كتب : أحمد أباظة
نالت إدارة برشلونة موافقة الأعضاء مؤخرا على خطة "الرافعات الاقتصادية" للخروج بالنادي من وضعه الاقتصادي الحالي.
والأسئلة هي: ماذا تعني "الرافعات الاقتصادية"؟ وما هي في حالة برشلونة؟ وما هي قيمتها العملية وتأثيرها على حركة النادي الكتالوني في سوق الانتقالات؟
ما هي الرافعات الاقتصادية؟
الرافعة الاقتصادية هي استراتيجية يستخدم فيها المستثمر إما الديون وإما جزء من أصوله لتوفير رأس المال اللازم للاستثمار فيما يمكنه زيادة العائد المحتمل لاستثماراته.
ويختلف هذا المفهوم عن "الرافعة المالية" الشائعة عبر منصات التداول والبورصة، إذ يقتصر الأمر على اقتراض المال للاستثمار في منتجات مالية معينة تهدف لزيادة العائد.
في حالة برشلونة تتكون الخطة من رافعتين أساسيتين:
وحصل خوان لابورتا رئيس النادي وإدارته على موافقة الأعضاء لإقرار هذه الخطة.
فيما يخص شركة التسويق، كانت إجابة إدوارد روميو نائب رئيس النادي للشؤون الاقتصادية واضحة للغاية: "ما الذي نفضله؟ امتلاك 100% من شركة قيمتها 10 أم امتلاك 51% من شركة قيمتها 1000؟ الإجابة واضحة بالنسبة لنا".
وبرر النادي هذا المشروع بحاجته لشريك يساعده على النمو في المزيد من الأسواق، مع وجود حق لإعادة شراء الحصة المباعة، من الشركة التي تأسست عام 2018 لزيادة مبيعات النادي وعملياته الترويجية حول العالم.
أما فيما يخص بيع 25% من حقوق بث النادي لمدة 25 عاما، فهذه هي نصف المدة الزمنية المقدمة في مشروع CVC مع رابطة "لا ليجا".
المشروع الذي أثار جدلا واسعا في الفترة التي انتهت برحيل ليونيل ميسي أسطورة البلوجرانا، يقتضي رهن حصة من الحقوق لمدة 50 عاما، وكاد أن يصبح ساري المفعول لولا 4 أندية تصدت له من أصل 42، أبرزهم برشلونة وريال مدريد.
وسبق لبرشلونة أيضا رفض عرض بقيمة مليار يورو مقابل 100% من حقوق البث لمدة 10 سنوات، بحسب ما أوضحه لابورتا، إذ لا ينوي النادي التخلي عن كامل حقوقه مقابل مبلغ مادي ثابت، في زمن يشهد الكثير من المتغيرات.
إلى الأرض
أخبرتنا رابطة الدوري الإسباني بأننا لا نستطيع تسجيل لاعب شاب في الفئات السنية دون حل المسألة الاقتصادية. نحن ملتزمون بلوائح الدوري، ولكن في الكثير من الأحيان يصعب علينا فهم اللعب المالي النظيف هنا".
هكذا وصف لابورتا الوضع خلال مؤتمر الموافقة على الرافعات، ولكي نفهم حقيقة الوضع علينا العودة إلى الأرقام التي تسلمتها الإدارة الحالية، بعد حقبة الرئيس السابق جوسيب ماريا بارتوميو.
1.35 مليار يورو كمجموع ديون. رواتب تمثل 103% من دخل النادي. قرض عاجل قيمته 80 مليون يورو للتمكن من سداد أقساط الرواتب بأسرع وقت ممكن. قيمة النادي باحتساب الخسائر والديون -451 مليون يورو (نعم، بالسالب).. يا لها من نقطة انطلاق.
ولأن الديون لصالح البنوك لا يمكن التعامل معها إلا بسدادها، اتجهت الإدارة الجديدة على الفور إلى ملف اللاعبين للحد من الأثر التدميري لفاتورة الرواتب الباهظة، في الموجة التي شهدت تخفيض رواتب العديد من قدامى اللاعبين، ناهيك عن رحيل ميسي بالطبع.
الخطوة التالية كانت "رافعة التداول" سالفة الذكر، بقرض قيمته تفوق 500 مليون يورو من جولدمان ساكس، والذي سيمنح النادي "مساحة للتنفس بدون الأخذ من أموال الأعضاء" وفقا لما قاله لابورتا. نعم هي ديون جديدة، ولكنها كانت الحل مع الديون القديمة.
أيضا تم أخذ موافقة الأعضاء على مشروع تطوير ضخم لملعب كامب نو لزيادة عوائده المستقبلية بكل الطرق المتاحة، وتوقيع اتفاق مع شركة "سبوتيفاي" لرعاية قميص الفريق ووضع اسمها على الملعب.
خطوات إدارة لابورتا تنقسم بين حل الوضع الحالي بأسرع الطرق الممكنة من ناحية، وبين خطط المدى الطويل من الناحية الأخرى.. فالمشكلة تكمن بكون النادي لا يتحمل عملية إعادة بناء شاملة تبعده عن المنافسة لسنوات على أن يعود بعدها بحالة اقتصادية أفضل، لأن ذلك يعني خسارة الكثير من العوائد التي يعول عليها النادي للعودة إلى الحياة.
من هنا أتت الرافعات كحل إضافي يجمع بين الاتجاهين.. فبينما يهدف بيع نسبة من حقوق البث لمدة 25 عاما إلى توفير مداخيل سريعة، ترمي خطة بيع حصة تقدر بقرابة نصف شركة BLM إلى توفير ذلك الدخل، ورفع قيمة الشركة بصورة عامة، بوجود شريك يساهم في تطويرها من جانب، وبعامل التطوير الطبيعي الذي يهدف إليه النادي بعد الخروج من هذا الوضع الاقتصادي الكارثي.
سوق الانتقالات
هل تعني الموافقة على الرافعات أن برشلونة يمكنه التحرك في السوق كما يريد؟ الإجابة هي لا، على الأقل في الوقت الحالي.
خطة الرافعات تستهدف در قرابة 600 مليون يورو، ولكن مجرد إقرارها لا يعني أن برشلونة سيملك هذه الأموال.
أولا وبحسب صحيفة "ماركا" الإسبانية، فإن النادي قد اقترب من التوصل لاتفاق مع صندوق Sixth Street للاستثمار، بشأن 10% من حقوق البث.
إتمام هذا الاتفاق يعني تقدم النادي خطوة للأمام، ولكنه لا يعني حتى اكتمال هذه الرافعة، إذ تظل 15% بحاجة للبيع أيضا (من أصل 25% في الخطة).
ثانيا، وبحسب المصدر ذاته، سيظل الوضع على ما هو عليه لبعض الوقت، لأن المبلغ القادم لن يذهب بشكل مباشر إلى سوق الانتقالات، بل لدعم رصيد النادي لهذا العام، مما سيسمح له بدخول الموسم الجديد بالميزانية المطلوبة، الأمر الذي سيحل الأزمة الناجمة عن عدم وجود دخل يكفي لتعويض خسائر النادي.
قريبا سيتمكن برشلونة من إنهاء صفقة مثل روبرت ليفاندوفسكي مهاجم بايرن ميونيخ، أو تسجيل أندرياس كريستنسن مدافع تشيلسي القادم مجانا والذي تشير العديد من التقارير لوجود اتفاق بينه وبين النادي، أو حتى خوض مفاوضات لضم جول كوندي مدافع إشبيلية الذي يعد أحد أهم أهدافه، وأهداف أي فريق يسعى لتطوير دفاعه مؤخرا، ولكن ليس على الفور.
هذه المشكلة تحديدا تعطل النادي الكتالوني كثيرا، إذ لا يمكن للاعبين الانتظار على أمل حل الأزمة في الفترة المقبلة، وهو ما يفقده أفضلية هامة في اتفاقات تحسم مبكرا، مثل عملية رافينيا جناح ليدز يونايتد الذي بات على أعتاب تشيلسي بعد أن كان أقرب إلى أرسنال، فيما اضطر برشلونة للوقوف بالزاوية عاجز عن خوض مفاوضات حقيقية بكل قوته.
برشلونة في ظل التحسنات الاقتصادية الأخيرة ليس مجبرا على بيع فرينكي دي يونج إلى مانشستر يونايتد، ولكن هذا لا يعني أنه لن يبيعه. عامل الوقت ذلك قد يخنق برشلونة، وبالتالي قد يكون التخلي عن الهولندي هو الحل الوحيد لتسريع إيقاع الحركة.
طالع أيضا:
سواريس: الضغط الجماهيري سبب نجاح الأهلي
لاعب يد الزمالك يجدد تعاقده بعد يومين من اعتزاله