حوار في الجول - "أنا عينه".. كيف يشاهد المكفوفون العرب مباريات كأس العالم
الإثنين، 12 ديسمبر 2022 - 10:57
كتب : دعاء نائل
"هذا كازورلا، سانتي يحاول، سانتي لـ جاك، ويلشير لـ سانتي، وسانتي لـ جيرو، خطيرة الكرة! الله يا أرسنال، الله ما أروعك يا أرسنال".
"الكرة مع كازورلا، 15 ياردة داخل ملعب نورويتش ناحية اليسار، بيخترق للعمق، باصات سريعة واختراق في العمق على حدود منطقة الجزاء.. داخل منطقة الجزاء، من نقطة الجزاء.. تصويبة و جووول. هدف لـ أرسنال..
وان تو بين اللاعيبة على حدود الـ18 وبعدها، وان تو تاني جوة الـ18 بالكعب نزلت لجاك ويلشير عند نقطة الجزاء يحطها بيطن رجله ناحية اليمين بكل هدوء".
تعليقان مختلفان على الهدف ذاته، الأول من أجل شخص يشاهد بالفعل ما يجري على أرض الملعب، والآخر يسمع فقط، لكن في النهاية تحققت الغاية: المتابعان عرفا كيف سجل أرسنال.
عرف كأس العالم المقام في قطر بعض الأشياء غير المعهودة، على سبيل المثال أصبحنا نسمع كل شيء في الملعب باللغة العربية، بما في ذلك التعليق السمعي الوصفي.
ما هو التعليق السمعي الوصفي؟
هو ببساطة التعليق الثاني على هدف جاك ويلشير الشهير في مرمى نورويتش سيتي، حيث يركز المعلق على حركة الكرة بشكل رئيسي ثم ينتقل لوصف الهدف تفصيليا أثناء احتفال اللاعبين.
ولأول مرة تواجد هذا النوع من التعليق باللغة العربية لخدمة غير القادرين على رؤية مباريات كأس العالم لظروف بصرية.
وأجرى FilGoal.com حوارا مع عمرو حسين المعلق السمعي الوصفي لمباريات كأس العالم 2022 باللغة العربية.
وإليكم ما رواه لنا عن التجربة الفريدة:
البداية
الحكاية بدأت عندما تلقيت دعوة من "قطر فاونديشن" المتعاقدة مع فيفا لإضافة التعليق السمعي الوصفي باللغة العربية. خضعت لاختبارات كثيرة للوصول إلى المراحل النهائية ثم تم اختياري ضمن مجموعة من المعلقين.
فيفا أشرفت على تلقينا تدريبات مكثفة من أجل ذلك، وكان ظهور صوتي للمرة الأولى في مباراة فرنسا وأستراليا، ثم بشكل يومي حتى الدور ثمن النهائي.
واجهت الكثير من التحديات، كان يجب عليّ أن أذاكر جيدا الكثير من المنتخبات التي لا أعرف الكثير بخصوصها مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكوستاريكا والوعي بخططهم والنطق الصحيح للاعبين الفريق. أنت تواجه مهمة قول المعلومات المدروسة والدراية الكاملة بتكتيكات كرة القدم لشرحها للمستمع حال تغير الخطط في المباراة.
الأمر شخصي للغاية بالنسبة لي، أنا أنحدر من أسرة كروية أحد أفرادها يعاني من إعاقة جسدية، وأصطحبه للكثير من المباريات لذلك البحث عن الوسائل المتوفرة لذوي الإعاقة البصرية أمر محوري، وهو ما دفعني لخوض هذا الطريق.
كيف يتم الأمر؟
أنت تقوم برسم صورة متكاملة عن المباراة، وتركيزك على شيء واحد هو سير الكرة وهذا ما تعلمته في التدريبات التي تلقيتها قبل بداية البطولة.
الأشخاص المستهدفون لذلك ليس دائما الشخص الذي ولد بالفعل كفيفا بل ذوي الإعاقة أو المسنين والمصابين بضعف البصر.
تطبيق فيفا لديه هذه الخاصية وهي توفير التعليق السمعي الوصفي بلغات عديدة وهذه كانت أول مرة يكون متوفرا باللغة العربية على عكس الإنجليزية المتواجدة منذ عام 2014.
الفارق بين التعليق السمعي الوصفي والراديو هو وصف المباراة بشكل دقيق للغاية مع الحرص على عدم استخدام بعض المصطلحات المعينة مثل "زي ما أنتم شايفين" أو "زي ما شوفنا قبل كده" أو الحديث عن الألوان بشكل عام من أجل مراعاة شعورهم، فالبعض لم تتح له فرصة التعرف على الألوان أو تكوين ذاكرة حسية عنها.
تلقينا الكثير من المديح لكل ما قدمناه وهناك فيلم وثائقي بخصوص ذلك وأنا سعيد بقدرتنا على مساعدة الناس.
من المهم في هذا العمل احترام المستمع لأقصى درجة ممكنة سواء خلال عملية التحضير أو الوصف ذاته، لأنه يخرج من بيته ويذهب إلى الملعب وهو يعلم أنه لن يتمكن من رؤية ما يحدث، ورغم ذلك يصر على خوض التجربة، وبالتالي يجب أن نقدم ما يحترم تضحيته..
يجب أن أكون دائما على قدر ثقة هذا المتابع لأني مصدره الوحيد في متابعة هذه المباراة، بكلمات أخرى: أنا عينه التي يرى بها ما يجري على أرض الملعب.