسة شرسة مع سانت إيتيان النادي الفرنسي العريق الذي حاول ضمه لصفوفه.
انفجار
قبل الموسم الحالي، لم يكن عزيز قد لعب إلا 38 دقيقة فقط في الدوري البرتغالي الممتاز رفقة فيتوريا جيمارايش في بدايات مسيرته الاحترافية، لكنه لم يحتج وقتًا للتأقلم.
البداية كانت هدف مُر في شباك إستوريل، ثم ثنائية نارية في شباك بورتو بالجولة التالية.
الأهداف لم تتوقف، ليحصد عزيز جائزة أفضل لاعب في ريو آفي بشهر نوفمبر الماضي.
صدمة ثانية
الصدمة الثانية في مسيرة عزيز كانت خروجه تمامًا من حسابات منتخب بلاده غانا.
الحديث هنا ليس عن القائمة النهائية لكأس العالم 2022، بل القائمة المبدئية التي ضمت 55 لاعبًا، مما أثار تعجُب الصحافة الغانية.
حدث ذلك رغم تواصل ماس أود دراماني مساعد المدير الفني الغاني معه وإخباره أن هناك احتمالية لاستدعائه في كأس العالم.
أثناء كأس العالم، لم يتوقف عزيز عن التسجيل، فاستغل استمرار منافسات كأس الرابطة البرتغالية ليهز شباك فيريزني مرتين يوم 13 ديسمبر الماضي.
ورغم مستوياته المميزة، فعندما يحدثونه عن أرقامه الفردية المميزة، يرد بخجل:
"لا أفكر في نفسي بهذه الطريقة، أنا مهاجم والأرقام مهمة لأي شخص يلعب في هذا المركز. انظر إلى النجوم الكبار، لا يمكننا الحديث عن هالاند ومبابي دون الإشارة إلى أرقامهما. هذا المركز يتطلب تسجيل الأهداف، وتقييمي يتوقف دائمًا على هذا. تسجيل الأهداف يجعل حياتي أكثر سهولة".
في النهاية يوجّه عزيز نصيحته لمواطنيه الغانيين الصغار:
"أقول للشبان في غانا أن يحلموا ويعملوا بجد وألا يتوقفوا عن الصلاة، لولا الصلوات لما وصلت إلى ما أنا فيه الآن".
فهل تأخذه أحلامه إلى أم الدنيا؟