كأس العالم - قطر.. حانت لحظة الحقيقة

يقام كأس العالم في دولة عربية لأول مرة على الإطلاق، عبارة حقيقية ستتحقق بعد شهر من الآن في نسخة تاريخية تنطلق في قطر يوم 20 من شهر نوفمبر المقبل.

في 2010 أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حصول قطر على حق استضافة كأس العالم 2022 لتكون أول دولة عربية تحصل على حق تنظيم البطولة، في ذلك الوقت لم تكن قطر هي نفس الدولة الحالية من حيث المنشآت الرياضية والاستعداد لاستضافة البطولات الكبرى.

لنعرف كيفية وصول قطر إلى ذلك المستوى علينا أن نعود إلى خلف كثيرا لتتبع الطفرة التي حدثت على مستوى قطر بالكامل.

قبل السبعينيات كانت قطر مستعمرة بريطانية حالها حال أغلب دول الشرق الأوسط، وذلك للاستفادة من النفط القطري الذي اكتشف في عام 1939.

وفي عام 1971 أعلن الشيخ أحمد بن علي آل ثاني الاستقلال التام عن الحكم البريطاني لتصبح قطر دولة ذات حكم سيادي.

عقب الاستقلال بدأ الاقتصاد القطري في التطور نوعا ما ولكن ليس بشكل كاف لتكون واحدة من أكبر الدول في العالم كما هو الحال الآن.

بداية التطور الحقيقي كان في عام 1995 وقت تولى الشيخ حمد مقاليد الحكم في قطر، لتتحول الدولة من مُنتج صغير للنفط إلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.

خلال عقد واحد من تولي الشيخ حمد زاد الناتج المحلي القطري من 29 مليار دولار في العام إلى 192 مليار دولار خلال 10 سنوات، كما أن الدولة بدأت في اعتماد خطط بعيدة المدى ترمي لتنويع الاقتصاد القطري لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على المواد النفطية فقط.

جهاز التخطيط والإحصاء القطري أشار إلى أن الناتج المحلي القطري نما بنسبة 2.5% في الربع الأول من العام الجاري.

كرة القدم في قطر أيضا شهدت تطورا كبيرا على مدار السنوات.

ظهرت كرة القدم في قطر أواخر الأربعينيات وبدأت في التطور وشهدت الاستاد العشبي الأول في منطقة الخليج وهو ملعب الدوحة.

وفي عام 1960 تأسس الاتحاد القطري لكرة القدم قبل 11 عاما من الاستقلال.

واستضافت قطر أول بطولة كبرى عام 1988 عن طريق تنظيم كأس آسيا في أراضيها.

وفي عام 1992 حقق منتخب قطر لقبه الأول بتتويجه بكأس الخليج، ثم عاد للظفر به عام 2004 لتكون الخطوات الأولى في التطور الحقيقي لكرة القدم القطرية.

الحدث الأكبر كان في 2006 عندما استضافت الدوحة دورة الألعاب الآسيوية مما سمح لها بتنظيم منافسات أكثر من 30 رياضة مختلفة، وأعطاها ثقلًا لاحقًا في ملف استضافة المونديال.

منتخب قطر بدوره واصل التقدم وتمكن من تحقيق الميدالية الذهبية في منافسات كرة القدم.

في 2010 وصلنا للنقطة الأهم في تاريخ كرة القدم القطرية وقد تكون الأبرز في تاريخ دولة قطر ككل، حين قرر الاتحاد القطري تحت رعاية الحكومة الترشح لاستضافة كأس العالم 2022.

وشهد ملف التنظيم اقتراح خمسة ملاعب لاستضافة البطولة بشكل مبدئي ووضعت ميزانية تقدر بنحو 220 مليار دولار وهي 60 ضعف ميزانية جنوب إفريقيا لاستضافة نسخة 2010.

بجانب قطر كان كلا من أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية قد تقدموا أيضا للترشح لاستضافة البطولة.

وفي يوم 2 ديسمبر تغير مسار الرياضة القطرية بشكل كامل ووافق فيفا على إسناد قطر حق استضافة كأس العالم 2022.

جوزيف بلاتر رئيس فيفا تحدث عن الأمر قائلا: "العالم العربي يستحق استضافة كأس العالم، لديهم 22 دولة ولم تتح لهم الفرصة من قبل لاستضافة البطولة".

وتابع "عندما كنت في قطر لأول مرة كان تعداد السكان 400 ألف نسمة أما الآن أصبح هناك 1.6 مليون شخص ومن حيث البنية التحتية عندما تكون قادرا على استضافة دولة الألعاب الآسيوية بأكثر من 30 رياضة للرجال والنساء فهذا ليس موضعا للتساؤل".

عقب اتخاذ القرار التاريخي وجد فيفا صعوبة في استضافة قطر للبطولة بشكل فردي لصغر مساحتها لذلك تم تقديم اقتراح بأن تستضيف الدول المجاورة بعض المباريات بجانب قطر خلال البطولة ولذلك قررت قطر رفع عدد الملاعب التي ستستضيف البطولة إلى 8 ملاعب.

أحد التحديات الصعبة التي واجهت ملف استضافة قطر لكأس العالم كانت ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير خلال فصل الصيف ولذلك اتخذ فيفا قرارا بأن تقام البطولة خلال شهر نوفمبر وفي وسط الموسم لأول مرة في التاريخ للتغلب على تلك الأزمة، كما أن قطر أعلنت أن الملاعب ستشهد تواجد أنظمة مكيفات من أجل تخفيف درجات الحرارة.

في يوم 9 سبتمبر الماضي تم افتتاح آخر الملاعب التي ستستضيف كأس العالم 2022 وهو إستاد لوسيل الذي استضاف مباراة الزمالك بطل الدوري المصري والهلال بطل الدوري السعودي، لتكون اللجنة المنظمة للبطولة أنهت جميع استعداداتها لاستضافة البطولة.

تصفيات غير رسمية

يبدو غريبا أن نستعرض مشوار الدولة المستضيفة للبطولة خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم ولكن الأغرب هو أن يكون العنابي خاض التصفيات في قارة مختلفة عن قارته.

هذا هو ما حدث مع قطر المنتخب الذي ضمن التأهل للبطولة بدون تصفيات كونه المستضيف، ولكن الاتحاد القطري طلب المشاركة في تصفيات أوروبا بصفة ودية لزيادة احتكاك المنتخب مع الفرق العالمية قبل المشاركة في كأس العالم.

طلب قطر قوبل بالموافقة من قبل فيفا وأوقعته القرعة في المجموعة الأولى بجانب البرتغال ولوكسمبرج وصربيا وأيرلندا وأذربيجان، وخاض منتخب قطر جميع المباريات في المجموعة بشكل طبيعي مع استبعاد نتائج المباريات واعتبارها مباريات ودية لا تؤثر في مشوار باقي المنتخبات لتكون الحالة الأولى من نوعها في تاريخ التصفيات.

النتائج التي حققها منتخب قطر كانت كفيلة بأن ينهي مشواره في التصفيات برصيد 9 نقاط مناصفة مع أيرلندا ولوكسمبورج صاحبي المركزين الثالث والرابع حال احتساب نتائجها وخلف البرتغال صاحبة المركز الثاني المتأهلة للملحق.

محمد مونتاري والمعز علي وحسن الهيدوس سجل كل منهم هدفين خلال المشوار.

المشاركة في تصفيات أوروبا لمتكن هي الخطوة الوحيدة للاحتكاك القوي استعدادا للمشاركة في كأس العالم.

البداية كانت في 2019 عندما توج منتخب قطر بكأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه ليكتب الإنجاز الأكبر في تاريخ قرة القدم التاريخية، وفي العام ذاته كان منتخب قطر قد شارك في كوبا أمريكا بعد تلقيه دعوى رسمية برفقة اليابان لاستكمال عدد الـ 12 فريقا المشاركين.

وتعادلت قطر في مباراتها الأولى في المجموعات ولكنها خسر المباراتين المتتاليتين أمام كولومبيا والأرجنتين وأقصيت من دور المجموعات.

وفي عام 2021 شارك منتخب قطر في الكأس الذهبية ووصل إلى نصف النهائي ولكنه خسر أمام الولايات المتحدة الأمريكية التي توجت باللقب.

بذلك فإن منتخب قطر استعد لكأس العالم بالاحتكاك الرسمي مع منتخبات ثلاث قرات مختلفة وهي أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأوروبا، وفي آخر الاستعدادات الرسمية احتك منتخب قطر ببعض منتخبات إفريقيا في كأس العرب 2022 والتي حصل خلالها على المركز الثالث.

تاريخ سيُكتَب

بطبيعة الحال فإن منتخب قطر لا تمتلك أي تاريخ سابق في كأس العالم إذ أنها ستشارك في البطولة لأول مرة.

وظهرت قطر بشكل مخيب في تصفيات مونديال 2018، إذ أنهت المجموعة في المرحلة النهائية للتصفيات الآسيوية في المركز السادس والأخير.

وكانت قطر قريبة من التأهل في نسخة 1990 عندما احتلت المركز الثالث في المرحلة النهائية خلف الإمارات التي صعدت بفارق نقطة عنها.

العنابي

لقب منتخب قطر هو العنابي وهو واحد من الألقاب الواضح أسبابها والذي يرجع إلى علم قطر الذي يمتزج بين اللونين العنابي والأبيض.

وأيضا الزي الرسمي لمنتخب قطر وهو العنابي.

اللون العنابي في علم قطر في الأصل نسبة إلى الدماء التي أريقت في الحروب القطرية أو الدم المتخثر، وخصوصا في الحرب القطرية البحرينية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

عقلية إسبانية

الإسباني فيليكس سانشيز هو من سيقود قطر خلال مشاركتهم الأولى في كأس العالم.

سانشيز يقود قطر منذ عام 2017 ونجح في قيادته للإنجاز الأبرز في تاريخه بالتتويج بكأس آسيا 2019.

صاحب الـ 46 عاما هو الأب الروحي للجيل الحالي للمنتخب القطري لأنه تولى تدريبهم وتنشأتهم منذ بدايتهم في أكاديمية أسباير عام 2006 وتدرج معهم في الصعود كمدرب لمنتخب تحت 19 عاما ثم 20 عاما ثم 23 قبل أن يتولى تدريب المنتخب الأول.

فيليكس هو من قاد قطر للمشاركة في البطولات القارية المختلفة التي تحدثنا عنه من قبل وبشكل عام قادهم في 68 مباراة وخلالهم نجح في تحقيق الفوز 34 مرة وخسر 21 وتعادل في 13 مباراة.

مسيرة فيليكس بشكل عام تتمثل في تجربته الطويلة مع كرة القدم القطرية التي أشرف على بنائها إذ أنه لم يخض أي تجارب تدريبية قبل التوجه إلى قطر سوى تجربة وحيدة في أكاديمية لاماسيا في برشلونة وربما هي التجربة التي أراد الاتحاد القطري السير على نهجها في تكوين لاعبين شباب وتحويلهم لنجوم في المستقبل.

سانشيز علق على مجموعة قطر في كأس العالم قائلا: "ليست الأفضل ولا الأسوأ هذا هو الواقع والآن نعرف ما هي المنتخبات التي سنواجها ويجب علينا أن نعمل على دراسة هذه المنتخبات".

وتابع "الأمور ستكون صعبة ولكن أي منتخب وأي مجموعة ستكون صعبة هذا هو الواقع ويجب أن نكون مستعدين".

عفيف يقود العنابي

أحد أبرز لاعبي قطر هو أكرم عفيف جناح السد القطري وأحد اللاعبين القطريين القلائل الذين خاضوا تجربة الاحتراف الأوروبي عندما لعب مع صفوف فياريال ومن قبله سبورتنج خيخون ويوبين البلجيكي.

بشكل عام فإن عفيف بدأ مسيرته الدولية مع قطر في 2015 ومنذ ذلك الوقت شارك في 83 مباراة وسجل 24 هدفا وصنع 30 وهو رقم جيد جدا بالنسبة للاعب جناح وهو أحد أهم اللاعبين في منتخب قطر.

عفيف أحد نجوم نادي السد وكان ذلك في الموسم الماضي الذي نجح خلاله في تسجيل 15 هدفا وصناعة 19 خلال 27 مباراة فقط.

حاله كحال جميع اللاعبين الدوليين في قطر فإن أكرم عفيف قد صدر قرارا بإراحته من المشاركة غي مباريات الدوري مع فرقهم حتى كأس العالم لتفادي إمكانية التعرض للإصابة وسيكتفون فقط بالمشاركة في معسكر مفتوح مع المنتخب حتى كأس العالم لزيادة التناغم بين أعضاء الفريق.

المعز علي

المهاجم صاحب الـ 26 عاما يمتلك رقما قياسيا على الأرجح لن يتحقق على في أي وقت لاحق، إذا أن المعز علي هو اللاعب الوحيد الذي سجل أهدافا في ثلاث بطولات قارية مختلفة وهي كوبا أمريكا والكأس الذهبية وكأس آسيا.

المعز خاض مباراته الدولية الأولى مع قطر في عام 2016 ومنذ ذلك الوقت شارك في 82 مباراة وسجل خلالهم 39 هدفا وصنع 12.

لاعب الدحيل شارك مع فريقه الموسم الماضي في 25 مباراة وسجل 11 هدفا وصنع 8.

حسن الهيدوس

الهيدوس هو قائد منتخب قطر وأحد أهم اللاعبين في قطر ومن أقدم لاعبي الجيل الحالي.

صاحب الـ 31 عاما شارك مع قطر لأول مرة في سن صغير جدا عام 2008 عندما كان عمره 17 عاما.

الهيدوس قضى مسيرته الكروية بالكامل حتى الآن مع السد منذ انضمامه للفريق الأول في 2006.

وشارك الهيدوس مع منتخب قطر الأول في 118 مباراة وخلالهم سجل 27 هدفا وصنع 16.

مجموعة متوازنة

منتخب قطر سيكون على رأس المجموعة الأولى والتي ستضم بجانبه الإكوادور والسنغال وهولندا.

المباراة الافتتاحية ستجمع بين قطر والإكوادور يوم 20 نوفمبر في تمام الساعة الـ 6:00 مساء بتوقيت مصر على استاد البيت.

المنتخبان التقيا ثلاث مرات من قبل في مباريات ودية وفاز كل منهم في مباراة وانتهت واحدة أخرى بالتعادل.

في الجولة الثانية سيلعب منتخب قطر مع السنغال على استاد الثمامة يوم 25 نوفمبر في تمام الساعة 3:00 مساء.

ولم يسبق أن التقى منتخب قطر مع السنغال في أي مناسبة من قبل.

ختام المجموعة سيكون ضد هولندا في الجولة الثالثة على استاد البيت يوم 29 نوفمبر في تمام الساعة 5:00 مساء.

ولم يسبق للمنتخبين مواجهة بعضهما في أي مباراة من قبل.