كتب : إسلام أحمد
لا تمتلك الإكوادور تاريخا كبيرا في كرة القدم، التأهل لكأس العالم 2002 و2006 كانا أبرز إنجاز ودون ألقاب في بطولة كوبا أمريكا.
كل ذلك تغير مع ظهور إنديبندينتي ديل فايي على الساحة الكروية في الإكوادور في السنوات العشر الأخيرة، وبدأ يظهر تأُثيره بقوة الآن.
منتخب الإكوادور تأهل لنهائيات كأس العالم 2022، واستطاع الفريق ذاته أن يحقق لقب كوبا سود أمريكانا 2022 للمرة الثانية له في آخر 3 سنوات ليكون الوحيد الذي أوقف هيمنة الأندية البرازيلية والأرجنتينية.
كيف أصبح إنديبندينتي ديل فايي منجما للذهب في الإكوادور؟
تأسس النادي في الأول من مارس 1958 على يد خوسيه تيران برفقة بعض أصدقاءه. يُبعد النادي حوالي 17 كيلومترا من عاصمة الإكوادورية كيتو.
أطلق عليه اسمه ديبورتيفو إندبندينتي وارتدوا القمصان الحمراء والبيضاء تيمنا بنادي إنديبندينتي الأرجنتيني الذي كان الأقوى في أمريكا الجنوبية حينها.
تغير الاسم مرتين وكافح الفريق ما يقارب طيلة 50 عاما بين الدرجتين الثانية والثالثة.
حتى جاء ميشيل ديلر وهو رجل أعمال يمتلك مجموعة من الشركات وغير اسم النادي لـ إنديبندينتي ديل فالي في عام 2007.
وتغيرت ألوان قمصان الفريق إلى الأزرق والأسود، ويظل ديلر رئيسا شرفيا للنادي حتى الآن.
بعد عامين فقط بدأ مشروع النادي بعد تأهله لأول مرة في تاريخه للدوري الدرجة الأولى في الإكوادور، والهدف هو التركيز على أكاديمية الشباب وتعزيز أكبر عدد ممكن من اللاعبين المحليين للفريق الأول.
وقع النادي اتفاقية مع مؤسسة أسباير القطرية ما ساعدهم على إنشاء أكاديميات متعددة في جميع أنحاء الإكوادور.
لكن الهدف الرئيسي للنادي كان أكثر من ذلك. في عام 2014، باتفاق من وزير الرياضة الإكوادوري، غير النادي اسمه إلى Club Especializado de Alto Rendimiento Independiente del Valle وهو ما يُعرف اختصارا بـ إنديبندينتي ديل فايي.
ولتنمية المواهب الشابة أبرم النادي اتفاقا مع فريق أليانزا كوتوباكسي ليصبح بمثابة الفريق الرديف لهم في 2018 بعد تأهله للدرجة الثانية.
تحول اسم الفريق الرديف لـ إنديبندينتي جونيورز وضم مجموعة من اللاعبين الشباب وأصحاب الخبرات وهو على بُعد 3 جولات من التأهل للدوري الدرجة الأولى بنهاية الموسم الجاري.
يلعب إنديبندينتي ديل فالي حاليا في ملعبه المبني حديثا ستاديو بانكو جوايكيل والذي تم افتتاحه العام الماضي، يحتوي النادي على مركز تدريب حديث للغاية، خاصة بالنسبة للمعايير الإكوادورية.
ويمتلك الفريق مدينة تدريبية والتي تُعرف باسم "Centro de Alto Rendimiento" تحتوى على 7 ملاعب كرة قدم، أحدها من عشب صناعي تصلح لجميع الأحوال الجوية. مع غرفة طعام وصالة ألعاب رياضية وحمام سباحة داخلي بالإضافة إلى مكاتب إدارية. يوجد أيضا غرف مخصصة للنوم للاعبين الشباب ورعايتهم وهو نظام نموذجي لكرة القدم في أمريكا الجنوبية.
بالإضافة لذلك يتم توفير التعليم الأكاديمي جنبا إلى جنب مع تطوير كرة القدم، يذهب اللاعبون الشباب إلى مدرسة Escuela IDV Calderon والتي تم افتتاحها في فبراير 2022.
نجاح يُترجم على أرض الملعب
الاستثمارات كان لها تأثيرها على الفريق الذي بدأ مشاركاته القارية في كوبا ليبرتادوريس منذ 2013 أي بعد 4 مواسم فقط من صعوده للكبار.
خلال 10 سنوات، تأهلوا ثماني مرات لبطولة كوبا ليبرتادوريس، و5 مرات لكوبا سود أمريكانا.
في 2016 صدم الفريق الإكوادوري الواعد الجميع وتأهل لنهائي البطولة القارية الأكبر على حساب بوكا جونيورز وريفر بليت قبل الخسارة من أتليتكو ناسيونال الكولومبي في النهائي.
بعد 3 سنوات تخطوا عقبة كورينثيانز وإنديندينتي الأرجنتيني في الوصول لنهائي كوبا سود أمريكانا 2019 وتحقيق أول لقب في تاريخ النادي قاريا.
وذلك تحت قيادة الإسباني ميجيل أنخيل راميريز والذي عمل لسنوات في أكاديمية أسباير ومساعدا في الجهاز الفني لمنتخب قطر قبل التحول لفريق الأكاديمية ثم الفريق الأول لبطل الإكوادور.
الفريق حقق منذ أيام لقبه القاري الثاني ليصبح الأكثر تتويجا بالألقاب القارية رفقة ليجا دي كيتو في الإكوادور برصيد لقبين، والرقم مرشح للزيادة مستقبلا.
يعتمد الفريق على الشباب بشكل واضح في صفوفه، موسى راميريز ولويس سيجوفيا وجوانر تشافيز وماركو أنجولو وجونيور سورنوزا. ساهم هؤلاء اللاعبين في فوز الفريق الموسم الماضي بلقب الدوري لأول مرة في تاريخ النادي.
كما أن الفريق لا يكتفي بالمواهب الإكوادورية فقط، بل يضع عينه على أبرز المواهب خاصة في الدرجتين الأولى والثانية ببلاد الفضة، فضموا كل من لورنزو فارافيللي ولاوتارو دياز (الثنائي الذي ساهم في هدفي المباراة النهائية لبطولة 2022) وجوناثان بومان وماتيو كارباخال ونيكولاس بريفيتالي.
ورغم تغيير المدربين الموسم الحالي إلا أن الأفكار الأساسية هي السائدة بالاعتماد على المواهب وتعزيز ما يقدموه فيضم الفريق حاليا على سبيل المثال جويل أوردونيز (17) ويايمار ميدينا (17) وأورلاندو هيريرا (18) وباتريك ميركادو (19) وأنتوني فالنسيا (18) وجاريس مينا (19) في الفريق الأول حاليا.
هؤلاء لم يكن ليظهروا في صفوف الفريق الأول لولا التألق مع فريق الشباب.
استطاع إنديبندينتي ديل فايي تعزيز موقعه وسط الكبار بداية من الشباب، إذ وصل الفريق لنهائي بطولة كوبا ليبرتادوريس تحت 19 عاما 3 مرات متتالية، فخسروا مرتين من بنيارول وناسيونال من أوروجواي ثم حققوا اللقب على حساب ريفر بليت الأرجنتيني.
الفريق الذي حقق لقب 2020 ضم في صفوفه الثنائي موسيس كايسيدو وبييرو هينكابي وهما الآن من عناصر المنتخب الأول ومحترفين في أوروبا بصفوف برايتون الإنجليزي وباير ليفركوزن الألماني على الترتيب.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فريق تحت 18 عاما أقام بطولة استضافها في ملاعبه وتفوق على أندية أتليتكو ناسيونال الكولومبي وجريميو وريد بول براجانتينو من البرازيل وسانتوس لاجونا من المكسيك وتاييريس كوردوبا الأرجنتيني.
كما شارك فريق تحت 15 عاما في بطولة دولية بالنمسا وتفوقوا على لاعبي إنتر وسالزبورج وخسروا النهائي أمام أولمبيك يليين المالي.
بدءا منذ عام 2020 باع النادي لقارة أوروبا وأمريكا الجنوبية لاعبين بقيمة تقترب من 25 مليون يورو، أبرزهم:
- الآن فرانكو إلى أتليتكو مينيرو البرازيلي - 2.1 مليون يورو
- أنجيلو بيريسادو إلى جينك البلجيكي - 3 ملايين يورو
- ويليام باتشو إلى رويال أنتويرب البلجيكي - 2.8 مليون يورو
- موسيس كايسيدو إلى برايتون الإنجليزي - 5 ملايين يورو
- بيدرو فيتي إلى فانكوفر وايتكابس الكندي - 2.27 ملايين يورو
- خوسيه هورتادو إلى براجانتينو البرازيلي - 3.1 ملايين يورو
- جويل وردونيز إلى كلوب بروج البلجيكي - 3.9 ملايين يورو
الأمر لم يتوقف عن البيع المباشر لأندية أوروبا، أحد أبرز الأمثلة بييرو هينكابي الذي انتقل لتاييريس الأرجنتيني وبعد أقل من عام انضم لباير ليفركوزن مقابل 6.3 مليون يورو وهو مقابل 6 أضعاف القيمة الذي انتقل بها للفريق الأرجنتيني.
تأثير ذلك لا يظهر فقط على الفريق بل أيضا على منتخب الإكوادور في كافة الفئات العمرية.
منتخب تحت 17 عاما حقق المركز الرابع في بطولة أمريكا الجنوبية للناشئين وهو يضم 9 لاعبين من أصل 23 من الفريق.
وفي 2019 حقق منتخب تحت 20 لقب بطولة أمريكا الجنوبية كأول لقب يحققه المنتخب في تاريخه، ويضم 5 لاعبيم من الفريق بينهم جونزالو بلاتا الذي يلعب حاليا لصفوف سبورتنج لشبونة.
نفس المنتخب استطاع أن يحتل الثالث في مونديال الشباب بنفس العام كأفضل إنجاز للكرة الإكوادورية في بطولات دولية تابعة لفيفا.
قائمة الإكوادور في التوقف الدولي الأخير ضمت لاعبا وحيدا يلعب للفريق و10 لاعبين سبق له أن لعبوا لصفوف فريق الشباب أو الفريق الأول قبل الاحتراف.
فهل ينجح منتخب الإكوادور في الاستفادة من منجم ذهب إنديبنديتي دي فايي في كأس العالم 2022؟