كتب : أحمد أباظة
En Argentina nací,
tierra del Diego y Lionel,
de los pibes de Malvinas
que jamás olvidaré.
"ولدت في الأرجنتين، أرض دييجو وليونيل، ورفاق مالفينا الذين لن أنساهم أبدا".
أهلا بكم في اللحظات الأخيرة قبل النهائي السادس لمنتخب الأرجنتين في كأس العالم. الأمة اللاتينية تقف على أعتاب الحلم الثالث، أو الكابوس الرابع..
العالم كله في أقصى درجات الترقب.. في الخامسة مساء الثامن عشر من ديسمبر بتوقيت القاهرة، أينما مررت ستجد البشر حول الشاشات في كل مكان، بين من يريدها لأجل ليونيل ميسي، ومن يريد حصول أي شخص عليها سواه، تلك الكأس الذهبية محور عالم كرة القدم حين يأتي وقتها.
كل ذلك من الخارج، فماذا عن أصحاب الأرض والحلم؟
ها هم كالعادة، كما اجتاحوا أراضي البرازيل في 2014، وزحفوا خلف جيل 2018 المخيب إلى روسيا، يتواجدون بكثافة في قطر وأعينهم على النهائي الثاني في 8 سنوات، وأصواتهم لم توقفها حتى الخسارة أمام السعودية..
دييجو وليونيل، تلك الثنائية التي لا تنتهي، وذاك الإرث المارادوني الذي أبى إلا أن يسقط على كتف ميسي. أعسر القدم فائق الموهبة.. مواصفات أكثر من كافية لتحمل هذه الأمة وتحضر لها الكأس.
من هم رفاق مالفينا؟ أولئك الذين قاتلوا في حرب "جزر الفوكلاند" الشهيرة ضد بريطانيا عام 1982، ألم نكن نتحدث عن كرة القدم للتو؟
التاريخ والسياسة والحروب.. في بعض الدول يمكنك فصل كل تلك الأمور عن كرة القدم، بينما يستحيل ذلك في الأرجنتين.
هذه الحرب يحملها الأرجنتينيون معهم أينما ذهبوا، والثاني من أبريل الذي كان تاريخ انطلاق "العملية روساريو" في بداية الغزو، لا يزال عطلة رسمية في البلاد إلى الآن،
"هذه الأغنية تضع مارادونا وميسي والمحاربين القدماء في نفس المكانة. لا أعلم كيف يمكن قياس ذلك، ولكن حين استمتعت إليها بعناية، ملأتني بالمشاعر وحركتني من الداخل ".
روبرت هوجو الذي يتحدث هنا ليس مجرد مشجع عادي، بل أحد هؤلاء المحاربين القدماء في الفوكلاند أو "مالفينا" بالإسبانية. لم يحزنه مساواة تضحيات رفاقه بأمر تافه ككرة القدم، بل أثر فيه حقا أن جماهير الكرة الأرجنتينية تضعهم في هذه المكانة وتتذكرهم مهما طال الزمن.
"أعلام كل الأندية تضم أشكال لهذه الجزر في مكان ما منها. في كرة القدم هناك دائما هذا التقدير والاعتراف. لا يمكنك أن تطلب من الناس أكثر مما يعطونه".
No te lo puedo explicar
porque no vas a entender
las finales que perdimos
cuantos años la lloré
"لا يمكنني الشرح لأنك لن تفهمني. النهائيات التي خسرناها وكم عام بكيتها".
كم عام حقا؟ منذ التتويج بكأس العالم 1986، خسر منتخب الأرجنتين النهائي العالمي مرتين في 1990 و2014، وأمام نفس الخصم الألماني.
ها هو يلعب الثالث، وألمانيا قد غادرت من دور المجموعات، ولكن هل يعني ذلك أن الطريق بات ممهدا الآن؟
الخصم أصعب في رأي العديد من المتابعين، على أقل تقدير لا يقل عن كتيبة الألمان التاريخية في 2014، عقبة أخيرة، قاسية للغاية ولكنها العقبة الأخيرة..
pero eso se terminó
porque en el Maracaná
la final con los brazucas
la volvió a ganar papá.
"ولكن ذلك انتهى لأنه في الماراكانا، النهائي ضد البرازيليين قد فاز به والدكم مجددا".
منذ التتويج بكوبا أمريكا 1993 أمام المكسيك، خسر الألبيسيلستي نهائي البطولة القارية 4 مرات حتى انتصر في 2021 على البرازيل في النهائي.
كرة رودريجو دي بول التي قطعت المسافة إلى أن وصلت إلى أنخيل دي ماريا في الفراغ وراء رينان لودي، ثم مرت من قدم أنخيل لتعبر فوق إيدرسون وتسكن الشباك، أنهت عصور الانتظار ولو لبعض الوقت.
ولكننا نتحدث هنا عن إرث مارادونا، هل تكفي الكوبا التي لم يفز بها أصلا لمعادلته؟
Muchachos,
ahora nos volvimos a ilusionar.
Quiero ganar la tercera.
Quiero ser campeón mundial.
"يا رفاق، الآن استعدنا الحماس والآمال، أريد الفوز بالثالثة، أريد أن أكون بطل العالم".
هذا ببساطة هو دور نهائي الماراكانا. كسر العقدة القارية والتخلص من ذكريات تشيلي المؤلمة، هي ما منحت الجميع القدرة على الاتحاد حول الهدف الأكبر: سيرفعها ليونيل ميسي بيننا جميعا.
هل من المبالغة القول بإن الأرجنتين ما كانت لتبلغ نهائي كأس العالم إن لم تفز بنهائي كوبا أمريكا؟ لا نعتقد ذلك. هذه اللحظة هي ما منح الشعب الأرجنتيني الجرأة على الحلم، وهو شعب لا يتوقف عن التشبث بأي أمل طوال تاريخه..
"بدا وكأن الجماهير قد نسوا الفقر والحرمان، معظم الأيام كنا نشاهدهم يركضون بجوار حافلتنا ويصلون لأجلنا، أمكننا رؤية كم يعني لهم ذلك الأمر في أعينهم، لقد كانت مسؤولية كبرى على عاتقنا، كيف لا يمكننا الفوز بكأس العالم من أجل هؤلاء؟"
هذا ما رواه ليوبولدو لوكي نجم الأرجنتين في كأس العالم 1978، الملطخ بكل ظلال العار الممكنة تحت حكم الديكتاتور خورخي فيديلا، بما فعله في بلاده، وشبهات التلاعب الخالدة في النتائج قبل وأثناء وإلى نهاية البطولة. كل ذلك لم يمنع الشعب من التعلق بأستار تلك الفرحة الملوثة، وإن كان لبطولة 1986 مذاق أفضل في نهاية المطاف..
Y al Diego
en el cielo lo podemos ver
con Don Diego y con la Tota
alentándolo a Lionel.
"ودييجو، سيمكننا رؤيته في السماء، رفقة دييجو الأب و(لا توتا)، يشجعون ليونيل".
"لا توتا" هو لقب امرأة تُدعى دالما سالفادورا فرانكو، ربما لم ينل اسمها حظه من الرواج في الوطن العربي، ولكنها تملك لقبا آخر: أم كرة القدم.
لماذا؟ لأنها أنجبت دييجو أرماندو مارادونا، وتعتبر الرمز الأكثر تأثيرا في أسطورة مخلص الأرجنتين الأول، هؤلاء لم ينسوا حتى والدة معشوقهم، وأعتقد أن ذلك يجعل استدعاءهم للمحاربين القدماء في هتاف المونديال أقل غرابة الآن..
بالنسبة لهم مارادونا وعائلته معهم الآن من السماء، يهتفون باسم المخلص الثاني، حتى تأتي لحظة من المستقبل، يذكر فيها اسم خورخي ميسي وسيليا ماريا كوشيتيني في أغنية لاحقة..
المواجهة ستحمل ما يفوق كرة القدم، ولكن لن يمكنها الخروج عن إطار كرة القدم، فلا يمكن اختطاف ديشامب كما حدث مع ميشيل هيدالجو مدرب فرنسا قبل كأس العالم 1978، ولا يمكن التفكير في خطف كيليان مبابي كما زعم الخاطفون أنهم فكروا بفعل الشيء نفسه مع ميشيل بلاتيني..
لا أجواء مشبوهة مما قرأنا عنها في مونديال فيديلا، لا يوجد سوى الملعب، و90 دقيقة أو 120، وليونيل والرفاق في مواجهة جيل تاريخي يطارد كأسه الثانية على التوالي. إما الفوز في الفصل الأخير، وإما سيتوجب على أحدهم من جديد أن يموت واقفا..