كأس العالم - أهن جونج هوان.. هدف ذهبي "غيّر حياتي"
الأربعاء، 09 نوفمبر 2022 - 12:10
كتب : إسلام أحمد
"أخبرني جوس هيدينك -المدير الفني لـ كوريا الجنوبية في كأس العالم 2002- شخصيا أن كأس العالم هذه ستغير حياتي، وهو ما حدث".. أهن جونج هوان.
التاريخ: 18 يونيو 2002
الملعب: استاد دايجيون كأس العالم - كوريا الجنوبية
الحدث: كوريا الجنوبية × إيطاليا.. ثمن نهائي كأس العالم
التوقيت: الدقيقة 117 من الشوط الإضافي الثاني للقاء
باري ديفيز المعلق البريطاني قال عقب تأهل كوريا الجنوبية: "الطليان يودعون لأنهم لم يتعلموا أبدا".
تعليق جاء بعد دقائق قليلة من رأسية أهن جونج هوان الذي كان أسرع من باولو مالديني في الوصول للكرة فسكنت شباك جانلويجي بوفون معلنة تأهل كوريا الجنوبية لربع نهائي كأس العالم 2002 على حساب الأتزوري في واحدة من كبرى مفاجآت المونديال.
🇰🇷 A Korea Republic hero 🇰🇷
Ahn Junghwan turns 44 today!#HBD | @theKFA | #WorldCup pic.twitter.com/wvEeJ1XbzG
— FIFA World Cup (@FIFAWorldCup) January 27, 2020
قبل البطولة ضمت قائمة كوريا لاعبين محترفين فقط من قارة أوروبا من أصل 23 لاعبا هما: سيول كي هيون لاعب أندرلخت البلجيكي وأن جونج هوان لاعب بيروجيا الإيطالي، وللمصادفة الثنائي سجل ضد إيطاليا وقادا بلادهما للمجد.
هدفه ضد إيطاليا غيّر حياة ومسيرة أهن جونج هوان للأسوأ وليس للأفضل، لكنه سيظل أسطورة للكرة الكورية.
في اليوم التالي من هدفه ضد إيطاليا في كأس العالم، أعلن لوتشيانو جوتشي رئيس نادي بيروجيا الذي يلعب له مهاجم كوريا الجنوبية رحيل لاعبه قائلا: "ليس لدي أي نية لدفع راتب لشخص دمر كرة القدم الإيطالية".
لكن قبل أن تتغير مسيرة أهن بسبب كأس العالم 2022 لنعد لبدايات نجم كوريا الجنوبية الواعد.
طفولة أهن كانت صعبة، فبدأ ممارسة كرة القدم لأول مرة لأن اللاعبين يحصلون على الحليب والخبز مقابل التدريبات.
البداية الصعبة لم تمنعه من التراجع، وبدأ مسيرته الاحترافية عام 1998 مع بوسان داييو.
في موسم 1999 حاز على جائزة أفضل لاعب في الدوري الكوري بعدما سجل 14 هدفا.
وأصبح أول لاعب يحصد الجائزة مع فريق لم يحقق لقب الدوري الكوري..
وصار أهن أحد أهم المواهب في كوريا الجنوبية سريعا قبل الاحتراف، واشتهر بـ "سيد الخواتم" نظرا لتقبيله خاتم زواجه مع كل احتفال بهدف.
أعير أهن لصفوف بيروجيا عام 2000 وأصبح أول كوري يلعب في الدوري الإيطالي، ثم بعد ذلك بعامين استدعاه جوس هيدينك للمشاركة في نهائيات كأس العالم 2002.
قبل كأس العالم كان احتمالات المراهنات تشير إلى لاستحالة وصول كوريا الجنوبية لنصف النهائي، الشمشون الكوري خاض 14 مباراة من قبل دون تسجيل فوز واحد في 5 نسخ سابقة من كأس العالم.
جوس هيدينك كان هدفه مع كوريا الجنوبية تحطيم هذا الرقم وتحقيق الفوز الأول، خاصة مع فريق لا يعج بالأسماء المعروفة أو النجوم وهو ما وصل باللاعبين لتقديم أنفسهم أمام وسائل الإعلام المجمعة.
أهن تحدث عن تأثير المدرب الهولندي على المجموعة قائلا: "جعلنا هيدينك لاعبين مختلفين، تحتاج فقط إلى إلقاء نظرة على استعداداتنا، والطريقة التي لعبنا بها. جعلنا الهولندي فريقا قويا جسديا ونفسيا. لم نخاف من أحد، شعرنا أننا يمكن أن نكون مفاجأة البطولة الكبرى".
بدأت كوريا الجنوبية مشوارها في البطولة وأهن على مقاعد البدلاء ضد بولندا وانتصر أصحاب الأرض بهدفين دون رد.
في المباراة الثانية بدأ أهن كبديل أيضا أمام أمريكا لكنه شارك وسجل هدف التعادل حاسما نقطة لكوريا قبل لقاء البرتغال في الجولة الأخيرة من دور المجموعات.
احتفال أهن بهدف التعادل وأول أهدافه في كأس العالم جعلها من الاحتفالات التي لا تُنسى لارتباطها بالألعاب الأولمبية.
كوريا واليابان استضافا كأس العالم بعد 4 أشهر فقط من استضافة أمريكا للألعاب الشتوية.
في الأولمبياد الشتوية لعام 2002 فاز الأمريكي أبولو أونو بميدالية ذهبية في نهائي 1500 متر في مسابقة المسار القصير للتزلج السريع على الجليد على الرغم من عدم عبوره خط النهاية أولا.
ففاز الكوري الجنوبي كيم دونج سونج على أونو لكنه استبعد بسبب التعقب، وهو ما علمه أثناء حمله علم كوريا الجنوبية على المنصة أثناء احتفاله بالذهبية.
أهن احتفل ساخرا بنفس طريقة الركض في لعبة التزلج على الجليد ساخرا من قرار لجنة التحكيم في الأولمبياد آنذاك ضد مواطنه وأمام منتخب أمريكا نفسه.
أمام البرتغال بدأ أهن أساسيا وفازت كوريا الجنوبية على البرتغال بهدف بارك جي سونج في الدقيقة 70 لتكتب ثاني الانتصارات في كأس العالم والتأهل لثمن النهائي لأول مرة في التاريخ.
الحلم الذي بدأ بمحاولة تحقيق انتصار واحد أصبح أكبر الآن، وستواجه منتخب أشبه بمنتخب العالم.
مباراة غيرت مسيرته
قبل مواجهة إيطاليا، أشار العديد لسهولة مهمة بطل العالم 3 مرات آنذاك في العبور لربع النهائي في ظل الكتيبة المدججة بالنجوم مقارنة بلاعبي كوريا الجنوبية.
أهدر أهن ركلة جزاء مبكرة في الدقائق الأولى من عمر اللقاء، ومن ثم تقدمت إيطاليا عن طريق كريستيان فييري.
شوط أول انتهى بالتأخر بهدف دون رد، لكن في الدقيقة 87 استغل سيول كي هيون اختلال توازن كريستيان بانوتشي وسقوطه داخل منطقة الجزاء مسجلا هدف التعادل في وقت قاتل.
وفي الأشواط الإضافية وفي الوقت الذي اعتقد خلاله البعض أن المباراة في طريقها لركلات الترجيح خطف أهن الفوز لمنتخب بلاده وبطاقة العبور.
يتذكر آهن قائلا: "لم أكن أعتقد أننا قادرون على هزيمة منتخب إيطاليا، كان فريقا مكونا من نجوم العالم. لكنني لعبت لحياتي، وقد نجحت. هذه هي كرة القدم. إنها ليست كرة القدم إذا تغلب الفريق الأقوى على الأضعف. ربما هذا هو سبب جنون الناس باللعبة".
في إيطاليا وصفت صحيفة "لا جازيتا ديلو سبورت" بالكابوس الأحمر، لكن الأكثر ألقى باللوم على الحكم الإكوادوري بريان مورينو بسبب الأخطاء التحكيمية وطرد فرانشيسكو توتي.
الأمور لم تتوقف في الشارع الرياضي الإيطالي بل وصلت لـ فرانكو فراتيني الوزير الإيطالي الذي صرّح حينها قائلا: "الحكم كان وصمة عار وفضيحة تماما، لم أشاهد مباراة مثلها من قبل. بدا الأمر كما لو أنهم جلسوا حول طاولة وقرروا طردنا".
بايرون بعد 9 سنوات من المباراة ألقي القبض عليه في نيويورك بأمريكا بتهمة تهربب المخدرات.
وقال جوس هيدينك بعد الفوز: "لقد تغلبنا على إحدى القوى العظمى في العالم، يجب أن نحتفل الليلة وسنحتفل، كان الملايين بالفعل في الشوارع يشاهدون".
بعد 20 عاما تذكر أهن المباراة عبر صحيفة "لا جازيتا ديلو سبورت" قائلا: "الحقيقة هي أننا استعددنا بشكل جيد لمباراة إيطاليا. قمنا بتحليل كل التفاصيل الخاصة بكل لاعب إيطالي".
وأضاف "انظروا فقط إلى نتائج بلادي في المباريات الودية التي سبقت كأس العالم 2002. خسرنا مباراتين فقط من أصل ثماني مباريات ضد أوروجواي وفرنسا".
الاحتفالات في كوريا الجنوبية بهدف أهن كان في مقابلها غضب مشتعل في إيطاليا من الحكم واللاعب ذاته.
فقال أهن في الذكرى العشرين لاحتفال لاعبي منتخب كوريا الجنوبية بالفوز على إيطاليا "كان عام 2002 أسعد وقت في مسيرتي الكروية. كان ذلك أيضا عندما كنت محبوبا للغاية. أتذكر أنه كان هناك الكثير من المشجعين الذين ينتظرونني لدرجة أنني لم أستطع الخروج".
لكن في المقابل، لوتشيانو جوتشي رئيس نادي بيروجيا الذي يلعب له أهن خرج في اليوم التالي للمباراة مصرحا بنهاية مشوار اللاعب مع الفريق قائلا: "أصبح ظاهرة فقط عندما لعب ضد إيطاليا، ليس لدي أي نية لدفع راتب لشخص دمر كرة القدم الإيطالية".
في الذكرى العشرين لاحتفال لاعبي منتخب كوريا الجنوبية بالفوز على إيطاليا تذكر أهن الجانب السلبي أيضا قائلا: "بعد كأس العالم، عادت زوجتي إلى إيطاليا لتجد أن شخصا ما قد حطم سيارتي المرسيدس. حتى أن الصحف المحلية قالت إن المافيا كانت تهدد بقتلي. كان الأمر كما لو أنهيت مسيرتي الكروية بالكامل بهذا الهدف".
وفي مقابلة مع برنامج حواري تلفزيوني كوري جنوبي عام 2013، زعم أهن أن قائد بيروجيا آنذاك ماركو ماتيراتزي كان يخيفه بشكل خاص أثناء ارتداءه قميص بيروجيا.
فقال أهن: "اقتحم ماتيراتزي غرفة خلع الملابس ذات يوم ونبح في وجهي أمام الجميع، قائلا إنه تفوح مني رائحة الثوم، لم أفهم ما كان يقوله، لكن المترجم وهو كوري أيضا، احمر خجلا وكان في البداية محرجا جدا من ترجمة ما يقال".
وتذكر أهن إنه لطالما عومل على أنه "منبوذ" من قبل لاعبين آخرين في النادي الإيطالي. "نادرا ما مرروا الكرة إليّ أمام المرمى، حتى لو لم تكن لديهم طريقة للتسجيل بأنفسهم".
أخبرت زوجة أهن نفس البرنامج الحواري أن زوجها تعرض للترهيب لدرجة أنه توقف عن تناول الطعام الكوري الغني بالثوم.
في الوقت ذاته يدين أهن بالفضل لإيطاليا، إذ قال في وقت سابق للصحفيين: "على الرغم من أننا فزنا بهدفي، أعتقد أنني يجب أن أشكر إيطاليا. لم ألعب كثيرا، لكن تعلمت الكثير وواجهت أوقاتا صعبة في إيطاليا. لقد ساعدني ذلك في لعب مباريات جيدة. خاصة في كأس العالم".
تعادلت كوريا الجنوبية مع إسبانيا ثم انتصرت في ركلات الترجيح وسجل أهن ركلته الجزائية بنجاح في ربع النهائي ليصبح منتخب كوريا أول منتخب من خارج قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية يصل للمربع الذهبي للمونديال في التاريخ.
وتوقف المشوار عند الخسارة من ألمانيا في نصف النهائي.
وحصد الشمشون الكوري المركز الرابع في كأس العالم بخسارة صعبة من تركيا بنتيجة 3-2.
عاد أهن لإيطاليا مجددا لبحث إمكانية انتقاله، وبالفعل وقع على عقود انتقاله لصفوف بلاكبيرن روفرز الإنجليزي لكن مطالبات رئيس بيروجيا بتعويض مالي وصل لـ 3.8 ملايين يورو أوقف الصفقة التي لو تمت لأصبح أهن أول كوري جنوبي يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز وقبل عامين من زميله بارك جي سونج الذي انتقل لـ مانشستر يونايتد بعد ذلك.
لحسن حظ أهن، دفعت وكالة يابانية قيمة الصفقة وانتقل بموجبها لنادي شيميزو بالس بين 2002 و2003
قال آهن بعد صمت طويل: "نعم، كان من الممكن أن تكون حياتي مختلفة لو لعبت في الدوري الإنجليزي. لكن الكثير من الناس قالوا لي إنهم سعداء للغاية لأنني كنت جزءا من تشكيل 2002، أعتقد أن 3.8 مليون دولار هو الثمن الذي دفعته مقابل الاحترام والحب اللذين تلقيتهما من الناس".
انتقل لصفوف يوكوهاما مارينيوس الياباني وحقق لقب الدوري لموسم 2004.
في 2005 عاد لأوروبا من بوابة ميتز الفرنسي ثم في العام التالي انتقل لصفوف دويسبورج الألماني بناءً على "نصيحة طاقم المنتخب أنه من الأفضل اللعب في ألمانيا استعدادا لكأس العالم 2006، فكان الراتب أقل بكثير مع مزايا أقل، لكنني كنت قادرا على جني الأموال".
وقال يورجن كوهلر مدرب دويسبورج حينها للصحفيين "إنه اللاعب الذي أريده"، فسجل أهن هدفين في 12 مباراة بالدوري الألماني، ما كان له تأثير على مردوده في كأس العالم بألمانيا.
وفي كأس العالم 2006 بألمانيا وفي المباراة الأولى ضد توجو قاد أهن منتخب بلاده لتحقيق أول فوز في تاريخهم بكأس العالم خارج الحدود بالتفوق على توجو بهدف دون رد، ليصف اللاعب أن انتقاله لألمانيا من البداية جعله "ليس نادما" بعد الهدف.
أصبح بفضل ذلك الهدف أهن الهداف التاريخي لكوريا الجنوبية في كأس العالم برصيد 3 أهداف ثم تساوى معه بارك جي سونج وهيونج سون مين بنفس الرصيد.
عاد أهن لكوريا الجنوبية من جديد وفي 2009 انتقل لصفوف داليان شايد الصيني، وساهم تألقه في عودته لتمثيل كوريا لأول مرة بعد غياب وصل لـ 22 شهرا في التصفيات.
وهو ما قاده للظهور الثالث مع فريقه في كأس العالم 2010 لكنه ظل حبيسا على دكة البدلاء في المباريات الأربع، ليكتفي بخوض 10 مباريات خلال 3 مشاركات مونديالية.
أهن خاض 71 مباراة دولية بقميص كوريا سجل خلالها 17 هدفا، وسيظل هدفه ضد إيطاليا هو الذي غير مسيرته.
ومع انطلاق كأس العالم 2022 في قطر بشهر نوفمبر سيتواجد أهن كمعلق للمباريات عبر أحد القنوات الكورية.
على عكس كثيرين انحدرت مسيرة واحد من نجوم كوريا الجنوبية رغم تسجيله لهدف تاريخي، لكن أهن ليس نادما على ذلك "ما حدث كان مؤسفا، أما كان عليّ أن أحرز الهدف؟ لست نادما على احرازه، هذه النسخة كانت نقطة تحول للعبة في كوريا، كانت تلك إحدى أسعد لحظات حياتي".
"أنا فخور بكرة القدم الكورية. أستطيع أن أقول إنني اكتسبت الكثير من الأشياء أثناء اللعب مع كوريا ولكنني خسرت أيضا الكثير من الأشياء. ولكن بالطبع ستكون هناك أوقات عصيبة، يتعين عليّ حل بعضها بمفردي. أستطيع أن أقول إنني قدمت كل ما بوسعي لكرة القدم الكورية".