معزوفة فيدرير الأخيرة.. لن تبكي وحدك الليلة

يتباين الأمر من رياضة لأخرى، ولكن عند تخطي حاجز عمري معين، يتحول ذلك العمر إلى علامة فوق رأس صاحبه، عد تنازلي لا ينقطع إلا بالاعتزال.

كتب : أحمد أباظة

الخميس، 15 سبتمبر 2022 - 18:15
روجر فيدرير

يتباين الأمر من رياضة لأخرى، ولكن عند تخطي حاجز عمري معين، يتحول ذلك العمر إلى علامة فوق رأس صاحبه، عد تنازلي لا ينقطع إلا بالاعتزال.

لا تقل لي أن خبر اعتزال فرانشيسكو توتي كان مفاجئا، ولكن لسبب ما خيم الحزن على الأجواء.. لم يكن في ريعان شبابه حين أقدم على هذه الخطوة، كل ما فعله هو التوقيع على حدث مرتقب منذ 5 سنوات على الأقل.

ما أشبه الليلة بالبارحة، فقبل 6 سنوات كان روجر فيدرير يبلغ من العمر 35 عاما، لا تخبرني الآن أنك فوجئت بقرار الاعتزال، ولا تخبرني أنه كان ليفاجئك في أي يوم على مر تلك الأعوام الستة، ولكنها الغصة المصاحبة، لا مفر منها.. الكل كان يعلم مسبقا، ولكن أتدري ماذا يقولون عن وقوع البلاء؟

"وهات العمر من الأول"

نعم، يقولون أنه أقل وطأة من انتظاره، ولكن في تلك الحالات يكون لانتظاره مذاق خاص، كل ليلة إضافية تمر هي فرصة أخرى لمشاهدة الرجل الذي أحب الكثير هذه اللعبة لأجله، كل يوم يمضي دون وقوع هذا الخبر على الآذان قد يكون لقبا محتملا، قد يكون مباراة ممتعة، قد يكون لمسة واحدة تغنيك عن الساعات الأربع فيما فوق لمباراة كاملة.

منذ رفعت هذه اللافتة اللعينة فوق رأس فيدرير، فاز بـ 3 ألقاب كبرى، وبلغ النهائي الأخير له في ويمبلدون عام 2019، وبعد ذلك صدقا، لم يكن هناك من يكترث.. ستفوز باللقب أم لا، ستفوز حتى بمجرد مباراة واحدة أو لن تفعل، لا مشكلة على الإطلاق.

كل ما يهم أننا سنتمكن من مشاهدة ولو مجرد لمحات أخيرة، لمسة ألفناها ونترقبها في كل فرصة متاحة، ولكن بنهاية اليوم الموعود لا يبقى سوى الحقائق: سنشاهد روجر فيدرير لمرة أخيرة في الأيام الأخيرة من سبتمبر، ولا يوجد على وجه الأرض من يمكنه إعادة بدء الماضي من جديد.

بلا صياح

ربما هذا ما يميز التنس، وقع النبأ ليس حزينا على أنصار فيدرير وحدهم، على العكس تماما، فالمايسترو لا يجوز احتكاره من فئة معينة تشجعه.. لم يكتب لأنصاره أبدا أن يستأثروا به.

ربما يرجع ذلك لطبيعة التنس الأقل احتداما من كرة القدم، فعلى العشب الأخضر ذي المرميان إن لم تكن معي فأنت الأسوأ ولا أتمنى لك يوما طيبا حتى في العطلة الصيفية، أما على الأرضية الأضيق ذات الشبكة في المنتصف، يمكنك أن تفضل من تريد، ثم تستمتع بالسويسري دون ذرة ذنب أو شعور داخلي بالتناقض.

نعم، أنت كمشجع لفيدرير ستفرح بإنجازاته أكثر مني، ستتراقص مع ألقابه ولن أفعل ذلك، لكنك لن تستمتع به أكثر، لا تكن أنانيا، هذه المتعة حق للجميع.

على مر مسيرة احترافية بدأت عام 1998 وتكتب نهايتها في غضون أيام قليلة بعد أن أكملت عامها الرابع والعشرين، حظيت أنت بكل سعادة 20 لقبا من الطراز الرفيع، لم أشاطرك ذلك، ولكنك لن تبكي وحدك الليلة..

سلام على من أحب الملايين تلك اللعبة لأجله ولم يترك سببا لكرهه.. وداعا روجر.