كأس العالم - إنجلترا.. حتى لا ينفجر معمل الفنكوش في وجه أيوب
الجمعة، 21 أكتوبر 2022 - 13:37
كتب : رامي جمال
ذهب صلاح فؤاد أو "عادل إمام" إلى أحد العلماء أو من يعرف باسم الدكتور أيوب ليخترع له شيء ما لينقذه من ورطة وجد نفسه فيها فاخترع له الفنكوش.
ظل الدكتور أيوب يجري المعادلات الحسابية ليخترع الحلوى التي لم توجد من قبل وفي كل مرة كان ينفجر معمله بسبب خطأ في المعادلة ولكنه ظل يحاول إلى أن نجح في النهاية.
وفي حالتنا هنا فالمعمل انفجر مرتين في وجه مدرب إنجلترا جاريث ساوثجيت، ورغم أنه لامس بيده الفنكوش مرتين لكن تلك اللمسات كانت من سراب، ففي كل مرة المعادلة كان ينقصها شيء ما ليُكتب لها النجاح الكامل.
ورغم النجاح الملموس إلى حد ما وكونه أول مدرب يقود إنجلترا للظهور في نصف نهائي بطولتين متتاليتين لأول مرة في تاريخ بلاده، لكن ساوثجيت الآن يعيش فترة عصيبة هي الأصعب له منذ توليه قيادة منتخب إنجلترا في 2016.
إنجلترا لم تفز في آخر ست مباريات خاضتها ضمن منافسة رسمية وليست ودية.
إنجلترا هبطت للمستوى الثاني في دوري الأمم الأووبية.
إنجلترا لم تسجل سوى أربعة أهداف فقط في آخر ست مباريات، من بينهم مباراة واحدة شهدت ثلاثة أهداف.
والآن ساوثجيت أمام معضلة، إما أن يجري معادلة حسابية لينجح مثلما نجح أيوب لينتج الفنكوش، أو أن عقده المستمر حتى ديسمبر من عام 2026 ربما لن يستمر وسيتم فسخه وسينفجر المعمل بالكامل في وجهه.
النجاح الأبرز
"أعرف أن الحكم علي وعلى لاعبي فريقي سيكون من خلال الفوز لكن الواقع أن النتائج جزء صغير من العملية.
فعندما تلعب إنجلترا، هناك ما يكون على المحك أكثر من النتيجة، الأمر يتعلق بكيفية التعامل داخل وخارج الملعب وقدرتنا على جمع الناس معا وأن نتوحد سويا، وأن نخلق ذكريات تستمر لأكثر من 90 دقيقة وأكثر من شهور الصيف، أن نخلق ذكريات تدوم للأبد.
أن ينظر الجميع للأطفال ويقولون لهم هذه هي طريقة تمثيل إنجلترا، هذا ما تدور حوله إنجلترا إن استطعنا القيام بذلك، فسيكون صيفا نفتخر به".
جاريث ساوثجيت في رسالته المفتوحة لجماهير بلاده عبر موقع The Players Tribune قبل يورو 2020.
وهنا يمكن التقرب أكثر لشخصية الرجل صاحب الـ52 عاما، الرجل الذي استطاع توحيد إنجلترا خلف المنتخب مجددا بعد أعوام من النفور والسخرية منه، وهو ما يعد نجاحه الأبرز خارج الملعب.
أما داخل الملعب وبالنظر لمنصب مدرب إنجلترا فبعد رحيل فابيو كابيلو عنه ظل يُنظر لوظيفة المنتخب الإنجليزي بأنها صغيرة ولا يحبها الجميع.
رفضها السير أليكس فيرجسون وآرسين فينجر، ولم يحبذها جوزيه مورينيو في وقت ما.
إلى أن جاء ساوثجيت وأعاد لهذا المنصب قيمته، ورغم عدم خوضه لتجارب كثيرة على مستوى الأندية إذ أن له تجربة وحيدة كانت مع ميدلزبره وهبط في النهاية معه للدرجة الأولى.
لكن بلوغ نصف نهائي كأس العالم 2018 ليقود الأسود الثلاثة لبلوغ تلك المرحلة لثالث مرة فقط في تاريخهم، والتأهل للمرة الأولى في التاريخ لنهائي يورو يعني أن الرجل نجح في مهمته، ولكن، وسنعود إلى لكن لاحقا.
وفي المستطيل الأخضر نفسه، فلأول مرة يلعب المنتخب الإنجليزي كفريق وليس كأفراد وكل منهم نجم يريد تحقيق النجاح لنفسه، بل الجميع يُكمل بعضه البعض.
وخلف هؤلاء يأتي الشعب الإنجليزي بأكمله، وربما أكثر دليل على الإيمان بتجربة ساوثجيت هي عودة انتشار أغنية It’s coming home والدليل على أن كأس العالم سيعود لمنزله لمهد كرة القدم.
في المقابل يرى منتقدي تلك التجربة أن ساوثجيت لا يستطيع إخراج أفضل ما لدى لاعبيه من إمكانيات رغم امتلاكه لجيل كامل من اللاعبين مميزين في أنديتهم، مثل فيل فودين وبوكايو ساكا وديكلان رايس وكالفين فيليبس وآخرين.
أيضا يرى منتقدو تلك التجربة أن منتخب إنجلترا لم يقابل فريقا كبيرا في كأس العالم 2018 سوى بلجيكا في دور المجموعات وخسر منها لاختيار الطريق الأسهل في المراحل الإقصائية بعد ضمان كليهما التأهل.
بل وخسر منه في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع أيضا.
وفي يورو 2020 استفاد المنتخب الإنجليزي من لعب كل مبارياته عدا مواجهة وحيدة في ملعب ويمبلي أي أن البطولة كانت على أرضه ووسط جماهيره.
والمنتخب الوحيد من الصف الأول الذي نجحت إنجلترا في الفوز عليه كان ألمانيا الذي كان يتهاوى في أيام مدربه يواكيم لوف الأخيرة على رأس القيادة الفنية للماكينات.
وهنا نعود إلى ولكن وننطلق إلى العمليات التي على ساوثجيت حلها.
المعادلة الأولى – خط الهجوم.. هاري كين +
أي متابع لمنتخب إنجلترا يعرف أن هاري كين قائد الفريق هو أول شخص يستطيع حجز اسمه في أي بطولة في خط الهجوم، ولما لا فهل يوجد مهاجم إنجليزي أفضل منه؟
لكن من يجاور هاري كين؟ من يستطيع أن يكون حاسما ليحل المعادلة الصعبة وينهي سنوات العجاف للأسود الثلاثة؟
في كأس العالم 2018 كان يجاوره رحيم سترلينج، وفي يورو 2020 كان سترلينج وماسون ماونت وتواجد أحيانا ساكا ثم جادون سانشو ثم جاك جريليش.
وبالنظر للمعادلة التي لم يستطع ساوثجيت حلها هو قدرة فريقه على اجتياز اللحظات الحاسمة وهنا ننظر بالتحديد لمباراتي كرواتيا في نصف نهائي كأس العالم 2018 وإيطاليا في نهائي يورو 2020.
في كلا المباراتين تقدم المنتخب الإنجليزي بهدف في الدقائق الخمس الأولى، واستقبل التعادل في الدقيقة 68 من كرواتيا و67 من إيطاليا.
ويظل السؤال لماذا لم يضغط المنتخب الإنجليزي في كلا المناسبتين على خصمه لقتله بهدف ثان؟
هذا ما يحتاج ساوثجيت للإجابة عليه باختيار أفضل العناصر الحاسمة لتجاور هاري كين في هجوم الأسود.
المعادلة الثانية – خط الدفاع.. هاري ماجواير ولوك شو وأزمة الظهير الأيمن
يحب ساوثجيت هاري ماجواير مدافع مانشستر يونايتد، هذا أمر لا شك ولا جدال فيه.
ولكن ماجواير لا يعيش أفضل أيامه على الإطلاق قبل المونديال، فرغم إصابته البسيطة التي أبعدته عن الملاعب لأيام إلا أنه لا يشارك أساسيا في مانشستر يونايتد بوجود رافائيل فاران وليساندرو مارتينيز.
يتعرض ماجواير لهجوم لاذع من الجماهير والإعلام الإنجليزي ورغم ذلك يواصل ساوثجيت اختياره.
وأيضا يتعرض ساوثجيت لانتقادات لاذعة لمواصله ضمه للوك شو الظهير الأيسر لمانشستر يونايتد.
ولكن ربما ما يجعل الرجل يجفف عرقه ولو لأيام أن لوك شو أصبح أساسيا في يونايتد مجددا بل ويقدم أداء جيدا.
لكن في الناحية الأخرى يعاني ساوثجيت من أرق بسبب الظهير الأيمن في ظل إصابة كايل ووكر ورييس جيمس وعدم تقديم ترينت ألكسندر أرنولد لأفضل مستوياته خلال الموسم الجاري.
المعادلة الثالثة – حراسة المرمى.. بيكفورد أم رامسديل أم بوب؟
ظل جوردان بيكفورد حارسا أساسيا لمنتخب إنجلترا منذ قدوم ساوثجيت لكن مؤخرا بدأت المنافسة تزداد حميتها من أجل ذلك المركز.
ففي آخر ست مباريات من دوري الأمم الأوروبية حصل كل من بيكفورد، وآرون رامسديل، ونيك بوب على مباراتين لكل واحد منهما.
فهل يواصل ساوثجيت الاعتماد على حارسه الأساسي خلال السنوات الأخيرة أم أن لرامسديل وبوب رأي آخر؟
الطريق إلى قطر
يمكن القول إن تأهل إنجلترا إلى كأس العالم 2022 لم يكن محفوفا بأي مخاطر على الإطلاق.
وقع المنتخب الإنجليزي في المجموعة العاشرة من التصفيات الأوروبية رفقة كل من بولندا وألبانيا والمجر وأندورا وسان مارينو.
فاز المنتخب الإنجليزي في ثماني مباريات من أصل 10 خاضهم، ولم يُهزم في التصفيات، وتعادل مرتين فقط.
المرة الأولى كانت خارج ملعبه في الجولة السادسة مع بولندا بهدف لمثله، والتعادل الآخر كان مع المجر في ويمبلي في الجولة الثامنة بالنتيجة ذاتها.
سجل المنتخب الإنجليزي 39 هدفا في التصفيات ليصبح أقوى خط هجوم فيها واستقبل 3 فقط ليكون ثاني أقوى دفاع خلف سويسرا التي استقبلت هدفين فقط.
إنجلترا والـVAR
ستكون هذه المشاركة المونديالية الـ16 للمنتخب الإنجليزي الذي لم يتوج باللقب سوى مرة واحدة فقط من قبل كانت في 1966 على أرضه.
وعدا ذلك فأبرز إنجاز للمنتخب الإنجليزي هو حصد المركز الرابع مرتين في نسختي 1990 و2018.
خاض المنتخب الإنجليزي 69 مباراة في المونديال فاز 29 مرة وهُزم في 19 لقاء وتعادل في 21 مواجهة.
سجل المنتخب الإنجليزي 91 هدفا في المونديال واستقبل 63.
ولكن خلال ذلك المشوار الحافل لإنجلترا في كأس العالم فهناك لقطتين دائما يسال اللعاب حولهما ولا يجف الحبر في الكتابة عنهما وكليهما كانا ضد ألمانيا.
اللقطة الأولى هي هدف جيوفري هرست في نهائي 1966 والذي أعلن تفوق الإنجليز في النتيجة بـ3-2 قبل الفوز برباعية والتتويج بالمونديال.
أما اللقطة الثانية كانت لفرانك لامبارد ضد ألمانيا في دور الـ16 من نسخة 2010.
في اللقطة الأولى احتسب الهدف بداعي أن الكرة اجتازت الخط، وفي اللقطة الثانية لم يُحتسب بداعي أن الكرة لم تجتز الخط وقتما كانت النتيجة تشير لتقدم الألمان بهدفين لهدف.
وبعد لقطة لامبارد بالتحديد ازدادت النقاتشات حول مدى ضرورة تواجد تقنية خط المرمى وتقنية الفيديو في المباريات.
وبالفعل في كأس العالم 2014 تواجدت تقنية عين الصقر التي تتبع مسار الكرة وإن عبرت الخط بكامل محيطها أم لا.
وفي نسخة 2018 بدأت تقنية الفيديو التواجد في كرة القدم رسميا.
سر لقب الأسود الثلاثة
يطلق على منتخب إنجلترا الأسود الثلاثة، والشعار المتواجد على القميص يظهر ثلاثة أسود بالفعل فما هو السر خلفهم؟
بدأ ظهور شعار الأسود الثلاثة على قميص منتخب إنجلترا منذ أول مباراة للفريق في عام 1872 أمام اسكتلندا.
ويعود الشعار للقرن الـ12 حينما تم وضعهم على علم باللون الأحمر لبث الحماس في الجنود الإنجليز في إحدى المعارك.
وبعد ذلك جاء الملك هنري الأول الذي كان يملك أسد، وبعدها تزوج أديليزا، وكان والدها لديه وشم لأسد على ذراعه.
وأصبح هناك أسد ثالث حينما تزوج هنري الثالث من إليانور آكيتاني والتي كان شعار عائلتها هو الأسد كذلك.
وبعد ذلك استخدم الملك ريتشارد قلب الأسد، شعار الأسود الثلاثة على خلفيات الأعلام كرمز للعرش الإنجليزي.
لذا حينما تأسس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في عام 1863 تم الاستعانة بالشعار التاريخي.
وتم تغيير الشعار مرة واحدة في عام 1949 عندما تمت إزالة التاج الذي تواجد أعلى الأسود لتمييز فريق كرة القدم عن الكريكيت.
الهداف التاريخي
يعد أبرز لاعب في منتخب إنجلترا هو قائده ومهاجمه الأساسي هاري كين.
كين سيكون على موعد مع إنجاز تاريخي إن سجل هدفين فقط في المونديال فحينها سيعادل واين روني ويصبح الهداف التاريخي للأسود الثلاثة.
وسجل كين 51 هدفا في 75 مباراة مع إنجلترا مقابل 53 لروني في 120 مباراة.
وكذلك يتواجد رحيم سترلينج الذي يعد عنصرا أساسيا لساوثجيت لا غنى عنه مهما كانت حالته أو مستواه.
مجموعة في المتناول ولكن
المجموعة الثانية
إنجلترا
إيران
أمريكا
ويلز
كتب الصحفي الإنجليزي جاك بيت بروك في شبكة "ذا أثليتك" تقريرا حول نتيجة قرعة إنجلترا في كأس العالم قائلا: "مجموعة بسيطة ولكن كم مرة قلنا ذلك من قبل؟".
هذا ما يحدث دائما لمنتخب إنجلترا، تهويل من قدرات لاعبيه، وتقليل من الخصوم والنتيجة فشل كبير.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو مونديال 2010 حينما وقع المنتخب الإنجليزي في مجموعة ضمت أمريكا والجزائر وسلوفينيا.
لكن المنتخب الإنجليزي لم يفز سوى في آخر جولة وبصعوبة على سلوفينيا بهدف دون رد ليتأهل للدور التالي قبل أن يُدمره نظيره الألماني برباعية مقابل هدف.
وفي يورو 2016 وقع منتخب إنجلترا في مجموعة ضمت ويلز وسلوفاكيا وروسيا ولم يفز سوى مرة وحيدة على نظيره البريطاني.
ومع دور الـ16 سقطوا في مفاجأة مدوية أمام أيسلندا بهدفين لهدف.
لذا على إنجلترا التعلم من تلك الدروس إن أرادت المضي قدما في مونديال 2022.
ساوثجيت علق على المجموعة وقال: "نحن سنلعب في اليوم الأول من البطولة، يجب أن نحضر برنامجنا جيدا لنخرج اللاعبين سريعا من أجواء الدوري الإنجليزي ونقلهم ذهنيا لكأس العالم".
وهذه أولى تحديات المدرب الإنجليزي إذ أن بريميرليج سيتوقف في 13 نوفمبر بينما سيخوض المنتخب أولى مبارياته في 21 من الشهر ذاته.
8 أيام فقط يجب فيها ساوثجيت أن يخرج لاعبيه من المنافسة وإرهاق الدوري الإنجليزي والبطولات الأوروبية إلى كأس العالم.
إنجلترا ستواجه إيران في الجولة الأولى 21 نوفمبر.
الجولة الثانية ضد أمريكا 25 نوفمبر.
الجولة الثالثة ضد ويلز 29 نوفمبر.